الصفحة السابقة

العودة للصفحة الرئيسية

الصفحة التالية

المؤلف: نور الدين أبو لحية

العودة للكتاب: النبي الإنسان

الناشر: دار الكتاب الحديث

الفهرس

تاسعا ـ البشر

1 ـ مشيه

إسراعه:

التفاته:

تنعله:

الأخذ باليد:

2 ـ تطيبه

3 ـ صورته

لونه:

شعره:

جبينه:

عيناه:

سمعه:

أنفه:

خده:

فمه:

لحيته:

وجهه:

عنقه:

ظهره:

صدره وبطنه:

يداه:

إبطه:

رجلاه:

طوله:

عرقه:

4 ـ أكله

ما كان يشتهيه:

ما كان يعافه:

ما أكله:

ما شربه:

هيئة شربه:

هيئة أكله:

الأواني التي استعملها:

5 ـ علاقاته

الاستئذان:

التحية:

سيرته مع المرضى:

سيرته مع الموتى:

مجلسه:

حديثه:

إشاراته:

تبسمه ومزاحه:

هيبته:

غضبه:

6 ـ لباسه

ثيابه:

عمائمه:

أحذيته:

خاتمه:

ألوان:

 

 

تاسعا ـ البشر

خرجت من حلب قاصدا عاصمة الشام دمشق.. تلك المدينة التي ضمت الحضارة الإسلامية قرونا طويلة..

في تلك المدينة التقيت الوارث الذي تعلمت على يده معنى قوله تعالى:﴿ قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ  ﴾ (الكهف: من الآية110).. وأيقنت أن معناها ليس محصورا فيما نفهمه من بشرية قريبة من البهيمية.. وإنما هي بشرية سامية لا يكتمل كمال الإنسان إلا بتوفرها وكمالها[1].

سأقص عليكم القصة من البداية..

دخلت دمشق، وبالضبط إلى حي من أحيائها يسمى (الصالحية).. وقد كنت حين دخلتها ممتلئا بالمعاني السامية التي استفدتها خلال رحلاتي السابقة، ولذلك ابتدرت نفسي إلى انتقاد ما رأيته في دمشق من اهتمام كبير بالحياة الدنيا.

لقد كنت أرى أصناف المآكل التي توارثها أهل دمشق أبا عن جد.. وبجانبها أصناف الألبسة.. والرياحين.. والمراكب.. حتى المسابح التي أعدت لذكر الله كنت أراهم يتفنون في حجارتها وألوانها وزخارفها.

وقلت لنفسي، وأنا أتجول في تلك الشوارع:( أين أنت يا داود الطائي.. ويا بشر الحافي.. ويا بديع الزمان النورسي.. لتروا ما عليه هذه البلدة من خلود إلى الأرض، وسكون إلى الدنيا)

ما استتم هذا الخاطر على خاطري حتى أمسكت يد بكتفي، التفت إلى صاحبها، فإذا به رجل في منتهى الجمال والوقار والرقة.. وكأن الجمال قد صب في قالبه.. وكأن الوقار لم يتمثل إلا في شخصه.. وقد كان يرتدي ثيابا لا يرتدي مثلها إلا الأثرياء.

لما نظرت إليه لأسأله عن حاجته، بادرني بقراءة قوله تعالى:﴿ قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) (لأعراف:32)

بعد أن انتهى من قراءته، قلت: هل تريد أن تبعث لي رسالة من خلال هذه الآية؟

قال: أجل.. إن ما تراه من زينة رآه قبلك بشر الحافي.. وداود الطائي.. وسعيد النورسي.. ولم ينكروه.

تعجبت من قدرته على قراءة خاطري، فقلت: أأنت كاهن أم منجم؟

قال: أنا متوسم.. ألم تسمع قوله تعالى:﴿ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ) (الحجر:75)؟

قلت: بلى..

قال: فأنا ـ بفضل الله ـ واحد منهم.. قد آتاني الله فراسة صادقة.. أنا من الذين قال رسول الله r فيهم:( إن لله عبادًا يعرفون الناس بالتوسم)[2]

قلت: كيف ذلك.. ولست أراك تلبس ثيابا بالية.. ولا تحمل ما يحمل الزهاد من مظاهر الذلة والانكسار؟

قال: لقد أنعم الله علي بمال.. فأحببت أن يرى أثر نعمته علي.. وأحببت أن يرى عباده ذلك أيضا.

قلت: لا أرى إلا أنك من الذين لبس عليهم الأمر.. فصاروا يحتالون على النصوص المقدسة، ليختاروا منها ما يناسب أهواءهم.

قال: لا تقل ذلك.. لقد جربت مرة أن ألبس ملابس داود الطائي، وأنتعل حذاء بشر الحافي.. لكني لم أجد يدا تمتد إلي بالسؤال، بل وجدت الأيدي ـ على عكس ذلك ـ تمتد إلي بالعطاء.. فرحت ألبس ما تراه ليقصدني السائلون، ويطرق بابي المحتاجون.

قلت: نعمت النية نيتك.. ولكن هل ترى ذلك كافيا ليجعلك من المترفعين عن طينهم؟

قال: لقد خلق الله لنا طينا.. وطلب منا أن لا نحرمه مما يحتاجه من ماء وهواء وكساء ومأوى.. إن طيننا أمانة عندنا.. ومن التقصير العظيم أن نضيع الأمانة التي أمرنا بحفظها.

قلت: الإنسان روح لا طين.

قال: بل هو روح وطين.. ولا ينبغي للطين أن تبخس حق الروح، ولا للروح أن تبخس حق الطين..

لقد خلق الله الموازين، والكامل هو الذي راعى تلك الموازين، فلم يضيع ولم يطفف.

قلت: إن ما نطقت به حكمة لا يحق لي أن أجادلك فيها.. ولكني أسألك: كيف ظهر لك أن تخاطبني بمثل هذا؟

قال: ألست تبحث عن الإنسان الكامل؟

قلت: بلى.. وأحسبني وجدته.

قال: لن تعرفه حتى تعرف أنه بشر.. هو بشر كالبشر.. ولكنه يوحى إليه.

قلت: هل من الضروري أن يكون بشرا؟

قال: نعم.. لو لم يكن بشرا ما كان إنسانا.. ولقال آخر الناس:( إن هذا من عالم آخر، فلا يحق له أن يكون الكامل من بيننا)

قلت: وما تعني البشرية؟

قال: تعني حفظ حقوق الطين.. فالطين الذي خلقه الله لم يخلقه عبثا، بل هو طين محترم، ولا يصير الإنسان كاملا حتى يحترمه.

قلت: إنه يخوض بذلك في الدنيا خوضا.

قال: لا.. إن روحانية العارف والعابد والورع والزاهد تلطف من طينية الطين، فتحولها أنوارا خالصة.

قلت: لكأني بك صحبتني في رحلتي إلى محمد.. فمن أنت؟

قال: أنا رجل من أحباب محمد .. ومن ورثة محمد.. ملأ الله من حب محمد قلبي، فرحت أبحث في دفاتر الوراقين عن كل صغيرة وكبيرة ترتبط به لأعيشها.

قلت: سواء كانت من الدين أو من الدنيا!؟

قال: سواء كانت من الدين أو من الدنيا.. لقد قلت في نفسي:( لن يكمل في الدين إلا من كمل في الدنيا).. فلذلك سرت خلفه، وأنا أعلم أنه لن يهديني إلا إلى خير.

قلت: ولكني أراك تلبس لباسا عصريا.. ومحمد r كان يلبس قميصا، وأرى رأسك عارية، ومحمد r كان يعتم بعمامة.. وأرى في يدك ساعة.. ومحمد r لم تكن في يده.. وأرى لحيتك خفيفة لا تكاد تظهر، ومحمد r كان صاحب لحية كثيفة.

قال: دعك من هذا.. فأصحاب محمد r  الذين كانوا أقرب الناس إليه، كان كل منهم يلبس لباسا مختلفا عن أخيه.. وله من المظاهر ما يتميز به عن غيره، ولم ينكر r ذلك على أحد منهم.. ولم يعتبر أن ذلك قصور منهم في محبته.

قلت: ولكنك تزعم أنك اتخذت محمدا النموذج الأكمل في حياتك..

قال: أجل.. ولن أستطيع أن أقنعك بذلك الآن.. ولذلك تعال معي، فأنا الوارث التاسع الذي كتب الله أن يعلمك معنى بشرية محمد.

قلت: من أنت؟

قال: أنا الصالحي..

قلت: أعلم ذلك.. فكل من سكن هذه الصالحية يسمى صالحيا..

قال: أنا محمد بن يوسف بن علي بن يوسف الدمشقي.

قلت: أأنت صاحب السيرة الشامية؟.. أأنت صاحب (سبل الهدى والرشاد، في سيرة خير العباد، وذكر فضائله وأعلام نبوته وأفعاله وأحواله في المبدأ والمعاد)[3]

ابتسم، وقال: ذلك جدي.. وقد سميت باسمه كما سمي آبائي بأسماء آبائه.. ولكنك مع ذلك تستطيع أن تعتبرني صاحبها، فأنا أحفظها عن ظهر قلب، وأعيشها بكل مشاعري وكياني.

1 ـ مشيه

قلت: أين بيتك؟.. بشرفني أن أزور رجلا من أحفاد الصالحي.

قال: هو قريب من هنا.. هيا بنا.

قال ذلك، ثم أخذ يمشي بسرعة، فقلت: رويدك يا صالحي.. لكأني بفعلك يخالف قولك.. فأنت دعوتني بلسانك، وفررت مني برجلك.

إسراعه:

ابتسم، وقال: لا.. فعلي يواقف قولي.. ولكني بإسراعي أطبق سنة رسول الله r في مشيه.. فقد تواترت الروايات بأن مشية رسول الله r كانت أميل إلى السرعة منها إلى البطء:

لقد حدث أبو هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: ما رأيت أحدا أسرع مشية من رسول الله r فكأنما الأرض تطوى له: كنا إذا مشينا معه نجهد أنفسنا وأنه لغير مكترث)[4]

وعنه قال:( كنت أمشي مع رسول الله r في جنازة، أمشي فإذا مشيت سبقني فأهرول[5] فأسبقه، فالتفت إلى رجل لجنبي فقلت: (تطوى الأرض له، وللخليل إبراهيم عليهما السلام)[6]

وعن أنس ـ رضي الله عنه ـ قال:( كان رسول الله r إذا مشى يتوكأ)[7]

وعن أبي الحكم سيار بن أبي سيار قال: كان رسول الله r إذا مشى مشي السوقي، ليس بالعاجز ولا الكسلان)[8]

وعن ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله r كان إذا مشى مشى مجتمعا ليس فيه كسل[9].

وعن مرثد بن أبي مرثد قال: كان رسول الله r إذا مشى أسرع حتى يهرول الرجل فلا يدركه[10].

وعن علي ـ رضي الله عنه ـ قال: (كان رسول الله r إذا مشى كأنما ينحدر من صبب وإذا مشى كأنما يتقلع[11] من صخرة)[12]

وعنه قال:( كان رسول الله r إذا مشى كأنما ينحدر من صبب وإذا مشى فكأنما يمشي في صعد[13])[14]

وعنه قال: كان رسول الله r إذا مشى تكفأ تكفؤا [15] كأنما ينحط من صبب[16])[17]

وعن أنس ـ رضي الله عنه ـ قال:( كان رسول الله r إذا مشى تكفأ) [18]

وعن أبي أمامة ـ رضي الله عنه ـ قال:( كان رسول الله r إذا مشى تكفأ حين يمشي في صعود) [19]

وعن هند بن أبي هالة ـ رضي الله عنه ـ قال:( كان رسول الله r إذا مشى مال تقلعا يتكفأ تكفؤا، ويمشي هونا[20] ذريع المشية[21] كأنما ينحط من صبب ـ وفي لفظ (كأنما يهوي[22] في صبب) ـ وإذا التفت التفت جميعا، يسوق أصحابه ويبدر ـ وفي لفظ: يبدأ من لقيه بالسلام ـ )[23]

وعن علي ـ رضي الله عنه ـ قال:( كان رسول الله r إذا مشى تقلع كأنما يمشي في صعد)[24]

وعن جابر ـ رضي الله عنه ـ قال:( كان رسول الله r إذا مشى هرول الناس وراءه)[25].

وعن عبد الله بن عمر وعمر ـ رضي الله عنهما ـ قال:( صليت مع رسول الله r المغرب، فرجع من رجع، وعقب من عقب، فجاء رسول الله r مسرعا قد حفزه النفس قد حسر عن ركبتيه، فقال:( (أبشروا، هذا ربكم قد فتح بابا من أبواب السماء، يباهي بكم الملائكة)، يقول: (انظروا عبادي قد قضوا فريضة ربهم ينتظرون أخرى)[26]

قلت: ألا ترى أن هذا النوع من المشي ينافي الوقار؟

قال: وهل ترى الوقار ينافي النشاط؟

قلت: لا.. للوقار محله، وللنشاط محله.

قال: فهذا من النشاط.. ولذلك كان له محله الخاص الذي لا يتنافى مع الوقار.

قلت: ألا تراه يتنافى مع مشية الصالحين.. فالصالحون في عرف الناس قوم مطأطئي الرؤوس، يمشون خاشعين..؟

قاطعني، وقال: وكيف رأيت الخشوع في المشي.. الخشوع لا يمكن رؤيته؟

قلت: هذا ما تعارف عليه الناس.

قال: وهذا خلاف ما ربانا عليه نبينا r.. لقد قال أبو سلمة بن عبد الرحمن ـ رضي الله عنه ـ يصف أصحاب رسول الله r:( لم يكن أصحاب رسول الله r منحرفين ولا متماوتين، وكانوا يتناشدون الشعر في مجالسهم ويذكرون أمر جاهليتهم، فإذا أريد أحد منهم على شيء من أمر دينه دارت حماليق عينيه كأنه مجنون)

ونظر عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ إلى شاب قد نكس رأسه، فقال له: (يا هذا ارفع رأسك فإن الخشوع لا يزيد على ما في القلب، فمن أظهر للناس خشوعا فوق ما في قلبه فإنما أظهر نفاقا على نفاق)

وعن عاصم بن كليب الجرمي قال: لقي أبي عبد الرحمن بن الأسود وهو يمشي، وكان إذا مشى يمشي جنب الحائط متخشعا هكذا وأمال أبو بكر عنقه شيئا، فقال أبي: مالك إذا مشيت مشيت إلى جنب الحائط؟ أما والله إن عمر إذا مشي لشديد الوطء على الأرض جهوري الصوت.

وقالت الشفا بنت عبد الله ـ وقد رأت فتيانا يقصرون في المشي ويتكلمون رويدا ـ: ما هذا؟ قالوا: نساك، فقالت: كان والله عمر إذا تكلم أسمع، وإذا مشي أسرع، وإذا ضرب أوجع وهو الناسك حقا.

قلت: كيف تجمع بين ما ذكرته من سرعة محمد، وشفقته على الضعيف وذا الحاجة؟

قال: ذلك أحوج إلى السرعة.. فلا يمكن أن يعين الضعيف كسلان.. ومع ذلك، فقد كان رسول الله r يتخلف في السير إن رأى في ذلك مصلحة، فعن جابر ـ رضي الله عنه ـ قال: كان رسول الله r يتخلف في السير فيرجئ الضيف، ويردفه ويدعو لهم[27].

وعن أبي سعيد الخدري ـ رضي الله عنه ـ قال: بينما نحن في سفر مع رسول الله r إذ جاء رجل على راحلة، فجعل يصرف بعيره يمينا وشمالا، فقال رسول الله r: (من كان معه فضل ظهر فليعد به على من لا ظهر له، ومن كان له فضل زاد فليعد به على من لا زاد له)، فذكر من أصناف المال ما ذكره، حتى يرينا أنه لا حق لأحد منه في فضل[28].

وعن عقبة ـ رضي الله عنه ـ قال: بينما أقود رسول الله r في نقب من تلك النقاب إذا قال: (ألا تركب يا عقبة؟) فأجللت رسول الله r أن أركب مركبه، قال: (ألا تركب عقبة؟) فأشفقت أن يكون معصية، فنزل وركبت هنيهة، ونزلت، وركب رسول الله r.. الحديث[29].

التفاته:

ونحن نسير في ذلك الشارع من شوارع الصالحية ناداه رجل، فرأيت الصالحي يلتف جميعا بكل جسمه إلى من ينادي عليه، ولا يكتفي باستراق النظر كما نفعل في العادة، وقد دعاني ذلك إلى سؤاله مازحا: أهذا أيضا من سنة محمد؟

قال: ما تقصد؟

قلت: رأيتك التفت جميعا، ولم تكتف بتحويل بصرك، كما نفعل في العادة.

قال: أجل.. هو من سنة النبي r، لقد ورد في ذلك أحاديث:

فعن جابر ـ رضي الله عنه ـ قال: كان رسول الله r لا يلتفت إذا مشى، وكان ربما تعلق رداؤه بالشجرة أو بالشئ فلا يلفت، وكانوا يضحكون، وكانوا قد أمنوا التفاته[30].

وعن علي ـ رضي الله عنه ـ قال:( كان رسول الله r إذا التفت التفت جميعا)[31]

وعنه قال:( كان رسول الله r يقبل جميعا، ويدبر جميعا)[32]

وعن هند بن أبي هالة ـ رضي الله عنه ـ قال:( كان رسول الله r إذا التفت التفت جميعا، وإذا أدبر أدبر جميعا) [33]

وعن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: (كان رسول الله r إذا التفت التفت جميعا، وإذا أدبر أدبر جميعا)[34]

وعنها قالت:( كان رسول الله r يلمح بمؤخر عينيه ولا يلفت)[35]

وعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال:( كان رسول الله r يقبل معا، ويدبر معا)[36]

وعن أبي أمامة ـ رضي الله عنه ـ قال:( كان رسول الله r إذا التفت التفت جميعا) [37]

وعن ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ قال:( كان رسول الله r لا يلتفت إلا جميعا)[38]

قلت: ما الحكمة التي تراها في ذلك؟

قال: كل أفعال نبينا r في منتهى الحكمة.. وقد يمن الله علينا، فندرك بعضها، وقد نقصر، فلا نعرف من ذلك قليلا ولا كثيرا.. فنكتفي بالتسليم لنبينا.

قلت: وهل فتح لك في هذا شيء؟

قال: مما فتح لي فيه أن في هذا التصرف احتراما للملتف إليه، فالله تعالى نهى عن تصعير الخد، والالتفات بمسارقة النظر نوع من التصعير.. 

تنعله:

وصل الرجل الذي نادى على الصالحي، فسلم عليه، ثم قال: ما السنة في التنعل؟

قال: ما تقصد؟

قال الرجل: هل السنة أن ننتعل أحذية.. أم أن نمشي حفاة؟

قال: لقد حدث ابن عمر ـ رضي الله عنه ـ قال: كان رسول الله r يمشي حافيا وناعلا[39].

قال الرجل: فأيهما أفضل؟

قال: لقد كان r يمشي حافيا ومنتعلا، أما مشيه منتعلا فهو أكثر مشيه، وأما حافيا فيدل عليه ما حدث به ابن عمر ـ رضي الله عنه ـ في عيادته r لسعد بن عبادة قال: فقام رسول الله r وقمنا معه ونحن بضعة عشر ما علينا نعال ولا خفاف ولا قلانس ولا قمص نمشي في السباخ، وكان يماشي أصحابه فرادى وجماعة، يمشون بين يديه، وهو خلفهم ويقول: (دعوا ظهري للملائكة)[40]

قال الرجل: إلى الآن لم أخرج بشيء.

قال: السنة في كليهما بشرط أن تضعها في موضعها.

قال الرجل: كيف ذلك؟

قال: أنت أدرى بذلك..

الأخذ باليد:

قال الرجل: فإني أرى قوما يسيرون، يضع بعضهم يده في يد بعض..

قال الصالحي: لقد كان رسول الله r يفعل ذلك، يتألف قلوب أصحابه.. فعن بريدة الأسلمي ـ رضي الله عنه ـ قال: خرجت ذات يوم في حاجة، وإذا أنا بالنبي r يمشي بين يدي، فأخذ بيدي، فانطلقا نمشي جميعا.. فذكر الحديث[41].

وعن أبي أمامة ـ رضي الله عنه ـ قال: أخذ بيدي رسول الله r فقال:(يا أبا أمامة: من المؤمنين من يلين له قلبي) [42]

عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: لقيت رسول الله r وأنا جنب، فأخذ بيدي، فمشيت معه حتى بعد.. وذكر الحديث[43].

وعن بشير بن الخصاصية ـ رضي الله عنه ـ قال: كنت أماشي رسول الله r آخذا بيده، فقال:( يا ابن الخصاصية ما أصبحت تنقم على الله تبارك وتعالى، وأصبحت تماشي رسوله آخذا بيده؟) قلت: ما أصبحت أنقم على الله تعالى شيئا، قد أعطاني الله تعالى كل خير[44].

وعن أنس ـ رضي الله عنه ـ قال: خرج رسول الله r وهو آخذ بيد أبي ذر، فقال:( يا أبا ذر أعلمت أن بين أيدينا عقبة كؤودا لا يصعدها إلا المخفون.. الحديث[45].

2 ـ تطيبه

انصرف الرجل، ولم نسر إلا قليلا حتى وصلنا إلى بيته.. وقد كان تحفة من تحف الجمال.. وقد وضع في بوابته بيتا من الشعر يقول:

يا ضيفنا لو زرتنا لوجدتنا نحن الضيوف وأنت رب المنزل

ابتسمت، وقلت: أراك ـ بهذا البيت من الشعر ـ ترسل دعوة عامة لكل غاد ورائح.

قال: لا يمتلئ قلبي سرورا إلا بمن يدخل بيتي، ويأكل طعامي، ويتمتع بما أنالني الله من فضله.. فلا خير فيمن يأكل وحده.. لقد كان ذلك سنة رسول الله r، فقد قال أنس ـ رضي الله عنه ـ:( كان رسول الله r لا يأكل وحده)[46]

وقد فسر رسول الله r قوله تعالى:﴿ إِنَّ الْأِنْسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ) (العاديات:6) بقوله:( الكنود: الذي يأكل وحده ويضرب عبده ويمنع رفده)[47]

دخلنا البيت، فوجدته باطنه كظاهره تحفة من تحف الجمال، وقد زين بحديقة ملأها بأنواع الورود.. وقد كانت تفوح بأجمل أريج عطر شممته في حياتي، فقلت: أراك تحب العطور؟

قال: وما لي لا أحبها، وقد كان رسول الله r يحبها.. لقد ورد في الحديث قوله r:( حبب إلي من دنياكم: النساء، والطيب، وجعلت قرة عيني في الصلاة[48] )[49]، وكان r ـ كما وصفه الواصفون ـ يكثر التطيب، وتشتد عليه الرائحة الكريهة، وتشق عليه.

فعن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: كان رسول الله r يكره أن يخرج إلى أصحابه يوجد منه إلا ريح طيبة[50].

وقالت ـ رضي الله عنها ـ:( كان رسول الله r يكره أن يخرج إلى أصحابه تفل الريح، وكان إذا كان في آخر الليل مس طيبا)[51]

وعن أنس ـ رضي الله عنه ـ قال: كان رسول الله r إذا قام من الليل استنجى وتوضأ، ثم بعث يطلب الطيب من رباع نسائه[52].

وقد أخبر r أن حب الطيب والتطيب من سنن الأنبياء، فقال:( أربع من سنن الأنيباء: الختان والسواك والتعطر والنكاح)[53]

وكان r لا يرد الطيب، ويأمره بعدم رده، فعن أنس ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله r كان لا يرد الطيب[54].

وعنه قال: ما رأيت رسول الله r عرض عليه طيب قط فرده[55].

وعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله r قال:( من عرض عليه ريحان فلا يرده، فإنه خفيف الحمل طيب الريح)[56]

سار قليلا، ثم أتاني بمسك وعنبر، وقال: خذ.. شم هذه الروائح.. متع أنفك بما تمتع به أنف النبي r.. لقد حدث محمد بن علي ـ رضي الله عنه ـ قال: سألت عائشة ـ رضي الله عنها ـ: أكان رسول الله r يتطيب؟ قالت: نعم بذكاوة الطيب، قلت: وما ذكاوة الطيب؟ قالت: المسك والعنبر[57].

قال ذلك، ثم أخرج قارورة مسك من جيبه، وقال: احتفظ بهذه.. لا تردها.. فقد علمت أن رسول الله r نهى أن يرد الطيب.. فعن أنس ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله r كان لا يرد الطيب[58].

وعنه قال:( ما رأيت رسول الله r عرض عليه طيب قط فرده)[59]

وعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله r قال:(من عرض عليه ريحان فلا يرده، فإنه خفيف الحمل طيب الريح)[60]

وعنه قال: قال رسول الله r: (إذا أتى أحدكم بالحلو فليأكل ولا يردها، وإذا أتى أحدكم بالرائحة الطيبة فليشمها)[61]

وعن ابن عمر ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله r قال:(ثلاثة لا ترد الوسادة والدهن والطيب)[62]

وعن أبي عثمان ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله r قال:( (إذا ناول أحدكم ريحانا فلا يرده، فإنه خرج من الجنة)[63]

خذها.. فقد حدث أنس ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله r كانت له سكة يتطيب منها[64].

لقد كان أحب الطيب إلى رسول الله r المسك، وكان يعجبه الفاغية وهي نور الحناء.. فعن أبي سعيد الخدري ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله r: (إن امرأة من بني إسرائيل اتخذت خاتما من ذهب، وحشته مسكا)، فقال رسول الله r:( هو أطيب الطيب)[65]

وعن عبيد بن جريج قال: قلت لابن عمر: يا أبا عبد الرحمن رأيتك تحب هذا الخلوق، فقال: كان أحب الطيب لرسول الله r [66].

وكان رسول الله r يحب التطيب بالعود، فعن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: كان أحب الطيب إلى رسول الله r العود[67].

وعنها قالت: كان أحب الطيب إلى رسول الله r المسك والعود[68].

وعن ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ قال: كان أحب العود إلى رسول الله r القماري[69].

وعن نافع قال: كان ابن عمر ـ رضي الله عنه ـ إذا استجمر[70] استجمر بالألوة غير مطراة، وبكافور يطرحه مع الألوة، ثم قال: هكذا كان يستجمر r[71].

 

3 ـ صورته

بعد أن حدثني بأحاديث تطيبه r.. وهو حينها يملأ أنفي بكل ما يستلذه من ألوان العطور، جلس على كرسي مقابل لي، وقال: في رحلتك إلى محمد.. وفي الأحاديث التي بثت لك عنه.. ألم يخطر ببالك أن تمتع بصرك برؤيته؟

قلت: بلى.. لقد حصل ذلك كثيرا.. ولكن أنى ذلك، ولم يكن في عهد محمد ما في عهدنا من آلات التصوير.

قال: بلى.. لقد كان في عهد محمد آلات تصوير دقيقة.

قلت: ما بك يا رجل.. لقد كنت قبل حين من أعقل الناس.. فأين ذهب عقلك؟

قال: لقد كان من شدة محبة المحيطين بالنبي r أنهم لم يتركوا صغيرة ولا كبيرة ترتبط بصورته r إلا صوروها بألسنتهم البليغة.. ولذلك لا يصعب على خيالك أن يقرب لك صورة رسول الله r.

قلت: وما يجدي ذلك؟

قال: كل شيء يرتبط برسول الله يجدي.. لقد رأيت قوما من الذين نذروا حياتهم لسب الشمس وتشويه جمالها يرسمون صورة لشياطين نفوسهم، ثم ينسبوها إلى محمد r.. ويقولون للناس: هذه هي صورة محمد..

ترى لو لم يرو أولئك المحبون تلك الأحاديث التي رسمت صورته r.. هل في إمكان أحد في الدنيا أن يرد على أولئك الحاقدين؟

قلت: قد يرد عليهم بأنهم لم يروه، فلا يحق لهم أن يصوروه.

قال: حينذاك يكون الرد قاصرا..

قلت: كيف يكون قاصرا؟

قال: سيقول أولئك الحاقدون: إن ما نذكره احتمال من الاحتمالات، ولا يحق لكم أن تفندوه، أو أن تنكروه إنكارا كليا.. بل ربما يستندون إلى النصوص التي تدل على أن الله لا ينظر إلى أجسام العباد، بل ينظر إلى قلوبهم وأعمالهم، فيستدلوا بها على أن محمدا r كان معقدا من صورته، فلذلك ذكر ما ذكر من شأن الصور.. ألا تراهم يستخدمون هذا المنهج في تقرير ما يريدونه من حقائق؟

قلت: صدقت.. ربما يقال ذلك.

قال: فلذلك لم يدع الله الفرصة لهؤلاء.. لقد وعد الله نبيه بأن يعصمه من الناس، وهذا من العصمة من الناس.

قلت: لقد ملأتني شوقا للتعرف على صورة محمد.. فحدثني أحاديث ذلك.

قال: لقد اتفق كل من وصف رسول الله r على أنه في غاية الجمال..

لقد قال عبد الله بن رواحة ـ رضي الله عنه ـ في وصفه:

لو لم تكن فيه آيات مبينة      لكان منظره ينبيك بالخبر

وقال البراء بن عازب ـ رضي الله عنه ـ: لم أر شيئا أحسن من رسول الله r [72].

وقال: ما رأيت من ذي لمة في حلة حمراء أحسن من رسول الله r [73].

وقال أنس ـ رضي الله عنه ـ: كل شئ حسن قد رأيت، فما رأيت شيئا قط أحسن من رسول الله r [74].

وقالت أم معبد ـ رضي الله عنها ـ: كان رسول الله r أجمل الناس وأبهاه من بعيد، وأحلاه وأحسنه من قريب[75].

وقالت: كان رسول الله r وسيما قسيما[76].

وقال جابر بن سمرة ـ رضي الله عنه ـ: رأيت رسول الله r في ليلة إضحيان[77] وعليه حلة حمراء، فجعلت أنظر إليه والقمر فلهو أحسن في عيني من القمر[78].

وقال أبو هريرة ـ رضي الله عنه ـ: كان رسول الله r أحسن الناس صفة وأجملها[79].

وقال: ما رأيت شيئا قط أحسن من رسول الله r كأن الشمس تخرج من وجهه[80].

وقال طارق بن عبيد ـ رضي الله عنه ـ: أقبلنا ومعنا ظعينة حتى نزلنا قريبا من المدينة، فأتانا رسول الله r، فقالت الظعينة: ما رأيت وجها أشبه بالقمر ليلة البدر من وجهه r[81].

وقال أبو إسحاق الهمداني لامرأة حجت مع رسول الله r: شبهيه لي، قالت: كالقمر ليلة البدر، ولم أر قبله ولا بعده مثله[82].

وقال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: لم يقم رسول الله r مع شمس قط إلا غلب ضوؤه ضوء الشمس، ولم يقم مع سراج قط، إلا غلب ضوؤه ضوء السراج[83].

وقال أبو عبيدة بن محمد للربيع بنت معوذ ـ رضي الله عنها ـ: صفي لي رسول الله r قالت: يا بني لو رأيته لقلت الشمس طالعة[84].

روى الصالحي هذه الأحاديث، ثم نادى ابنا له، فجاء، وهو لا يقل عن أبيه هيبة وجمالا، فسلم علي، وحياني وكأنه يعرفني من قديم، قال لي الصالحي: إن ابني هذا شاعر.. وقد آثر أن لا يمدح بشعره أحدا غير رسول الله r.. وأن لا يروي شعرا إلا في رسول الله r.. إن اسمه حسان.. زهو يريد أن يكون خليفة حسان في مدح رسول الله r.

قال ذلك، ثم التفت إلى ابنه، وقال: يا حسان.. أنشدنا بعض ما قيل في مدح رسول الله r.. فقد كنا نتحدث عن صورته r..

استغرق الابن خاشعا، وكأنه يريد أن يرى الصورة التي يريد أن يعبر عنها، ثم قال يترنم بخشوع:

لم لا يضئ بك الوجود وليله = فيه صباح من جمالك مسفر

فبشمس حسنك كل يوم مشرق = وببدر وجهك كل ليل مقمر

طربت لإنشاده، فقال: سأنشدك بعض ما قال البوصيري في جماله r.. فقد كان للبوصيري من الحس والذوق ما استطاع أن يعبر به عما قصر غيره في التعبير عنه، لقد قال:

فَهْوَ الذي تَمَّ معناهُ وصورَتُهُ ‏= ثم اصطفاهُ حبيباً بارِيءُ النَّسَم

‏‏مُنَزَّهٌ عن شريكٍ في محاسِنِهِ = فجوهر الحُسنِ فيه غيرُ منقَسِمِ

وقال علي بن أبي وفا:

كم فيه للأبصار حسن مدهش = كم فيه للأرواح راح مسكر

قاسوه جهلا بالغزال تغزلا = هيهات يشبهه الغزال الأحور

هذا وحقك ما له من مشبه = وأرى المشبه بالغزالة يكفر

فخر الملاح بحسنهم وجمالهم =وبحسنه كل المحاسن تفخر

فجماله مجلى لكل جميلة = وله منار كل وجه نير

جنات عدن في جنى وجناته = ودليله أن المراشف كوثر

هيهات ألهو عن هواه بغيره = والغير في حشر الأجانب يحشر

كتب الغرام على في أسفاره = كتبا تؤول بالهوى وتفسر

فدع الدعي وما ادعاه من الهوى = فدعيه بالهجر فيه يهجر

وعليك بالعلم العليم فإنه = لخطيبه في كل خطب منبر

أشار الصالحي إلى ابنه بالسكوت، فسكت بأدب جم، فتوجه الصالحي إلى، وقال: لاشك أنك ككل الناس تحب التفاصيل.. فلا يكفي أن نقول عن شيء: إنه جميل.. فقد يكون جميلا في عيون، دميما في غيرها..

ولذلك سأذكر لك.. وأذكر لأولئك الحاقدين الصورة الحقيقية لجسم رسول الله r.. والتي أرادوا تشويهها بما أوحته لهم به الشياطين.. فسلني ما بدا لأرسم لخيالك ما يريد أن يعرفه عن صورة رسول الله r.. ولن أذكر لك ذلك إلا مدعما بالشهود الكثيرين الذين عاشوا مع رسول الله r أو رأوه عن قرب[85].

لونه:

بادرت قائلا: أخبرني عن لونه.. فاللون هو أول ما يشد انتباه الناظر.

قال: لقد وصفه أنس ـ رضي الله عنه ـ فقال:( كان رسول الله r أزهر اللون[86]، ليس بالآدم ولا بالأبيض الأمهق[87])[88]

وقال علي ـ رضي الله عنه ـ: (كان رسول الله r أبيض مشربا[89] بحمرة)[90].

وقال: كان رسول الله r أزهر اللون، ليس بالأبيض الأمهق[91].

وقال أبو هريرة ـ رضي الله عنه ـ: كان رسول الله r أبيض كأنما صيغ من فضة [92].

وقال أبو الطفيل ـ رضي الله عنه ـ: كان رسول الله r أبيض مليح الوجه[93].

وقالت أم معبد ـ رضي الله عنها ـ: (كان رسول الله r ظاهر الوضاءة [94] )[95]

وقال هند بن أبي هالة ـ رضي الله عنه ـ:(كان رسول الله r أنور المتجرد[96])[97]

وقالت عائشة ـ رضي الله عنها ـ: أهدي لرسول الله r شملة سوداء فلبسها، وقال: كيف ترينها علي يا عائشة؟ قالت: قلت: ما أحسنها عليك يا رسول الله! يشوب سوادها بياضك وبياضك سوادها[98].

التفت إلي، وقال: فهذه الأحاديث وغيرها تدل على أن رسول الله r كان أبيض اللون، وكان بياضه مشربا بحمرة[99].

قلت: عرفت لونه.. فحدثني عن رأسه.

قال: لقد وصفه أنس ـ رضي الله عنه ـ بقوله:( كان رسول الله r ضخم الرأس)[100]، وهي صفة مستحسنة تنبئ عن كمال في الجسم، ولذلك قرنها علي ـ رضي الله عنه ـ باكتمال سائر جسمه، فقال:( ليس بالقصير، ولا بالطويل، ضخم الرأس واللحية، شثن الكفين والقدمين[101]، ضخم الكراديس [102] )[103]

شعره:

قلت: فحدثني عن شعره.

قال: لقد وصفه علي وهند بن أبي هالة ـ رضي الله عنهما ـ فقالا: (كان رسول الله r عظيم الهامة[104]، رجل الشعر[105]، إن افترقت عقيقته[106] فرق، وإلا فلا يجاوز شعره شحمة أذنه إذا هو وفره) [107]

وقال أنس ـ رضي الله عنه ـ: (لم يكن رسول الله r بجعد[108] قطط[109] ولا بسبط[110]، كان رجلا)[111]

وقال: كان شعر رسول الله r شعرا بين شعرين، ولا رجل سبط ولا جعد قطط، وكان بين أذنيه وعاتقه[112].

وقال سعد بن أبي وقاص ـ رضي الله عنه ـ: كان رسول الله r شديد سواد الرأس واللحية[113].

وقال جبير بن مطعم ـ رضي الله عنه ـ: كان رسول الله r كثير شعر الرأس رجله[114].

وقالت أم معبد ـ رضي الله عنها ـ في صفته r:( ولا تزريه صعلة[115])[116]

وقال علي بن حجر ـ رضي الله عنه ـ: لم يكن شعر رسول الله r بالجعد القطط ولا بالسبط كان جعدا رجلا[117].

وقال البراء ـ رضي الله عنه ـ: كان شعر رسول الله r إلى منكبيه[118].

وقالت عائشة ـ رضي الله عنها ـ: كان شعر رسول الله r فوق الوفرة ودون الجمة [119].

نظر إلي، وقال: فهذه الأحاديث تدل على أن شعره r كان أسود اللون، وكان فوق الجمة[120]ودون الوفرة[121]، وكانت جمته تضرب شحمة أذنيه.

وقد روي أنه r كان يجعلها إذا طال شعره ضفائر أربعا، قالت أم هانئ ـ رضي الله عنها ـ:( قدم علينا رسول الله r مكة قدمة، وله أربع غدائر[122] )[123] 

وقالت أم هانئ رضي الله تعالى عنها: قدم رسول الله r وله أربع غدائر: يعني ضفائر.

قلت: فقد كان محمد يهتم بشعره إذن؟

نظر إلي، والابتسامة المشرقة تعلو محياه، وقال: أجل.. وذلك من دلائل كماله.. أليس الشعر أمانة من الله ائتمننا عليها؟

قلت: يمكنك أن تقول ذلك.

قال: بل هو كذلك.. فكل ما لنا من الله.. هو أمانة وهو نعمة.. والأمانة لا يصح تضييعها، والنعمة لا يصح العبث بها.

قلت: صدقت في هذا.

قال: ولهذا كان r يهتم بشعره.. وقد وصف الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ بعض مظاهر هذا الاهتمام.. بل وصفوا كيف كان رسول الله r يمشط شعره.

ومن ذلك قول ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ: كان رسول الله r يحب موافقة أهل الكتاب فيما لم يؤمر فيه لشئ، وكان أهل الكتاب يسدلون شعورهم، وكان المشركون يفرقون رؤسهم، فسدل رسول الله r ثم فرق بعده[124].

وقالت عائشة ـ رضي الله عنها ـ: (أنا فرقت لرسول الله r رأسه صدعت فرقه عن يافوخه وأرسلت ناصيته بين عينيه)[125]

وقالت: (كان رسول الله r إذا امتشط بالمشط كأنه حبك الرمال [126] )[127].

قلت: ألا يمكن أن نعتبر طريقة مشط محمد لشعره سنة من السنن؟

قال: لا.. ذلك خاضع لأعراف الناس وأذواقهم.. ولا يمكن أن نعتبر هذا سنة.

ثم التفت إلى شعره، وقال: أنت لا ترى في شعائري الضفائر الأربع.. ولو كانت الضفائر سنة لفعلتها.

قلت: وما دليلك على عدم سنيتها.. أعدم فعلك لها تعتبره دليلا؟

قال: لا.. أنت ترى في الأحاديث التي سقتها لك أن محمدا r كان يغير مشطة بحسب الأحوال.. فقد وافق في مشطه لشعره أهل الكتاب ثم خالفهم.. ولو كان في الأمر سنة لحث عليها، وطلب منهم التأسي بها.

قلت: فهل كان محمد يحلق شعره؟

قال: أجل.. بل إن الحلق في الإسلام من الشعائر المرتبطة بالدين والطهارة.. فلا يصح أن يترك الإنسان شعره إلى أن يؤذيه.

وقد روي أن خالد بن الوليد ـ رضي الله عنه ـ فقد قلنسوة له يوم اليرموك، فطلبها حتى وجدها، وقال: اعتمر رسول الله r فحلق رأسه، فابتدر الناس جوانب شعره، فسبقتهم إلى ناصيته، فجعلتها في هذه القلنسوة، فلم أشهد قتالا وهي معي إلا رزقت النصر[128].

وقال أنس ـ رضي الله عنه ـ: إن رسول الله r لما رمى جمرة العقبة نحر نسكه، ثم ناول الحالق شقه الأيمن، فحلقه، فأعطاه أبا طلحة، ثم ناوله شقه الأيسر، فقال:( اقسمه بين الناس)، قال أنس: (فلقد رأيته والحلاق يحلقه، فطاف به أصحابه، فما يريدون أن تقع شعره إلا في يد رجل) [129]

جبينه:

قلت: فحدثني عن جبينه.

قال: لقد وصفه هند بن أبي هالة ـ رضي الله عنه ـ بقوله:( كان رسول الله r واسع الجبين[130]، أزج الحواجب[131] سوابغ[132](..)[133]، بينهما عرق يدره[134] الغضب)[135]

وقال أبو هريرة ـ رضي الله عنه ـ:( كان رسول الله r مفاض الجبين[136])[137]

وقال سعد بن أبي وقاص ـ رضي الله عنه ـ: كان جبين رسول الله r صلتا[138])[139]  

وقال سويد بن غفلة ـ رضي الله عنه ـ قال: رأيت رسول الله r واضح الجبين أهدب مقرون الحاجبين.

وقالت أم معبد ـ رضي الله عنها ـ: كان رسول الله r أزج أقرن.

التفت الصالحي لابنه، وقال: أنشدنا يا حسان ما قال حسان في هذا:

أخذ الابن يترنم بصوت شذي:

متى يبد في الليل البهيم جبينه = يلح مثل مصباح الدجى المتوقد

فمن كان أو من قد يكون كأحمد = نظاما لحق أو نكالا لملحد

عيناه:

قلت: فحدثني عن عينيه.

قال: لقد وصفهما علي ـ رضي الله عنه ـ بقوله:( كان رسول الله r أدعج[140] العينين)[141]

وقال:( كان رسول الله r عظيم العينين أهدب[142] الأشفار[143]) [144]

وقال:(  كان رسول الله r عظيم العينين أهدب الأشفار مشرب العين بحمرة[145])[146]

وقال:( كان رسول الله r أسود الحدقة أهدب الأشفار)[147]

وقال:( كان رسول الله r عظيم العينين مشرب العين حمرة أهدب الأشفار كث اللحية)[148]

وقال جابر بن سمرة ـ رضي الله عنه ـ:( كان رسول الله r عليه وسلم أشكل العين[149])[150]

وقال:( كنت إذا نظرت إلى رسول الله r قلت: أكحل، وليس بأكحل)[151]

وقال أبو هريرة ـ رضي الله عنه ـ:( كان رسول الله r أبرج العينين) [152]

وقال:( كان رسول الله r أكحل العينين أهدب الأشفار)[153]

وقالت أم معبد ـ رضي الله عنها ـ:( في أشفاره عطف[154])[155]

وقال أنس بن مالك ـ رضي الله عنه ـ:( كان رسول الله r أبحر العينين)[156]

التفت الصالحي إلي، وقال: ألا ترى الجيوش المعاصرة تزود جنودها بما يحتاجونه لتيسير الرؤية في الظلام، ورؤية القريب بعيدا؟

قلت: بلى.. فما علاقة ذلك بعيني محمد r؟

قال: لقد انتدب محمد r لأعظم وظيفة في الوجود.. وهو لذلك زود بالوسائل الكثيرة التي تعينه على ذلك.. هو بشر نعم.. ولكن له من الطاقات ما هو أعظم من سائر البشر ليستطيع أداء الوظيفة الموكلة إليه.

قلت: فهل كان محمد r يرى البعيد قريبا، ويرى في ظلام الليل الحالك؟

قال: أجل.. لقد وردت بذلك الروايات الكثيرة، فعن عائشة وابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قالا: (كان رسول الله r يرى بالليل في الظلمة، كما يرى بالنهار في الضوء)[157]

وحدث أبو هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله r قال: (هل ترون قبلتي ها هنا، فوالله لا يخفى علي ركوعكم ولا سجودكم، إني لأراكم من وراء ظهري)[158] 

وفي حديث آخر عنه قال: قال رسول الله r: (إني لأنظر إلى ما وراء ظهري كما أنظر إلى أمامي)[159]

 وحدث أنس ـ رضي الله عنه ـ أنه r قال:( أيها الناس إني إمامكم فلا تسبقوني بالركوع ولا بالسجود فإني أراكم من أمامي ومن خلفي)[160]

فهذه النصوص تفيد أن رسول الله r كان له هذه الطاقة[161].. كما كان له غيرها من الطاقات التي استدعتها الوظيفة الخطيرة التي أنيطت به.

سمعه:

قلت: حدثتني عن بصره، فحدثني عن سمعه.

قال: لقد ورد في النصوص المقدسة أنه r كان له القدرة على سماع ما لا يسمعه الحاضرون مع سلامة حواسهم.

لقد حدث أبو ذر وحكيم بن حزام ـ رضي الله عنهما ـ قالا: قال رسول الله r: (تسمعون ما أسمع؟) قالوا: ما نسمع من شئ قال:( إني لأرى مالا ترون، وأسمع مالا تسمعون، إني أسمع أطيط السماء[162] وما تلام أن تئط وما فيها موضع شبر إلا وعليه ملك ساجد أو قائم)[163]

وحدث زيد بن ثابت ـ رضي الله عنه ـ قال: بينا النبي r على بغلة له إذ حادت[164] به، فكادت تلقيه وإذا أقبر ستة أو خمسة أو أربعة، فقال r:( من يعرف أصحاب هذه الأقبر؟) فقال رجل: أنا، فقال: متى مات هؤلاء؟ قال: ماتوا في الإشراك، فأعجبه ذلك فقال: (إن هذه الأمة تبتلى في قبورها، فلولا أن لا تدافنوا لدعوت الله عزوجل أن يسمعكم من عذاب القبر الذي أسمع)[165]

زيادة على هذا، فمن المعلوم بالضرورة أن الوحي كان يأتي رسول الله r أحيانا في مثل صلصلة الجرس ويسمعه ويعيه ولا يسمعه أحد من الصحابة.

أنفه:

قلت: فحدثني عن أنفه.

قال: لقد وصفه علي وهند ـ رضي الله عنهما ـ قالا:( كان رسول الله r أقنى[166]  العرنين[167])[168]، زاد هند:( له نور يعلوه، يحسبه من لم يتأمله أشم[169] وليس بأشم)

ووصفه بعض الصحابة فقال:(كان رسول الله r دقيق الأنف)[170]

خده:

قلت: فحدثني عن خده.

قال: لقد وصفه هند بن أبي هالة ـ رضي الله عنه ـ فقال: (كان رسول الله r سهل الخدين[171])[172]

ووصفه أبو هريرة ـ رضي الله عنه ـ فقال:( كان رسول الله r أسيل الخدين)[173]

ووصفه أبو بكر وأبو هريرة ـ رضي الله عنهما ـ فقالا:( كان رسول الله r أبيض الخد)[174]

فمه:

قلت: فحدثني عن فمه.

قال: لقد وصفه هند بن أبي هالة ـ رضي الله عنه ـ فقال: كان رسول الله r ضليع الفم[175]، أشنب[176]، مفلج الأسنان[177]، يفتر[178] عن مثل حب الغمام[179])[180]

ووصفه جابر بن سمرة ـ رضي الله عنه ـ فقال:( كان رسول الله r ضليع الفم)[181]

ووصف علي ـ رضي الله عنه ـ ثناياه، فقال:( كان رسول الله r براق الثنايا)[182]

وقال:( كان رسول الله r مفلج الثنايا)[183]

ووصفه أبو هريرة ـ رضي الله عنه ـ فقال:( كان رسول الله r حسن الثغر[184])[185]

ووصفه ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ فقال: (كان رسول الله r أفلج الثنيتين، إذا تكلم رئي كالنور يخرج من بين ثناياه)[186]

وقال أبو قرصافة ـ رضي الله عنه ـ: بايعنا رسول الله r أنا وأمي وخالتي، فلما رجعنا، قالت أمي وخالتي: يا بني ما رأينا مثل هذا الرجل، لا أحسن وجها، ولا أنقى ثوبا، ولا ألين كلاما، ورأينا كالنور يخرج من فيه[187].

وقد اتفقت الروايات على طيب رائحة فمه r:

قال أنس ـ رضي الله عنه ـ:( شممت العطر كله فلم أشم نكهة أطيب من رسول الله r )[188]

وقال:( بزق رسول الله r في بئر بدارنا، فلم يكن بالمدينة بئر أعذب منها)[189]

وقال وائل بن حجر ـ رضي الله عنه ـ:( أتى رسول الله r بدلو من ماء فشرب من الدلو، ثم صب في البئر ـ أوقال: ثم مج في البئر ـ ففاح منها مثل رائحة المسك)[190]

وقال أبو هريرة ـ رضي الله عنه ـ: كان رسول الله r إذا ضحك كاد يتلألأ في الجدر، لم أر قبله ولا بعده مثله)[191]

وقالت عميرة بنت مسعود الأنصارية ـ رضي الله عنها ـ: (دخلت على رسول الله r أنا وأخواتي، وهن خمس، فوجدناه يأكل قديدا، فمضغ لهن قديدة، ثم ناولني القديدة فقسمتها بينهن، فمضغت كل واحدة قطعة فلقين الله وما وجد لأفواههن خلوف[192] )[193]

وقال أبو أمامة ـ رضي الله عنه ـ: (جاءت امرأة بذيئة اللسان إلى النبي r وهو يأكل قديدا، فقالت: ألا تطعمني؟ فناولها مما بين يديه، فقالت: لا إلا الذي في فيك، فأخرجه r فأعطاها فألقته في فمها، فأكلته فلم يعلم منها بعد ذلك الأمر الذي كانت عليه من البذاء والذرابة [194] )[195]

وقالت أم عاصم ـ امرأة عتبة بن فرقد ـ ـ رضي الله عنها ـ: كنا نتطيب ونجهد لعتبة بن فرقد أن نبلغه، فما نبلغه، وربما لم يمس عتبة طيبا، فقلنا له فقال:( أخذني البثر على عهد رسول الله r، فأتيته، فتفل في كفه، ثم مسح جلدي، فكنت من أطيب الناس ريحا)[196]

التفت الصالحي إلى ابنه، وقال: أنشدنا ما قالت الشعراء في هذا.

قال حسان: لقد قال بعضهم يمدح r بهذا:

بحر من الشهد في فيه مراشفه = ياقوت من صدف فيه جواهره

وقال آخر:

جنى النحل في فيه وفيه حياتنا = ولكنه من لي بلثم لثامه

رحيق الثنايا والمثاني تنفست = إذا قال عن فتح بطيب ختامه

لحيته:

قلت: فحدثني عن لحيته.

قال: لقد وصفها عمر بن الخطاب وهند بن أبي هالة ـ رضي الله عنهما ـ فقالا: (كان رسول الله r كث اللحية[197])[198]

ووصفها علي ـ رضي الله عنه ـ فقال:( كان رسول الله r عظيم اللحية)[199]

ووصفها جبير بن مطعم ـ رضي الله عنه ـ فقال:( كان رسول الله r ضخم اللحية)[200]

ووصفها أبو هريرة ـ رضي الله عنه ـ فقال:( كان رسول الله r أسود اللحية)[201]

ووصفها أنس بن مالك ـ رضي الله عنه ـ فقال:( كانت لحية رسول الله r قد ملأت من هاهنا إلى هاهنا)[202]

ووصفها سعد بن أبي وقاص ـ رضي الله عنه ـ فقال:( كان رسول الله r شديد سواد الرأس اللحية)[203]

قلت: لعل الذين وصفوا سواد شعره لم يدركوه، وقد بلغ الستين، تلك السن التي يشتعل فيها الرأس شيبا..

ابتسم، وقال: بل إن الشيب يبدأ دون ذلك بكثير.. ولكن النبي r لم يحصل له من الشيب إلا القليل، بل إن الروايات تكاد تحصي عدد ما شاب من شعره r.

فعن أنس ـ رضي الله عنه ـ قال: (ما كان في رأس رسول الله r ولا لحيته إلا سبع عشرة أو ثماني عشرة شعرة بيضاء)[204]

وعنه قال:( ليس في شعر رسول الله r ولحيته عشرون شعرة بيضاء)[205]

وقال أبو بكر بن عياش: قلت لربيعة: جالست أنسا؟ قال: نعم، وسمعته يقول: شاب رسول الله r عشرين شيبة هاهنا ـ يعني العنفقة [206] ـ )[207]

وروى قتادة عنه: (لم يخضب رسول الله r إنما كان في عنفقته وفي الصدغين وفي الرأس نبذ)[208]

وقال ابن عمر ـ رضي الله عنه ـ:( كان شيب رسول الله r عليه نحوا من عشرين شعرة بيضاء في مقدمه)[209]

وقال جابر بن سمرة ـ رضي الله عنه ـ:( شمط مقدم رسول الله r ولحيته وكان إذا ادهن لم يتبين فإذا لم يدهن تبين)[210]

وقال أبو جحيفة ـ رضي الله عنه ـ:( رأيت رسول الله r ورأيت بياضا تحت شفته السفلى العنفقة)[211]

وقال عبد الله بن بسر المازني ـ رضي الله عنه ـ:( كان في عنفقة رسول الله r شعرات بيض)[212]

ولهذا، فإن النبي r لم يحتج إلى الخضاب[213] الذي كان عادة معروفة في ذلك الوقت لستر الشيب، فقد سئل أنس ـ رضي الله عنه ـ عن خضاب رسول الله r فقال:( إن رسول الله r لم يكن شاب إلا يسيرا، ولكن أبا بكر وعمر خضباه بعد بالحناء والكتم)[214]

وجهه:

قلت: فحدثني عن وجهه.

قال: لقد وصفته عائشة ـ رضي الله عنها ـ فقالت:( كان رسول الله r أحسن الناس وجها وأنورهم لونا)[215]

وقالت ـ رضي الله عنها ـ:( أقبل رسول الله r مسرورا تبرق أسارير وجهه[216])[217]

ويروى عنها ـ رضي الله عنها ـ قالت: كنت أخيط الثوب فسقطت الإبرة فطلبتها فلم أقدر عليها، فدخل رسول الله r فتبينت الإبرة بشعاع وجه رسول الله r)[218]

وقال البراء ـ رضي الله عنه ـ:( كان رسول الله r أحسن الناس وجها وأحسنهم خلقا)[219]

وسئل:( أكان وجه رسول الله r مثل السيف؟ قال: لا، بل مثل الشمس والقمر مستديرا)[220]

وقال علي ـ رضي الله عنه ـ:( لم يكن رسول الله r بالمطهم[221] ولا المكلثم[222]، وكان في وجه تدوير)[223]

وقال:( كان في وجه رسول الله r تدوير)[224]

وقال هند بن أبي هالة ـ رضي الله عنه ـ:( كان رسول الله r فخما[225] مفخما[226]  يتلألأ وجهه تلألؤ القمر ليلة البدر)[227]

وقالت أم معبد ـ رضي الله عنها ـ:( رأيت رجلا ظاهر الوضاءة متبلج الوجه[228])[229] 

 

وقال أبو بكر ـ رضي الله عنه ـ:( كان وجه رسول الله r كداره القمر)[230]

وقال أبو هريرة ـ رضي الله عنه ـ:( ما رأيت أحسن من رسول الله r كأن الشمس تخرج من وجهه)[231]

وقالت امرأة حجت مع رسول الله r ـ لمن قال لها: شبهيه لي ـ:( كالقمر ليلة البدر، لم أر قبله ولا بعده مثله)[232]

وقال كعب بن مالك ـ رضي الله عنه ـ:( كان رسول الله r إذا سر استنار وجهه كأنه قطعة قمر فكنا نعرف ذلك منه)[233]

وقال ابن مسعود ـ رضي الله عنه ـ في قصة صلاة النبي r يوم بدر وسؤاله ربه تبارك وتعالى:( ثم التفت إلينا رسول الله r كأن شقة وجهه شقة وجهه القمر، فقال: هذه مصارع القوم العشية)

وقال جبير بن مطعم ـ رضي الله عنه ـ:( التفت إلينا رسول الله r بوجهه مثل شقة القمر)[234]

قال الصالحي ذلك، ثم التفت إلى ابنه حسان، وقال له: أنشدنا بعض ما قيل في هذا، فأخذ ابنه يترنم بصوت شذي:

كالبدر والكاف إن أنصفت زائدة = فلا تظننها كافا لتشبيه

وقال آخر:

يقولون يحكي البدر في الحسن وجهه = وبدر الدجى عن ذلك الحسن منحط

كما شبهوا غصن النقا بقوامه = لقد بالغوا بالمدح للغصن واشتطوا

عنقه:

قلت: فحدثني عن صفة عنقه.

قال: لقد وصفته أم معبد ـ رضي الله عنه ـ فقالت:( كان في عنق رسول الله r سطع[235])[236]

وقال هند بن أبي هالة ـ رضي الله عنه ـ:( كان عنق رسول الله r كجيد دمية[237] في صفاء الفضة)[238]

وقال عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب ـ رضي الله عنهما ـ:(كأن عنق رسول الله r إبريق فضة)[239]

وقال علي ـ رضي الله عنه ـ:( كان رسول الله r جليل المشاش[240] والكتد[241])[242]

وقال البراء بن عازب، وأبو هريرة، وهند ـ رضي الله عنهم ـ:( كان رسول الله r بعيد ما بين المنكبين[243])[244]

وقال أبو هريرة ـ رضي الله عنه ـ:( كان رسول الله r إذا وضع رداءه عن منكبيه، فكأنه سبيكة فضة)[245]

وقال أنس ـ رضي الله عنه ـ في حديث (سأله الناس فأعطاهم) ـ:(  فجذبوا ثوبه حتى بدا منكبه، فكأنما أنظر حين بدا منكبه إلى شقة القمر من بياضه r )[246]

ظهره:

قلت: فحدثني عن صفة ظهره.

قال: لقد وصفه محرش بن عبد الله الكعبي ـ رضي الله عنه ـ فقال:( اعتمر رسول الله r من الجعرانة ليلا، فنظرت إلى ظهره كأنه سبيكة فضة)[247]

قلت: لقد سمعت بأن في ظهره ما يسمى بخاتم النبوة.

قال: أجل.. لقد تواترت بذلك الروايات[248].

قلت: فحدثني عن صفته.

قال: لقد ذكر الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ له أوصافا قد يبدو أنها مختلفة متعارضة، ولكنها ليست كذلك.. فالوصف التشبيهي يختلف الناس فيه.. فكل يشبه بما يشاء.. بل إن الشخص الواحد يشبه الشيء الواحد بالأشياء الكثيرة.

قلت: أعلم ذلك.. ولا أرى أن مثل هذا يمكن أن يدخله التعارض.. فالأبصار مختلفة في قدرتها وفي تصويرها.. وزاوية الرؤية كذلك..

قال: بناء على هذا، فقد شبه بعضهم خاتم النبوة مثل زر الحجلة[249]، فعن السائب بن يزيد ـ رضي الله عنه ـ قال:( قمت خلف ظهر رسول الله r فنظرت إلى خاتم النبوة بين كتفيه مثل زر الحجلة)[250] 

وشبهه بعضهم بأنه كبيضة الحمامة، فعن جابر بن سمرة ـ رضي الله عنه ـ قال:( رأيت خاتم النبوة بين كتفي النبي r مثل بيضة الحمامة يشبه جسده)[251]

وعن سلمان ـ رضي الله عنه ـ قال:( رأيت الخاتم بين كتفي رسول الله r مثل بيضة الحمامة)[252]

وشبهه بعضهم بأنه كالجمع، فعن عبد الله بن سرجس ـ رضي الله عنه ـ قال: نظرت إلى خاتم النبوة بين كتفيه عند نغض كتفه [253] اليسرى جمعا عليه خيلان كأمثال الثآليل)[254]

وشبهه بعضهم بأنه كالسعلة، فعن أبي رمثة ـ رضي الله عنه ـ قال: انطلقت مع أبي إلى رسول الله r فنظرت إلى مثل السلعة بين كتفيه[255].

وشبهه بعضهم بأنه كالتفاحة، فعن أبي موسى ـ رضي الله عنه ـ قال:( كان خاتم النبوة أسفل من عضروف كتفه r مثل التفاحة)[256]

وشبهه بعضهم بأنه كأثر المحجم، فعن التنوخي ـ رضي الله عنه ـ في حديثه الطويل قال:( فإذا أنا بخاتم في موضع غضروف الكتف مثل المحجمة الضخمة)[257]

ووصفه بعضهم بأنه شعر مجتمع، فعن أبي يزيد عمرو بن أخطب الأنصاري ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله r: (ادن فامسح ظهري)، فدنوت ومسحت ظهره، ووضعت أصابعي على الخاتم، فقيل له: ما الخاتم؟ قال:( شعر مجتمع عند كتفه)[258]

ووصفه بعضهم بأنه بضعة ناشزة، فعن أبي سعيد الخدري ـ رضي الله عنه ـ قال:( الخاتم الذي بين كتفي رسول الله r بضعة ناشزة)[259]

وغير ذلك من الأوصاف والتشبيهات[260].

صدره وبطنه:

قلت: فحدثني عن صفة صدره وبطنه.

قال: لقد وصفه هند بن أبي هالة ـ رضي الله عنه ـ فقال:( كان رسول الله r عريض الصدر، سواء البطن والصدر[261]، مشيح الصدر[262] )[263]

وقال:( كان رسول الله r أنور المتجرد [264] دقيق المسربة موصول ما بين اللبة والسرة بشعر يجري كالخط عاري الثديين[265] والبطن مما سوى ذلك أشعر[266]الذراعين والمنكبين وأعالي الصدر)[267]

وقال علي بن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ:( كان رسول الله r طويل المسربة)[268]

وقال:( كان لرسول الله r شعر يجري من لبته إلى سرته كالقضيب ليس في صدره ولا بطنه شعر غيره)[269]

وقال عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ:( كان رسول الله r دقيق المسربة[270] له شعرات من لبته[271]إلى سرته كأنهن قضيب مسك أذفر، ولم يكن في جسده ولا صدره شعرات غيرهن)[272]

وقالت أم معبد ـ رضي الله عنها ـ:( لم تعبه ثجلة[273] ولا تزريه صقلة[274])[275]

وقال أبو هريرة ـ رضي الله عنه ـ:( كان رسول الله r مفاض البطن[276])[277]

وقال:( كان رسول الله r أبيض الكشحين)[278]

وقال أبو أمامة ـ رضي الله عنه ـ:( كان رسول الله r متفتق الخاصرة)[279]

يداه:

قلت: فحدثني عن صفة عنقه.

قال: لقد وصفه علي ـ رضي الله عنه ـ فقال:( كان رسول الله r شثن الكفين[280] سائل الأطراف[281] سبط[282] القصب[283] )[284]

وقال أبو هريرة ـ رضي الله عنه ـ:( كان رسول الله r ضخم الكفين)[285]

وقال:( كان رسول الله r عبل[286] الذراعين)[287]

وقال أنس ـ رضي الله عنه ـ:( كان رسول الله r بسط الكفين)[288]

وقال:( ما مسست حريرا ولا ديباجا قط ألين[289] من كف رسول الله r )[290]

وقال هند بن أبي هالة:( كان رسول الله r أشعر الذراعين طويل الزندين[291] رحب الراحة)[292]

وقال:( كان رسول الله r شبح الذراعين)[293]

وقال شداد بن عمرو ـ رضي الله عنه ـ:( أتيت رسول الله r فأخذت بيده فإذا هي ألين من الحرير وأبرد من الثلج)[294]

وقال وائل بن حجر ـ رضي الله عنه ـ:( لقد كنت أصافح النبي r أو يمس جلدي جلده فأتعرفه بعد في يدي فإنه لأطيب رائحة من المسك)[295]

وقال يزيد بن الأسود ـ رضي الله عنه ـ:( ناولني رسول الله r يده فإذا هي أبرد من الثلج وأطيب ريحا من المسك)[296]

وقال جابر بن سمرة ـ رضي الله عنه ـ:(  مسح رسول الله r خدي فوجدت ليده بردا وريحا كأنما أخرجت من جؤنة عطار)[297]

وقال المثنى بن صالح عن جدته ـ رضي الله عنها ـ قالت: صافحت رسول الله r فلم أر والله كفا ألين من كفه r)[298]

وقال سعد بن أبي وقاص ـ رضي الله عنه ـ:( اشتكيت بمكة فدخل علي رسول الله r يعودني فوضع يده على جبهتي فمسح وجهي وصدري وبطني فما زلت يخيل إلي أني أجد برد يده على كبدي حتى الساعة) [299]

إبطه:

قلت: فحدثني عن صفة إبطه.

قال: لقد وصفه أنس ـ رضي الله عنه ـ فقال:( رأيت رسول الله r يرفع يديه في الدعاء حتى يرى بياض إبطيه)[300]

وقال جابر بن عبد الله ـ رضي الله عنه ـ:( كان رسول الله r إذا سجد يرى بياض إبطيه)[301]

وقال رجل من بني حريش ـ رضي الله عنه ـ:( ضمني رسول الله r فسال علي من عرق إبطيه مثل ريح المسك)[302]

رجلاه:

قلت: فحدثني عن صفة رجليه.

قال: لقد وصفها جابر بن سمرة ـ رضي الله عنه ـ فقال:( كان في ساقي رسول الله r حموشة[303])[304]

وقال:( كان رسول الله r منهوس العقب[305])[306]

وقال عبد الله بن بريدة ـ رضي الله عنه ـ:( كان رسول الله r أحسن البشر قدما)[307]

وقال سراقة بن مالك ـ رضي الله عنه ـ:( دنوت من رسول الله r وهو على ناقته فرأيت ساقه كأنها جمارة نخل[308])[309]

وقال أنس ـ رضي الله عنه ـ:( انحسر الإزار عن فخذ رسول الله r وهو راكب في غزوة خيبر، فإني لأرى بياض فخذ رسول الله r )[310]

وقال:( كان رسول الله r ضخم القدمين)[311]

وقال أبو جحيفة ـ رضي الله عنه ـ:( خرج رسول الله r فكأني أنظر إلى وبيص ساقيه[312])[313]

وقال هند بن أبي هالة ـ رضي الله عنه ـ:( كان رسول الله r شثن الكفين والقدمين سائل الأطراف سبط القصب خمصان الإخمصين[314]مسيح القدمين[315]ينبو عنهما الماء)[316]

التفت الصالحي إلى ابنه، وقال: أنشدنا بعض ما قيل في قدمه r.

أخذ ابنه يترنم بصوت عذب بقول الشاعر:

يا رب بالقدم التي أوطأتها = من قاب قوسين المحل الأعظما

وبحرمة القدم التي جعلت لها = كتف البرية في الرسالة سلما

ثبت على متن الصراط تكرما = قدمي وكن لي منقذا ومسلما

واجعلهما ذخري ومن كانا له = أمن العذاب ولا يخاف جهنما

طوله:

قلت: فحدثني عن طوله.

قال: لقد وصفه هند بن أبي هالة ـ رضي الله عنه ـ:( كان رسول الله r معتدل الخلق[317]  بادن متماسك[318] أطول من المربوع[319] وأقصر من المشذب[320])[321]

وقالت عائشة ـ رضي الله عنها ـ:( لم يكن رسول الله r بالطويل البائن[322] ولا بالقصير المتردد[323]، وكان ينسب إلى الربعة[324] إذا مشى وحده، ولم يكن يماشيه أحد من الناس ينسب إلى الطول إلا طاله رسول الله r، ولربما اكتنفه الرجلان الطويلان فيطولهما رسول الله r فإذا فارقاه نسب رسول الله r إلى الربعة)[325]

وقال علي ـ رضي الله عنه ـ:( كان رسول الله r ليس بالذاهب طولا وفوق الربعة إذا جامع القوم غمرهم)[326]

وقال:( لم يكن رسول الله r بالطويل الممغط[327]ولا بالقصير المتردد كان ربعة من القوم)[328]

وقال البراء بن عازب ـ رضي الله عنه ـ فقال:( لم يكن رسول الله r بالطويل البائن ولا بالقصير)[329]

وقال:( كان رسول الله r مربوعا)[330]

وقال أبو هريرة ـ رضي الله عنه ـ:( كان رسول الله r ربعة وهو إلى الطول أقرب)[331]

وقال:( ما مشي رسول الله r مع أحد إلا طاله)[332]

وقال أنس ـ رضي الله عنه ـ:( كان رسول الله r أحسن الناس قواما وأحسن الناس وجها وأحسن الناس لونا وأطيب الناس ريحا وألين الناس كفا)[333]

وقال:( كان رسول الله r ربعة من القوم ليس بالطويل البائن ولا بالقصير)[334]

وقالت أم معبد ـ رضي الله عنها ـ:( كان رسول الله r ربعة لا بائن من طوله ولا تقتحمه عين من قصر غصنا بين غصنين أنضر الثلاثة[335] منظرا وأحسنهم قدرا)[336]

وقال عامر بن وائلة ـ رضي الله عنه ـ:( كان رسول الله r مقصدا[337])[338]

وقال البراء ـ رضي الله عنه ـ:( كان رسول الله r أحسن الناس وجها وأحسنهم خلقا، ليس بالطويل ولا بالقصير)[339]

عرقه:

قلت: فحدثني عن عرقه.

قال: لقد وصفه علي ـ رضي الله عنه ـ فقال:( كأن عرق رسول الله r في وجهه اللؤلؤ، ولريح عرق رسول الله r أطيب من ريح المسك الأذفر)[340]

وقال عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ:( كأن ريح عرق رسول الله r ريح المسك بأبي وأمي! لم أر قبله ولا بعده مثله)[341]

وقالت عائشة ـ رضي الله عنها ـ:( كان عرق رسول الله r في وجهه مثل اللؤلؤ أطيب ريحا من المسك الأذفر، وكأن كفه كف عطار مسها طيب أو لم يمسا به، يصافحه المصافح فيظل يومها يجد ريحها، ويضع يده على رأس الصبي فيعرف من بين الصبيان من ريحها على رأسه)[342]

وقالت: كنت قاعدة أغزل، والنبي r يخصف نعله، فجعل جبينه يعرق، وجعل عرقه يتولد نورا، فبهت فقال: مالك بهت؟ قلت: جعل جبينك يعرق، وجعل عرقك يتولد نورا، ولو رآك أبو كبير الهذلي لعلم أنك أحق بشعره حيث يقول في شعره:

ومبرأ عن كل غبر حيضة = وفساد مرضعة وداء معضل

وإذا نظرت إلى أسرة وجهه = برقت بروق العارض المتهلل[343]

وقال أنس ـ رضي الله عنه ـ:( كان رسول الله r كثير العرق)[344]

وقال:( ما شممت ريحا قط أو عرقا قط أطيب من ريح أو عرق رسول الله r،  ولا شممت مسكا ولا عطرا أطيب من ريح رسول الله r)[345]

وقال:( كان رسول الله r أزهر اللون كأن عرقه اللؤلؤ)[346]

وقال:( كل ريح طيب قد شممت، فما شممت قط أطيب من ريح رسول الله r وكل شئ لين قد مسست فما مسست شيئا قط ألين من كف رسول الله r )[347]

وقال:( كان رسول الله r يأتي أم سليم فيقيل عندها فتبسط له نطعا فيقيل عليه وكان كثير العرق وكانت تجمع عرقه r فتجعله في الطيب والقوارير، فيستيقظ النبي r فيقول: ما هذا الذي تضعين يا أم سليم؟ فتقول: هذا عرقك نجعله لطيبنا وهو أطيب الطيب)[348]

وقال:( كنا نعرف رسول الله r إذا أقبل بطيب ريحه)[349]

وقال:( كان رسول الله r إذا مر في طريق من طرق المدينة وجدوا منه رائحة الطيب فيقال مر رسول الله r في هذا الطريق)[350] 

وقال وائل بن حجر ـ رضي الله عنه ـ:( كنت أصافح رسول الله r أو يمس جلدي جلده فأتعرفه بعد في يدي وإنه لأطيب من ريح المسك)[351]

وقال يزيد بن الأسود ـ رضي الله عنه ـ:( ناولني رسول الله r يده فإذا هي أبرد من الثلج وأطيب ريحا من المسك)[352]

وقال جابر بن سمرة ـ رضي الله عنه ـ:( مسح رسول الله r خدي فوجدت ليده بردا وريحا كأنما أخرج يده من جونة عطار)[353]

وقال معاذ بن جبل ـ رضي الله عنه ـ:(  كنت أسير مع رسول الله r قال: أدن مني، فدنوت منه فما شممت مسثكا ولا عنبرا أطيب من ريح رسول الله r )[354]

وقال جابر بن عبد الله ـ رضي الله عنه ـ:( كان في رسول الله r خصال: لم يكن يمر في طريق فيتبعه أحد إلا عرف أنه قد سلكه من طيب عرقه أو عرفه)[355]

وعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: جاء رجل إلى النبي r فقال: يا رسول الله r إني زوجت ابنتي وأحب أن تعينني بشئ فقال: ما عندي شئ ولكن ايتني بقارورة واسعة الرأس وعود شجرة.

فأتاه بهما فجعل النبي r يسلت له فيها من عرقه حتى امتلأت القارورة، فقال:( خذها، وأمر ابنتك أن تغمس هذا العود في القارورة وتطيب به)، فكانت إذا تطيبت به يشم أهل المدينة رائحة ذلك الطيب[356].

التفت الصالحي إلى ابنه، وقال: أنشدنا فيما قيل في هذا؟

أخذ ابنه يترنم بصوت عذب بقول الشاعر:

ولو أن ركبا يمموك لقادهم = نسيمك حتى يستدل به الركب

وبقول الآخر:

يروح على تلك الطريق التي غدا = عليها فلا ينهى علاه نهاته تنفسه

في الوقت أنفاس عطره  = فمن طيبه طابت له طرقاته

تروح له الأرواح حيث تنسمت = لها سحرا من حبة نسماته

4 ـ أكله

بعد أن ملأ بصري بما وصف لي من صورة رسول الله r أمر ابنه بأن يقدم لنا الطعام، فأسرع ابنه.. وما لبث إلا قليلا، حتى جاءنا بطعام تفوح من روائحه الطيبة، فقلت: لكأني بك علمت ما يجول في عقل بطني كما علمت ما يجول في عقل خاطري.. إن هذا الطعام الذي تقدمه أشهى طعام أحببته في حياتي.

رأيته فرح فرحا شديدا حتى كاد يستفزه طربا، وقال: بشرك الله بخير.. بشرك الله بخير.

تعجبت من موقفه هذا، فقال: لا تتعجب.. لقد قال r:(من وافق من أخيه شهوة غفر له)[357]

قلت: عهدي بالصالحين لا يتحدثون عن مثل هذا.. فالطعام الشهي عندهم هو الطعام الحلال، وهم لا يبالون بعد ذلك ألذ مذاقه أم خبث؟

قال: ألم يخلق الله لنا ألسنة تميز بين المطعومات.. فتستلذ طعم بعضها، وتنكر غيره؟

قلت: ذلك صحيح.. وفي ذلك بلاء عظيم..

قال: وما وجه البلاء فيه؟

قلت: هناك من يعبد ذوقه من دون الله.. فيصير تابعا لشهواته.

قال: وهناك ما يثبت أمام شهواته، فلا تغره، ولا تستعبده..

قلت: ذلك هو من يزهد فيها.

قال: وذلك هو من يتناولها بقدر، وهو يعلم حق الله فيها، ونعمة الله عليه بها.

قلت: كيف ترى البلاء نعمة؟

قال: ليس لنا من ربك إلا النعم.. ولكنا نحن الذين نحول النعم نقما، والعافية بلاء.

ما كان يشتهيه:

قلت: بالمناسبة.. حدثني عن الطعام الذي كان يشتهيه محمد؟

قال: لقد ورد في ذلك أحاديث عن جمع من الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ كل وصف ما عرف أو ما شاهد:

فمنهم من ذكر الثريد[358].. فعن ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ: قال:( كان أحب الطعام إلى رسول الله r الثريد من الخبز والثريد من الحيس)[359]

وعن أنس ـ رضي الله عنه ـ قال:( كان رسول الله r يعجبه الثفل[360])[361]

وعنه قال: دخلت على رسول الله r، وغلام له خياط، فقدم إليه قصعة فيها ثريد، فجعل رسول الله r يتبع الدباء.. الحديث[362].

وعن جابر ـ رضي الله عنه ـ قال: أتى رسول الله r بقصعة من ثريد فقال:( كلوا من جوانبها، ولا تأكلوا من وسطها فإن البركة تنزل في وسطها)[363]

وعن زيد بن ثابت ـ رضي الله عنه ـ قال: لم يدخل منزل رسول الله r هدية أي في قدومه المدينة أول هدية دخلت بها عليه قصعة مثرودة خبزا وسمنا فأضعها بين يديه، فقلت: يا رسول الله r أرسلت بهذه القصعة أمي، فقال:(بارك الله فيك، وفي أمك)، فدعا أصحابه فأكلوا[364].

وعن عكراش بن ذؤيب ـ رضي الله عنه ـ قال: أخذ رسول الله r بيدي فانطلق إلى منزل أم سلمة ـ رضي الله عنها ـ فقال:( (هل من طعام؟) فأوتينا بجفنة كثيرة السمن والودك فأقبلنا نأكل منها، فأكل رسول الله r مما بين يديه وجعلت أخبط في نواحيها فقبض رسول الله r بيده اليسرى على يدي اليمنى، ثم قال:( (يا عكراش كل من موضع واحد، فإنه طعام واحد)[365]

وعن واثلة بن الأسقع ـ رضي الله عنه ـ قال: كنت من أهل الصفة فدعا رسول الله r يوما بقرص فكسره في الصحفة ثم وضع فيها ماء سخنا ثم وضع فيها ودكا ثم سفسفها ثم لبقها ثم صعنبها ثم قال:( اذهب فأت بعشرة، وأنت عاشرهم)، فجئت بهم..  وذكر الحديث[366].

ومنهم من ذكر القرع.. فعن معاوية بن صالح قال: كان أنس بن مالك ـ رضي الله عنه ـ يحب القرع، فقيل له: ما أشد حبك للقرع! فقال:( إن شدة حبي له لما رأيت من حب رسول الله r إياه[367].

وعن أنس ـ رضي الله عنه ـ قال:(كان القرع يعجب رسول الله r)[368]

وعنه قال: إن رسول الله r كانت تعجبه الفاغية، وكان أحب الطعام إليه الدباء[369].

ومنهم من ذكر الحلوى والعسل.. فعن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: كان رسول الله r يحب الحلوى والعسل[370].

وعن جابر ـ رضي الله عنه ـ قال: أهدي لرسول الله r عسل، فقسم بيننا لعقة لعقة فأخذت لعقي، ثم قلت: يارسول الله أزداد أخرى، قال:( (أخرى؟) قلت: نعم[371].

ومنهم من ذكر الخبيص [372].. فعن عبد الله بن أبي عبد الله قال: صنع عثمان بن عفان ـ رضي الله عنه ـ خبيصا بالعسل والسمن والبر، فأتى به في قصعة إلى رسول الله r، فقال رسول الله r: (ما هذا؟) قال:( هذا شئ يا رسول الله تصنعه الأعاجم من البر والسمن والعسل، تسميه الخبيص قال: فأكل[373].

وعن عبد الله بن سلام ـ رضي الله عنه ـ قال: خرج رسول الله r إلى المربد، فرأى عثمان بن عفان ـ رضي الله عنه ـ يقود ناقة تحمل دقيقا حوارى وسمنا وعسلا، فقال له رسول الله r: (أنخ) فأناخ، فدعا فيها بالبركة، ثم دعا ببرمة فنصبت على النار، وجعل فيها من السمن والعسل والدقيق، ثم أمر فأوقد عليها حتى نضج أو كاد ينضج، ثم أنزل، فقال رسول الله r: (كلوا)، ثم أكل منه رسول الله r، ثم قال:( (هذا شئ تسميه أهل فارس الخبيص)[374]

ومنهم من ذكر الزبد والتمر.. فعن ابني بسر السلميين ـ رضي الله عنهما ـ قالا: دخل علينا رسول الله r، فقدمنا له زبدا وتمرا[375].

ومنهم من ذكر اللبن بالتمر.. فعن بعض الصحابة ـ رضي الله عنه ـ قال: كان رسول الله r يتمجع اللبن بالتمر ويسميها الأطيبين[376].

وعن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: كان رسول الله r يسمي التمر واللبن الأطيبين[377].

ومنهم من ذكر القثاء[378].. فعن جابر ـ رضي الله عنه ـ قال: خرجنا مع رسول الله r في غزوة بني أنمار، فبينا أنا نازل تحت شجرة إذا رسول الله r فقلت: يا رسول الله هلم إلى الظل، قال: فنزل رسول الله r فقمت إلى غرارة لنا، فالتمست فيها شيئا فوجدت جرو قثاء[379] فكسرته، ثم قربته إلى رسول الله r فقال:(من أين لكم هذا؟) فقلت: خرجنا به يا رسول الله من المدينة[380].

وعن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: كان رسول الله r يحب القثاء[381].

وعن الربيع بنت معوذ ـ رضي الله عنها ـ قالت: كان رسول الله r يعجبه القثاء[382].

وعن عبد الله بن جعفر ـ رضي الله عنه ـ قال: رأيت رسول الله r يأكل القثا بالرطب[383].

وعن عائشة ـ رضي الله عنها ـ أن رسول الله r كان لا يأكل القثاء إذا أكله بالملح[384].

عنها ـ رضي الله عنها ـ:(أن رسول الله r كان يأكل القثاء والثفل[385] بالمجاج[386])[387]

ومنهم من ذكر الرطب والبطيخ.. فعن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: كان أحب الفواكه إلى رسول الله r الرطب والبطيخ[388].

وقريب منه ما روي عن موسى بن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده ـ رضي الله عنهم ـ أن النبي r أكل بطيخا بسكر[389].

وقريب منه ما روي عن أنس ـ رضي الله عنه ـ قال: رأيت رسول الله r يجمع بين الرطب والخربز[390])[391]

ومنهم من ذكر الطفيشل[392].. فعن أم أيوب ـ رضي الله عنها ـ أنه قيل لها: أي الطعام كان أحب إلى رسول الله r؟ فقالت: ما رأيته أمر أن يصنع له طعام، ولا رأيته ذم طعاما قط، ولكن أبا أيوب أخبرني أنه تعشى معه ليلة من قصعة أرسل بها سعد بن عبادة ـ رضي الله عنها ـ طفيشل، فرآه ينكهكها نهكا، لم يره ينهك غيرها، فكنا نعمله له[393].

ومنهم من ذكر الهريسة[394].. فعن أم أيوب قالت: كنا نعمل لرسول الله r الهريس فنراه يعجبه، وكان يحضر عشاءه الخمسة إلى الستة إلى العشرة[395].

وعن مطر الوراق أن رسول الله r كان إذا احتجم صنعت له هريسة[396].

وقال محمد بن عمر الأسلمي: لما نزل رسول الله r وادي القرى أهدى له بنو عريض اليهودي هريسا فأكلها رسول الله r وأطعمهم أربعين وسقا فهي جارية عليهم، تقول امرأة من يهود: لهذا الذي صنع لهم محمد خير مما ورثوه من آبائهم، لأن هذا لا يزال جاريا عليهم إلى يوم القيامة[397].

وروي أن أسعد بن زرارة كان يتخذ لرسول الله r الهريس ليلة وليلة، فإذا كانت الليلة التي يتوقعها منها قال:( (هل جاءت قصعة أسعد؟) فيقال:( نعم، فيقول: (هلموا)، فنعلم أنها تعجبه[398].

ومنهم من ذكر الحيس [399] والوطيئة[400].. فعن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: أهدي لنا حيس فخبأت لرسول الله r منه، وكان يحب الحيس فقلت: يا رسول الله أهدي لنا حيس، فخبأت لك منه فقال:( أذنيه، أما إني أصبحت وأنا صائم، وأكل منه)، ثم قال:( إنما مثل صوم التطوع مثل الرجل يخرج من ماله صدقة إن شاء أمضاها، وإن شاء حبسها) [401]

وعنها ـ رضي الله عنها ـ قالت: دخل علي رسول الله r فقال:( هل من طعام؟) فقلت: نعم، فقربت إليه قعبا[402] من حيس خبأناه له، فوضع رسول الله r يده فأكل[403].

وعن عبد الله بن بسر قال: نزل رسول الله r على أبي فقرب إليه طعاما ووطيئة فأكل منها[404].

ومنهم من ذكر الفلفل والزيت.. فعن عبد الله بن علي ـ رضي الله عنه ـ  أن جدته سلمى ـ رضي الله عنها ـ أخبرته قالت: دخل علي الحسن بن علي، وعبد الله بن عباس، وعبد الله بن جعفر، فقالوا: اصنعي لنا طعاما مما كان يعجب رسول الله r، ويحسن أكله فقالت للحسن: يا بني لا تشتهيه اليوم، فأخذت شعيرا ونسفته، وجعلت منه خبزة، ثم جعلته في تور، وجعلت أدمه الزيت، ونثرت عليه فلفلا، وقربته إليهم، وقالت: كان رسول الله r يحب هذه، ويحسن أكلها[405].

ومنهم من ذكر الخل.. فعن جابر ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله r مر به قال: فأشار إلى، فقمت إليه، فأخذ بيدي، فانطلقا حتى دخل بعض حجر نسائه، فدخل، ثم أذن لي فدخلت وعليها الحجاب، فقال:( (لأهله هل من غداء؟) قالوا: نعم، فأتى بثلاثة أقراص، فوضعن على شئ فأخذ رسول الله r قرصا فوضعه بين يديه، وأخذ قرصا فوضعه بين يدى ثم أخذ الثالث فكسره بالثنتين، فجعل بعضة بين يديه، وبعضه بين يدي، ثم قال:(هل من أدم؟) فقالوا: ما عندنا إلا الخل، فدعا به، فجعل يأكل، ويقول: (نعم الأدم الخل، نعم الأدم الخل)، قال جابر ـ رضي الله عنه ـ: فما زلت أحب الخل منذ سمعتها من رسول الله r [406].

وعن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: دخل علي رسول الله r قال:( (نعم الأدم أو الإدام الخل)[407]

وعن أم هانئ ـ رضي الله عنها ـ قالت: دخل علي رسول الله r فقال:( (هل عندكم شئ؟) فقلت: لا، إلا كسر يابسة وخل، فقال رسول الله r (قربوه، فما أقفر بيت من إدام فيه خل)[408]

وعن أنس ـ رضي الله عنه ـ قال:( أكل رسول الله r خل خمر)[409]

وعن ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ قال:( كان أحب الصباغ إلى رسول الله r الخل)[410]

ومنهم من ذكر اللحم.. فعن بريدة يرفعه إلى النبي r:( سيد الإدام في الدنيا والآخرة اللحم، وسيد الشراب في الدنيا والآخرة الماء، وسيد الرياحين في الدنيا والآخرة الفاغية[411])[412]

وعن أبي الدرداء ـ رضي الله عنه ـ قال:( ما دعي رسول الله r إلى لحم قط إلا أجاب، ولا أهدي له لحم إلا قبله)[413]

وعن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: أتى رسول الله r بلحم بقر فقيل: هذا ما تصدق به على بريرة فقال:(هو لها صدقة ولنا هدية)[414]

وعن جابر بن عبد الله ـ رضي الله عنه ـ قال: قدمت بين يدي رسول الله r عناقا[415]فنظر إلى، وقال:( (قد علمت حبنا اللحم)، وذكر الحديث [416].

وعن جابر ـ رضي الله عنه ـ قال: كان رسول الله r إذا اشترى لحما قال لأهله: (أكثروا المرق)[417]

وعن أنس ـ رضي الله عنه ـ قال كان رسول الله r يعجبه الثفل ـ يعني ثفل المرق ـ )[418]

وعن أبي ذر ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله r قال:( (إذا عملت مرفة فأكثر ماءها واغرف لجيرانك منها)[419]

وفي هذا.. منهم من ذكر لحم الذراع.. فعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: أتى رسول الله r بلحم فرفع إليه الذراع، وكانت تعجبه فنهس منها[420].

وعن ابن مسعود ـ رضي الله عنه ـ قال:( كان أحب العُراق[421] إلى رسول الله r الذراع ذراع الشاة، وكان يعجبه الذراع)[422]

وعنه أن رسول الله r أمر أن تذبح شاة فيقسمها بين الجيران قال:( فوزعها بين الجيران، ورفعت الذراع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان أحب الشاة إليه الذراع، فلما جاء رسول الله r قالت عائشة ـ رضي الله عنها ـ: ما بقي عندنا منها إلا الذارع، قال:( (بقي كلها إلا الذراع)[423]

وعن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت:( كان الذراع أحب إلى رسول الله r وكان لا يجد اللحم إلا غبا[424] وكان يعجل إليه لأنه أعجله نضجا)[425]

ومنهم من ذكر لحم الظهر.. فعن عبد الله بن جعفر ـ رضي الله عنه ـ قال: سمعت رسول الله r يقول: (خير ـ أو أطيب ـ اللحم لحم الظهر)[426]

وعن عبد الله بن جعفر ـ رضي الله عنه ـ قال: كنا عند رسول الله r فأتى بلحم فجعل القوم يلقمونه اللحم فقال رسول الله r: (أطيب اللحم لحم الظهر) [427]

ومنهم من ذكر لحم الكتف.. فعن ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ قال:( كان أحب اللحم إلى رسول الله r الكتف)[428]

وعن عمر بن أمية أنه رأى رسول الله r يحتز من كتف شاة في يده، يأكل منها، فدعي إلى الصلاة فألقاها، وألقى السكين التي كان يحتز بها، ثم قام فصلى، ولم يتوضأ[429]

وعن أنس ـ رضي الله عنه ـ قال: (كان النبي r يعجبه الذراعان والكتف)[430]

ومنهم من ذكر الرقبة.. فعن ضبيعة بنت الزبير بن عبد المطلب ـ رضي الله عنها ـ أنها ذبحت في بيتها شاة، فأرسل إليها رسول الله r: أن أطعمينا من شاتكم، فقالت للرسول: ما بقي عندنا إلا الرقبة، وإني لأستحي أن أرسل إلى رسول الله r بالرقبة، فرجع الرسول فأخبر رسول الله r فقال:(ارجع إليها فقل: أرسلي بها فإنها هادية الشاة، وأقرب الشاة إلى الخير وأبعدها من الأذى)[431] 

ومنهم من ذكر المخ.. فعن سعد بن عبادة ـ رضي الله عنه ـ أنه أتى رسول الله r بصحفة وجفنة مملوءة مخا، فقال:( (يا أبا ثابت ما هذا؟) فقال:( والذي بعثك بالحق لقد نحرت وذبحت أربعين ذات كبد، فأحببت أن أشبعك من المخ، قال: فأكل، ودعا له النبي r بخير[432].

ومنهم من ذكر غير ذلك.. فعن عبد الله بن محمد قال:( كان أحب الشاة إلى رسول الله r مقدمها)[433]

وعن عبد الله بن مسعود ـ رضي الله عنه ـ قال:( كان أحب العراق[434] إلى رسول الله r عراق الشاة والجنب)[435]

وبعد هذا كله، وقبله.. فقد روي أن أحب الطعام إليه ما كثرت عليه الأيدي كائنا كا كان، فعن جابر ـ رضي الله عنه ـ قال:( قال رسول الله r: (إن أحب الطعام إلى ما كثرت عليه الأيدي)[436]

ما كان يعافه:

قلت: هذا ما كان يشتهيه، فما هي الأطعمة التي كان يعاف أكلها؟

قال: لقد كان رسول الله r يحب الرائحة الطيبة، فلذلك كان يعاف الطعام ذا الرائحة الكريهة.. ومما يروى في ذلك ما حدث به أبو سعيد ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله r مر علي مزرعة بصل بخيبر هو وأصحابه، فنزل ناس منهم، فأكلوا، ولم يأكل آخرون، فرجعنا إليه، فدعا الذين لم يأكلوا، وأخر الآخرين حتى ذهب ريحها وتجمعا[437].

وعن أنس ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله r كان لا يأكل الثوم، ولا الكراث، ولا البصل، من أجل أن الملائكة عليهم السلام تأتيه، ومن أجل أنه يكلم جبريل u[438].

وعن أبي أيوب ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله r أرسل إليه بطعام يعني حضره، وفيه بصل وكراث ولم ير فيها أثر رسول الله r فأبى أن يأكله، فقال له رسول الله r: (أستحي من الملائكة وليس بمحرم)[439]

وعنه ـ رضي الله عنه ـ أنه قال:( كان رسول الله r إذا أتى بطعام أصاب منه، ثم بعث به إلينا، فبعث إلينا بطعام لم يصب منه فقلت: إن لهذا الطعام لشأنا، فلقيت رسول الله r فقلت له: إنه لم يكن يأتينا من قبلك شئ إلا وقد أصبت منه ما شاء الله، فقال:( (إن هذه بقلة أكرهها، ولكن كلوها)، قال:( إني أكره ما كرهت يعني الثوم)[440]

وعن سويد قال: أتى رسول الله r بقصعة فيها ثوم، فوجد ريح الثوم، فكف يده، وكف معاذ يده، فكف القوم أيديهم، فقال لهم: (ما لكم؟) فقالوا: كففت يدك، فكففنا أيدينا، فقال رسول الله r: (كلوا باسم الله، فإني أناجي ما لا تناجون)[441]

هذا في الخضر.. أما اللحوم، فقد حدث عبد الله بن عباس ـ رضي الله عنه ـ قال: كان رسول الله r يكره من الشاة سبعا: المرارة والمثانة والحياء والذكر والأنثيين والغدة والدم[442].

وعن ابن عمر ـ رضي الله عنه ـ قال: كان رسول الله r يكره من الشاة سبعا: المرارة والمثانة والحياة والذكر والأنثيين والغدة والدم، وكان أحب الشاة إلى رسول الله r مقدمها[443].

وعن ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ قال:ان رسول الله r يكره الكليتين لمكانهما من البول[444].

وعن البراء بن عازب ـ رضي الله عنه ـ قال: كان رسول الله r يكره من لحوم الطير والوحش ما أكل الجيفة[445].

وعن رجل من الأنصار ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله r نهى عن أكل أدنى القلب[446].

وعن ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ قال: دخلت أنا وخالد بن الوليد على رسول الله r في بيت ميمونة، وكانت خالتها، فأتي بضب محنوذ فأهوى إليه رسول الله r بيده فقال بعض النسوة في بيت ميمونة، أخبروا رسول الله r بما يريد أن يأكل منه، فقيل له: إنه ضب يا رسول الله، فرفع رسول الله r يده، فقيل: أحرام هو يا رسول الله؟ قال:(لا، ذلك لم يكن بأرض قومي، فأجدني أعافه)، فاجتره خالد فأكله ورسول الله r ينظر[447].

وعن ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ قال: أهدي لرسول الله r سمن وأقط وضب فأكل من السمن والأقط، قال: (الضب، هذا شئ ما أكلته قط، فمن أراد أن يأكله فليأكله)، قال:( فأكل على خوانه)[448]

وعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال:( أتى رسول الله r بسبعة أضب في جفنة، وقد صب عليها سمن قال:( (كلوا)، ولم يأكل، فقال:( يا رسول الله أنأكل، ولا تأكل؟ قال:(إني أعافها) [449]

وعن امرأة من أزواج رسول الله r قالت: أتى رسول الله r بضب فقال:( (كلوه، لا بأس به، ولكنه ليس من طعام قومي)[450]

وعن ابن عمر ـ رضي الله عنه ـ قال: إن رسول الله r قال ذات يوم: ليت عندنا خبزة بيضاء من برة سمراء ملبقة بسمن فنأكلها، فقام رجل فعملها، ثم جاء بها إلى رسول الله r فقال له النبي r: (فيم كان سمنك؟) قال:( في عكة ضب، فعافه رسول الله r[451].

وعن ميمونة أنها أهدي لها ضب، فأتاها رجلان من قومها، فأمرت به فصنع ثم قربته إليهما، فجاء رسول الله r وهما يأكلان، ثم أخذ ليأكل فلما أخذ اللقمة إلى فيه، قال:( (ما هذا؟) قلت: ضب أهدي لنا، فوضع اللقمة، وأراد الرجلان أن يطرحا ما في أفواههما، فقال رسول الله r: (لا تفعلا، إنكم أهل نجد تأكلونها وأما نحن أهل تهامة نعافها)[452]

وعن ابن عمر ـ رضي الله عنه ـ قال: سئل رسول الله r عن أكل الضب، وهو على المنبر، قال:( (لا آكله ولا أحرمه)[453]

وعن ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ قال: دخلت رسول الله r أنا، وخالد بن الوليد، على ميمونة بنت الحارث فقالت: ألا أطعمكم من هدية أم عتيق؟ فقال: بلى، قال فجئ بضبين مشويين فتبزق رسول الله r، فقال خالد: كأنك تقذره قال:(أجل)[454]

ما أكله:

قلت: حدثتني عن الطعام الذي اشتهاه، وعن الطعام الذي عافه، فحدثني عن الطعام الذي أكله.

قال: ذلك كثير..

قلت: فحدثني.. فلا يحلو الحديث عن الطعام إلا بحضرة الطعام.

قال: من ذلك طعام يسمى الجشيشة[455].. فعن عتبان بن مالك ـ رضي الله عنه ـ قال قلت: يا رسول الله إن بصري قد ساءني ـ وذكر الحديث وفيه: ـ فحبسنا رسول الله r على جشيشة صنعناها له[456].

وعن جابر ـ رضي الله عنه ـ قال:( صنعنا لرسول الله r فخارة فيها دشيشة)[457]

ومنها الحريرة[458] والعصيدة [459].. فعن سلمي ـ مولاة رسول الله r ورضي الله عنها ـ أنها صنعت لرسول الله r حريرة وقربتها إليه فأكل، ومعه ناس من أصحابه، فبقى منها قليل، فمر بالنبي r أعرابي، فدعاه رسول الله r فأخذها الأعرابي كلها بيده فقال له رسول الله r: (ضعها)، ثم قال:( باسم الله، وكل من أدناها فشبع منها، وفضل منها فضلة)[460]

وعن عبد الله بن بسر ـ رضي الله عنه ـ قال:( بعثني أبي إلى رسول الله r أدعوه إلى طعام، فجاء معي، فلما دنوت من المنزل أسرعت فأعلمت أبوي فخرجنا، فتلقيا رسول الله r، ورحبا به ووضع له قطيفة كانت عندنا زبيرية فقعد عليها، ثم قال أبي لأمي: هاتي طعامك، فجاءت بقصعة، فيها دقيق قد عصدته بماء وملح، فوضعته بين يدي رسول الله r فقال:( (خذوا باسم الله من جوانبها، وذروا ذروتها فإن البركة فيها)، فأكل رسول الله r، وأكلنا منه، وفضل منها فضل، ثم قال رسول الله r: (اللهم اغفر لهم، وارحمهم، وبارك عليهم، ووسع عليهم في أرزاقهم)[461]

ومنها الجبن.. فعن ابن عمر ـ رضي الله عنه ـ قال: أتى رسول الله r بجبنة في تبوك من عمل النصارى فقيل: هذا طعام تصنعه المجوس، فدعا بسكين فسمى وقطع [462].

وعن ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله r لما فتح مكة رأى جنبة فقال:( ما هذا؟) فقالوا: طعام يصنع بأرض العجم فقال:( ضعوا فيه السكين وكلوا)[463]

وعنه قال: أتي رسول الله r بجبنة في غزاة تبوك، فقال r: (أنى صنعت هذه؟) قالوا: بفارس، ونحن نرى أنه يجعل فيها ميتة فقال r: (اطعموا ـ وفي لفظ: ضعوا فيها السكين ـ واذكروا اسم الله تعالى، وكلوا)[464]

ومنها خبز الشعير مع الإهالة السنخة.. فعن أنس ـ رضي الله عنه ـ قال:( دعا رسول الله r إلى خبز الشعير وإلى إهالة سنخة)[465]

ومنها الخزيرة[466].. فعن عتبان بن مالك ـ رضي الله عنه ـ قال:( جئت رسول الله r فقلت: إني أنكرت بصري وإن السيل يأتيني فيحول بيني وبين مسجد قومي، ويشق على اجتيازه فإن رأيت أن تأتي فتصلي في بيتي في مكان أتخذه مصلى فأصلي فيه، فقال:( (أفعل)، فغدا علي رسول الله r وأبو بكر بعد ما استمد النهار، فاستأذن، فأذنت له، فلم يجلس حتى قال:( (أين تحب أن تصلي من بيتك)؟ فأشرت له إلى المكان الذي أحب أن يصلي فيه، فقام رسول الله r فكبر، وصففنا خلفة، فصلى لنا ركعتين، ثم احتبسته على خزيرة صنعت لهم.. الحديث [467].

ومنها المن.. فعن أنس ـ رضي الله عنه ـ أن أكيدر دومة أهدى إلى رسول الله r جرة من من، فأعطى أصحابه قطعة قطعة، ثم رجع إلى جابر فأعطاه قطعة أخرى، فقال:( يا رسول الله قد أعطيتني فقال:( (هذه لبنات عبد الله)[468]

ومنها السويق.. فعن سويد بن النعمان الأنصاري ـ رضي الله عنه ـ قال: خرجنا مع رسول الله r إلى خيبر حتى إذا كنا بالصهباء أو بيننا وبينها روحة دعا رسول الله r بالزاد، فلم يؤت إلا بسويق فلاكه r ولكناه معه، ثم مضمض رسول الله r، ومضمضنا معه، ثم صلى المغرب، وصلينا معه، ولم نتوضأ[469].

ومنها التمر بالخبز.. فعن عبد الله بن سلام ـ رضي الله عنه ـ قال: رأيت رسول الله r أخذ كسرة من خبز شعير، ثم أتى بتمرة فوضعها عليها، ثم قال:(هذه إدام هذه)[470]

وعن زيد بن ثابت ـ رضي الله عنه ـ قال: كان رسول الله r يأكل الخبز بالتمر، ويقول: (هذا إدام هذا)[471]

ومنها الكسب والسمسم.. فعن أنس ـ رضي الله عنه ـ قال: عاد رسول الله r سعد ابن معاذ ـ رضي الله عنه ـ على أتان، فأنزله وقرب إليه شيئا من سمسم، وشيئا من تمر، حتى إذا أكل رسول الله r وأراد أن يقوم دعا له [472].

وعنه قال: قال سعد بن عبادة: يا رسول الله أعدل إلى المنزل، فعدل معه، فأتى بتمر وكسب، ثم أتاه بقدح من لبن فشرب منه[473].

ومنها السمن والأقط[474].. فعن ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ قال: أهدي لرسول الله r سمن وأقط وأضب، فأكل من السمن والأقط، ولم يأكل من الأضب تقذرا، ثم قال: (إن هذا الشئ ما أكلته قط، فمن شاء أن يأكله فليأكله)، قال:( وأكل على خوانه)[475]

وعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن النبي r أكل ثور أقط[476] ثم صلى، ولم يتوضأ[477].

قلت: فحدثني عن الفواكه التي أكلها.

قال: منها العنب، وكان يحبه.. فعن النعمان بن بشير ـ رضي الله عنه ـ قال: أهدي لرسول الله r عنب من الطائف فدعاني فقال:(خذ هذا العنقود فأبلغه أمك)، فأكلته قبل أن أبلغه إياها، فلما كان بعد ليال قال لي: (ما فعل العنقود؟ هل أبلغته إلى أمك؟) قلت: لا، فسماني غدر[478].

وعن ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ قال: رأيت رسول الله r يأكل العنب خرطا[479] )[480]

وعن أمية بن زيد العبسي أن رسول الله r كان يحب من الفاكهة العنب والبطيخ[481].

ومنها التين.. فعن أبي ذر ـ رضي الله عنه ـ قال: أهدي لرسول الله r طبق من تين، فقال لأصحابه: (كلوا فلو قلت: إن فاكهة نزلت من الجنة بلا عجم لقلت هي التين، وإنه يذهب بالبواسير ينفع من النفرس)[482]

ومنها الزبيب.. فقد روي أن رسول الله r دخل بيت سعد بن عبادة ـ رضي الله عنه ـ فقرب إليه زبيبا، فأكل رسول الله r فلما فرغ قال:(أكل طعامكم الأبرار، وصلت عليكم الملائكة، وأفطر عندكم الصائمون)[483]

ومنها السفرجل.. فعن ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ قال: جاء جابر بن عبد الله إلى رسول الله r بسفرجلة قدم بها من الطائف فناوله إياها، فقال رسول الله r: (إنه ليذهب بطخاءة الصدر[484]ويجلو الفؤاد[485])[486]

وعن طلحة ـ رضي الله عنه ـ قال: دخلت رسول الله r وبيده سفرجلة، فرماها إلي، وقال لي: (دونكها يا طلحة، فإنها تجلو الفؤاد)، وفي لفظ: (فإنها تشد القلب، وتطيب النفس، وتذهب بطخاءة الصدر)[487]

وعن جابر ـ رضي الله عنه ـ قال: أهديت لرسول الله r سفرجلة من الطائف فأكلها، وقال:(كلوه، فإنه يجلو الفؤاد، ويذهب بطخاءة الصدر)[488]

ومنها الرمان.. فعن ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ أن النبي r أتى برمان يوم عرفة فأكل[489].

ومنها التوت.. فعن البراء بن عازب ـ رضي الله عنه ـ قال:( رأيت رسول الله r يأكل توتا في قصعة)[490]

ومنها الكباث[491].. فعن جابر ـ رضي الله عنه ـ قال: لقد رأيتنا مع رسول الله r بمر الظهران نجني الكباث، وهو ثمر الأراك، وهو يقول: (عليكم بالأسود منه، فإنه أطيب)[492]

ومنها الزنجبيل.. فعن أبي سعيد الخدري ـ رضي الله عنه ـ قال: أهدى ملك الهند إلى رسول الله r هدايا، فكان فيما أهدي له جرة فيها زنجبيل، فأطعم كل إنسان قطعة قطعة، وأطعمني قطعة[493].

ومنها الفستق واللوز.. فعن دحية ـ رضي الله عنه ـ قال: قدمت من الشام وأهديت إلى النبي r فاكهة يابسة من فستق ولوز وكعك فقال:( اللهم ائتني بأحب أهلي يأكل معي)، فطلع العباس ـ رضي الله عنه ـ فقال:( (ادن يا عم) فجلس فأكل[494].

ومنها الجمار.. فعن ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ قال: دخلت على رسول الله r فرأيته يأكل جمار، فقال:( إني لأعرف شجرة تؤتي أكلها كل حين مثل المؤمن).. الحديث[495].

وعن ابن عمر ـ رضي الله عنه ـ قال: كنت جالسا عند رسول الله r وهو يأكل جمار نخل[496].

ومنها، وعلى رأسها التمر، فقد كان رسول الله r يحبه، ويأمر به، ويقول:( بيت لا تمر فيه جياع أهله، وبيت لا خل فيه قفار[497] أهله، وبيت لا صغار فيه لا بركة فيه، وخيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي)[498]

وفي الحديث عن أنس وعائشة ـ رضي الله عنهما ـ أن رسول الله r قال لعائشة ـ رضي الله عنها ـ: (إذا جاء الرطب فهنئيني ـ أو فنبئوني ـ وإذا ذهب فعزوني)[499]

وعن عبد الله بن بسر ـ رضي الله عنه ـ قال: أتانا رسول الله r فألقت له أمي قطيفة فجلس عليها، فأتته بتمر، فجعل يأكل ويقول بالنوى هكذا، يضع النواة على السبابة والوسطى[500])[501]

وعن يوسف بن عبد اللة بن سلام ـ رضي الله عنه ـ قال:( رأيت رسول الله r أخذ كسرة من خبز شعير فوضعها على تمرة، وقال:( هذه إدام هذه)[502]

وعن أنس ـ رضي الله عنه ـ قال: أهدي لرسول الله r تمر، فأخذ يهديه، ثم قال: رأيته يأكل مقعيا من الجوع[503].

وعن علي ـ رضي الله عنه ـ قال:( كان رسول الله r يأكل تمرا، فإذا مر بحشفة أمسكها بيده، فقال له قائل: أعطني هذه التي بقيت، فقال:( إني لست أرضى لكم ما أسخطه لنفسي) [504]

وعن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: كان أحب التمر إلى رسول الله r العجوة[505].

وعن أنس ـ رضي الله عنه ـ قال: أتى رسول الله r بتمر عتيق فجعل يفتشه ويخرج السوس منه[506].

وقد كان رسول الله r يأكله مفردا أو مع البطيخ.. فعن أنس ـ رضي الله عنه ـ قال: بعثتني أمي أم سليم إلى رسول الله r بقناع عليه رطب فجعل يقبض قبضة فيبعث بها إلى بعض أزواجه، ثم جلس، وأكل بقيته أكل رجل يعلم أنه يشتهيه[507].

وعن أم المنذر سلمى بنت قيس الأنصارية ـ رضي الله عنها ـ قالت: دخل علي رسول الله r، ومعه علي ـ رضي الله عنه ـ وعلى ناقه من مرض، ولنا دوال معلقة، فقام رسول الله r يأكل منها، وقام علي ـ رضي الله عنه ـ يأكل منها.. الحديث[508].

وعن أنس ـ رضي الله عنه ـ قال: أهدي لرسول الله r طبق من رطب، فجثى على ركبتيه، فأخذ يناولني قبضة قبضة، ويرسل بها إلى نسائه، فأكلها أكل رجل يعلم أنه يشتهيه، وكان يلقي النوى بشماله، فمرت داجنة، فناولها فأكلت[509].

وعن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: كان رسول الله r يأكل البطيخ بالرطب، ويقول: (يكسر حر هذا برد هذا)[510]

وعن سهل بن سعد ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله r كان يأكل الرطب بالبطيخ [511].

وعن جابر ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله r أكل عندهم رطبا وشرب ماء وقال:(هذا من النعيم الذي تسألون عنه)[512]

وعن أنس ـ رضي الله عنه ـ قال: رأيت رسول الله r يجمع بين البطيخ والرطب[513].

وعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: كان أحب الفاكهة إلى رسول الله r الرطب والبطيخ[514].

وعن أنس ـ رضي الله عنه ـ قال: رأيت رسول الله r يجمع بين الخربز[515] والرطب ويقول: (يكسر حر هذا برد هذا وبرد هذا حر هذا)[516]

وعن أنس ـ رضي الله عنه ـ أن النبي r كان يأكل الرطب بيمينه، والبطيخ بيساره، فيأكل الرطب بالبطيخ، وكان أحب الفاكهة إليه[517].

وعن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: كان أحب الفاكهة إلى رسول الله r الرطب والبطيخ[518].

قلت: أرى أن محمدا يحب الفاكهة؟

قال: أجل.. لقد حدث أبو هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله r كان يؤتى بأول الثمر، فيقول: (اللهم كما أريتنا أوله أرنا آخره)[519] 

وعنه قال: رأيت رسول الله r إذا أتى بباكورة[520] الفاكهة وضعها على عينيه، ثم على شفتيه ثم قال:( اللهم كما أريتنا أوله أرنا آخره)، ثم يعطيه من يكون عنده من الصبيان[521].

وعن ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ قال: كان رسول الله r إذا أتى بالباكورة من الثمار قبلها، ووضعها على عينيه، ثم قال:(اللهم كما أطعمنا أوله فأطعمنا آخره)، ثم يأمر به للمولود من أهله ـ وفي لفظ: أصغر من يحضره من الولدان [522].

وعن ابن شهاب قال: كان رسول الله r إذا أتى بالباكورة قبلها، ووضعها على عينه، أو على عينيه[523].

قلت: فما كان موقفه من الخضراوات وما يلتحق بها؟

قال: لقد ورد في النصوص أكله r لها.. فعن أنس ـ رضي الله عنه ـ قال: كان أحب الطعام إلى رسول الله r البقل[524].

ومن الخضر التي ورد في النصوص أن النبي r أكلها البصل مطبوخا.. فعن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: آخر طعام أكله r كان فيه البصل[525].

وعنها قالت: إن النبي r قد أكل البصل مشويا قبل أن يموت بجمعة[526].

ومنها القلقاس.. فقد روي أن أهل أيلة أهدوا إلى النبي r القلقاس فأكله وأعجبه، وقال:( (ما هذا؟) فقالوا شحمة الأرض، فقال r: (إن شحمة الأرض لطيبة)[527]

ومنها القرع.. فعن أنس ـ رضي الله عنه ـ أن خياطا دعا رسول الله r لطعام صنعه، قال أنس: فذهبت مع رسول الله r إلى ذلك الطعام، فقرب إلى رسول الله r خبزا من شعير، ومرقا فيه دباء وقديد، قال أنس: فرأيت رسول الله r يتتبع الدباء من حول الصحفة[528]، فجعلت أتتبعه، وأضعه بين يديه ولا أطعمه، فلم أزل أحب الدباء من يومئذ[529])[530]

وعن أبي طالوت قال: دخلت على أنس وهو يأكل قرعا، وهو يقول: يا لك من شجرة ما أحبك إلا لحب رسول الله r إياك[531].

وعن أبي حكيم جابر بن مشرق ـ رضي الله عنه ـ قال: دخلت على رسول الله r وعنده الدباء تقطع، فقلت: ما هذا؟ فقال:( نكثر به طعامنا)[532]

وعن أنس ـ رضي الله عنه ـ قال: كان أعجب الطعام إلى رسول الله r الدباء[533].

وعن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: قال رسول الله r: (يا عائشة إذا طبخت فأكثري فيه الدباء فإنه يشد قلب الحزين)[534]

وعن أنس ـ رضي الله عنه ـ قال: إذا كان عندنا دباء آثرنا به رسول الله r[535].

وعنه قال: كان رسول الله r يكثر من أكل الدباء فقال:( (إنه يكثر دهن الدماغ، ويزيد في العقل)[536]

ومنها السلق مطبوخا مع الزيت، والفلفل، والتوابل، ودقيق الشعير.. فعن سهل بن سعد الساعدي ـ رضي الله عنه ـ قال: كنا نفرح بيوم الجمعة، قلنا: لم؟ قال: كانت لنا عجوز ترسل إلى بضاعة فتأخذ من أصول السلق فتطرحه في القدر وتكركر عليه حبات من شعير، والله ما فيه لحم ولا ودك فإذا صلينا الجمعة انصرفنا[537].

وعن أم المنذر ـ رضي الله عنها ـ قالت: دخل علي رسول الله r ومعه علي ـ رضي الله عنه ـ ولنا دوال معلقة فجعل رسول الله r يأكل وعلي يأكل معه، فقال رسول الله r لعلي: (مه يا علي، فإنك ناقه) فجلس علي ـ رضي الله عنه ـ والنبي r يأكل، فجعلت لهم سلقا وشعيرا، فقال النبي r: (يا علي من هذا، فأصب، فإنه أوفق لك)[538]

قلت: فما اللحوم التي أكلها؟

قال: من اللحوم التي ورد أكله لها r لحم الجزور.. فعن جابر ـ رضي الله عنه ـ قال: كان علي ـ رضي الله عنه ـ قدم بهدي لرسول الله r فكان الهدي الذي قدم به r، وعلي ـ رضي الله عنه ـ من اليمن مائة بدنة، فنحر رسول الله r منها ثلاثا وستين، ونحر علي ـ رضي الله عنه ـ سبعا وثلاثين، وأشرك عليا ـ رضي الله عنه ـ في بدنة، ثم أخذ من كل بدنة بضعة فجعلت في در فطبخت، فأكل رسول الله r، وعلي ـ رضي الله عنه ـ من لحمها وشربا من مرقها[539].

ومنها سمك البحر المالح.. فعن جابر ـ رضي الله عنه ـ قال: غزونا جيش الخبط[540]، وأميرنا أبو عبيدة بن الجراح ـ رضي الله عنه ـ فجعنا جوعا شديدا فألقى لنا البحر حوتا ميتا لم نر مثله يقال له العنبر، فقال أبو عبيدة: كلوا منه فأكلنا وأدهنا، وأكلنا منه نصف شهر، فأخذ أبو عبيدة عظما من عظامه فمر الراكب تحته، وكان يجلس النفر الخمسة في موقع عينيه، فلما قدمنا المدينة ذكرنا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم، فقال:(كلو رزقا أخرجه الله تعالى لكم، وأطعمونا، إن كان معكم)، فأتاه بعضهم بشئ فأكله[541].

وعن ابن عمر ـ رضي الله عنه ـ قال:( غزونا فجعنا حتى إنا لنقسم التمر التمرة والتمرتين، فبينا نحن على شط البحر إذ رمى البحر بحوت ميتة، فاقتطع الناس ما شاؤوا من شحم لحم، وهو مثل الظرب فبلغني أن الناس لما قدموا على رسول الله r أخبروه فقال لهم: (معكم منه شئ؟) فقالوا: نعم، فأعطوه منه فأكله[542].

ومنها الجراد.. فعن عبد الله بن أبي أوفى ـ رضي الله عنه ـ قال: غزونا مع رسول الله r سبع غزوات أوست غزوات فكنا نأكل معه الجراد[543].

وعن أنس ـ رضي الله عنه ـ قال: كان أزواج رسول الله r يبعثنني فألتقط لهن الجراد فيقلينه بالزيت ثم يطعمنه رسول الله r [544].

ومنها لحم الفرس.. فعن أسماء بنت أبي بكر ـ رضي الله عنها ـ أنهم نحروا فرسا على عهد رسول الله r قالت: فأكلنا نحن، وأهل بيت رسول الله r [545].

ومنها لحم الدجاج.. فعن أبي موسى ـ رضي الله عنه ـ قال:( رأيت رسول الله r يأكل لحم الدجاج )[546]

وعن ابن عمر ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله r كان إذا أراد أن يأكل دجاجة أمر بها فربطت أياما، ثم يأكلها بعد ذلك[547].

وعنه قال:( كان رسول الله r إذا أراد أن يأكل الدجاج حبسه ثلاثة أيام)[548]

وعن أبي بكر ـ رضي الله عنه ـ قال:( رأيت رسول الله r يأكل لحم الدجاج)[549]

ومنها لحم الحبارى.. فعن سفينة مولى رسول الله r قال:( أكلنا مع رسول الله r لحم حبارى)[550]

وعن أنس ـ رضي الله عنه ـ قال: بعثتني أمي أم سليم إلى رسول الله r بطير مشوي، ومعه أربعة أرغفة، فأتيته به فقال:( (يا أنس، ادع لنا من يأكل معنا من هذا الطير)، فذكر الحديث[551].

ومنها لحم الأرنب.. فعن أنس ـ رضي الله عنه ـ قال: نفجنا أرنبا بمر الظهران فسعى القوم فلغبوا، فأدركتها فأخذتها، فأتيت بها أبا طلحة فذبحها بمروة وشويتها فبعث معي أبو طلحة بعجزها ـ وفي لفظ بوركها، وفي لفظ بفخذها ـ إلى رسول الله r فقبلها)[552]

وعن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: أهدي لرسول الله r أرنب وأنا نائمة، فخبأ لي منها العجز، فلما قمت أطعمني[553].

وعن ابن عمر ـ رضي الله عنه ـ أن رجلا جاء إلى رسول الله r بأرنب، وأنا جالس، فلم يأكلها، ولم ينه عنها، وذكر أنها تحيض[554].

وعن خزيمة بن جزء ـ رضي الله عنه ـ أنه قال: يا رسول الله ما تقول في الأرنب؟ قال:( (لا آكله، ولا أحرمه)، قلت: فإني آكل ما لم تحرم، قلت: ولم يا رسول الله؟قال: (إن لها دما)[555]

ومنها لحم الحجل.. فعن أنس ـ رضي الله عنه ـ قال: أهدى إلى رسول الله r حجل مشوي فقال:( اللهم ائتني بأحب خلقك إليك يأكل معي هذا الطير)، فجاء علي ـ رضي الله عنه ـ فأكل منه[556].

ومنها لحم شاة الأروي [557].. فعن حازم ـ رضي الله عنه ـ قال: أتيت رسول الله r بصيد صدته: شاة من الأروي فأهديتها إليه فقبلها رسول الله  r وأكل منها وكساني عمامة عدنية، وقال لي: (ما اسمك؟) قلت: حازم، قال:( (لست بحازم، ولكنك مطعم)[558]

ومنها لحم حمار الوحش.. فعن أبي قتادة ـ رضي الله عنه ـ قال: كنت جالسا مع رجال من أصحاب رسول الله r في منزل بطريق مكة ورسول الله r نازل أمامنا، والقوم محرمون، وأنا غير محرم، فأبصروا حمارا وحشيا، وأنا مشغول أخصف نعلي، فلم يؤذنوني به، وأحبوا لو أني أبصرته، فالتفت فأبصرته، فقمت إلى الفرس، فأسرجته: ثم ركبت ونسيت السوط والرمح، فقلت لهم: ناولوني السوط والرمح، فقالوا لا والله لا نعينك عليه بشئ، فغضبت، فنزلت، فأخذتهما، ثم ركبت وشددت على الحمار فعقرته، ثم جئت به وقد مات، فوقعوا فيه يأكلونه، ثم إنهم شكوا في أكلهم إياه وهو حرم فرحنا، وخبأت العضد معي لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فأدركنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسألناه عن ذلك فقال:( (معكم شئ؟) قلت: نعم، فناولته العضد، فأكلها حتى نفذها وهو محرم[559].

قلت: هذه الحيوانات التي أكلها.. فما الصفة التي أكلها عليها؟

قال: أكلها مطبوخة ومشوية وقديدا.. وقد حدثتك عن أكله r لها مطبوخة.. أما ما ورد من أكلها لها قديدا[560] .. فعن أنس بن مالك ـ رضي الله عنه ـ أن خياطا دعا رسول الله r لطعام صنعه، فذهبت مع رسول الله r، فقرب إليه خبزا من شعير، ومرقا فيه دباء وقديد[561].

وعن عبد الرحمن بن عابس عن أبيه قال: سألت عائشة ـ رضي الله عنها ـ عن لحوم الأضاحي، قالت: كنا نخبئ الكراع لرسول الله r شهرا ثم يأكله[562].

وعنها قالت: لقد كنا نرفع الكراع فيأكله رسول الله r بعد خمسة عشر يوما من الأضاحي [563].

وعن جابر ـ رضي الله عنه ـ قال: أكلنا القديد مع رسول الله r [564].

وعن رجل قال:( ذبحت للنبي r شاة ونحن مسافرون، فقال:( (أصلح لحمها، فلم أزل أطعمه منه إلى المدينة)[565]

ومنها أكله لها مشوية.. فعن الحارث بن جزء الزبيدي ـ رضي الله عنه ـ قال:( أكلنا مع رسول الله r في المسجد لحما قد شوي، فمسحنا أيدينا بالحصباء، ثم قمنا نصلي ولم نتوضأ[566].

وعن جابر ـ رضي الله عنه ـ قال: أمر أبي بحريرة فصنعت، ثم أمرني فأتيت بها رسول الله r، قال: فأتيته وهو في المسجد، فقال لي: (ماذا معك يا جابر؟ ألحم ذا؟) قلت: لا، فأتيت أبي، فقال:( هل رأيت رسول الله r؟ قلت: نعم، قال لي: يا جابر ألحم ذا؟ قال:( لعل رسول الله r أن يكون اشتهى اللحم، قال:( فأمر بشاة لنا داجن[567] فذبحت، ثم أمر بها فشويت، ثم أمرني، فأتيت بها رسول الله r، فقال لي: (ماذا معك يا جابر؟) فأخبرته، فقال:( جزى الله تعالى الأنصار عنا خيرا، ولا سيما عبد الله بن عمرو بن حرام، وسعد بن عبادة رضي الله تعالى عنهما)[568]

وعن أبي رافع ـ رضي الله عنه ـ قال:( أشهد لكنت أشوي لرسول الله r بطن الشاة، ثم صلى ولم يتوضأ)[569]

وعن أم سلمة ـ رضي الله عنها ـ أنها قربت لرسول الله r جنبا[570] مشويا فأكل منه، ثم قام إلى الصلاة وما توضأ[571].

ما شربه:

قلت: حدثتني عن الطعام الذي أكله.. فحدثني عن أصناف الشراب التي شربها.

قال: أول ذلك الماء العذب، فقد كان r يحبه.. فعن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: كان رسول الله r يستسقى له الماء العذاب من بئر أو بيوت السقيا[572].

وعن جعفر بن محمد ـ رضي الله عنه ـ قال: كان رسول الله r يستعذب له من بئر عرس، ومنها غسل[573].

وعن سلمى امرأة أبي رافع ـ رضي الله عنها ـ قالت: كان أبو أيوب حين نزل عنده رسول الله r يستعذب له الماء من بئر مالك بن النضر والدأنس، ثم كان أنس وهند وجارية أبناء أسماء يحملون الماء إلى بيوت نسائه من بيوت السقيا، وكان رباح الأسود مولاه يستسقي له من بئر غرس مرة وبيوت السقيا مرة[574].

وعن الهيثم بن نصر بن رهم الأسلمي ـ رضي الله عنه ـ قال: خدمت رسول الله r، ولزمت بابه في قوم محاويج، فكنت آتيه بالماء من جاسم بئر أبي الهيثم بن التيهان، وكان ماؤها طيبا[575].

عن جابر ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله r دخل حائطا من الأنصار، ومعه رجل من أصحابه، وهو يحول الماء في حائطه فقال:(إن كان عندك ماء بات وإلا كرعنا)، قال:( عندي ماء بات في شن فانطلق إلى العريش فصب منه في قدح، وحلب عليه داجنا - يعني شاة - فسقى رسول الله r،  ثم عاد إلى العريش، ففعل مثل ذلك فسقى صاحبه[576].

ومن ذلك اللبن الخالص، وكان r يحب شربه.. فعن ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ قال: كان أحب الشراب إلى رسول الله r اللبن[577].

وعن أم الفضل بنت الحارث ـ رضي الله عنها ـ أن ناسا تماروا عندها يوم عرفة في رسول الله r فقال بعضهم: هو صائم، وقال بعضهم: ليس بصائم، فأرسلت إليه أم الفضل بقدح لبن، وهو واقف على بعيره، فشرب بعرفة[578].

وعن البراء ـ رضي الله عنه ـ قال: قدم النبي r من مكة، وأبو بكر معه، قال أبو بكر: مررنا براعي غنم، وقد عطش رسول الله r، قال أبو بكر: فحلبت كثبة[579] من لبن في قدح، فشرب حتى رضيت[580].

وعن ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله r شرب لبنا فمضمض، وقال:( (إن له دسما) [581]

ومن ذلك شربه اللبن المشوب بالماء.. فعن أنس ـ رضي الله عنه ـ أنه رأى رسول الله r يشرب لبنا، وأتى دارنا، فحلبت شاة، فشبت لرسول الله r من البئر، فتناول القدح فشرب، وعن يساره أبي بكر، وعن يمينه أعرابي، فقال عمر ـ وخاف أن يعطيه الأعرابي ـ: أعط أبا بكر ـ وفي رواية: هذا أبو بكر ـ فأعطى الأعرابي فضله، ثم قال:( الأيمن فالأيمن)[582]

وعن أبي الهيثم بن نصر أن رسول الله r دخل في يوم صائف، ومعه أبو بكر على أبي الهيثم، فقال:(هل من ماء بارد؟) فأتاه بشجب[583] ماء كأنه الثلج، فصب منه على لبن عنز له وسقاه[584].

ومن ذلك شربه النبيذ.. فعن أم سليم ـ رضي الله عنها ـ قالت: كنت أنبذ في جرار خضر، فيجئ رسول الله r فيشرب منها[585].

وعن عائشة ـ رضي الله عنها ـ أنها كانت تنبذ لرسول الله r في تور[586] من الحجارة[587].

وعن أبي الدرداء، وجابر ـ رضي الله عنهما ـ أن رسول الله r كان ينبذ له في سقاء، فإذا لم يجد سقاء ينبذ له في تور من الحجارة ـ وفي لفظ برام[588]ـ)[589]

وعن ابن مالك الأشجعي ـ رضي الله عنه ـ قال: كان ينبذ لرسول الله r في تور من الحجارة[590]، ومثله عن جابر ـ رضي الله عنه ـ فقد ذكر أن رسول الله r كان ينبذ له في تور من حجارة[591].

وعن عمير بن مسلم قال: أهديت لرسول الله r جرة خضراء فيها كافور، فقسمها بين المهاجرين والأنصار وقال:( يا أم سليم انتبذي لنا فيها)[592]

وعن سهل بن سعد ـ رضي الله عنه ـ قال: أتى أبو أسيد الساعدي فدعا رسول الله r في عرسه فكانت امرأته خادمتهم، وهي العروسة، فقالت: أتدرون ما سقيت رسول الله r؟ ألقيت له تمرات من الليل في تور من حجارة[593].

وعن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: كنا ننبذ لرسول الله r في سقاء يوكى عليه، فنأخذ قبضة من زبيت، أو قبضة من تمر، فنظرحها في السقاء، ثم نصب عليها الماء ليلا، فيشرب نهارا، أو نهارا فيشربه ليلا، وزاد أبو داود: فإن فضل مما شرب على عشائه مما انتبذنا له بكرة سقاه أحدنا، ثم ننبذ له بالليل، فيشربه على غذائه، قال:( وكنا نغسل السقاء غدوة وعشية مرتين في يوم)[594]

وعن ثمامة بن حزن أنه سأل عائشة ـ رضي الله عنها ـ عن النبيذ، فدعت جارية حبشية فقالت: سل هذه، فإنها كانت تنبذ لرسول الله r،  فقالت الحبشية: كنت أنبذ لرسول الله r في سقاة من الليل فأوكيه وأعلقه فإذا أصبح منه شرب منه[595].

وعن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: كنا ننبذ لرسول الله r غدوة ويشربه عشية، وننبذ له عشية ويشربه غدوة[596].

وعن المطلب بن أبي وداعة أن النبي r أتى بإناء نبيذ فصب عليه الماء حتى تدفق، ثم شرب منه[597].

وعن ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ قال: كان رسول الله r لا يشرب نبيذا فوق ثلاث[598].

وعن الفضل بن عباس قال: كان ينبذ للنبي r فيشربه الغد، وليلة الغد، وليلة اليوم الثالث ثم يمسك[599].

ومن ذلك شربه العسل.. فعن عائشة ـ رضي الله عنها ـ أن النبي r كان يمكث عند زبيب بنت حجش، فيشرب عندها عسلا[600].

وعن أنس ـ رضي الله عنه ـ قال: سقيت رسول الله r في هذه القدح الشراب كله: العسل واللبن والماء المخلوط بالعسل[601].

وعن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: أتى رسول الله r بقدح فيه لبن وعسل فقال:( شربتين في شربة، في قدح، لا حاجة لي به، أما أني لا أزعم أنه حرام، أكره أن يسألني ربي عن فضول الدنيا، أتواضع لله فمن تواضع لله رفعه الله، ومن تكبر وضعه الله، ومن اقتصد أغناه الله، ومن ذكر الموت أحبه الله)[602]

وعنها قالت: كان أحب الشراب إلى رسول الله r الحلو البارد[603].

هيئة شربه:

قلت: حدثتني عن شرابه.. فحدثني كيف كان يشرب؟

قال: شرب رسول الله r قاعدا وقائما.. فعن ميسرة قال: رأيت عليا ـ رضي الله عنه ـ يشرب قائما، فقلت له: تشرب قائما؟ قال: إن أشرب قائما فقد رأيت رسول الله r يشرب قائما، وإن أشرب قاعدا فقد رأيت رسول الله r يشرب قاعدا[604].

وعن عبد الله بن عمر ـ رضي الله عنه ـ قال: لقد رأيت رسول الله r يشرب قائما وقاعدا[605].

وعن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: كان رسول الله r يشرب قائما وقاعدا[606].

وعن ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ قال: سقيت رسول الله r من ماء زمزم فشرب وهو قائم[607].

وعن أنس ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله r كان يشرب قائما[608].

وعن جمع من الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ أن رسول الله r شرب قائما[609].

قلت: فما تقول في النصوص التي ورد النهي فيها عن الشرب قائما؟

قال: لقد صحت النصوص الواردة بذلك، فعن أنس ـ رضي الله عنه ـ قال: نهى رسول الله r عن الشرب قائما[610].

وعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: أتى رسول الله r برجل يشرب قائما، قال:( (قئ)، قال: لم؟ قال:( أتحب أن يشرب معك الهر؟) قال: لا، قال:(قد شرب معك شر منه الشيطان)[611]

وعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله r: (لو يعلم الذي يشرب قائما ما يجعل في بطنه لاستقاء)[612]

قال: الأصل في شربه r هو شربه قاعدا.. وهو ما دل عليه الحديث القولي..

قلت: فعلام تحمل الأحاديث التي وصفت فعله؟

قال: يحتمل ذلك وجوها: منها أنه شرب قائما للضرورة.. ومنها أنه شرب قائما للترخيص في ذلك، ورفع الحرج على من فعله.

لقد قال بعضهم في ذلك:

إذا رمت تشرب فاقعد تقر = بسنة صفوة أهل الحجاز

وقد صححوا شربه قائما = ولكنه لبيان الجواز

وقال ابن القيم في الهدي: (من هديه r الشرب قاعدا، كان هديه المعتاد، وصح عنه أنه نهى عن الشرب قائما، وصح عنه أنه شرب قائما، فقلت طائفة: لا تعارض بينهما أصلا، فإنما شرب قائما للحاجة فإنه جاء إلى زمزم، وهم يستقون منها، فاستقى فناوله الدلو فشرب وهو قائم، وهذا كان موضع الحاجة)

قلت: فكيف كان شربه إن كان في جماعة؟

قال: لقد كان رسول الله r أعظم الناس أدبا.. وقد سن لنا آدابا في هذا:

منها البدء بالميامن، فعن أنس ـ رضي الله عنه ـ أنه حلبت لرسول الله r شاة داجنا، وهو في دار أنس بن مالك، ثم شاب لبنها بماء من البئر التي في دار أنس، فأعطى النبي r يشرب منه، وعلى يساره أبو بكر، وعلى يمينه أعرابي، فجاء عمر ـ رضي الله عنه ـ وخاف أن يعطيه رسول الله r الأعرابي، فقال:أعط أبا بكر يا رسول الله، فأعطاه رسول الله r الأعرابي الذي على يمينه، ثم قال رسول الله r: (الأيمن فالأيمن)[613]

وعنه قال: أتانا رسول الله r في دارنا هذه، فحلبنا له شاة ثم شبته من ماء بئرنا هذه، فأعطيته، وأبو بكر عن يساره، وعمر تجاهه وأعرابي عن يمينه، فلما فرغ قال عمر: هذا أبو بكر، فأعطى الأعرابي، وقال:( الأيمنون الأيمنون)، قال أنس: فهي سنة[614].

وعن ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ قال: دخلت مع رسول الله r أنا وخالد بن الوليد على ميمونة، فجاءتنا بإناء من لبن، قالت: ألا أسقيكم من لبن أهدته لنا أم عقيق؟ قال: بلى، فجئ بإناء من لبن، فشرب رسول الله r، وأنا عن يمينه، وخالد عن شماله، فقال:(المشربة لك، فإن شئت آثرت بها خالدا)، فقلت: ما كنت لأوثر بسؤرك أحدا، ثم قال رسول الله r:(من أطعمه الله طعاما، فليقل: (اللهم بارك لنا فيه، وزدنا منه)، فإني لا أعلم شيئا يجزئ عن الطعام والشرب غيره)[615]

وعن محمد بن إسماعيل قال: قيل لعبد الله بن أبي حبيبة: ما أدركت من رسول الله r؟ قال: جاءنا رسول الله r في مسجدنا بقباء، وأنا غلام، حتى جلست عن يمينه، وجلس أبو بكر عن يساره، ثم دعا بشراب فشرب منه، ثم أعطانيه، وأنا عن يمينه، فشربت منه، ثم قام فصلى فرأيته يصلى في نعليه[616].

ومنها البدء بالأكابر، فعن ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ قال: كان رسول الله r إذا سقى قال:(ابدؤوا بالكبرى ـ أو قال بالأكابر ـ )[617]

وعن أبي أمامة ـ رضي الله عنه ـ قال: بينا رسول الله r ومعه أبو بكر وعمر وأبو عبيدة في نفر الصحابة إذ أتى بقدح فيه شراب، فناوله رسول الله r أبا عبيدة، فقال أبو عبيدة: أنت أولى به يا نبي الله، قال: خذ، فأخذ أبو عبيدة القدح قال له قبل أن يشرب: خذ يا رسول الله، قال رسول الله r: (اشرب، فإن البركة مع أكابرنا، فمن لم يرحم صغيرنا، ويجل كبيرنا فليس منا)[618]

وعن سهل بن سعد ـ رضي الله عنه ـ قال: جلس رسول الله r في سقيفته التي عند المسجد، قال سهل: فاستسقاني، فقدمت له وطبة فشرب، ثم قال:( كانت الأولى أطيب من الأخرى)، فقلت: يا رسول الله هما من شن واحد، ثم نادى أبا بكر فشرب، وعمر عن يمينه[619].

ومنها أمره r بالبداءة بمن انتهى إليه القدح، فعن عبد الله بن بسر ـ رضي الله عنه ـ قال: أتانا رسول الله r فقدمت إليه عذق تمر نعله به، وطبخت له، وسقيناهم، فشرب رسول الله r، وسقى الذي عن يمينه، ثم أخذت القدح حين نفذ ما فيه فجئت بقدح آخر، وكنت أنا الخاتم، فقال رسول الله r: (أعط القدح الذي انتهى)[620]

ومنها شربه r بعد أصحابه إذا سقاهم، فعن عبد الله بن أبي أوفى ـ رضي الله عنه ـ قال: أصاب رسول الله r وأصحابه عطش، فنزلنا منزلا، فأتي بإناء، فجعل رسول الله r يسقى أصحابه، وجعلوا يقولون: اشرب، فيقول r: (ساقي القوم آخرهم شربا) حتى سقاهم كلهم[621].

وعن أنس ـ رضي الله عنه ـ قال: كان رسول الله r يسقي أصحابه، قالوا: يا رسول الله لو شربت، فقال:(ساقي القوم آخرهم)[622]

وعن أبي بكر ـ رضي الله عنه ـ قال: نزل رسول الله r منزلا فبعث إليه امرأة مع ابن لها شاة، فحلب، ثم قال:(انطلق به إلى أمك)، فشربت حتى رويت، ثم جاء بشاة أخرى، فحلب ثم سقي أبا بكر، ثم جاءه بشاة أخرى، فحلب، ثم شرب[623].

هيئة أكله:

قلت: حدثتني عن هيئة شربه، فحدثني عن هيئة أكله.

قال: كان رسول الله r من أعظم الناس تواضعا.. فعن عبد الله بن بسر ـ رضي الله عنه ـ أنه أهدى لرسول الله r شاة، والطعام يومئذ قليل، فقال لأهله: (اطبخوا هذه الشاة، وانظروا إلى هذا الدقيق فاخبزوه، واطبخوا وأثردوا عليه)، قال: وكانت للنبي r قصعة يقال لها الغراء، يحملها أربعة رجال، فلما أصبح وسبحوا سبحة الضحى أتي بتلك القصعة، والتقوا عليها فإذا أكثر الناس حتى رسول الله r، فقال أعرابي ما هذه الجلسة؟ فقال رسول الله r: (إن الله تعالى جعلني عبدا كريما، ولم يجعلني جبارا عنيدا)، ثم قال رسول الله r:(كلوا من جوانبها، ودعوا ذروتها يبارك لكم فيها)، ثم قال:( (خذوا فكلوا فوالذي نفسي بيده لتفتحن عليكم أرض فارس والروم حتى يكثر الطعام فلا يذكر عليه اسم الله تعالى)[624]

وكان من تواضعه أنه لم يكن يأكل متكئا[625].. فعن أبي جحيفة ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله r قال لرجل عنده: (لا آكل متكئا)، أو قال:( (وأنا متكئ)[626]

وعن ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ أن الله تبارك وتعالى أنزل إلى نبيه r ملكا من الملائكة ومعه جبريل فقال الملك: إن الله تعالى يخيرك بين أن تكون عبدا نبيا، وبين أن تكون ملكا، فالتفت رسول الله r إلى جبريل عليه السلام كالمستشير فأشار جبريل بيده أن تواضع، فقال رسول الله r: (لا بل أكون عبدا نبيا)، فما أكل بعد تلك الكلمة طعاما متكئا[627].

وعن عبد الله بن عبيد قال: أتى رسول الله r بطعام فقالت عائشة ـ رضي الله عنها ـ: يا نبي الله لو أكلت وأنت متكئ كان أهون عليك، فأصغى بجبهته إلى الأرض حتى كاد يمس بها الأرض، وقال:( (بل آكل كما يأكل العبد وأنا جالس كما يجلس العبد، فإنما أنا عبد) قال: وكان رسول الله r يحتفز[628])[629]

وعن عطاء بن يسار أن جبريل u أتى النبي r وهو بأعلى مكة يأكل متكئا فقال له: يا محمد أأكل الملوك؟ فجلس رسول الله r [630].

وعن عبد الله بن عمرو قال:( ما رؤي رسول الله r يأكل متكئا)[631]

قلت: لقد سمعت بأنه أكل متكئا في بعض المواقف.

قال: ذلك مثله شربه قائما.. فهو للضرورة، أو لرفع الحرج.. ومما روي في أكله متكئا ما حدث به خباب ـ رضي الله عنه ـ قال:( رأيت رسول الله r يأكل قديدا في طبق متكئا، ثم قام إلى فخارة فيها ماء فشرب)[632]

وعن عبد الله بن سعد عن أبيه ـ رضي الله عنه ـ قال:( كنت دليل رسول الله r فرأيته يأكل متكئا)[633]

وعن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما قال:( كان رسول الله r إذا لقم أول لقمة قال:( يا واسع المغفرة)[634]

وعن أنس ـ رضي الله عنه ـ قال:( أتى رسول الله r بتمر هدية فجعل يقسمه، وهو محتفز يأكل منه أكلا ذريعا[635])[636]

وعن مصعب بن سليم عن أنس ـ رضي الله عنه ـ قال:( أتى رسول الله r بتمر فرأيته يأكل متكئا)[637]

ومثل ذلك ما روي من أكله ماشيا.. فعن ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله r دخل حائطا لبعض الأنصار، فجعل يأكل الرطب فيأكل وهو يمشي وأنا معه[638].

وعن عائشة ـ رضي الله عنها ـ أن رسول الله r كان يأكل قائما وقاعدا وينصرف عن يمينه وشماله[639].

قلت: فما كانت آدابه في الأكل غير ما ذكرت؟

قال: كان r يبدأ بغسل يديه وفمه قبل الأكل، ويفعل ذلك بعد انتهائه منه، ويأمر به.. فعن عائشة ـ رضي الله عنها ـ أن رسول الله r كان إذا أراد يأكل غسل يديه[640].

وعن سلمان ـ رضي الله عنه ـ قال:( قرأت في التوراة أن بركة الطعام الوضوء قبله، فذكرت ذلك للنبي r فقال:(بركة الطعام بالوضوء قبله والوضوء بعده)[641]

وعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: دعا رجل من الأنصار من أهل قباء رسول الله r فانطلقنا معه فلما طعم غسل يده أو قال يديه [642].

وعن عكراش بن ذؤيب ـ رضي الله عنه ـ أنه أكل مع رسول الله r ثريدا كثير الودك ثم أكل عقبه تمرا، قال: ثم أتينا بماء فغسل رسول الله r يديه ثم مسح ببل كفيه ووجهه وذراعيه ورأسه [643].

وعن أنس ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله r قال: (من أحب أن يكثر خير بيته فليتوضأ[644] إذا حضر غذاؤه، وإذا رفع)[645] 

وعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال:( أكل رسول الله r كتف شاة فمضمض وغسل يديه)[646]

وكان r يسمي الله عند إرادته الأكل، وكان يتشدد في ذلك، بل كان يقبض يد من لم يسم عند الأكل.. فعن رجل خدم رسول الله r قال:( كان رسول الله r إذا قرب إليه طعامه قال:(باسم الله)[647]

وعن أنس بن مالك ـ رضي الله عنه ـ قال:( رأيت رسول الله r وهو يأكل طعاما، يسمى عند ثلاث لقم، عند كل لقمة مرة، ثم يمضي فيه حتى يأتي عليه)[648]

وعن عائشة ـ رضي الله عنها ـ أن رسول الله r كان يأكل الطعام في ستة نفر من أصحابه فجاء أعرابي فأكله بلقمتين، فقال رسول الله r: (أما أنه لو سمى لكفاكم، فإذا أكل أحدكم فليذكر اسم الله، فإن نسي أن يذكر اسم الله فليقل: باسم الله أوله وآخره)[649]

وعن أبي رمثة وحبشي بن حرب ـ رضي الله عنه ـ أن أصحاب رسول الله r قالوا: يا رسول الله إنا نأكل ولا نشبع، قال:( (لعلكم تتفرقون)، قالوا: نعم، قال:( اجتمعوا على طعامكم، واذكروا اسم الله تبارك وتعالى يبارك لكم فيه)[650]

وعن حذيفة ـ رضي الله عنه ـ قال: كنا إذا حضرنا مع رسول الله r طعاما لم يضع أحد منا يده حتى يبدأ رسول الله r فيضع يده، ولقد حضرنا معه مرة طعاما فجاءت جارية كأنها تدفع فذهبت لتضع يدها في الطعام، فأخد رسول الله r يدها ثم جاء أعرابي كأنما يدفع فذهب ليضع يده في الطعام فأخذ بيده، فقال رسول الله r: (إن الشيطان يستحل الطعام الذي لا يذكر اسم الله عليه، وإنه جاء بهذه يستحل بها، فأخذت بيدها، فجاء هذا الأعرابي يستحل بفأخذت بيده، والذي نفسي بيده إن يده في يدي مع أيديهما)[651]

وكان يأكل بيمينه، ويتشدد في ذلك، فعن حفصة ـ رضي الله عنها ـ قالت: كانت يمين رسول الله r لأكله وشربه ووضوئه وثيابه وأخذه وعطائه، وكان يجعل شماله لما سوى ذلك[652].

وعن ابن عمر ـ رضي الله عنه ـ قال:( إذا أكل أحدكم فليأكل بيمينه، وإذا شرب فليشرب بيمينه، فإن الشيطان يأكل بشماله ويشرب بشماله)[653]

وعن جابر ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله r نهى أن يأكل الرجل بشماله، أو يمشي في نعل واحدة، أو يشتمل بالعمامة أو يحتبي في ثوب واحد كاشفا عن فرجه[654].

وعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله r:(ليأكل أحدكم بيمينه، وليشرب بيمينه، وليأخذ بيمينه، وليعط بيمينه فإن الشيطان يأكل بشماله، ويشرب بشماله، ويأخذ بشماله، ويعطي بشماله)[655]

وعن امرأة قالت: دخل علي رسول الله r وأنا آكل بشمالي، وكنت امرأة عسراء فضرب يدي، فسقطت اللقمة فقال:( لا تأكلي بشمالك، قد أطلق الله عز وجل لك يمينك، فتحول شمالي يمينا، فما أكلت بها بعد)[656]

وعن سلمة بن الأكوع ـ رضي الله عنه ـ أن رجلا يسمى بسر بن راعي العير أكل عند رسول الله r بشماله فقال:( كل بيمينك) قال:(لا أستطيع قال:(لا استطعت) - ما منعه إلا الكبر - فما رفعها إلى فيه[657].

وعن حمزة بن عمر الأسلمي ـ رضي الله عنه ـ قال:( أكلت مع رسول الله r طعاما فقال:(كل بيمينك، وكل مما يليك، واذكر اسم الله)[658]

وكان r يقتصر في أكثر الأحوال على الأكل بثلاث أصابع، وكان يلعقهن إذا فرغ، ويأمر بلعق الصفحة.. فعن عامر بن ربيعة ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله r كان يأكل بثلاث أصابع، ويلعقهن إذا فرغ[659].

وعن كعب بن عجرة ـ رضي الله عنه ـ قال:( رأيت رسول الله r يأكل بأصابعه الثلاث، بالإبهام والتي تليها والوسطى، ثم رأيته يلعق أصابعه الثلاث حين أراد أن يمسحها، قبل أن يمسحها، ويلعق الوسطى، ثم التي تليها، ثم الإبهام)[660]

وعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال:( كان رسول الله r إذا أكل لعق أصابعه، وقال:( آه لعق الأصابع بركة)[661]

وعن كعب بن مالك ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله r كان يأكل بثلاث أصابع، فإذا فرغ لعقها ـ وفي لفظ: ولا يمسح يده حتى يلعقها ـ)[662]

وعن عروة بن الزبير أن النبي r كان إذا أكل طعاما لعق أصابعه الثلاث: الإبهام واللتين تليها[663].

وعن ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله r قال:(إذا أكل أحدكم طعاما فلا يمسح أصابعه حتى يلعقها أو يلعقها)[664]

وعن ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله r أمر بلعق الصحفة[665].

وعن كعب بن عجرة ـ رضي الله عنه ـ قال:( رأيت رسول الله r يأكل بثلاث أصابع ـ الإبهام، والتي تليها، والوسطي ـ )[666]

وعن عبد الله بن عامر قال:( كان رسول الله r إذا أكل أكل بثلاث أصابع، ويستعين بالرابعة)[667]

وعن أنس ـ رضي الله عنه ـ قال:( كان رسول الله r إذا أكل طعاما لعق أصابعه الثلاث، وقال:( (إذا وقعت لقمة أحدكم فليمط عنها الأذى، وليأكلها ولا يدعها للشيطان)، وأمر بسلت القصعة وقال:( إنكم لا تدرون في أي طعامكم البركة)[668]

وعن عائشة ـ رضي الله عنها ـ أن النبي r كان إذا أكل الطعام والإدام أكل بثلاث أصابع[669].

وكان r يأكل مما يليه إذا كان جنسا واحدا، وينهى عن الأكل من وسط القصعة.. فعن عمرو بن أبي سلمة ـ رضي الله عنه ـ قال:( كنت غلاما في حجر رسول الله r، وكانت يدي تطيش في الصحفة فقال لي رسول الله r: (يا غلام سم اسم الله تعالى، وكل بيمينك، وكل مما يليك)، فما زالت تلك طعمتي[670].

وعن عبد الله بن عكراش بن ذؤيب عن أبيه ـ رضي الله عنه ـ قال:( أخذ بيدي رسول الله r فانطلق إلى بيت أم سلمة ـ رضي الله عنها ـ فقال:( (هل من طعام) فأوتينا بجفنة كثيرة الثريد والودك فأكلنا منها، فخبطت بيدي في نواحيها، وأكل رسول الله r من بين يديه، فقبض بيده اليسرى على يدي اليمنى، ثم قال:( (يا عكراش كل من موضع واحد فإنه طعام واحد) فأوتينا بطبق فيه ألوان التمر أو الرطب - شك عبد الله - فجعلت آكل من بين يدي، وجالت يد رسول الله r في الطبق، فقال:(يا عكراش كل من حيث شئت، فإنه غير لون واحد)[671]

وعن الحكم الغفاري ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله r كان إذا وضع يده في القصعة أو في الإناء لم تجاوز أصابعه موضع كفه[672].

وعن عائشة ـ رضي الله عنها ـ أن رسول الله r كان إذا أكل الطعام لا تعدو يده ما بين عينيه إلى ما بين يديه، فإذا أتى بتمر جالت يده[673].

وعن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: كان رسول الله r يأكل الطعام مما يليه، فإذا جئ بالتمر جالت يده[674].

وعن سلمي ـ رضي الله عنها ـ قالت: كان رسول الله r يكره أن يأخذ من رأس الطعام[675].

وكان r يمسح يديه بالحصباء بعد فراغه من الطعام.. فعن جابر ـ رضي الله عنه ـ أنه سئل عن الوضوء مما مست النار قال:( كنا في زمن النبي r وقليلا ما نجد الطعام، فإذا وجدناه لم يكن لنا مناديل إلا أكفنا وسواعدنا وأقدامنا، ثم نصلي ولا نتوضأ)[676]

وكان r يحمد الله بعد انتهائه من طعامه.. فعن أبي سعيد الخدري ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله r كان إذا فرغ من طعامه ـ وفي لفظ: إذا أكل أو شرب ـ قال:( الحمد لله الذي أطعمنا وأسقانا، وجعلنا مسلمين)[677].

وعن أبي أيوب ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله r كان إذا أكل أو شرب قال:(الحمد لله الذي أطعم، وسقى وسوغه وجعل له مخرجا)[678]

وعن أبي أمامة ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله r كان إذا رفع مائدته قال:(الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه)، وفي رواية: (الحمد لله الذي كفانا وآوانا غير مكفي، ولا مودع، ولا مستغنى عنه ربنا)[679]

وعن رجل خدم رسول الله r أن رسول الله r كان إذا فرغ من طعامه قال:( (اللهم أطعمت وأسقيت وأغنيت وأقنيت وهديت وأحييت، فلك الحمد على ما أعطيت)[680].

وعن عبد الرحمن بن عوف ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله r كان إذا فرغ من طعامه قال:( الحمد لله الذي أطعمنا وسقانا، الحمد لله الذي كفانا وآوانا، الحمد لله الذي أنعم علينا وأفضل، أسألك برحمتك أن تجيرنا من النار)[681]

وعن الحارث بن الحارث ـ رضي الله عنه ـ قال:( سمعت رسول الله r يقول عند فراغه من طعامه: (اللهم لك الحمد، أطعمت وسقيت، وأرويت، لك الحمد غير مكفور، ولا مودع، ولا مستغنى عنك ربنا)[682]

وعن أبي سلمة ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله r كان يقول إذا فرغ من طعامه: (الحمد لله الذي أطعمنا وسقانا، الحمد لله الذي كفانا وآوانا، والحمد لله الذي أنعم علينا وأفضل، نسأله برحمته أن يجيرنا من النار، فرب غير مكفي لا يجد منقلبا ولا مأوى)[683]

وعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال:( دعا رجل من الأنصار أهل قباء رسول الله r فانطلقنا، فلما طعم وغسل يديه قال:( الحمد لله الذي يطعم ولا يطعم، من علينا فهدانا وأطعمنا وسقانا، وكل بلاء حسن أبلاء الحمد لله الذي غير مودع ربي، ولا مكافأ ولا مكفور ولا مستغنى عنه، الحمد لله الذي أطعمنا من الطعام وسقانا من الشراب وكسانا من العري، وهدانا من الضلال، وبصرنا من العمى، وفضلنا على كثير من خلقه تفضيلا، الحمد لله رب العالمين)[684] 

وكان r إذا أكل عند أحد من الناس دعا له.. فعن أنس ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله r جاء إلى سعد بن عبادة ـ رضي الله عنه ـ فجاء بخبز وزيت فأكل رسول الله r، ثم قال:(أفطر عندكم الصائمون، وأكل طعامكم الأبرار، وصلت عليكم الملائكة)[685]

وعن عبد الله بن بسر ـ رضي الله عنه ـ قال:( نزل علينا رسول الله r.. فذكر الحديث، وفيه فقال أبي: ادع لنا، فقال:(اللهم بارك لهم فيما رزقهم، واغفر لهم وارحمهم)[686]

قلت: هذا ما كان يفعله، فما الذي كان يكرهه، أو ينكره؟

قال: لم يكن r يبالغ في الطعام مدحا أو ذما.. بل كان يأكل ما أعجبه، ويترك ما عداه من غير أن يذمه.. فعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال:( ما عاب رسول الله r طعاما قط إن اشتهاه أكله، وإلا تركه)[687]

وعن هند بن أبي هالة ـ رضي الله عنه ـ قال:( كان رسول الله r لا يذم ذواقا ولا يمدحه[688] )[689]

وكان r مع ذلك يأمر بإكرام الطعام، فعن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: دخل علي رسول الله r البيت فرأى كسرة ملقاة فأخذها فمسحها ثم أكلها، وقال:( (يا عائشة أحسني جوار نعم الله، فإنها قل ما نفرت عن أهل بيت فكادت ترجع إليهم)[690]

وروي أن رسول الله r قال:( (أكرموا الخبز، فإن الله تعالى أكرمه، فمن أكرم الخبز أكرمه الله تعالى، ـ وفي رواية: فإن الله تعالى أنزله من بركات السماء وسخر له بركات الأرض ـ ومن يتبع ما يسقط من السفرة غفر له)[691]

وعن أبي الدرداء ـ رضي الله عنه ـ عن رسول الله r قال:( (قوتوا طعامكم يبارك لكم فيه)[692]

وكان r يكره أن يشم الطعام.. فعن جابر ـ رضي الله عنه ـ أن النبي r كره شم الطعام وقال:( إنما يشم السباع)[693]

وكان r يكره النفخ في الطعام والشراب، وينهى عنه.. فعن ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ قال:( لم يكن رسول الله r ينفخ في طعام ولا شراب ولا يتنفس في الإناء[694].

وكان يكره أن يأكل الطعام الحار.. فعن جويرية ـ رضي الله عنها ـ أن رسول الله r كان يكره الطعام الحار حتى يذهب فوره ودخانه[695].

وعن أسماء بنت أبي بكر ـ رضي الله عنها ـ أنها كانت إذا ثردت غطته شيئا حتى يذهب فوره، ثم تقول: إني سمعت رسول الله r يقول:(إنه أعظم للبركة)[696]

وعن خولة بنت قيس ـ رضي الله عنها ـ قالت: دخل علي رسول الله r فجعلت له خزيرة فقدمتها إليه، فوضع يده فيها فوجد حرها، فقبضها فقال:( (يا خولة لا نصبر على حر ولا برد)[697]

وعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله r أتى بصحفة تفور، فأسرع يده فيها، ثم رفع يده فقال:( إن الله عز وجل لم يطعمنا نارا)[698]

وعن جمع من الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ  أن رسول الله r قال:( (أبردوا بالطعام الحار، فإن الطعام الحار لا بركة فيه)[699] 

وعن ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله r كان لا ينفخ في الطعام ولا في الشرب[700].

وكان يكره القران في التمر، وينهى عنه.. فعن ابن عمر ـ رضي الله عنه ـ قال:( نهى رسول الله r أن يقرن الرجل بين تمرتين)[701]

وكان يكره أن يقام عن الطعام حتى يرفع.. فعن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: (نهى رسول الله r أن يقام عن الطعام حتى يرفع)[702]

وعن ابن عمر ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله r: (إذا وضعت المائدة فليأكل الرجل مما يليه، ولا يأكل مما بين يدي جليسه ولا من ذروة القصعة، فإنما تأتيه البركة من أعلاها، ولا يقوم رجل حتى ترفع المائدة، ولا يرفع يده وإن شبع حتى يفرغ القوم وليعذر، فإن ذلك يخجل جليسه، فيقبض يده، وعسى أن تكون له في الطعام حاجة)[703]

وكان يكره التجشأ، وينهى عنه.. فعن ابن عمر ـ رضي الله عنه ـ قال:( تجشأ رجل عند رسول الله r فقال له: (كف عنا جشاءك، فإن أكثرهم شبعا في الدنيا أطولهم جوعا يوم القيامة)[704] 

وعن أبي جحيفة ـ رضي الله عنه ـ قال:( أكلت ثريدة بلحم سمين فأتيت رسول الله r وأنا أتجشأ، فقال رسول الله r: (اكفف عنا جشاءك، أبا جحيفة فإن أكثر الناس شبعا في الدنيا أطولهم جوعا يوم القيامة)، فما أكل أبو جحيفة مل ء بطنه حتى فارق الدنيا، وكان إذا تغذى لا يتعشى وإذا تعشى لا يتغذى[705].

وكان r ـ لزهده ـ يكره الجمع بين أدمين من غير أن يحرمه.. فعن أنس ابن مالك ـ رضي الله عنه ـ قال:( أتى رسول الله r بإناء أو قعب فيه لبن وعسل فقال:( أدمان في إناء لا آكله ولا أحرمه)[706]

وكان مع ذلك يأمر بالائتدام.. فعن ابن عمر ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله r قال:( (ائتدموا، ولو بالماء)[707]

عن يوسف بن عبد الله بن سلام قال: رأيت رسول الله r أخذ كسرة من خبز شعير قوضع عليها تمرة وقال:( (هذه أدم هذه)[708]

قلت: فمع من يأكل؟

قال: مع الكل.. لم يكن r يتكبر عن الأكل مع أحد من الناس..

لقد أكل r مع المجذوم الذي يعافه الناس، ويخافون منه.. فعن جابر ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله r أخذ بيد مجذوم فوضعها معه في القصعة وقال:( (كل ثقة بالله تعالى، وتوكلا عليه[709])[710]

وأكل r  مع امرأة من غير زوجاته في إناء واحد على عكس المتشددين المتنطعين.. فعن أم صبية خولة بنت قيس ـ رضي الله عنها ـ قالت: اختلفت يدي ويد رسول الله r في إناء واحد [711].

وكان r يعرض الطعام على النسوة، فعن أسماء بنت يزيد بن السكن ـ رضي الله عنها ـ قالت: أتى رسول الله r بطعام فقلنا لا نشتهيه، فقال:( لا تجمعن كذبا وجوعا)[712]

الأواني التي استعملها:

قلت: فحدثني عن الأواني التي استعملها، فإني أرى قوما ـ باسم السنة ـ يكرهون الأكل على الموائد.

قال: أخطأ من تكلف ذلك.. السنة ليست في الأكل على المائدة، ولا في الأكل على غيرها.. السنة أن تأكل الحلال، وتتأدب بين يدي الله وأنت تأكل رزقه.

أما الأكل على المائدة، فقد ورد في الحديث عن فرقد ـ رضي الله عنه ـ قال:( رأيت رسول الله r وأكلت على مائدته)[713]

وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال:( أكل الضب على مائدة رسول الله r)[714]

أما الأكل على غيرها، فقد ورد في الحديث عن أنس ـ رضي الله عنه ـ قال:( ما أكل رسول الله r على خوان ولا في سكرجه، ولا خبز له مرقق)، قال يونس فقلت لقتادة: فعلام كانوا يأكلون؟ قال:( على هذه السفرة)[715]

وعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن رجلا جاء إلى رسول الله r فقال:( ضعه بالحضيض أو بالأرض)[716]

وعن البراء بن عازب ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله r كان يأكل على الأرض، ويقول:( أنا عبد آكل كما يأكل العبد)[717]

قلت: فاذكر لي غيرها من الأواني.

قال: حدث عبد الله بن بسر ـ رضي الله عنه ـ قال:( كان لرسول الله r جفنة[718] لها أربع حلق)[719]

وعنه قال:( كان لرسول الله r قصعة يقال لها الغراء يحملها أربعة رجال)[720]

وعن جابر ـ رضي الله عنه ـ قال:( أخذ رسول الله r بيدي إلى منزله، فلما انتهينا أخرجوا لنا طبقا عليه فلق من خبز، قال:( (ما من أدم؟) قالوا: لا شئ غير خل، قال:( (نعم الأدم الخل)، قال جابر ـ رضي الله عنه ـ: فما زلت أحبه منذ سمعته من رسول الله r [721].

وعن أسماء بنت أبي بكر ـ رضي الله عنها ـ قالت: صنعت لرسول الله r في بيت أبي بكر سفرة - في بيت أبي بكر - حين أراد أن يهاجر إلى المدينة، فلم نجد لسفرته ولا لسقايته ما نربطها به، فقلت لأبي بكر: والله ما أجد شيئا أربط به إلا نطاقي، قال:( شقيه باثنين فاربطي بواحد السقاء، وبواحد السفرة، ففعلت ذلك، فلذلك سميت ذات النطاقين)[722]

وعن جابر ـ رضي الله عنه ـ قال: أقبل رسول الله r من شعب في الجبل وقد قضى حاجته وبين أيدينا تمر على ترس أو حجفة، فدعوناه فأكل معنا ولم يمس ماء[723].

عن جابر وأبي هريرة ـ رضي الله عنهما ـ أن رجلا يقال له أبو حميد أتى رسول الله r بإناء فيه لبن من النقيع نهارا، فقال رسول الله r: (هلا خمرته؟ ولو أن تعرض عليه بعود)[724]

وعن عمرو بن أمية ـ رضي الله عنه ـ أن أباه أخبره أنه رأى رسول الله r يحتز من كتف شاة في يده، فدعي إلى الصلاة، فألقاها والسكين الذي يحتز بها، ثم قام إلى الصلاة ولم يتوضأ[725].

قلت: هذه أواني الأكل.. فما أواني الشرب التي استعملها[726]؟

قال: لقد شرب رسول الله r في القوارير.. فعن ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ قال: أهدى المقوقس إلى رسول الله r قدح قوارير، فكان يشرب منه[727].

وشرب في إناء الفخار.. فعن خباب ـ رضي الله عنه ـ قال: رأيت رسول الله r يأكل قديدا ثم يشرب من فخارة[728].

وشرب في قدح الخشب.. فعن ابن سيرين ـ رضي الله عنه ـ قال: رأيت قدح رسول الله r عند أنس بن مالك ـ رضي الله عنه ـ وكان قد انصدع، فسلسله بفضة قال:( وهو قدح عريض من فخار، قال أنس ـ رضي الله عنه ـ: لقد سقيت رسول الله r في هذا القدح أكثر من كذا وكذا[729].

وروى عنه ابن سيرين أنه كان في حلقة من حديد، فأراد أنس أن يجعل مكانها حلقة من فضة أو ذهب فقال أبو طلحة: لا تغيرن شيئا صنعه رسول الله r فتركه.

وعن عيسى بن طهمان قال: أخرج أنس بن مالك قدحا من خشب غليظا مضببا بحديد فقال:( يا ثابت هذا قدح رسول الله r)[730]

وعن أنس ـ رضي الله عنه ـ قال: لقد سقيت رسول الله r في هذا القدح الشراب كله، اللبن والنبيذ والعسل والماء[731].

وعن محمد بن إسماعيل قال: دخلت على أنس بن مالك ـ رضي الله عنه ـ فرأيت في بيته قدحا من خشب كان رسول الله r يشرب منه ويتوضأ[732].

وعن أنس ـ رضي الله عنه ـ قال: كان لأم سليم قدح، فقالت: سقيت فيه رسول الله r[733].

وعن حازم بن القاسم قال: رأيت أبا عسيب يشرب في قدح من خشب، فقلت: ألا تشرب في أقداحنا هذه الرقاق؟ قال: رأيت رسول الله r يشرب، يعني فيها[734].

وشرب من القربة.. فعن كبشة ـ امرأة كان في بيتها قربة معلقة ـ قالت: فشرب من القربة قائما، فعمدت إلى فم القربة فقطعتها، تتبعا لموضع بركة رسول الله r[735].

وعن ابن عبد الله بن أنس ـ رضي الله عنه ـ قال: رأيت رسول الله r قام إلى قربة فخنثها فشرب من فمها[736].

وعن أنس ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله r دخل على أم سليم، وفي البيت قربة معلقة، فشرب منها، وهو قائم، فقطعت أم سليم فم القربة، وكان عندها[737].

وعن عائشة ـ رضي الله عنها ـ أن رسول الله r دخل على امرأة من الأنصار وفي البيت قربة معلقة فاختنثها[738] فشرب وهو قائم[739].

وشرب من الدلو.. فعن ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ قال: جاءنا رسول الله r إلى منزلنا، فناولته دلوا فشرب، ثم مج في الدلو[740].

وقد ورد نهيه r عن الشرب من الإناء العاري، فعن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: إن كان رسول الله r ليتقي أن يشرب من الإناء العاري[741].

وكان r يبعث إلى المطاهر فيؤتى بالماء فيشربه يرجو بركة أيدي المسلمين[742].

5 ـ علاقاته

ما انتهى الصالحي من رواية الأحاديث المرتبطة بأكله r .. والآداب المرتبطة به، حتى سمعنا دقا على الباب.. فأسرع ولده حسان إلى الباب يفتحه، وإذا بمجموعة من أصدقاء الصالحي كلهم في مثل سمته ووقاره، وكأنهم عجنوا من طينة واحدة.

قام الصالحي إليهم بوجه بشوش يحييهم، ثم يعرفهم علي، وقد كان لهم من خفة الظل ما ملأني بالراحة والسعادة.

الاستئذان:

بعد أن ارتاحت بهم مجالسهم قام أحدهم، وقال: لقد اختلفت مع أصحابي في هيئة الاستئذان.. فلجأنا إليك لما نعلم من علمك بسنة رسول الله r.

ابتسم الصالحي، وقال: كيف تختلفون في الاستئذان.. وقد ورد في القرآن الكريم ذكر كيفيته والآداب المرتبطة به؟

قال الرجل: نحن لم نختلف في ذلك.. ولكنا اختلفنا في المحل الذي نجلس فيه عند الاستئذان.

قال الصالحي: فما رأيت أنت؟

قال الرجل: رأيت أنه من السنة ألا نستقبل الباب بوجوهنا، فعسانا نرى ما في الداخل بعد فتحه، وقبل أن يؤذن لنا.

قال الصالحي: فما قال أصحابك؟

قال الرجل: لقد ذكروا أن هذا اجتهاد.. ولا يصح الاجتهاد في إثبات السنة.

قال الصالحي: صدقت.. والحق معك في هذا حتى لو كان اجتهادا.. فآداب الاستئذان التي وردت في النصوص معقولة المعنى.. وهي لذلك يصح الاجتهاد فيها، والاحتياط لمراعاتها.

ومع ذلك.. فقد وردت الروايات تخبر بأن ذلك هو سنة رسول الله r، فلم يكن r يستقبل الباب بوجهه.. فعن عبد الله بن بسر المازني ـ رضي الله عنه ـ قال: كان رسول الله r إذا أتي باب قوم يمشي مع الجدار، ولم يستقبل الباب من تلقاء وجهه، ولكن من ركنه الأيمن أو الأيسر، ويقول: (السلام عليكم)، فإن أذن له وإلا انصرف، وذلك أن الدور لم يكن عليها يومئذ ستور[743].

قالت الجماعة: بورك فيك.. فقد علمتنا ما كنا نجهله من سنة رسول الله r.

قال الرجل: بورك فيك.. فقد بنيت المسألة على مراعاة المصالح مع أن النص صريح فيها وصحيح..

قال رجل من الجماعة: أرى أننا جميعا محتاجون إلى التعرف على سنن رسول الله r المرتبطة بالاستئذان.. فهو من المسائل التي تعم بها البلوى.. والخطر في التقصير فيها عظيم.

قال الصالحي: صدقت.. فقد كان من سنة رسول الله r تعليم الاستئذان من لا يحسنه.. ومما ورد في ذلك ما حدث به زيد بن حراش قال: جاء رجل من بني عامر فاستأذن على رسول الله r وهو في البيت فقال:( أألج؟) فقال رسول الله r لخادمه: (اخرج إلى هذا، فعلمه الاستئذان، فقل له: (قل السلام عليكم أأدخل؟) فسمع الرجل ذلك من رسول الله r فقال:( السلام عليكم أأدخل؟ فأذن له رسول الله r فدخل[744].

وعن كلدة بن حنبل أن صفوان بن أمية بعثه في الفتح بلبن وجذابة[745] وضعابيس[746]، والنبي r بأعلى الوادي، قال:( فدخلت ولم استأذن فقال النبي r: (ارجع فقل: السلام عليكم أأدخل؟)[747]

قال الرجل: فما أول أدب من آداب الاستئذان المأثورة عن النبي r؟

قال الصالحي: أن يعرف المستأذن بنفسه بما يمكن أن يعرف به.. فلا يصح أن يقول (أنا)، لأن (أنا) تصدق على كل فرد.. ففي الحديث عن جابر ـ رضي الله عنه ـ قال: أتيت رسول الله r في أمر دين كان على أبي، فدفعت الباب فقال:( (من ذا؟) فقلت: أنا، فخرج وهو يقول: (أنا أنا) كأنه يكرهه[748].

وفي الحديث عن أنس ـ رضي الله عنه ـ في حديثه المشهور في الإسراء، قال: قال رسول الله r:( ثم صعد بي جبريل إلى السماء الدنيا فاستفتح، فقيل: من هذا؟ قال: جبريل، قيل: ومن معك؟ قال: محمد، ثم صعد إلى السماء الثانية فاستفتح، قيل: من هذا؟ قال: جبريل، قيل: ومن معك؟ قال: محمد والثالثة والرابعة وسائرهن ويقال في باب كل سماء: من هذا؟ فيقول: جبريل)[749]

قال الرجل: عرفنا هذا.. فبورك فيك.. فحدثنا عن الثاني.

قال الصالحي: أن لا يطلع من أي منفذ على ما في داخل البيت.. فإنما شرع الاستئذان من أجل حفظ الحرمات.. ومما ورد من التشديد في ذلك ما حدث به أنس بن مالك ـ رضي الله عنه ـ أن أعرابيا أتى بيت رسول الله r فاستفتح من خصاصة الباب، فأخذ رسول الله r سهما أو عودا محددا فتوخى الأعرابي ليفقأ عين الأعرابي، فذهب فقال:( أما إنك لو ثبت لفقأت عينك)[750]

وعن سهل بن سعد ـ رضي الله عنه ـ أن رجلا اطلع من جحر في باب النبي r، ومع النبي r مدرى يحك به رأسه فلما رآه النبي r قال:( لو أعلم أنك تنظر لطعنت به في عينك)، وقال النبي r: (إنما جعل الاستئذان من أهل البصر)[751]

قال آخر: بورك فيك.. فحدثنا عن الثالث.

قال الصالحي: أن يبدأ بالسلام.. فالسلام هو رسول المستأذن إلى المستأذن عليه.. لقد حدث قيس بن سعد بن عبادة ـ رضي الله عنه ـ قال: زارنا رسول الله r في منزلنا فقال:( السلام عليكم ورحمة الله وبركاته)، فرد سعد ردا خفيا، قال: فقلت: ألا تأذن لرسول الله r فقال:( ذره يكثر علينا من السلام)، ثم قال رسول الله r: (قضينا ما علينا)[752]

قال آخر: لقد اجتهدت في الهاتف اجتهادا لست أدري مدى صحته.

قال الصالحي: وما هو؟

قال الرجل: لقد استبدلت كلمة (ألو) التي لا أعرف لها أي معنى بجملة (السلام عليكم ورحمة الله وبركاته)، ليكون أول ما يسمعه مني محدثي هو السلام.

قال الصالحي: بورك فيك وفي اجتهادك.. وقد وافقت السنة في هذا الاجتهاد.. فلا فرق بين اللقاء المباشر والتحدث في الهاتف، أو التحدث في غيره.. بل إن المؤمن يبدأ رسالته بالسلام.. بل يرسل السلام لمن لم يلقه ولم يتحدث معه..

قال آخر: فحدثنا عن أدب آخر من آداب الاستئذان.

قال الصالحي: كان r يكتفي بالاستئذان ثلاثا.. فإن أذن له دخل، وإن لم يؤذن له رجع.. حدثت أم طارق مولاة سعد ـ رضي الله عنها ـ قالت: جاء النبي r إلى سعد، فاستأذن فسكت سعد، ثم أعاد فسكت سعد، ثم أعاد فانصرف رسول الله r قالت: فأرسلني سعد إليه، وقال: إنه لم يمنعنا أن نأذن لك إلا أردنا أن تزيد الحديث[753].

وعن أبي موسى الأشعري ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله r:( الاستئذان ثلاث، فإن أذن لك وإلا فارجع)[754]

قال آخر: بورك فيك.. فحدثنا عن أدب آخر.

قال الصالحي: كان r يرد ردا جميلا على من استأذن عليه.. فعن ابن عمر ـ رضي الله عنه ـ أن رجلا نادى رسول الله r ثلاثا، كل ذلك يرد عليه: (لبيك لبيك)[755]

وعن علي ـ رضي الله عنه ـ قال:( استأذن عمار على النبي r فعرف صوته، فقال:(مرحبا[756]بالطيب المطيب)[757]

وعن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: أقبلت فاطمة ـ رضي الله عنها ـ تمشي ـ مشيتها مشية رسول الله r ـ فقال:(مرحبا)، ثم أجلسها عن يمينه، أو عن شماله[758].

التحية:

قال آخر: حدثتنا عن الاستئذان.. فحدثنا عن التحية.

قال الصالحي: ألا يكفيكم ما ورد في القرآن الكريم في شأتها.. لقد ذكرها الله فقال:﴿ وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيباً) (النساء:86)، وقال تعالى:﴿ فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتاً فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآياتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ)(النور: من الآية61)، وقوله تعالى في شأن إبراهيم u:﴿ هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ (24) إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلَامًا قَالَ سَلَامٌ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ (25)﴾ (الذاريات)؟

قال الرجل: نعرف هذا.. ونعرف أن النبي r كان يرغب في السلام ويشدد فيه.

قال آخر: وقد حثنا هذا على البحث عن الآداب المرتبطة به.. فنحن نعرف أن الدين مبني على الأدب.. فلا دين لمن لا أدب له.

قال الصالحي: أول الأدب هو التعرف على الصيغة الشرعية للسلام.. فهذه الصيغة ميراث من ميراث آدم u..

قالت الجماعة بدهشة: من ميراث آدم u.. كنا نحسبها من ميراث محمد r.

قال الصالحي: لقد حدث أبو هريرة ـ رضي الله عنه ـ عن النبي r قال:( لما خلق الله آدم r قال: اذهب فسلم على أولئك ـ نفر من الملائكة جلوس ـ فاستمع ما يحيونك ؛ فإنها تحيتك وتحية ذريتك. فقال: السلام عليكم، فقالوا: السلام عليك ورحمة الله، فزادوه: ورحمة الله)[759]

قالوا: فما السر في كونها من ميراث آدم u؟

قال الصالحي: لقد أخبر الله عن خشية الملائكة من وقوع الصراع في الأرض[760]، فلذلك شرع لآدم u السلام بتلك الكيفية ليكون السلام هو مبدأ الإنسان لا الصراع.

قالوا: لقد زدت في ترغيبنا فيه.. فحدثنا عن آدابه.

قال الصالحي: أول أدب من آدب السلام التي كان رسول الله r وورثته يحرصون عليها هي إشاعة السلام وإفشاؤه.. فعن عبد الله بن عمرو بن العاص ـ رضي الله عنه ـ: أن رجلا سأل رسول الله r: أي الإسلام خير؟ فقال:(تطعم الطعام، وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف)[761]

وعن البراء بن عازب ـ رضي الله عنه ـ قال: (أمرنا رسول الله r بسبع: بعيادة المريض، واتباع الجنائز، وتشميت العاطس، ونصر الضعيف، وعون المظلوم، وإفشاء السلام، وإبرار المقسم)[762]

وعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله r:(لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أولا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم)[763]

وعن عبد الله بن سلام ـ رضي الله عنه ـ قال: سمعت رسول الله r يقول:( يا أيها الناس، أفشوا السلام، وأطعموا الطعام، وصلوا الأرحام، وصلوا والناس نيام، تدخلوا الجنة بسلام)[764]

وقد كان ورثة رسول الله r يحرصون على تطبيق هذا.. فعن الطفيل بن أبي بن كعب: أنه كان يأتي عبد الله بن عمر، فيغدو معه إلى السوق، قال: فإذا غدونا إلى السوق، لم يمر عبد الله على سقاط[765] ولا صاحب بيعة، ولا مسكين، ولا أحد إلا سلم عليه، قال الطفيل: فجئت عبد الله بن عمر يوما، فاستتبعني إلى السوق، فقلت له: ما تصنع بالسوق، وأنت لا تقف على البيع، ولا تسأل عن السلع، ولا تسوم بها، ولا تجلس في مجالس السوق؟ وأقول: اجلس بنا هاهنا نتحدث، فقال: يا أبا بطن ـ وكان الطفيل ذا بطن ـ:( إنما نغدو من أجل السلام، فنسلم على من لقيناه)[766]

قال رجل منهم: عرفنا هذا.. فحدثنا عن آدب آخر.

قال الصالحي: يستحب للمبتدئ بالسلام أن يقول:( السلام عليكم ورحمة الله وبركاته)، فيأت بضمير الجمع، وإن كان المسلم عليه واحدا، ويقول المجيب: (وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته)، فيأتي بواو العطف في قوله: وعليكم.. فبهذا وردت الآثار عن النبي r.. فعن عمران بن الحصين ـ رضي الله عنه ـ قال: جاء رجل إلى النبي r فقال: السلام عليكم، فرد عليه ثم جلس، فقال النبي r:(عشر) ثم جاء آخر، فقال: السلام عليكم ورحمة الله، فرد عليه فجلس، فقال:(عشرون)، ثم جاء آخر، فقال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، فرد عليه فجلس، فقال:(ثلاثون)[767]

وعن عائشة ـ رضي الله عنه ـ قالت: قال لي رسول الله r:(هذا جبريل يقرأ عليك السلام) قالت: قلت: وعليه السلام ورحمة الله وبركاته[768].

قال آخر: بورك فيك.. فحدثنا عن أدب آخر.

قال الصالحي: كان النبي r يكرر السلام حتى يسمع منه.. فعن أنس ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله r كان إذا سلم سلم ثلاثا حتى يفهم عنه[769].

وعنه: أن النبي r كان إذا تكلم بكلمة أعادها ثلاثا حتى تفهم عنه، وإذا أتى على قوم فسلم عليهم سلم عليهم ثلاثا[770].

قال آخر: بورك فيك.. فحدثنا عن أدب آخر.

قال الصالحي: كان r إذا سلم على المستيقظ بحضرة النائم لم يرفع صوته حتى لا يوقظه، فعن المقداد بن الأسود ـ رضي الله عنه ـ قال:( كان رسول الله r يجئ من من الليل، فيسلم تسليما لا يوقظ نائما، ويسمع اليقظان)[771]

قال آخر: بورك فيك.. فحدثنا عن أدب آخر.

قال الصالحي: من السنة أن يحافظ على صيغة السلام وأن لا يتلاعب بها.. فعن أبي جري الهجيمي ـ رضي الله عنه ـ قال: أتيت رسول الله r، فقلت: عليك السلام يا رسول الله، قال:(لا تقل عليك السلام ؛ فإن عليك السلام تحية الموتى)[772]

قال آخر: بورك فيك.. فحدثنا عن أدب آخر.

قال الصالحي: من السنة أن يبلغ السلام للغائب حفاظا على المودة وإرساء لها.. فعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله r: أتاني جبريل فقال:( يا رسول الله هذه خديجة قد أتتك ومعها إناء فيه طعام وإدام وشراب فإذا هي أتتك فاقرأ عليها من ربها السلام ومني، وبشرها ببيت في الجنة من قصب[773]  لا صخب[774]فيه ولا نصب)[775]

وعن أنس ـ رضي الله عنه ـ قال: جاء جبريل إلى رسول الله r فقال:( إن الله تعالى يقرأ على خديجة السلام، فقالت: إن الله عز وجل هو السلام وعلى جبريل السلام ورحمة الله وبركاته)[776]

قال آخر: بورك فيك.. فحدثنا عن أدب آخر.

قال الصالحي: أن يحرص على البدء بالسلام.. فعن أبي أمامة ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله r:( إن أولى الناس بالله من بدأهم بالسلام)[777]

وعنه قال: قيل: يا رسول الله، الرجلان يلتقيان أيهما يبدأ بالسلام؟ قال:( أولاهما بالله تعالى)[778]

قال الرجل: ولكنا سمعنا بأن من السنة أن يسلم الراكب على الماشي، والماشي على القاعد، والقليل على الكثير، والصغير على الكبير.

قال الصالحي: صدقت.. وذلك هو الأصل.. فقد حدث أبو هريرة ـ رضي الله عنه ـ: أن رسول الله r قال:( يسلم الراكب على الماشي، والماشي على القاعد، والقليل على الكثير، والصغير على الكبير)[779]

قال الرجل: أرأيت إن كان الجلوس نساء.. هل يسلم عليهن؟

قال الصالحي: ذلك هو السنة ما لم يخش الفتنة عليهن أو على نفسه.. فعن أسماء بنت يزيد ـ رضي الله عنها ـ: أن رسول الله r مر في المسجد يوما، وعصبة من النساء قعود، فألوى بيده بالتسليم[780].

وعن سهل بن سعد ـ رضي الله عنه ـ قال: كانت فينا امرأة ـ وفي رواية: كانت لنا عجوز ـ تأخذ من أصول السلق فتطرحه في القدر، وتكركر[781] حبات من شعير، فإذا صلينا الجمعة، وانصرفنا، نسلم عليها، فتقدمه إلينا[782].

قال الرجل: فإن كانوا صبيانا؟

قال الصالحي: لقد أمر النبي r بإفشاء السلام مطلقا.. وخير من استفاد من السلام ومدرسة السلام الصبيان.. وقد كان ذلك من سنة رسول الله r.. فعن أنس ـ رضي الله عنه ـ: أنه مر على صبيان، فسلم عليهم، وقال: كان رسول الله r يفعله[783].

قال الرجل: فهل يسلم على أهل بيته؟

قال الصالحي: هم أولى الناس بالسلام.. وقد كان رسول الله r يفعله، ويحث عليه، فعن أنس ـ رضي الله عنه ـ قال: قال لي رسول الله r:( يا بني، إذا دخلت على أهلك، فسلم، يكن بركة عليك، وعلى أهل بيتك)[784].. بل إن الله تعالى ذكره، وأمر به، فقال تعالى:﴿ فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتاً فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً )(النور: من الآية61)

قال آخر: بورك فيك.. فحدثنا عن أدب آخر.

قال الصالحي: كان من سنتة r المرتبطة بإفشاء السلام إعادة السلام على من تكرر لقاؤه على قرب بأن دخل ثم خرج ثم دخل في الحال، أو حال بينهما شجرة ونحوهما.. فعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ في حديث المسيء صلاته: أنه جاء فصلى، ثم جاء إلى النبي r، فسلم عليه، فرد عليه السلام، فقال:(ارجع فصل فإنك لم تصل)، فرجع فصلى، ثم جاء فسلم على النبي r، حتى فعل ذلك ثلاث مرات[785].

وعنه، عن رسول الله r قال:(إذا لقي أحدكم أخاه فليسلم عليه، فإن حالت بينهما شجرة، أو جدار، أو حجر، ثم لقيه، فليسلم عليه)[786]

قال آخر: بورك فيك.. فحدثنا عن أدب آخر.

قال الصالحي: كان من سنة رسول الله r السلام إذا قام من المجلس وفارق جلساءه.. فعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله r:(إذا انتهى أحدكم إلى المجلس فليسلم، فإذا أراد أن يقوم فليسلم، فليست الأولى بأحق من الآخرة)[787]

قال آخر: بورك فيك.. فحدثنا عن المصافحة.. وهل ورد فيها شيء؟

قال الصالحي: أجل.. المصافحة من سنة النبي r.. لقد حدث أبو إسحاق فقال: لقيت البراء بن عازب، فسلم علي وأخذ بيدي وضحك في وجهي، وقال:( أتدري لم فعلت هذا بك؟ قلت: لا أدري، ولكن لا أراك فعلت إلا الخير، قال: إنه لقيني رسول الله r ففعل بي مثل الذي فعلت بك، فسألني فقلت مثل الذي قلت لي، فقال:( ما من مسلمين يلتقيان فسلم أحدهما على صاحبه ويأخذ بيده لا يأخذ بيده إلا الله، فلا يفترقان حتى يغفر لهما)[788]

وعن حذيفة ـ رضي الله عنه ـ قال: كان رسول الله r إذا لقي الرجل من أصحابه مسحه ودعا له[789].

وعن رجل من عنزة أنه قال لأبي ذر حين سير من الشام: إني أريد أن أسألك عن حديث من حديث رسول الله قال أبو ذر: إذن أخبرك إلا أن يكون سرا، قلت: إنه ليس بسر، هل كان رسول الله r يصافحكم إذا لقيتموه؟ قال:(ما لقيته قط إلا صافحني، وبعث إلى يوما ولم أكن في البيت فلما جئت أخبرت برسول الله r، فأتيته وهو على سرير، فالتزمني فكأنه تلك أجوب أجود)[790]

قال الرجل: والتقبيل.. فإنا نرى البعض يزعم أنه بدعة، وينهى عنه.

قال الصالحي: أخطأ من قال ذلك.. لقد وردت النصوص بجواز التقبيل، بل واستحبابه في مواضعه.. فعن صفوان بن عسال أن قوما من اليهود قبلوا يد النبي r ورجليه[791].

وعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال:( قبل رسول الله r الحسن بن علي)[792]

وعن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: قدم ناس من الأعراب على رسول الله r فقالوا: أتقبلون صبيانكم؟ قالوا: نعم قالوا: لكنا والله ما نقبل، فقال النبي r: (ولذلك إن الله تعالى نزع منكم الرحمة)[793]

وعن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: ما رأيت أحدا كان أشبه حديثا برسول الله r من فاطمة كانت إذا دخلت عليه قام إليها ورحب بها وقبلها، وأجلسها في مجلسه، وكان إذا دخل عليها قامت إليه فأخذت بيده، ورحبت به، وقبلته وأجلسته في مجلسها، فدخلت عليه في مرضه الذي توفي فيه فرحب بها وقبلها[794].

وعن ابن عمر ـ رضي الله عنه ـ قال: كنا في غزاة فحاص[795] الناس حيصة قلنا: كيف نلقى رسول الله r وقد فررنا؟ فنزلت:﴿ وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفاً لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ) (لأنفال:16)، فقلنا: لا نقدم المدينة، فلا يرانا أحدا، فقلنا: لو قدمنا فخرج النبي r من صلاة الفجر فقلنا: يا رسول الله نحن الفرارون، قال:(أنتم العكارون) فقلنا: بلى قال:( أنا فئتكم)[796] 

وعن الوازع بن عامر ـ رضي الله عنه ـ قال:( قدمنا فقبل ذلك رسول الله r فأخذنا بيديه ورجليه نقبلهما)[797]

سيرته مع المرضى:

قال رجل من الجمع: حدثنا عن السنة في عيادته r للمرضى.. فنحن نعلم أن عيادة المريض سنة، ولكنا لا نعرف آداب ذلك.

قال الصالحي: بوركت في ذكرك لهذه السنة العظيمة.. فقد كان رسول الله r يكثر من الحث عليها.. وكان يمارسها في حياته.. وقد وردت الأحاديث الكثيرة بذلك.. وسأكتفي بذكرها لكم، فهي خير معبر عن سنة رسول الله r في ذلك.

منها ما حدث به عبادة بن الصامت ـ رضي الله عنه ـ قال: أتاني رسول الله r وأنا مريض في أناس من الأنصار يعودوني[798].

وعنه: أن رسول الله r عاد عبد الله بن رواحة، قال: فما تحور له عن فراشه الحديث[799].

وعن عثمان ـ رضي الله عنه ـ أنه كان يخطب، فقال: (أما والله قد صحبنا رسول الله r في الحضر والسفر، فكان يعود مرضانا، ويشيع جنائزنا ويغدو معنا ويواسينا بالقليل والكثير)[800]

وعن ابن عمر ـ رضي الله عنه ـ قال: كنا جلوسا مع رسول الله r إذ جاء رجل من الأنصار فسلم عليه، ثم أدبر الأنصاري، فقال رسول الله r: (يا أخا الأنصار، كيف أخي سعد بن عبادة؟) فقال: صالح، فقال رسول الله r: (من يعوده منكم؟) فقام وقمنا معه ونحن بضعة عشر، ما علينا نعال ولا خناف ولا قلانس ولا قمص نمشي في تلك السباخ حتى جئناه، فاستأخر قومه من حوله حتى دنا رسول الله r وأصحابه الذين معه[801].

وعن حصين بن وحوح أن طلحة بن البراء مرض فأتاه رسول الله r يعوده فقال: (إني لا أرى طلحة إلا قد حدث فيه الموت فآذنوني به وعجلوا، فإنه لا ينبغي لحيفة مسلم أن تحبس بين ظهراني أهله)[802]

وعن جابر ـ رضي الله عنه ـ قال: دخل رسول الله r على أم السائب وهي ترفرف، فقال: ما لك؟ فقالت: الحمى ـ أخزاها الله تعالى ـ فقال رسول الله r:(لا تسبيها فإنها تذهب خطايا بني آدم كما يذهب الكير خبث الحديد)[803]

وعن أم العلاء، ـ رضي الله عنه ـ قالت: عادني رسول الله r [804].

وعن فاطمة الخزاعية ـ رضي الله عنها ـ قالت: عاد رسول الله r امرأة من الأنصار وهي وجعة، فقال لها: (كيف تجدينك؟) قالت: بخير إلا أن أم ملدم قد برحت بي، فقال رسول الله r: (اصبري فإنها تذهب خبث ابن آدم، كما يذهب الكير خبث الحديد)[805]

وعن أسامة بن زيد ـ رضي الله عنه  ـ قال: دخلت مع رسول الله r على عبد الله بن أبي نعوده في مرضه الذي مات فيه، فلما دخل عليه رسول الله r عرف فيه الموت، قال له رسول الله r:(قد كنت أنهاك كثيرا عن حب يهود) فقال عبد الله: قد بغضهم أسعد بن زرارة فمات[806].

وعن أنس ـ رضي الله عنه ـ أن غلاما من اليهود كان يخدم رسول الله r فمرض فأتاه رسول الله r يعوده فقعد عند رأسه فقال له: (أسلم)، فنظر إلى أبيه وهو عنده، فقال له: أطع أبا القاسم فأسلم، فخرج رسول الله r وهو يقول: (الحمد لله الذي أنقذه من النار)[807]

وعن سلمان ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله r عاد رجلا من الأنصار، فلما دخل عليه، ووضع يده على جبينه فقال: (كيف تجدك؟) فلم يحر إليه شيئا.. الحديث[808].

وعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: عاد رسول الله r رجلا من أصحابه به وجع، وأنا معه فقبض على يده فوضع يده على جبهته، قال: وكان يرى ذلك من تمام عيادة المريض[809].

وعن أنس ـ رضي الله عنه ـ قال: كان رسول الله r إذا فقد رجلا من أصحابه ثلاثة أيام سأل عنه فإن كان غائبا دعا له، وإن كان شاهدا زاره، وإن كان مريضا عاده[810].

وعن جابر ـ رضي الله عنه ـ قال: جاءني رسول الله r يعودني ليس براكب بغل ولا برذون[811].

وعن أبي أمامة بن سهل بن حنيف ـ رضي الله عنه ـ أن مسكينة مرضت فأخبر رسول الله r بمرضها، قال وكان رسول الله r يعود المساكين، ويسأل عنهم.. الحديث[812].

وعن زيد بن أرقم ـ رضي الله عنه ـ قال: أصابني رمد فعادني رسول الله r[813].

وعن أنس ـ رضي الله عنه ـ قال: دخلت مع رسول الله r نعود زيد بن أرقم، وهو يشتكي عينيه.. الحديث[814].

وعن أنس ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله r دخل على رجل يعوده وهو في الموت فسلم عليه، فقال: (كيف تجدك؟) فقال: بخير أرجو الله تعالى، وأخاف ذنوبي، فقال رسول الله r: (لن يجتمعنا في قلب رجل عند هذا الموطن إلا أعطاه الله تعالى رجاءه وأمنه مما يخاف)[815]

وعن ابن عباس ـ رضي الله عنه  ـ قال: كان رسول الله r إذا عاد مريضا جلس عند رأسه ثم قال سبع مرات: (أسأل الله العظيم، رب العرش العظيم، أن يشفيك)، فإن كان في أجله تأخير عوفي من وجعه[816].

وعن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: كان رسول الله r إذا عاد مريضا يضع يده على المكان الذي يألم، ثم يقول: (باسم الله لا بأس)[817]

وعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله r عاد مريضا ومعه أبو هريرة، من وعك كان به، فقال رسول الله r: أبشر إن الله تعالى يقول: (ناري أسلطها على عبدي المؤمن في الدنيا لتكون حظه من النار في الآخرة)[818]

وعن أنس ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله r دخل على مريض يعوده فقال: (أتشتهي شيئا؟ أتشتهي: كعكا؟) قال: نعم، فطلبوه له[819].

وعن ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله r عاد رجلا فقال: (ما تشتهي؟) قال: أشتهي خبز بر، قال النبي r: (من كان عنده خبز بر فليبعث إلى أخيه)، ثم قال رسول الله r: (إذا اشتهى مريض أحدكم شيئا فليطعمه)[820]

وعن السائب بن يزيد ـ رضي الله عنه ـ قال اشتكيت شكوى فحملوني إلى رسول الله r فبات يرقيني بالقرآن وينفث علي به[821].

وعن سلمان ـ رضي الله عنه ـ قال: دخل علي رسول الله r يعودني فلما أراد أن يخرج قال: (يا سلمان كشف الله ضرك، وغفر ذنبك، وعافاك في دينك وأجلك في أجلك)[822]

وعن ابن عباس ـ رضي الله عنه  ـ أن رسول الله r دخل على أعرابي يعوده في مرضه وهو محموم، وكان إذا دخل على مريض قال: (لا بأس طهور إن شاء الله تعالى)، فقال الأعرابي: بل هي حمى تفور في جوف شيخ كبير حتى تزيره القبور، فقال رسول الله r: (فنعم إذا)[823]

وعن عبد الرحمن بن عوف ـ رضي الله عنه ـ قال: كان رسول الله r إذا عاد مريضا يقول: (اللهم أذهب عنه ما يجد، وأجره فيما ابتليته)[824]

وعن عثمان ـ رضي الله عنه ـ قال: مرضت وكان رسول الله r يعودني فعوذني يوما فقال: (بسم الله الرحمن الرحيم. أعيذك بالله الأحد الصمد، الذي لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفوا أحد من شر ما تجد)، فلما استقل رسول الله r قائما قال (يا عفان تعوذ بها، فما تعوذتم بمثلها)[825]

وعن أنس ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله r عاد رجلا من الأنصار فقال: (يا خال قل: لا اله إلا الله) فقال: خال أم عم؟ قال: لا، بل خال قال: وخير إلي أن أقولها قال: (نعم)[826]

سيرته مع الموتى:

قال رجل من الجمع: حدثتنا عن سيرته r مع المرضى، فحدثنا عن سيرته مع الموتى والمحتضرين.

قال الصالحي: لقد كان رسول الله r أعظم الناس رحمة.. فلذلك كان يصيبه من الحزن على الموتى ما يصيب البشر منه.. ولكنه حزن واثق بالله مرتبط به، لا حزن جازع يائس..

عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: لما جاء للنبي r قتل زيد بن حارثة، وجعفر بن أبي طالب، وابن رواحة جلس رسول الله r يعرف في وجهه الحزن وأنا أنظر من صائر الباب يعني شق الباب[827].

عن أنس ـ رضي الله عنه ـ قال: بعث رسول الله r سرية يقال لهم القراء فأصيبوا يوم بئر معونة فما رأيت رسول الله r حزن حزنا قط أشد منه[828].

وعنه قال: قال رسول الله r: (أخذ الراية زيد فأصيب، ثم أخذها جعفر فأصيب، ثم أخذها عبد الله بن رواحة فأصيب)، وإن عيني رسول الله r لتذرفان.. الحديث[829].

وعن قيس بن أبي حازم قال: جاء أسامة بن زيد بعد قتل أبيه، فقام بين يدي رسول الله r فدمعت عينا رسول الله r فجاء من الغد فقام في مقامه ذلك، فقال له رسول الله r: (ألاقي أنا منك اليوم ما لقيت منك أمس)[830]

وعن عبد الرحمن بن عوف ـ رضي الله عنه ـ قال: أخذ رسول الله r بيدي فأدخلني النخل فإذا إبراهيم يجود بنفسه، فوضعه في حجره حتى خرجت نفسه، فوضعه ثم بكى، فقلت: تبكي يا رسول الله وأنت تنهى عن البكاء؟ قال: (إني لم أنه عن البكاء، ولكن نهيت عن صوتين أحمقين فاجرين: صوت عند نعمة لهو، ولعب ومزامير شيطان، وصوت عند مصيبة: لطم وجوه، وشق جيوب، وهذه رحمة، ومن لا يرحم لا يرحم، يا إبراهيم لو لا أنه وعد صادق وقول حق وأن آخرنا سيلحق بأولنا لحزنا عليك حزنا أشد من هذا، وإنا عليك يا إبراهيم لمحزونون، تبكي العين، ويحزن القلب، ولا نقول ما يسخط ربنا عز وجل)[831]

وعن أنس ـ رضي الله عنه ـ قال: دخلنا مع رسول الله r على أبي سيف القين، وكان ظئرا لإبراهيم، فأخذ رسول الله r ابنه إبراهيم فقبله وشمه، ثم دخلنا عليه بعد ذلك وإبراهيم يجود بنفسه، فجعلت عينا رسول الله r تذرفان، فقال ابن عوف: وأنت يا رسول الله، فقال يا ابن عوف: (إنها رحمة) ثم أتبعها بأخرى، فقال: (إن العين تدمع، وإن القلب يخشع، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا عز وجل، وإنا بفراقك يا إبراهيم لمحزونون)[832]

وعنه قال: شهدنا بنتا لرسول الله r ورسول الله r جالس على القبر فرأيت عينيه تدمعان[833].

وعن ابن عباس ـ رضي الله عنه  ـ قال: بكت النساء على رقية، فجعل عمر ينهاهن، أو يضربهن، فأخذ رسول الله r بيده وقال: (دعهن) وقال: (ابكين وإياكن ونعيق الشيطان، فإنه ما كان من العين والقلب فمن الرحمة، وما كان من اللسان واليد فمن الشيطان)، ورجعت فاطمة تبكي على شفير قبر رقية، فجعل رسول الله r يمسح الدموع عن وجهها بيده[834].

وعن ابن عمر ـ رضي الله عنه  ـ قال: اشتكى سعد بن عبادة شكوى له، فأتاه رسول الله r يعوده مع عبد الرحمن بن عوف، وسعد بن أبي وقاص، وعبد الله بن مسعود، فلما دخل عليه وجده في غاشية أهله، فقال: (قد قضى) فقالوا: لا، يا رسول الله، فبكى رسول الله r فلما رأى القوم بكاء رسول الله r بكوا، فقال: (ألا تسمعون، إن الله عز وجل لا يعذب بدمع العين، ولا بحزن القلب، ولكن يعذب بهذا، وأشار إلى لسانه أو يرحم)[835]

وعن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: لما وجع سعد، وجد به الموت، فبكى رسول الله r وأبو بكر، وعمر، حتى إني لأعرف بكاء أبي بكر من بكاء عمر، وأنا أبكي، وكان رسول الله r تذرف عيناه، ويمسح وجهه، ولا يسمع صوته[836].

وعن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: كان عينا رسول الله r لا تدمع على أحد، ولكن كان إذا وجد فإنما هو آخذ بلحيته[837].

وعن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: رأيت رسول الله r يقبل عثمان بن مظعون، وهو ميت، وعيناه تذرفان حتى رأيت الدموع تسيل على وجهه[838].

وعن أبي سلمة بن عبد الرحمن أن رسول الله r عاد رجلا فوجده قد احتضر، ونساؤه تبكيه، فذهب الرجال يوزعون النساء، فقال رسول الله r: (دعوهن فإذا وجبت فلا تسمعن صوت نائحتهم)[839]

وعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: كنا مع رسول الله r في جنازة فرأى عمر نساء يبكين فتناولهن، أو صاح بهن، فقال رسول الله r: (يا عمر دعهن، فإن العين دامعة، والنفس مصابة، والعهد قريب)[840]

ولم يكن رسول الله r يكتفي بالبكاء.. بل كان يضم إليه الدعاء للميت، وتسلية أهل المتوفى والتخفيف عليهم بذلك.. فعن أبي النضر قال: دخل رسول الله r على عثمان بن مظعون، وهو يموت، فأمر رسول الله r بثوب فسجي عليه، وكان عثمان نازلا على امرأة من الأنصار، ويقال لها: أم معاذ قالت: فمكث رسول الله r مكبا عليه طويلا، وأصحابه معه ثم تنحى رسول الله r فبكى، فلما بكى بكى أهل البيت، فقال رسول الله r (رحمك الله أبا السائب)[841]

وعن أم سلمة ـ رضي الله عنها ـ  أن رسول الله r دخل على أبي سلمة يعوده فوافق دخوله عليه، وخروج نفسه فتكلم أهله عند ذلك بنحو ما يتكلم أهل الميت عنده، فقال رسول الله r: (لا تدعوا على أنفسكم إلا بخير فإن الملائكة تحضر الميت فيؤمنون على دعاء أهله) فأغمضه، وقد شق بصرة، وقال: (إن الروح إذا قبض تبعه البصر)، ثم قال: (اللهم اغفر لأبي سلمة، وارفع درجته في المهديين، وأعظم نوره، واخلفه في عقبه)[842]، وفي لفظ (واخلفه في تركته في الغابرين، واغفر لنا وله يا رب العالمين، وافسح له في قبره، ونور له فيه)، وفي لفظ: (أوسع له في قبره)

قال الرجل: فحدثنا عن القيام للجنازة.. فقد رأينا بعضهم يذكر أن القيام لها بدعة.

قال الصالحي: بئس من قال ذلك.. كيف تكون بدعة وقد فعلها رسول الله r..

لقد حدث عثمان ـ رضي الله عنه ـ قال: (رأيت رسول الله r رأى جنازة، فقام لها)[843]

وعن أبي سعيد بن زيد ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله r مرت عليه جنازة فقام[844].

وعن جابر ـ رضي الله عنه ـ قال: مرت جنازة فقام لها رسول الله r وقمنا معه فقلنا: يا رسول الله: إنها يهودية، فقال: (إن للموت فزعا، فإذا رأيتم الجنازة فقوموا)[845]

وعن سهل بن حنيف، وقيس بن سعد ـ رضي الله عنهما  ـ أن رسول الله r مرت به جنازة فقام، فقيل يا رسول الله: إنها جنازة يهودية، فقال: (أليس نفسا؟)[846]

وعن أنس ـ رضي الله عنه ـ، قال: مرت جنازة برسول الله r فقيل يا رسول الله: إنها جنازة يهودي، فقال: (إنما قمنا للملائكة)[847]

وعن علي ـ رضي الله عنه ـ قال: رأيت رسول الله r قام فقمنا، وقعد فقعدنا، يعني في الجنازة[848].

وعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ وأبي سعيد، قالا: (ما رأينا رسول الله r شهد جنازة قط فجلس حتى توضع)[849]

مجلسه:

قال رجل من الجمع: ذكرني حديثك عن القيام بالجلوس.. حدثنا عن كيفية جلوسه r وسنته في ذلك.

قال الصالحي: لقد كانت أعظم سنة في جلوسه r هي جلوسه حيث انتهى به المجلس.. وذلك من تواضعه r.. فلم يكن يخص بمجلس خاص.. فقد ورد في الحديث:( كان رسول الله r إذا انتهى به المجلس جلس حيث انتهى به المجلس، ويأمر بذلك النبي r )[850]

قال الرجل: فحدثنا عن صفة جلسته واحتبائه وآدابه في ذلك.

قال الصالحي: لقد وصف المحدثون هيئات لجلوس النبي r، وكلها جائزة..

فمنها القرفصاء[851].. فعن قيلة بنت مخرمة ـ رضي الله عنها ـ قالت: (رأيت رسول الله r قاعدا القرفصاء)[852]

وعن أبي أمامة ـ رضي الله عنه ـ قال:( كان رسول الله r إذا جلس جلس القرفصاء)[853]

ومنها التربع.. فعن حنظلة بن خذيم ـ رضي الله عنه ـ قال:( أتيت رسول الله r فرأيته جالسا متربعا)[854]

وعن جابر بن صخرة قال:( كان رسول الله r إذا صلى الفجر تربع في مجلسه حتى تطلع الشمس حسنا)[855]

ومنها الاحتباء[856].. فعن سليم بن جابر الهجيمي ـ رضي الله عنه ـ قال: أتيت رسول الله r وهو محتب في بردة فإن هدابها لعلى قدميه) الحديث[857].

وعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله r دخل يوما المسجد، وأنا معه، فجلس فاحتبي.. الحديث[858].

وعن أبي سعيد ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله r كان إذا جلس احتبى بيديه، ونصب ركبتيه[859].

وعن ابن عمر ـ رضي الله عنه ـ قال: رأيت رسول الله r بفناء الكعبة محتبيا بيده هكذا[860].

وعن أبي بن كعب ـ رضي الله عنه ـ قال: كان رسول الله r يحتبي على ركبتيه، وكان لا يتكئ[861].

وعن أبي سعيد ـ رضي الله عنه ـ قال: كان رسول الله r إذا جلس في مجلس احتبى بيديه[862].

وعنه قال:( كان رسول الله r إذا جلس احتبى بيديه)[863]

ومنها الاتكاء.. فعن زر بن حبيش قال: جاء رجل من مراد يقال له صفوان بن عسال إلى رسول الله r وهو متكئ على برد له أحمر[864].

وعن جابر بن سمرة ـ رضي الله عنه ـ قال: دخلت على رسول الله r فرأيته متكئا على وسادة [865] على يساره[866].

عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: رأيت رسول الله r متكئا على وسادة فيها صور[867].

ومنها الاستلقاء.. فعن عباد بن تميم عن عمه ـ رضي الله عنه ـ أنه رأى رسول الله r مستلقيا في المسجد، واضعا إحدى رجليه على الأخرى[868].

ومنها توسده ببردته.. فعن خباب ـ رضي الله عنه ـ قال: أتينا رسول الله r وهو متوسد بردة[869]له في ظل الكعبة.. الحديث[870].

قال الرجل: فما كان r يفعل إن قام من مجلسه؟

قال الصالحي: كان رسول الله r يختم جلسته مع أصحابه بالدعاء.. فعن ابن عمر ـ رضي الله عنه ـ قال: ما كان رسول الله r يقوم من مجلسه حتى يدعو بهؤلاء الدعوات لأصحابه:( اللهم اقسم لنا من خشيتك ما يحول بيننا وبين معاصيك، ومن طاعتك ما تبلغنا به جنتك، ومن اليقين ما يهون علينا مصيبات الدنيا، ومتعنا بأسماعنا وبأبصارنا وقوتنا ما أحييتنا، واجعله الوارث منا، واجعل ثأرنا على من ظلمنا، وانصرنا على من عادانا، ولا تجعل مصيبتنا في ديننا، ولا تجعل الدنيا أكبر همنا، ولا مبلغ علمنا، ولا تسلط علينا من لا يرحمنا)[871]

وروي أن جبريل u علم النبي r إذا قام من مجلسه أن يقول: (سبحانك اللهم وبحمدك أشهد ألا إله إلا أنت، أستغفرك، وأتوب إليك)، فقال رجل: يا رسول الله إنك تقول قولا ما كنت تقوله فيما مضى؟ أكفارة لما يكون في المجلس؟ فقال r:( كلمات علمنيهن جبريل كفارات لخطايا المجلس)[872]

وعن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: كان رسول الله r إذا جلس مجلسا أو صلى تكلم بكلمات، فسألته عن الكلمات فقال:( إن تكلم بخير كان طابعا عليهن إلى يوم القيامة، وإن تكلم بشر كان كفارة له، سبحانك اللهم وبحمدك، لا إله إلا أنت، أستغفرك، وأتوب إليك)[873]

حديثه:

قال رجل من الجمع: حدثتنا عن مجالسه.. فحدثنا عن حديثه، فلا تحلو المجالس إلا بالأحاديث.

قال الصالحي: لقد كان رسول الله r أفصح خلق الله وأعذبهم كلاما وأسرعهم أداء، وأحلاهم منطقا، حتى كان كلامه يأخذ بالقلوب، وينعش الأرواح[874].

قال الرجل: لقد رغبتنا فيه.. فحدثنا بالأحاديث التي وردت في صفته.

قال الصالحي: لقد اتفقت جميع الأحاديث على هذا.. فعن أنس ـ رضي الله عنه ـ قال: ما بعث الله نبيا إلا بعثه حسن الوجه حسن الصوت حتى بعث الله نبيكم r فبعثه حسن الوجه حسن الصوت[875].

وقال علي ـ رضي الله عنه ـ: ما بعث الله تعالى نبيا قط إلا بعثه صبيح الوجه كريم الحسن حسن الصوت، إن نبيكم كان صبيح الوجه كريم الحسب حسن الصوت[876].

وقال جبير بن مطعم ـ رضي الله عنه ـ: كان رسول الله r حسن النغمة[877].

وقال البراء ـ رضي الله عنه ـ: خطبنا رسول الله r حتى أسمع العواتق في خدورهن[878].

وقالت عائشة ـ رضي الله عنها ـ: جلس رسول الله r على المنبر فقال للناس: اجلسوا، فسمعه عبد الله بن رواحة وهو في بني غنم فجلس مكانه[879].

وقال عبد الرحمن بن معاذ التميمي ـ رضي الله عنه ـ: خطبنا رسول الله r بمنى ففتح الله أسماعنا حتى أنا كنا لنسمع ما يقول، ونحن في منازلنا[880].

وقالت أم هانئ ـ رضي الله عنها ـ: كنا نسمع قراءة رسول الله r في جوف الليل وأنا على عريشي[881].

وقال البراء ـ رضي الله عنه ـ: قرأ رسول الله r في العشاء:﴿وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ﴾ (التين:1)، فلم أسمع صوتا أحسن منه[882].

وقالت أم معبد ـ رضي الله عنها ـ:( كان في صوته r صحل[883])[884]

وكان من سنته r في الكلام أن يرسله واضحا مفصلا، لا يحتاج المستمع إلى عناء في سماعه أو فهمه وفعن جابر ـ رضي الله عنه ـ قال:( كان كلام رسول الله r ترتيلا[885]ـ أو ترسيلا[886] ـ)[887]

وعن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت:( لم يكن رسول الله r يسرد الحديث[888] كسردكم هذا، ولكنه كان يتكلم بكلام فصل[889]، يحفظه من يجلس إليه، لو عده العاد لأحصاه)[890]

وقالت:( كان كلام رسول الله r فصلا، يفهمه كل من يسمعه)[891]

وقالت:(  كان رسول الله r إذا تكلم تكلم نزرا[892]، وأنتم تنثرون الكلام نثرا)[893]

وكان من سنته r أن يكرر الكلام ـ إذا اقتضى المقام ذلك ـ حتى يعقل عنه.. فعن أنس ـ رضي الله عنه ـ قال:( كان رسول الله r يعيد الكلمة ثلاثا لتعقل عنه)

وقال:( كان رسول الله r إذا سلم سلم ثلاثا، وإذا تكلم بكلمة أعادها ثلاثا)[894]

وعن ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ قال:( كان رسول الله r إذا تحدث بالحديث، أو سئل عنه كرره ثلاثا ليفهم عنه)[895]

وعن أبي أمامة ـ رضي الله عنه ـ قال:( كان رسول الله r إذا تكلم تكلم ثلاثا)[896]

وكان r تأليفا لقلوب مستمعيه يجمع بين حديثه وابتسامته.. فعن أبي الدرداء ـ رضي الله عنه ـ قال:(ما رأيت رسول الله r يتحدث حديثا إلا وهو يتبسم في حديثه)[897]

وعن ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ قال:( كان رسول الله r إذا تكلم يرى كالنور من بين ثناياه)[898]

وكان r لا يتكلم إلا عند الحاجة.. فعن هند بن أبي هالة ـ رضي الله عنه ـ قال:( كان رسول الله r لا يتكلم في غير حاجة، طويل السكت[899]، يفتتح الكلام، ويختتمه بأشداقه[900]، ويتكلم بجوامع الكلم[901]، فصلا لا فضول فيه، ولا تقصير)[902] 

وعن أم معبد ـ رضي الله عنها ـ قالت:( كان رسول الله r إذا صمت فعليه الوقار، وإذا تكلم سماه وعلاه البهاء، كان حسن المنطق)[903]

وعن جابر بن سمرة ـ رضي الله عنه ـ قال:( كان رسول الله r كثير الصمت)[904] 

وكان r لأدبه لا يصرح بما يستقبح، بل يكني بذكره.. فعن عائشة ـ رضي الله عنها ـ أن امرأة رفاعة القرظي جاءت إلى رسول الله r فقالت: يا رسول الله إن رفاعة طلقني، وإني نكحت بعده عبد الرحمن بن الزبير، وإنما معه مثل الهدبة[905]، فقال رسول الله r: (لعلك تريدين أن ترجعي إلى رفاعة؟ لا حتى تذوقي عسيلته[906]، ويذوق عسيلتك)[907]

قال الرجل: فهل تكلم رسول الله r بغير العربية؟

قال الصالحي: لم يكن قوم رسول الله r يتكلمون إلا بالعربية.. فلذلك كان r يتحدث إليهم بلسانهم، كما قال تعالى:﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) (ابراهيم:4)

قال الرجل: لكنا سمعنا بأن رسول الله r تحدث بالفارسية وغيرها.

قال الصالحي: ذلك إما في كلمات مشتركة بين العربية وغيرها من اللغات.. أو في كلمات دخيلة على العربية، وصار حكمها كحكم العربية.. والمهم في كل ذلك أن رسول الله r لم يكن يخاطب الناس إلا بما يعرفونه من الكلام.

قال الرجل: فحدثنا عن الكلمات التي قيل: إن رسول الله r نطق بها وهي غير عربية.

قال الصالحي: من ذلك ما حدث به جابر ـ رضي الله عنه ـ قال:( قلت يا رسول الله: ذبحنا بهيمة لنا، وطحنت صاعا من شعير، فتعال أنت، ونفر، فصاح رسول الله r: (يا أهل الخندق إن جابرا قد صنع سورا[908] فحي هلا بكم)[909]، فقد قيل بأن كلمة (سورا) كلمة فارسية.

وعن أم خالد بنت خالد بن سعيد ـ رضي الله عنها ـ قالت: قال:( أتيت رسول الله r مع أبي، وعلي قميص أصفر، فقال رسول الله r: (سنة سنة[910] ـ وهي بالحبشية: حسنة ـ قالت: فذهبت ألعب بخاتم النبوة، فزبرني أبي، فقال رسول الله r: (دعها)، ثم قال رسول الله r: (أبلي وأخلقي، ثم أبلي وأخلقي) قال عبد الله بن خالد بن سعيد ـ  أحد رواته ـ فبقيت حتى ذكر [911].

وعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن الحسن بن علي ـ رضي الله عنه ـ أخذ تمرة من تمر الصدقة فجعلها في فيه، فقال النبي r: (كخ كخ، ألقها، أما تعرف أنا لا نأكل الصدقة؟)[912]

وعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال:( دخل رسول الله r المسجد وأنا أشتكي بطني فقال:( (يا أبا هريرة أشكنب درد[913])، قلت: نعم، قال:( قم فصل، فإن في الصلاة شفاء)[914].. فقد قيل إن (أشكنب درد) فارسية، ومعناها: (هل أوجعك بطنك)

إشاراته:

قال رجل آخر: لقد رأينا رسول الله r في بعض أحاديثه يستعمل الإشارة.. فحدثنا بما ورد في ذلك.. وما سره؟

قال الصالحي: لقد عرفنا أن من سنة رسول الله r إلقاء الكلام واضحا مفهوما حتى يستفيد السامع منه فائدة تامة..

قال الرجل: ذلك صحيح.. فلا دور للكلام إلا هذا.. ولا خير في كلام يساء فهمه.. ولا خير في كلام يصعب فهمه.

قال الصالحي: ولذلك كان r ـ أحيانا، ولأجل توضيح المراد من الكلام، أو لأجل تبيين قيمته وخطره ـ يستعمل الإشارة.

ومما ورد في ذلك تحريكه يده حين يتكلم أو يتعجب.. فعن هند بن أبي هالة ـ رضي الله عنه ـ قال:( كان رسول الله r إذا أشار أشار بكفه كلها، وإذا تعجب قلبها، وإذا تحدث اتصل بها، وضرب براحته اليمنى بطن إبهامه اليسرى)[915]

وكان r ربما ضرب بيده على فخذه عند التعجب.. فعن علي ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله r طرقه، وفاطمة بنت رسول الله r فقال:(ألا تصلون؟) فقلت: يا رسول الله فإذا شاء الله أن يبعثنا بعثنا، فانصرف رسول الله r حين قلت ذلك، ولم يرجع إلي شيئا، ثم سمعته وهو مدبر يضرب فخذه، ويقول:﴿ وَكَانَ الْأِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلاً)(الكهف: من الآية54)[916]

وكان ربما سبح عند التعجب.. فعن أم سلمة ـ رضي الله عنها ـ قالت: استيقظ رسول الله r فقال:( (سبحان الله ماذا أنزل من الخزائن؟ وماذا أنزل من الفتن؟ من يوقظ صواحب الحجر ـ يريد به أزواجه ـ  حتى يصلين؟ رب كاسية في الدنيا عارية في الآخرة)[917]

وكان ـ أحيانا ـ ينكش الأرض بعود.. فعن أبي موسى ـ رضي الله عنه ـ قال:( كنا مع رسول الله r في حائط من حوائط المدينة، وفي يد رسول الله r عود يضرب به في الماء)[918]

وعن علي ـ رضي الله عنه ـ قال: كنا مع رسول الله r في جنازة فجعل ينكش الأرض بعود، فقال:(ليس منكم من أحد إلا وقد فرغ من مقره في الجنة أو النار)، فقالوا: أفلا نتكل؟ قال:(اعملوا فكل ميسر لما خلق له:﴿ فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى) (الليل:5)[919]

وكان ربما مسح الأرض بيده.. فعن أبي قتادة ـ رضي الله عنه ـ قال: سمعت رسول الله r يقول: (من كذب علي فليشهد بجنبيه مضجعا من النار) وجعل رسول الله r يقول ذلك، ويمسح الأرض بيده[920].

وكان ربما أشار بأصبعيه السبابة والوسطى.. فعن جمع من الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ أن رسول الله r قال:( (بعثت أنا والساعة جميعا كهاتين وفي لفظ كهذه من هذه)، وجمع بين السبابة والوسطى، وأشار بهما، (وإن كادت تسبقني)[921]

وكان ربما شبك أصابعه.. فعن أبي موسى ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله r قال:(إن المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا) وشبك بين أصابعه[922].

وعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: صلى بنا رسول الله r صلاة العشاء، فصلى بنا ركعتين، فقام إلى خشبة معروضة في المسجد، فاتكأ عليها كأنه غضبان، ووضع يده اليمنى على اليسرى، وشبك بين أصابعه[923].

وعن ابن عمر ـ رضي الله عنه ـ قال: رأيت رسول الله r بفناء الكعبة محتبيا[924] بيده هكذا ـ وشبك بين أصابعه ـ)[925]

وعن ابن عمر ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله r قال:( كيف بكم وبزمان يغربل الناس فيه غربلة، ويبقى حثالة[926]من الناس قد مرجت عهودهم وأماناتهم، واختلفوا، وكانو هكذا؟) وشبك بين أصابعه[927].

وعن سهل بن سعد الساعدي ـ رضي الله عنه ـ قال: خرج علينا رسول الله r يوما فقال:( كيف ترون إذا أخرجتم في زمان حثالة من الناس قد مرجت عهودهم ونذورهم فاشتبكوا فكانوا هكذا؟) وشبك بين أصابعه، قالوا: الله ورسوله أعلم، قال:( (تأخذون ما تعرفون، وتدعون ما تنكرون، ويقبل أحدكم على خاصة نفسه، ويذر أمر العامة؟)[928]

وعن جبير بن مطعم ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله r قال:( (إنا نحن وبنو المطلب شئ واحد)، وشبك بين أصابعه[929].

وعن أبي سعيد الخدري ـ رضي الله عنه ـ قال:( قال رسول الله r: (إذا دفن العبد الكافر يقول له القبر لا مرحبا ولا أهلا، ثم يلتئم عليه حتى تختلف أضلاعه)، وقال رسول الله r بأصابع يديه فشبكها[930].

وعن جابر ـ رضي الله عنه ـ جاء في حديث الحج قال: قام سراقة فقال:( يا رسول الله ألعامنا هذا أم للأبد؟ قال: فشبك رسول الله r أصابعه في الأخرى، وقال:( (دخلت العمرة في الحج مرتين)[931] 

وعن ابن مسعود ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله r: (أي المؤمنين أحلم؟) قلت: الله ورسوله أعلم، قال:( (إذا اختلفوا ـ وشبك بين أصابعه ـ  وأبرهم أبصرهم بالحق، وإن كان في عمله تقصير، وإن كان يزحف زحفا)[932]

تبسمه ومزاحه:

قال رجل من الجمع، وقد كان أظرفهم وألينهم، ولم تكن الابتسامة تغادر فمه: يا صاحبنا.. يا من شرفه الله بحفظ سنة رسول الله r.. أنت تعرف طبعي، وما جبلت عليه من الفكاهة.. وقد رأيت من الناس من يعاتبني في ذلك، وهم يستدلون لذلك بما ورد في المواعظ من فضل البكاء..

قال الصالحي: للبكاء محله، وللضحك محله.. وما خلق الله لنا الضحك إلا لنضحك.. لقد قال الله تعالى يذكر ذلك:﴿ وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى) (لنجم:43)

قال الرجل: هم لا يجادلونني في ذلك.. ولكنهم يعتبرون حالي حال القاصرين، لا حال العارفين العابدين الزاهدين الورعين.

قال الصالحي: لقد كان رسول الله r سيد العارفين العابدين الزاهدين الورعين ومع ذلك كان أكثر الناس تبسما.. لقد حدث الحارث بن جزء ـ رضي الله عنه ـ قال: ما رأيت أحدا أكثر تبسما من رسول الله r [933].

وعن عمرة قالت: سألت عائشة ـ رضي الله عنها ـ كيف كان رسول الله r إذا خلا؟ قالت: كان كالرجل من رجالكم، إلا أنه كان أكرم الناس خلقا، كان ضاحكا بساما[934].

وعن أم الدرداء ـ رضي الله عنها ـ قالت: كان أبو الدرداء ـ رضي الله عنه ـ لا يحدث بحديث إلا تبسم فيه، فقلت: إني أخشى أن يحمقك الناس، فقال: كان رسول الله r لا يحدث بحديث إلا تبسم[935].

و عن جرير ـ رضي الله عنه ـ قال: ما حجبني رسول الله r منذ أسلمت، ولا رآني قط إلا تبسم في وجهي[936].

قال رجل من الجمع: نحن لا ننكر عليه التبسم.. ولكنا ننكر عليه الضحك.. فما كانت سنة النبي r تجاوز التبسم، وقد حدثت عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: ما رأيت رسول الله r مستجمعا[937] ضاحكا حتى ترى لهواته إنما كان يبتسم[938].

وعن هند بن أبي هالة ـ رضي الله عنه ـ قال: كان جل ضحك رسول الله r التبسم ويفتر عن مثل حب الغمام[939].

عن حصين بن يزيد الكلبي ـ رضي الله عنه ـ قال: ما رأيت رسول الله r ضاحكا، ما كان إلا مبتسما[940].

وعن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: كان رسول الله r إذا ضحك يتلألأ في الجدر[941].

قال الصالحي: لقد وصف هؤلاء ما رأوا أو وصفوا الغالب من أحوال النبي r.. وقد وصفهم غيرهم أن النبي r كان يضحك أحيانا كما نضحك[942]..

ومن ذلك ما حدث به أبو ذر ـ رضي الله عنه ـ عن رسول الله r قال: (إني لأعلم أول رجل يدخل الجنة، وآخر رجل يخرج من النار، يؤتى بالرجل يوم القيامة فيقال: أعرضوا عليه صغار ذنوبه، ويخبأ عنه كبارها، فيقال له: عملت كذا وكذا، وهو يقر، لا ينكر، وهو يشفق من كبارها، فيقال: أعطوه مكان كل سيئة عملها حسنة، قال: فيقول أي رب، إن لي ذنوبا ما أراها ههنا)، قال أبو ذر ـ رضي الله عنه ـ: فلقد رأيت رسول الله r ضحك، حتى بدت نواجذه[943])[944]

وحدث أبو هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: بينا أنا جالس عند رسول الله r فجاء رجل إلى رسول الله r، فقال: هلكت، قال: (ويحك، وما شأنك؟) قال: وقعت على أهلي في رمضان، قال: (أعتق رقبة)، قال: لا أجد، قال: (فصم شهرين متتابعين)، قال: ما أطيقه، قال: (فأطعم ستين مسكينا)، ثم قال: ما بين ظهري المدينة أحوج إليه مني، فضحك رسول الله r حتى بدت أنيابه، ثم قال: (خذه، واستغفر ربك)[945]

وحدث أنس ـ رضي الله عنه ـ قال: بينما رسول الله r جالس إذا رأيناه ضحك حتى بدت ثناياه، فقال عمر: ما أضحكك بأبي أنت وأمي؟ قال: (رجلان من أمتي جثيا بين يدي رب العزة، تبارك وتعالى عنه، فقال أحدهما: يا رب خذ لي مظلمتي من أخي، قال الله تعالى: أعط أخاك مظلمته، فيقول: يا رب لم يبق من حسناتي شئ، قال: يا رب فليحمل من أوزاري، ففاضت عينا رسول الله r بالبكاء، فقال: إن ذلك اليوم يوم عظيم، يوم يحتاج الناس فيه أن يحمل عنهم من أوزارهم، قال: فيقول الله تعالى: ارفع رأسك فانظر إلى الجنان، فرفع رأسه فقال: يا رب، أرى مدائن من فضة، وقصورا من ذهب، مكللة باللؤلؤ، لأي نبي هذا؟ لأي صديق هذا؟ قال الله تعالى: هذا لمن أعطاني الثمن، قال: يا رب ومن يملك ذلك؟ قال: أنت تملكه، قال: بماذا؟ قال: بعفوك عن أخيك، قال: يا رب قد عفوت عنه، قال الله عز وجل: خذ بيد أخيك فادخله الجنة)، قال النبي r:(اتقوا الله، وأصلحوا ذات ببينكم، فإن الله تعالى يصلح بين المؤمنين يوم القيامة)[946]

وحدث صهيب ـ رضي الله عنه ـ قال: دخلت على رسول الله r بقباء وبين أيديهم تمر وبسر تمر، وأنا أشتكي إحدى عيني، فرفعت التمر آكله، فقال رسول الله r: (أتأكل التمر على عينيك وأنت رمد؟) فقلت: إنما آكل على شقي الصحيح، وأنا أمزح مع رسول الله r، فضحك رسول الله r حتى نظرت إلى نواجذه[947].

قال الرجل: هذا تبسمه وضحكه.. فحدثنا عن مزاحة وفكاهته.

قال الصالحي: لقد وصف أصحاب رسول الله r المطلعون على أحواله ذلك منه، فعن أنس ـ رضي الله عنه ـ فقال: كان رسول الله r من أفكه الناس[948].

وعن حبشي بن جنادة ـ رضي الله عنه ـ قال: كان رسول الله r أفكه الناس خلقا[949].

وعن عبد الله بن الحارث بن جزء ـ رضي الله عنه ـ قال: ما رأيت أحدا أكثر مزاحا من رسول الله r [950].

وقد ذكر رسول الله r هذه الصفة فيه.. وأخبر أنها مقيدة بالصدق.. فقد كان النبي r يمزح، ولا يقول إلا صدقا، فعن ابن عمر ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله r: (إني لأمزح، ولا أقول إلا حقا)[951]

وعن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: كان رسول الله r مازحا، وكان يقول: (إن الله تعالى لا يؤاخذ المزاح الصادق في مزاحه)[952]

وعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: قالوا يا رسول الله إنك تداعبنا؟ قال: (إني لا أقول إلا حقا)[953]

 

قال رجل من الجمع: فمتعنا بما روي من مزاح رسول الله r وملاطفته لأصحابه.

قال الصالحي: لقد ورد من ذلك الكثير.. وسأحدثكم عن بعض ما يرد على خاطري الساعة.

فمن ملاطفته r للنساء ما حدثت به أم نبيط ـ رضي الله عنها ـ قالت: أهدينا جارية لنا من بني النجار إلى زوجها، وكنت مع نسوة من بني النجار، ومعي دف أضرب به، وأنا أقول: أتيناكم أتيناكم، فحيونا نحييكم، ولولا الذهب الأحمر ما حلت بواديكم، فقالت: فوقف علينا رسول الله r فقال: (ما هذا يا أم نبيط؟) فقلت: بأبي أنت وأمي يا رسول الله، جارية من بني النجار نهديها إلى زوجها، قال: (فتقولين ماذا؟) قلت: فأعدت عليه قولي، فقال رسول الله r: (ولولا الحنطة السمراء ما سمنت عذاريكم)[954]

وعن عطاء بن أبي رباح أن رجلا قال لابن عباس ـ رضي الله عنه ـ: أكان رسول الله r يمزح؟ فقال ابن عباس: نعم، فقال الرجل: فما كان مزاحه؟ فقال ابن عباس: إنه كسا ذات يوم امرأة من نسائه ثوبا، فقال لها: (البسيه واحمدي الله وجدي منه ذيلا كذيل الفرس)[955]

وعن عائشة ـ رضي الله عنها ـ أنها مزحت عند رسول الله r فقالت: أمها يا رسول الله بعض دعابات هذا الحي من بني كنانة، فقال رسول الله r: (بل بعض مزحنا هذا الحي من قريش) [956]

وعنها ـ رضي الله عنها ـ قالت: أتيت رسول الله r بحريرة قد طبختها، فقلت لسودة، والنبي r بيني وبينها: كلي، فأبت أن تأكل، فقلت: لتأكلين أو لألطخن وجهك، فأبت فوضعت يدي فيها، فلطختها، وطليت وجهها، فوضع فخذه لها وقال لها: (لطخي وجهها) فلطخت وجهي، فضحك رسول الله r فمر عمر ـ رضي الله عنه ـ فقال: يا عبد الله، فظن رسول الله r أنه سيدخل، فقال: (قوما، فاغسلا وجوهكما)، فما زلت أهاب عمر لهيبة رسول الله r منه[957].

وعنها ـ رضي الله عنها ـ قالت: خرج رسول الله r في بعض أسفاره، وأنا جارية لم أحمل اللحم، ولم أبدن، فقال للناس: (تقدموا)، فتقدموا، ثم قال: (تعالي حتى أسابقك)، فسابقته، فسبقته، فسكت عني: حتى حملت اللحم، وبدنت، ونسيت، ثم خرجت معه في بعض أسفاره، فقال للناس: (تقدموا)، ثم قال: (تعالي أسابقك)، فسبقني، فجعل يضحك، ويقول: (هذه بتلك)[958]

وعن أنس ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله r قال ذات يوم لعائشة ـ رضي الله عنها ـ: (ما أكثر بياض عينيك)[959]

وعنه ـ رضي الله عنه ـ أن عجوزا دخلت على رسول الله r فسألته عن شئ فقال لها ومازحها: (لا يدخل الجنة عجوز)، وحضرت الصلاة، فخرج رسول الله r إلى الصلاة، وبكت بكاء شديدا، حتى رجع رسول الله r، فقالت عائشة: يا رسول الله إن هذه المرأة تبكي لما قلت لها: لا يدخل الجنة عجوز، فضحك، وقال: (أجل لا يدخل الجنة عجوز، ولكن الله تعالى قال:﴿ إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً (35) فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا (36) عُرُبًا أَتْرَابًا (37)﴾ (الواقعة)، وهذا لعجائز الرمص[960])[961]

وعن زيد بن أسلم ـ مرسلا ـ أن امرأة يقال لها أم أيمن جاءت النبي r فقلت: إن زوجي يدعوك، قال: (من هو؟.. أهو الذي بعينيه بياض؟) فقالت: أي يا رسول الله؟ والله ما بعينيه بياض، فقال رسول الله r:(بل إن بعينيه بياضا)، فقالت: لا ولله، فقال النبي r:(وهل من أحد وإلا وبعينيه بياض؟)، وجاءته امرأة أخرى فقالت: يا رسو الله احملني على بعير، فقال رسول الله r:(احملوها على ابن بعير)، فقالت: ما أصنع به وما يحملني يا رسول الله؟ فقال رسول الله r:(هل يجئ بعير إلا ابن بعير؟) وكان مزح معها[962].

ومن ملاطفته للصبيان.. ما حدث به علي ـ رضي الله عنه ـ قال: دخل علينا رسول الله r فقال: (أين لكع؟ ههنا لكع؟) قال: فخرج إليه الحسن بن علي ـ رضي الله عنه ـ وعليه لحاف قرنفلي، وهو ماد يده، فمد رسول الله r يده والتزمه، وقال: (بأبي أنت وأمي، من أحبني فليحب هذا)[963]

وعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: كان رسول الله r يأخذ بيد الحسين بن علي ـ رضي الله تعالى عنهما ـ فيرفعه على باطن قدميه ويقول: (حزقة[964] حزقة ترق عين بقه[965]، اللهم إني أحبه فأحبه)[966]

وعنه ـ رضي الله عنه ـ قال: كان رسول الله r يدلع[967] لسانه للحسن بن علي فيرى الصبي لسانه فيهش[968] إليه[969].

وعن حصين والد عمران بن حصين ـ رضي الله عنهما ـ قال: وقف رسول الله r على بيت فاطمة ـ رضي الله عنها ـ فخرج إليه الحسن أو الحسين، فقال له رسول الله r: (ارق بأبيك عين بقة)، وأخذ بأصبعه يرقى على عاتقه، ثم خرج الآخر: الحسن أو الحسين، فقال له رسول الله r: (مرحبا ارق، بأبيك عين بقة)، وأخذ بأصبعه، فاستوى على عاتقه الآخر، وأخذ رسول الله r بأقفيتهما حتى وضع أفواههما على فيه، ثم قال: (اللهم إني أحبهما فأحبهما، وأحب من يحبهما)[970]

وعن جابر ـ رضي الله عنه ـ قال: دخلت على رسول الله r والحسن والحسين على ظهره، وهو يقول: (نعم الجمل جملكما، ونعم العدلان أنتما[971])[972]

وعن أنس ـ رضي الله عنه ـ قال: رأيت رسول الله r والحسن ابن علي على ظهره، فإذا سجد نحاه[973].

وعنه ـ رضي الله عنه ـ قال: كان رسول الله r يدخل على أم سليم ولها ابن من أبي طلحة، يكني أبا عمير، وكان يمازحه، فدخل عليه فرآه حزينا فقال: (ما لي أرى أبا عمير حزينا؟) قالوا: يا رسول الله مات نغره الذي كان يلعب به فجعل يقول: (أبا عمير ما فعل النغير؟)[974]

وعنه ـ رضي الله عنه ـ قال: كان رسول الله r يخالطنا، حتى يقول لأخ لي صغير: (يا أبا عمير ما فعل النغير[975]؟)[976]

وعن عبد الله بن بسر المازني ـ رضي الله عنه ـ قال: بعثتني أمي إلى رسول الله r بقطف من عنب فأكلته، فسألت أمي رسول الله r فقال رسول الله r: (لا)، فكان رسول الله r إذا رآني قال: (غدر غدر)[977]

 ومن ملاطفته لأصحابه.. ما حدث به جابر ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله r قال له في غزوة ذات الرقاع: (أتبيعني جملك؟) قال: قلت يا رسول الله، بل أهبه لك، قال: (لا، ولكن بعنيه)، قلت: فسمنيه، قال: (قد أخذته بدرهم)، قلت: لا، إذن تغبنني يا رسول الله، قال: (فبدرهمين)، قلت: لا، فلم يزل يرفع لي رسول الله r حتى بلغ الأوقية، فقال: (أفقد رضيت؟) فقلت: رضيت، قال: (نعم)، قلت هو لك، قال (قد أخذته)[978]

وفي رواية فجعل رسول الله r يكلمني ويمازحني، ثم قال: (يا جابر، هل تزوجت بعد؟) قلت: نعم يا رسول الله، قال: (أثيبا أم بكرا؟) قلت: بل ثيبا، قال: (أفلا جارية تلاعبك وتلاعبها)، قلت: يا رسول الله إن أبي أصيب يوم أحد وترك بنات له سبعا، فنكحت امرأة تجمع رؤوسهن، وتقوم عليهن، قال: أصبت إن شاء الله، أما إنا لو قد جئنا صرارا أمرنا بجزور فنحرت، وأقمنا عليها يومنا ذلك، وسمعت بنا امرأتك فنفضت نمارقها، قلت: يا رسول الله ما لنا نمارق، قال: (إنها ستكون، فإذا أنت قدمت فاعمل عملا كيسا)، قال: فلما جئنا صرارا أمر رسول الله r بجزور فنحرت، وأقمنا عليها يومنا ذلك، فلما أمسى رسول الله r دخل، ودخلنا، فحدثت المرأة الحديث، وما قال لي رسول الله r قالت: فدونك سمعا وطاعة.

وعن زياد بن سبرة قال: أقبلت مع رسول الله r حتى وقف على أناس من أشجع وجهينة، فمازحهم، وضحك معهم، قال: فوجدت في نفسي، قلت: يا رسول الله تضاحك أشجع وجهينة؟ فغضب رسول الله r، ورفع يده تحت منكبي، ثم قال: (أما إنهم خير من بني فزارة، ومن بني بدر، وخير من بني الشريد، وخير من قومك، أو لا أستغفر الله) فلما كانت الردة لم يبق من أولئك الذين خبر عنهم رسول الله r أحد إلا ارتد، قال: وجعلت أتوقع قومي، أهمني ذلك مخافة أن يرتدوا، فأتيت عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ وكان لي صديقا، فقصصت عليه الحديث، والأمر الذي أخافه، فقال: لا تخافن أما سمعته يقول: (أو لا أستغفر الله)[979]

وعن أنس ـ رضي الله عنه ـ أن رجلا أتى رسول الله r يستحمله فقال رسول الله r: (إنا حاملوك على ولد الناقة)، فقال: يا رسول الله، ما أصنع بولد الناقة؟ فقال رسول الله r: (وهل تلد الإبل إلا النوق)[980]

وعنه  ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله r قال له: (يا ذا الأذنين)[981]

وعن عدي بن حاتم ـ رضي الله عنه ـ قال: قلت: يا رسول الله إني أضع تحت رأسي خيطين، فلم يتبين لي شئ، فقال: (إنك لعريض الوسادة ـ وفي لفظ: لعريض القفا ـ يا ابن حاتم، هو بياض النهار من سواد الليل[982].

وعن أسيد بن الحضير ـ رضي الله عنه ـ أن رجلا من الأنصار كان فيه مزاح فبينا هو يحدث القوم يضحكهم إذ طعنه رسول الله r في خاصرته بعود كان في يده، فقال: يا رسول الله أصبرني، قال: (اصطبر) قال: إن عليك قمصا، وليس علي قميص، فرفع رسول الله r، فاحتضنه، وجعل يقبل كشحه[983]، قال: أردت هذا يا رسول الله[984].

وعن خوات بن جبير ـ رضي الله عنه ـ قال: نزلت مع رسول الله r مر الظهران فخرجت من خبائي فإذا نسوة يتحدثن، فأعجبنني، فرجعت، وأخرجت حلة لي، فلبستها، ثم جلست إليهن، وخرج رسول الله r من قبته، فقال: (أبا عبد الله ما يجلسك إليهن؟) قال فهبت رسول الله r واختلطت، وقلت: يا رسول الله جمل لي شرود فأنا أبتغي له قيدا، قال: فمضى رسول الله r وتبعته، فألقى إلي رداءه، ودخل في الأراك، فكأني أنظر إلي بياض قدميه في خضرة الأراك، فقضى حاجته، ثم توضأ، ثم جاء، فقال: (أبا عبد الله ما فعل شراد جملك؟) ثم ارتحلنا، فجعل لا يلحقني في مسير إلا قال: (السلام عليك أبا عبد الله ما فعل شراد جملك؟) قال: فتعجلت إلى المدينة، واجتنبت المسجد، ومجالسة رسول الله r، فلما طال علي ذلك تحينت ساعة خلوة المسجد، فأتيت المسجد فجعلت أصلي، فخرج رسول الله r من بعض حجره فجاء فصلى ركعتين خفيفتين، ثم جلس، وطولت الصلاة، رجاء أن يذهب، ويدعني، فقال: (طول أبا عبد الله ما شئت فلست بقائم حتى تنصرف)، فقلت: والله لأعتذرن إلى رسول الله r، فانصرفت، فقال: (السلام عليك أبا عبد الله ما فعل شراد جملك؟) فقلت: والذي بعثك بالحق نبيا ما شرد ذلك الجمل منذ أسلمت، فقال: (رحمك الله مرتين أو ثلاثا)، ثم أمسك عني، فلم يعد لشئ مما كان[985].

وعن عون بن مالك ـ رضي الله عنه ـ قال: أتيت رسول الله r فقال: (عون؟) قلت: نعم يا رسول الله قال: (ادخل)، قلت: كلي؟ قال: (كلك)[986]

وعن ابن أبي الورد عن أبيه أن رسول الله r رآه قال: فرأى رجلا أحمر، فقال: (أنت أبو الورد)[987]

وعن أبي هريرة قال: كنت مع رسول الله r في سفر فثقل على القوم بعض متاعهم، فجعلوا يطرحونه علي فمر بي رسول الله r فقال: (أنت زاملة[988]) [989]

وعن سفينة ـ رضي الله عنه ـ قال: ثقل على القوم متاعهم، فقال رسول الله r: (ابسط كساءك)، فجعلوا فيه متاعهم فقال رسول الله r: (احمل فأنت سفينة)، قال: فلو حملت من يومئذ وقر بعير، أو بعيرين، أو ثلاثة ـ حتى بلغ سبعة ـ ما ثقل علي[990].

وعنه ـ رضي الله عنه ـ قال: كنا مع رسول الله r في سفر، وكان إذا أعيى بعض القوم ألقى علي سيفه، ألقى علي ترسه، حتى حملت من ذلك شيئا كثيرا، فقال رسول الله r: (أنت سفينة)[991]

هيبته:

قال رجل من الجمع: ألم يؤثر هذا في هيبته r.. فإن عهدنا سقوط الوقار ممن يمازح الناس، ويكثر من التبسم لهم؟

قال الصالحي: كلهم يمكن أن يكون كذلك إلا رسول الله r.. فوقاره من معرفته بربه وصلته به.. وهي لا يمكن أن يؤثر فيها شيء.

سكت قليلا، ثم قال: ما دمت قد ذكرت ذلك، فسأحدثك عن مبلغ الهيبة والوقار والتعظيم التي كانت لرسول الله r من أصحابه وأعدائه على حد سواء..

لقد ذكرت أم معبد ـ رضي الله عنها ـ صفته r، فقالت: (إن صمت فعليه الوقار، وإن تكلم سماه وعلاه البهاء، له رفقاء يحفون به، إن قال أنصتوا لقوله، وإن أمر ابتدروا إلى أمره، محفود محشود لا عابس ولا معتد)[992]

وعن هند بن أبي هالة قال: (كان رسول الله r فخما مفخما) [993]

وعن علي ـ رضي الله عنه ـ قال: من رأى رسول الله r بديهة هابه، ومن خالطه معرفة أحبه[994].

وعنه ـ رضي الله عنه ـ قال: كان رسول الله r ليس بالطويل، ولا بالقصير، من رآه هابه: أي أكبره وعظمه[995].

وعن ابن مسعود ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله r قد ألقيت عليه المهابة[996].

وعن أسامة بن شريك قال: كنا عند رسول الله r ما يتكلم منا متكلم، كأن على رؤوسنا الرخم[997].

وعن ابن بريدة عن أبيه قال: كنا إذا قعدنا عند رسول الله r لم ترتفع رؤوسنا إليه إعظاما له[998].

وعن أنس ـ رضي الله عنه ـ قال: كان رسول الله r إذا دخل المسجد لم يرفع أحد منا إليه رأسه غير أبي بكر، وعمر رضي الله تعالى عنهما، فإنهما كانا يبتسمان إليه، ويبتسم إليهما[999].

وعنه ـ رضي الله عنه ـ قال: كنا نجلس عند رسول الله r كأنما على رؤوسنا الطير، ما يتكلم منا أحد، إلا أبو بكر وعمر رضي الله تعالى عنهما[1000].

وعن سلمان ـ رضي الله عنه ـ أنه كان في عصابة يذكرون الله تعالى، فمر بهم رسول الله r فقام بعضهم، فجاء نحوهم قاصدا، حتى دنا منهم، فكلفوا عن الحديث إعظاما لرسول الله r [1001].

وعن أبي رمثة قال: أتيت رسول الله r ومعي ابني، فقال: يا بني هذا نبي الله r، فلما رآه أرعد من هيبته[1002].

وعنه قال: انطلقت مع أبي نحو رسول الله r، فلما رأيته، قال: هل تدري من هذا؟ قلت: لا قال: هذا رسول الله r، واقشعررت حين قال ذلك، وكنت أظن رسول الله r شيئا لا يشبه الناس، فإذا هو بشر[1003].

وعن أبي مسعود، قال: إني كنت أضرب غلاما لي، إذ سمعت صوتا من خلفي: أعلم أبا مسعود الله أقدر عليك منك عليه قال: فجعلت لا ألتفت إليه من الغضب، حتى غشيني، فإذا هو رسول الله r، فلما رأيته وقع السوط من بين يدي من هيبته[1004].

وكان رسول الله r يباسط من لاحظ منه ذلك، ويخفف عنه، فعن قيلة بنت مخرمة قالت: لما رأيت رسول الله r متخشعا في الجلسة أرعدت من الفرق، فقال جليسه: يا رسول الله أرعدت المسكينة، فقال رسول الله r ـ ولم ينظر إلى، وأنا عند ظهره ـ:( يا مسكينة، عليك بالسكينة)، فلما قالها رسول الله r أذهب الله تعالى ما دخل قلبي من الرعب[1005].

وعن يزيد بن الأسود السوائي ـ رضي الله عنه ـ قال: حججنا مع رسول الله r حجة الوداع، فصلى بنا صلاة الصبح فانحرف، فاستقبل الناس بوجهه r فإذا هو برجلين من وراء الناس لم يصليا مع الناس فقال: (ائتوني بهذين الرجلين)، فأتي بهما ترعد فرائضهما، فقال: (ما منعكما أن تصليا مع الناس؟) قالا: يا رسول الله، إنا قد صلينا في رحالنا، فقال: (فلا تفعلا، إذا صلى أحدكم في رحله ثم أدرك الصلاة مع الإمام فليصلها معهم، فإنها له نافلة)[1006]

وعن أبي مسعود الأنصاري ـ رضي الله عنه ـ قال: كنا نجلس مع رسول الله r فكلم النبي r رجلا فأرعد، فقال: (هون عليك، فإني لست بملك، إنما أنا ابن امرأة من قريش كانت تأكل القديد)[1007]

وعن قيس بن أبي حازم، أن رجلا أتى رسول الله r، فقام بين يديه، فأخذه من الرعدة شئ فقال رسول الله r: (هون عليك، فإني لست ملكا، إنما أنا ابن امرأة من قريش كانت تأكل القديد)[1008]

غضبه:

قال رجل من الجمع: أنت تعلم يا صاحبي ما في طبعي من الحدة.. وإني أخشى أن أكون مبتدعا بذلك.. فقد ذكرت أن سنة رسول الله r هي الابتسامة والمزاح والمداعبة.

قال الصالحي: أبشر.. فإنك إذا وضعت حدتك وغضبك في موضعها الصحيح كنت مستنا بسنة من سنن رسول الله r وهي الغضب للحق..

قال الرجل: كيف تقول ذلك.. وقد حدثتنا عن لطفه r وسماحته ولينه.

ابتسم الصالحي، وقال: الكامل من الرجال هو من:

يتلقى الندى بوجه صبيح = وصدور القنا بوجه وقاح

فبهذا وذا تتم المعالي =     طرق الجد غير طرق المزاح

لقد كان رسول الله هينا لينا، ولكنه كان حديدا شديدا إذا انتهكت محارم الله، قالت عائشة ـ رضي الله عنها ـ: ما رأيت رسول الله r منتصرا لنفسه قط، وكان إذا انتهك من محارم الله كان أشدهم في ذلك[1009].

قال الرجل: فكيف كان يظهر غضبه r.. فإن بعضنا إذا غضب لم تطقه الدنيا، ولم يطقها.

قال الصالحي: ذلك هو الجهول.. أما محمد r.. فلم يكن يظهر غضبه إلا على وجهه.. لقد كان وجهه كالمرآة الصافية التي يبدو عليها سروره وغضبه، ورضاه وسخطه..

لقد وصف كعب بن مالك ـ رضي الله عنه ـ سروره، فقال: كان رسول الله r إذا سر استنار وجهه، كأنه دارة القمر[1010].

ووصفته عائشة ـ رضي الله عنها ـ فقالت: دخل علي رسول الله r مسرورا تبرق أسارير وجهه[1011].

ووصفت أم سلمة ـ رضي الله عنها ـ غضبه، فقالت: كان رسول الله r إذا غضب احمر وجهه[1012].

ووصفه  عمران بن حصين ـ رضي الله عنه ـ فقال: كان رسول الله r، إذا كره شيئا عرف ذلك في وجهه[1013].

ووصفه هند بن أبي هالة قال: كان رسول الله r واسع الجبينين، أزج الحواجب، في غير قرن، بينهما عرق يدره الغضب، إذا غضب أعرض وأشاح، وإذا فرح غض طرفه[1014].

ووصفه أبو هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: خرج علينا رسول الله r، ونحن نتنازع في القدر فغضب حتى احمر وجهه، كأنما ألقي على وجهه حب الرمان، حتى أقبل علينا فقال: (أبهذا أمرتم؟ أم بهذا أرسلت إليكم؟ هلك من كان قبلكم حين تنازعوا في هذا الأمر، عزمت عليكم أن لا تفعلوا)[1015]

ووصفه عبد الله بن عمرو ـ رضي الله عنه ـ قال: كنا جلوسا بباب رسول الله r فقال بعضهم لبعض: ألم يقل الله تعالى: كذا وكذا، فسمع رسول الله r بذلك فخرج فكأنما عصر على وجهه حب الرمان، فقال: (أبهذا أمرتم؟ أو لهذا خلقتم؟ لا تضربوا كتاب الله تعالى بعضه ببعض، إنما ضلت الأمم قبلكم في مثل هذا وانظروا إلى الذين نهيتم عنه فانتهوا عنه)[1016]

ووصفته عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: كان رسول الله r إذا أمرهم بما يستطيعون من العمل قالوا: يا رسول الله، إنا لسنا كهيأتك، إن الله تعالى قد غفر لك ما تقدم من ذنبك، وما تأخر، فيغضب حتى يعرف ذلك في وجهه، ثم يقول: (أنا أتقاكم، وأعلمكم بالله)[1017]

ووصفه أبو بكر ـ رضي الله عنه ـ فذكر أن رسول الله r استعمل رجلا من بني عبد الأشهل على الصدقة فلما قدم سأله إبلا من الصدقة، فغضب رسول الله r حتى عرف الغضب في وجهه ـ أن تحمر عيناه ـ ثم قال: (إن الرجل ليسألني ما لا يصلح لي ولا له، فإن منعته كرهت المنع، وإن أعطيته أعطيته ما لا يصلح لي، ولا له)، فقال الرجل: يا رسول الله لا أسألك شيئا منها[1018].

قال الرجل: أهذا ما كان يعرف به عند غضبه؟

قال الصالحي: هناك غير هذا.. وهو لا يخرج إلى الجهل الذي يقع فيه من سيطر عليه الشيطان حال غضبه..

ومن ذلك ما حدثت به عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: كان رسول الله r إذا اشتد وجده أكثر من مس لحيته[1019].

وعنها ـ رضي الله عنها ـ قالت: كان رسول الله r إذا اشتد وجده مسح بيده على رأسه ولحيته، وتنفس الصعداء، وقال: (حسبي الله ونعم الوكيل) فيعرف بذلك شدة غمه[1020].

***

ظلت الجماعة تسأل الصالحي إلى أن أذن العصر، حينها ابتدر بعض أفراد الجماعة مسرعا، يريد الانصراف، فنظر إليهم الصالحي مبتسما، وقال: ألم تنسوا شيئا؟

أخذوا ينظرون في أماكنهم، ثم قالوا: لا.. لم ننس شيئا.. فنحن لم نحضر معنا شيئا حتى ننساه.

ابتسم، وقال: ربما لم تحضروا.. ولكنكم أخذتم.. فلا تنسوا ما أخذتموه.

قالوا: أجل.. لقد أخذنا الكثير.. فبورك فيك..

قال: إن رسول الله r هو قدوتنا وأسوتنا الذي به نقتدي، ولا خير في أن نحفظ سنته، ثم نضيعها.

قالوا: فما الذي نسيناه منها؟

قال: بم كان يختم رسول الله r مجالسه؟

قال رجل منهم: بورك فيك.. لقد كدنا نغفل عن تلك السنة العظيمة.. نعم.. لقد حدثتنا أن أمنا عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: كان رسول الله r إذا جلس مجلسا أو صلى تكلم بكلمات، فسألته عن الكلمات فقال:( إن تكلم بخير كان طابعا عليهن إلى يوم القيامة، وإن تكلم بشر كان كفارة له، سبحانك اللهم وبحمدك، لا إله إلا أنت، أستغفرك، وأتوب إليك)[1021]

قالت الجماعة جميعا بعدها: سبحانك اللهم وبحمدك، لا إله إلا أنت، أستغفرك، وأتوب إليك.

ثم خرجوا إلى المسجد، وخرجت معهم.. وقد كان لهم من الأخلاق والأدب ما جعلني أشعر بأن العلاقات التي أسسها محمد r لا يوجد في الدنيا ما يشبهها أو يقترب منها، فهي علاقات في الله وبالله ومن الله.. وما عقده الله لا يمكن أن يحله البشر[1022].

6 ـ لباسه

بعد أن خرجنا من المسجد، قال لي الصالحي: سأذهب بك إلى سوق من أعرق أسواق دمشق، وأكثرها جمالا، وأوفرها بركات..

قلت: أنت تعرف أني لست سائحا، ولا تاجرا.. فلذلك لا رغبة لي فيما يطلبه السواح، ولا فيما تهفو إليه عيون التجار.. أنا لي مطلب واحد هو البحث عن الإنسان الكامل.

قال: والإنسان الكامل قد تجده في السوق.. إن ربك أعظم من أن يحرم السوق من عباده الكمل..

قلت: صدقت.. لقد التقيت في يوم من الأيام في سوق من أسواق بغداد وارثا لا تزال ذكراه عالقة في ذهني..

قال: ذلك الذي علمك الورع..

قلت: لكأني بك تعرفه.

قال: تقصد بشرا.. إن بشرا هو وارث من ورثة الورع النبوي.

قلت: اعذرني.. لقد نسيت أنك متوسم..

قال: فلذلك أردت أن أذهب بك إلى هذا السوق.. فالإنسان الكامل يحتاج إلى لباس يلبسه، وآداب يتحلى بها حين يلبسه.

سرت مع الصالحي إلى ذلك السوق الذي حدثني عنه.. فرأيته سوقا في منتهى الجمال والتناسق.. وقد كانت روائح الورع تفوح منه كما كانت تفوح في ذلك السوق من أسواق بغداد.

وقد كانت ذلك السوق ـ على ما يبدو منه ـ مختص في اللباس العربي القديم.. فلم أر فيه أي لباس من الألبسة التي تستعمل هذه الأيام.

سألت الصالحي، وقلت: أهذا السوق يعادي الحداثة؟

قال: وكيف عرفت ذلك؟

قلت: أرى كل الثياب المعروضة هنا من النوع العتيق الذي نفر منه الكثير من المعاصرين.. بل أنت نفسك لا أراك تلبسه.

قال: الحداثة لا ترتبط باللباس.. والحداثة لا يمكن اعتبارها قيمة تحترم بها الأشياء أو تحتقر.. فالإنسان هو الإنسان قديما أو حديثا..  في القديم كان الأولياء والأشقياء، وفي الحديث كذلك.. ولا يمكن في موازين العدل الإلهية أن يميز الناس على أساس أعصارهم.

قلت: أسلم لك بهذا.. ولكن هناك شيئا في عصرنا يسمى (الموضة) وعلى أساس يرمى الجديد الذي لم يلبس بحجة أن الزمان تجاوزه.

قال: لقد ذكر رسول الله r ذلك، فقال:( تعس عبد الدينار، وعبد الدرهم، وعبد الخميصة، إن أعطي رضي، وإن لم يعط سخط، تعس وانتكس، وإذا شيك[1023]، فلا انتقش[1024])[1025]

إن هذا الحديث الشريف يدعو الإنسانية جميعا لأن تتحرر من ربقة العبودية التي يضعها فيها تجار الأزياء.. أولئك الذين يخترعون كل يوما لباسا ليستعبدوا البشر من خلاله.

قلت: أيصل الأمر إلى درجة الاستعباد؟

ربت على كتفي رجل، وقال: أجل.. الإنسان الكامل المحرر هو الذي أعتق من غير الله تعالى، فصار حراً مطلقاً، فإذا تقدمت هذه الحرية صار القلب فارغاً، فحلت فيه العبودية لله فتشغله بالله وبمحبته، وتقيد باطنه وظاهره بطاعته، فلا يكون له مراد إلا الله تعالى، ثم يتجاوز هذا إلى مقام أسمى منه يسمى (الحرية)، وهو أن يعتق أيضاً عن إرادته لله من حيث هو، بل يقنع بما يريد الله له من تقريب أو إبعاد فتفنى إرادته في إرادة الله تعالى، وهذا عبد عتق عن غير الله فصار حراً، ثم عاد وعتق عن نفسه فصار حراً، وصار مفقوداً لنفسه موجوداً لسيده ومولاه، إن حركه تحرك وإن سكنه سكن، وإن ابتلاه رضي، لم يبق فيه متسع لطلب والتماس واعتراض، بل هو بين يدي الله كالميت بين يدي الغاسل[1026]..

قاطعه الصالحي، وقال: رويدك يا أخي.. فأنت تتحدث عن مقامات عالية لا طاقة لنا بها.

قال الرجل: ولن يكمل الإنسان إلا بها.. ولن يكون وارثا إلا بالتحقق بها.

قلت: من أنت؟.. لكأني بك أحد الورثة.

قال الرجل: أنا مثلك أجول في بلاد الله بحثا عن أهل الله من الذين تشرفوا بالسير على قدم محمد r.

قلت: فما الذي جاء بك إلى هذه السوق؟

قال: لقد حدثني عنها بعض الورثة، فذكر لي حنين الورثة إلى التحلي بالحلة التي كان عليها رسول الله r.. فلذلك يقصدون هذه السوق المختصة فيها.. فأنا آتي كل حين لألتقي بهم، وأتشرف بالاستفادة من أنوارهم.. فهم المرائي التي تعكس أشعة شمس محمد r.

قال ذلك، ثم انصرف مسرعا، وكأنه يبحث عن شيء خاف أن يضيع منه.

ثيابه:

دخلنا إلى محل من المحال، كان يعرض أنواعا رائعة من الثياب.. ورأيت صاحبه يحدث رجلا، ويقول: لقد كان رسول الله r يحب القميص..

قال الرجل: أعلم هذا.. وأنا لم آتك لأجل هذا.. وإنما أتيتك لتحدثني الأحاديث الواردة فيه، فلا يحلو لي لبس القميص إلا بتذكر ذلك العظيم الذي لبسه.

قال التاجر: لقد حدث أنس ـ رضي الله عنه ـ قال: كان لرسول الله r قميص من قطن، قصير الطول قصير الكم[1027].

وعنه قال: كان رسول الله r يلبس قميصا فوق الكعبين، مستوى الكمين بأطراف أصابعه[1028].

وعنه قال: كان رسول الله r له قميص قبطي قصير الطول قصير الكمين[1029].

وعن أبي الدرداء ـ رضي الله عنه ـ قال: لم يكن لرسول الله r إلا قميص واحد[1030].

وعن معاوية بن مرة عن أبيه قال: أتيت رسول الله r في رهط من مزينة فبايعناه، وإن قيمصه لمطلق الإزار[1031].

وعن زيد بن أسلم قال: رأيت ابن عمر محلول الإزار، فسألته عن ذلك فقال: رأيت رسول الله r يصلي كذلك[1032].

وعن عطاء بن أبي رباح قال: قلت لعبد الله بن عمر: أشهدت بيعة الرضوان مع رسول الله r؟ قال: نعم، قلت: فما كان عليه؟ قال: قيمص من قطن، وجبة محشوة، ورداء وسيف، ورأيت النعمان ابن مقرن المزني قائما على رأسه، والناس يبايعونه[1033].

وعن ابن عمر ـ رضي الله عنه ـ قال: ما اتخذ رسول الله r قميصا فيه زر[1034].

وعن أم سلمة ـ رضي الله عنها ـ قالت: (كان كم رسول الله r إلى الرصغ[1035])[1036].

وعن جمع من الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ قالوا: كان كم رسول الله r إلى الرسغ[1037].

وعن ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله r لبس قميصا وكان فوق الكعبين[1038]، وكان كمه إلى الأصابع[1039].

وعنه قال: كان رسول الله r يلبس قميصا قصير اليدين والطول[1040].

وعنه أن رسول الله r لبس قميصا، وكان كماه مع الأصابع[1041].

وعن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: كان على رسول الله r ثوبان غليظان، فقلت: يا رسول الله: إن ثوبيك هذين خشنان ترشح فيهما فيثقلان عليك[1042].

قال الرجل: سأشتري هذا القميص.. فهل هناك غيره من الألبسة التي وردت فيها الآثار عن النبي r؟

قال التاجر: هناك الجبة.. لقد وردت النصوص في الحديث عنها.

قال الرجل: أرنيها.

قال التاجر: هناك نوعان، وكلاهما ورد ذكره في النصوص.

قال الرجل: أرني الأولى.

أراه التاجر جبة، وقال: هذه جبة رومية.. لقد ورد ذكرها في حديث لابن عمر ـ رضي الله عنه ـ قال: رأيت أبا القاسم r وعليه جبة شامية ضيقة الكمين[1043].

وعن عبادة بن الصامت ـ رضي الله عنه ـ قال: خرج علينا رسول الله r وعليه جبة رومية من صوف ضيقة الكمين فصلى بنا فيها، ليس عليه شئ غيرها[1044].

وعن دحية الكلبي ـ رضي الله عنه ـ أنه أهدى لرسول الله r جبة من الشام[1045].

وعن عمر ـ رضي الله عنه ـ قال: رأيت رسول الله r عليه جبة شامية، مفترق خصرها[1046].

قال الرجل: ضعها لي في القفة.. أرني الجبة الأخرى.

أخذ التاجر جبة أخرى، وقال: هذه جبة من النوع الثاني.. هي جبة غير رومية.. لقد ورد ذكرها في حديث عبد الله مولى أسماء بنت أبي بكر الصديق ـ رضي الله عنها ـ قال: أخرجت إلينا أسماء جبة من طيالسة لها لبنة من ديباج كسرواني ـ وفي لفظ كسروانية ـ وفروجها مكفوفة به ـ وفي لفظ وفرجاها مكطوفان بالديباج ـ فقالت: هذه جبة رسول الله r، كان يلبسها، فلما توفي كانت عند عائشة، فلما توفيت عائشة قبضتها، نحن نغسلها للمريض منا إذا اشتكى، وفي لفظ للمرض، ونستشفي بها[1047].

وعن أسماء ـ رضي الله عنها ـ قالت: كان لرسول الله r جبة طيالسة مكفوفة بالديباج، فكان يلقى فيها العدو[1048].

وعن المغيرة بن زياد مولى أسماء قالت: رأيت ابن عمر اشترى عمامة لها علم، فدعا بالجلمين فقصه، فدخلت على أسماء، فذكرت ذلك لها فقالت: بؤسا لعبد الله، يا جارية هاتي جبة رسول الله r فجاءت بجبة مكفوفة الكمين والجيب والفرج بالديباج[1049].

وعن ابن عمر ـ رضي الله عنه ـ أن أسماء بنت أبي بكر ـ رضي الله عنها ـ أخرجت جبة مزررة بالديباج، فقالت: كان رسول الله r يلبس هذه إذا لقي العدو[1050].

وعن طارق بن عبد الله المحاربي ـ رضي الله عنه ـ قال: رأيت رسول الله r بسوق ذي المجاز وعليه جبة حمراء[1051].

وعن سهل بن سعد ـ رضي الله عنه ـ قال: توفي رسول الله r وله جبة صوف في الحياكة[1052].

وعنه قال: كان لرسول الله r جبة صوف أنمار فلبسها، فما أعجب بثوب ما أعجب به، فجعل يمسه بيده ويقول: (انظروا ما أحسنه!) وفي القوم أعرابي فقال:( يا رسول الله هبها لي، فخلعها، فدفعها في يده[1053].

وعن أنس ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله r أهدي له أكيدر دومه جبة من سندس منسوج فيها الذهب، فلبسها رسول الله r فعجب الناس منها فقال:( أتعجبون من هذه؟ فوالذي نفسي بيده لمناديل سعد ابن معاذ في الجنة أحسن منها)، وأهداها إلى عمر ـ رضي الله عنه ـ فقال: يا رسول الله أتكرهها وألبسها، فقال:( يا عمر إنما أرسلت بها لتبيعها) وذلك قبل أن ينهي عن الحرير[1054].

وعن داود بن داود أن قيصر أهدى لرسول الله r جبة من سندس، فاستشار أبا بكر وعمر فقالا: يا رسول الله، نرى أن تلبسها، يكبت الله بها عدوك، ويسر المسلمين، فلبسها، وصعد المنبر فخطب وكان جميلا يتلألأ وجهه فيها، ثم نزل فخلعها، فلما قدم عليه جعفر وهبها له[1055].

وعن أبي سعيد ـ رضي الله عنه ـ قال: خرج علينا رسول الله r وعليه جبة من سندس، فما رأيناه منذ زمان أحمد منه في ذلك اليوم، فقام فنزعها، ثم خرج في برد حبرة فقال:( (الحرير لباس أهل الجنة، فمن لبسه في الدنيا لم يلبسه في الآخرة)[1056]

وعن جابر ـ رضي الله عنه ـ: أن راهبا أهدى لرسول الله r جبة سندس فلبسها رسول الله r، ثم أتى البيت فوضعها، وأحسن بوفد، فأمر عمر ـ رضي الله عنه ـ أن يلبسها لقدوم الوفد فقال:( لا يصلح لنا لباسها في الدنيا، وتصلح لنا في الأخرة).. الحديث[1057].

قال الرجل: ضعها لي في القفة.. أرني ثوبا آخر من الثياب التي كان يلبسها حبيبي r.

جلب التاجر مجموعة ثياب، وقال: هذه الحلة[1058] مفصلة على الهيئة التي فصلت عليها الحلة التي كان يلبسها رسول الله r.

قال الرجل: فهل وردت الآثار التي تذكرها؟

قال التاجر: أجل.. ولولا ذلك ما استطعنا تفصيلها بهذه الكيفية.

قال الرجل: فهلم حدثني بها.. فما أشوقني للأحاديث المزينة بذكر رسول الله r.

قال التاجر: لقد حدث ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ قال: لقد رأيت على رسول الله r أحسن ما يكون من الحلل[1059].

وحدث جابر بن سمرة ـ رضي الله عنه ـ قال: رأيت رسول الله r وعليه حلة حمراء[1060].

وحدث قدامة الكلابي ـ رضي الله عنه ـ قال: رأيت عشية عرفة رسول الله r وعليه حلة حبرة[1061])[1062].

وحدث أنس بن مالك ـ رضي الله عنه ـ أن مالكا ذا يزن أهدى لرسول الله r حلة أخذها بثلاثة وثلاثين ناقة فقبلها[1063].

وحدث البراء ـ رضي الله عنه ـ قال: كان رسول الله r مربوعا، وقد رأيته في حلة حمراء، ما رأيت شيئا أحسن منه r [1064].

وحدث عبد الله بن الحارث قال: اشترى رسول الله r حلة بسبع وعشرين ناقة فلبسها[1065].

وحدث أبو جحيفة ـ رضي الله عنه ـ قال: رأيت بلالا ـ رضي الله عنه ـ جاء بعنزة فركزها، ثم أقام الصلاة، فرأيت رسول الله r خرج في حلة حمراء شمراء.. الحديث[1066].

وحدث يزيد بن عياض قال: أهدى حكيم بن حزام ـ رضي الله عنه ـ للنبي r في الهدنة التي كانت بين رسول الله r وبين قريش حلة ذي يزن اشتراها بثلاثمائة دينار، فردها عليه، وقال:(إني لا أقبل هدية مشرك)، فباعها حكيم، فأمر رسول الله r من اشتراها له فلبسها رسول الله r، فلما رآه حكيم قال له:

يحبس الحكام بالفضل بعد ما = بدا سابق ذو غرة وجحول[1067]

قال الرجل: ضعها لي في القفة.. أرني ثوبا آخر من الثياب التي كان يلبسها طبيب القلوب r.

جلب التاجر ثوبا آخر، وقال: هذا القباء[1068].. وهو ليس من الحرير.. فلذلك لا تخف.. يمكنك أن تلبسه، لأن النبي r ما تركه إلا لأجل كونه من الحرير.

لقد حدث عقبة بن عامر ـ رضي الله عنه ـ قال: أهدي لرسول الله r فروج حرير فلبسه، فصلى فيه، ثم انصرف فنزعه نزعا شديدا كالكاره له وقال:(لا ينبغي هذا للمتقين)

وعن جابر ـ رضي الله عنه ـ قال: لبس رسول الله r قباء ديباج أهدي له، ثم أوشك أن نزعه، فأرسل به إلى عمر فقيل: قد أوشك ما نزعته يا رسول الله، فقال:( نهاني عنه جبريل u)، فجاءه عمر يبكي، فقال: يا رسول الله، كرهت أمرا وأعطيتنيه فما لي؟ فقال:( (إني لم أعطكه لتلبسه، إنما أعطيتكه لتبيعه)، فباعه عمر بألفي درهم[1069].

وقد روي أن رسول الله r أعطاه لغيره.. فعن المسور بن مخرمة ـ رضي الله عنه ـ قال: قسم رسول الله r أقبية، ولم يعط مخرمة شيئا، فقال مخرمة: يا بني انطلق بنا إلي رسول الله r، فانطلقت معه، فقال:( ادخل فادعه لي)، فدعوته، فخرج إليه وعليه قباء، فقال:(خبأت هذا لك)، قال: فنظر إليه، فقال:(رضى مخرمة)[1070]

بكى الرجل، وقال: كم لديك من هذه الأقبية؟

قال التاجر: بقي لي عشرة منها.

قال الرجل: ائتني بها جميعا.

ذهب التاجر، وأتاه بها جميعا، فأخذها، وقال: سأفعل بها ما فعل بها رسول الله r..

قال ذلك، ثم أخذ واحدا منها، وسلمه لي، وأخذ آخر، وسلمه للصالحي، ثم وزع البقية على سائر من زار المحل، وكلهم شكروه وأثنوا عليه، ودعوا له.

عاد الرجل للتاجر، وقال: أرني ثوبا آخر من الثياب التي كان يلبسها نور القلوب r.

أسرع التاجر، وجلب ثوبا آخر، وقال: هذه ملحفة.. وقد كان r يلبسها أحيانا.

قال الرجل: فحدثني بالأحاديث التي وردت فيها.. فلا تحلو الأشياء إلا بذكره.

قال التاجر: حدث ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ قال: خرج رسول الله r وعليه ملحفة متغطيا بها على منكبيه، وعليه عمامة دهماء[1071].

وحدثت عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: كان لرسول الله r ملحفة مصبوغة بورس، كان يلبسها في بيته، ويدور فيها على نسائه، ويصلي فيها[1072].

وحدث أنس ـ رضي الله عنه ـ قال: كان لرسول الله r ملحفة مورسة يدور بها بين نسائه، فربما نضحت بالماء ليكون أزكى لريحها[1073].

قال الرجل: ضعها لي في القفة.. وأرني ثوبا آخر من الثياب التي كان يلبسها نور بصري r.

أسرع التاجر، وجلب ثوبا آخر، وقال: هذا الإزار.. وهو مفصل على حسب الإزار الذي كان يرتديه رسول الله r.

قال الرجل بلهفة: فحدثني بالأحاديث الواردة في ذلك..

قال التاجر: لقد حدث ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ فذكر أن رسول الله r أرخي مقدم إزاره حتى تقع حاشيتاه، ويرفع الإزار مما وراءه[1074].

وعنه: قال: رأيت رسول الله r يأتزر تحت سرته، وتبدو سرته، ورأيت عمر ـ رضي الله عنه ـ يأتزر فوق سرته[1075].

وعن عثمان ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله r كان يأتزر على نصف الساق[1076].

وعن أبي برزة ـ رضي الله عنه ـ قال: أخرجت إلينا عائشة ـ رضي الله عنها ـ إزارا غليظا مما يصنع باليمن، وكساء من هذه التي تدعي الملبدة فأقسمت لي لقبض النبي r فيهما[1077].

وعن شهر بن حوشب قال: جئت أم سلمة أعزيها بالحسين ـ رضي الله عنه ـ فحدثتنا أم سلمة أن رسول الله r كان في بيتها فصنعت له فاطمة ـ رضي الله عنها ـ سخينة وجاءته بها فقال:(انطلقي فادعي ابن عمك، وابنيك)، فجاءته بهم، فأكلوا معه من ذلك الطعام، قالت: فأخذ رسول الله r فضل كساء لنا خيبري كان تحته، ثم رفع رأسه إلى السماء وقال:(اللهم هؤلاء عترتي، وأهل بيتي، اللهم فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا)، فقلت: يا رسول الله وأنا من أهلك؟ قال:(وأنت إلى خير)[1078]

وعن ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ قال: رأيت رسول الله r يصلي في كساء أبيض في غداة، تارة يتقي بالكساء برد الأرض ليديه ورجليه[1079].

وعن الشعث بن سليم قال: سمعت عمتي تحدث عن عمها قال: بينا أن أمشي في المدينة إذا إنسان خلفي يقول: ارفع إزارك، فإنه أنقى، وأبقى، فإذا هو رسول الله r فقلت: يا رسول الله، إنما هي بردة قال:(أما لك في أسوة؟) فنظرت، فإذا إزاره إلى نصف ساقيه[1080].

وعن جابر بن عبد الله ـ رضي الله عنه ـ قال: دخل جرير بن عبد الله البجلي على رسول الله r وعنده أصحابه، فظل كل رجل بمجلسه، فأخذ رسول الله r رداءه، فألقاه إليه، فتلقاه بنحره ووجهه فقبله، ووضعه على عينيه، وقال: أكرمك الله يا رسول الله[1081].

وعن داود بن الحصين عن شيخه ابن عبد الأشهل أن رسول الله r صلى في مسجد بني الأشهل ملتحفا بكساء، فكان يضع يديه على الكساء يقيه برد الحصى إذا سجد[1082].

وعن أنس ـ رضي الله عنه ـ قال: كنت مع النبي r، وعليه رداء نجراني غليظ الحاشية[1083].

وعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله r كان يرى عظلة ساقه من تحت إزاره[1084].

وعن أبي، ذر الغفاري ـ رضي الله عنه ـ قال: أتيت رسول الله r، وهو في ظل الكعبة متوسدا برداء له.. الحديث[1085].

وعن صفوان بن عسال ـ رضي الله عنه ـ قال: أتيت رسول الله r وهو في المسجد متكئ على رداء له أحمر.. الحديث[1086].

عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: كنت مع رسول الله r وعلينا شعارنا، وقد ألقينا فوقه، كساء، فلما أصبح رسول الله r أخذ الكساء فلبسه، ثم خرج فصلى الغداة.. الحديث[1087].

قال الرجل: ضعه في القفة.. وأتني بثوب آخر من ثياب حبيبي r.

أسرع التاجر، وأحضر ثوبا آخر، وقال: هذه بردة مفصلة بحسب البردة التي كان يلبسها رسول الله r.

قال الرجل: فحدثني بالأحاديث الواردة في ذلك..

قال التاجر: لقد حدث سهل بن سعد ـ رضي الله عنه ـ قال: جاءت امرأة إلى رسول الله r ببردة، قال سهل: هل تدرون ما البردة؟ قالوا: نعم، هي الشملة، منسوج في حاشيتها، قالت: يا رسول الله إني نسجت هذه بيدي أكسوكها، فأخذها رسول الله r محتاجا إليها، فخرج إلينا، وإنها لإزاره، فطلبها رجل من القوم فقال:(يا رسول الله أكسنيها).. الحديث[1088].

وعن عائشة ـ رضي الله عنها ـ أن رسول الله r لبس بردة سوداء، فقالت عائشة: ما أحسنها عليك يا رسول الله، يشرب بياضك سوادها، ويشرب سوادها بياضك، فبدت منها ريح الصوف فألقاها وكان يحب الريح الطيبة[1089].

وعن سليم بن جابر ـ رضي الله عنه ـ ي قال: أتيت رسول الله r، وهو جالس في أصحابه، وإذا هو محتب، ببردة قد وقع هدبها على قدميه[1090].

وقد حدث أبو محمد البغوي، قال:( رأيت بمعدموق وهو حصن قرب مدينة صور على الساحل سنة ثلاث وخمسين وثلاثمائة بردة للنبي r وهي على صبي من ولد مبرور الأذري صاحب رسول الله r، وهي ألوان مسمرة نظيفة، ذكروا أن النجاشي كان أهداها إلى رسول الله r، فكساه إياها، وقد تقطع بعضها، وذكروا أن رجلا من الولادة أراد أخذها، فأدخلت في مطمورة تحت الأرض، فتقطعت، وإلا كانت صحيحة، وألوانها بحسنها، ولا ندري من أي شئ هي إن كانت قطنا أو وبرا أو حريرا، وما حقيقة الثوب)[1091]

قال الرجل: ضعها لي في القفة.. وأرني ثوبا آخر من الثياب التي كان يلبسها سيد الأنبياء r.

أسرع التاجر، وجلب ثوبا آخر، وقال: هذه شملة[1092].. وهي مفصلة على حسب الشملة التي كان يرتديها رسول الله r.

قال الرجل بلهفة: فحدثني بالأحاديث الواردة في ذلك..

قال التاجر: لقد حدث جابر ـ رضي الله عنه ـ قال: رأيت رسول الله r وهو محتب بشملة، قد رقع هدبها على قدميه[1093].

وعن عبادة بن الصامت ـ رضي الله عنه ـ قال: صلى بنا رسول الله r في شملة أراد أن يتوشح بها فضاقت، فعقدها في عنقه هكذا، وأشار عبادة إلى قفاه ليس عليه غيرها[1094].

وعن جابر بن سليم الهجيمي ـ رضي الله عنه ـ قال: أتيت رسول الله r، وهو محتب بشملة قد وقع هدبها على قدميه[1095].

قال الرجل: ضعها لي في القفة.. وأرني ثوبا آخر من الثياب التي كان يلبسها أعرف العارفين بالله r.

أسرع التاجر، وجلب ثوبا آخر، وقال: هذه الخميصة[1096].. وهي مفصلة على حسب الخميصة التي كان يرتديها رسول الله r.

قال الرجل: فحدثني بالأحاديث الواردة في ذلك..

قال التاجر: لقد حدثت عائشة ـ رضي الله عنها ـ أن أبا جهم بن حذيفة أهدى لرسول الله r خميصة شامية لها علم، فشهد فيها الصلاة، فلما انصرف قال:( ردوا هذه الخميصة إلى أبي جهم، فإني نظرت إلى علمها في الصلاة فكاد يفتنني)[1097]

وعنها ـ رضي الله عنها ـ قالت: صلى رسول الله r في خميصة لها أعلام، فنظر إلى أعلامها نظرة، فلما سلم قال:(اذهبوا بخميصتي هذه إلى أبي جهم، فإنها ألهتني عن صلاتي، وائتوني بانجبانية أبي جهم)[1098]

وعن ابن عباس وعائشة ـ رضي الله عنهما ـ قالا: لما نزل رسول الله r إلى حذيفة طفق يطرح خميصة له على وجهه، فإذا اغتم كشفها عن وجهه[1099].

وعن النعمان بن بشير ـ رضي الله عنه ـ قال: سمعت رسول الله r يقول: (أنذرتكم النار، حتى أن رجلا لو كان بالسوق لسمعه من مقامي له، حتى وقعت خميصة له كانت على عاتقه)[1100]

قال الرجل: ضعها لي في القفة.. وأرني ثوبا آخر من الثياب التي كان يلبسها ولي الأولياء r.

أسرع التاجر، وجلب ثوبا آخر، وقال: هذه السراويل.. وهي مفصلة على حسب السراويل التي كان يرتديها رسول الله r.

قال الرجل بلهفة: فحدثني بالأحاديث الواردة في ذلك..

قال التاجر: لقد حدث سويد بن قيس ـ رضي الله عنه ـ قال: جلبت أنا ومخرمة العبداني البز[1101] من هجر[1102]، فأتينا مكة، فجاءنا رسول الله r ونحن بمني، فساومنا سراويل، فبعناه منه بوزن ثمنه، قال للذي يزن: (زن وأرجح)[1103]

وعن أبي صفوان مالك بن عميرة الأسدي ـ رضي الله عنه ـ أنه باع من النبي r قبل أن يهاجر أو يرحل سراويل، فلما وزن له أرجح له[1104].

وعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله r اشترى سراويل بأربعة دراهم، فقلت: يا رسول الله إنك لتلبس السراويل، فقال:(نعم في السفر والحضر، وبالليل والنهار، فإني أمرت بالستر، فلم أجد شيئا أستر منه)[1105]

قال الرجل: صدق رسول الله r.. ضعها في القفة.. وأتني بغيرها.

أتى الرجل بمجموعة ثياب، وقال: هذه مجموعة ثياب وردت النصوص بذكرها.

قال التاجر: فحدثني بالأحاديث الواردة فيها.

قال الرجل: أولها هذه النمرة[1106].. وقد حدث حديثها عبد الله بن سرجس، فذكر أن رسول الله r صلى يوما وعليه نمرة، فقال لرجل من أصحابه: (اعطني نمرتك، وخذ نمرتي) فقال:( يا رسول الله نمرتك أجود من نمرتي قال:( (أجل، ولكن فيها خيط أحمر، فخشيت أن أنظر إليها، فتفتنني في صلاتي)[1107]

وعن سهل بن سعد قال:( حيكت لرسول الله r حلة من أنمار من صوف أسود، وجعل لها ذؤابتان من صوف أبيض، فخرج رسول الله r إلى المجلس وهي عليه، فضرب على فخذه وقال:( (ألا ترون ما أحسن هذه الحلة!) فقال أعرابي: يا رسول الله ألبسني هذه الحلة، وكان رسول الله r إذا سئل شيئا لم يقل لشئ يسأله لا قال:( (نعم)، فدعا بقطريتين فلبسهما، وأعطى الأعرابي الحلة، وأمر بمثلها تحاك، فمات رسول الله r وهي في الحياكة[1108].

وهذا البرنس.. وقد ورد ذكره في حديث حدث به عاصم بن كليب عن أبيه عن خاله قال: أتيت رسول الله r فوجدتهم يصلون في البرانس والأكسية، وأيديهم فيها[1109].

وهذه الحبرة.. وقد ورد ذكرها في حديث حدث به قدامة الكلابي قال: رأيت رسول الله r عشية عرفة، وعليه حلة حبرة[1110].

وعن الحسن[1111] أن عمر أراد أن ينهي عن حلل الحبرة لأنه تصبغ بالبول، فقال أبي: ليس ذلك لك، قد لبسهن رسول الله r ولبسناهن في عهده[1112].

وفي الحديث:( كان أحب الثياب إلى رسول الله r أن يلبسها الحبرة)[1113]

قال الرجل: ضعها جميعا في القفة.. وبورك فيك.. واطلب ما شئت من مال، فما أهون المال أمام ملابس تذكرني بالحبيب.

قال ذلك بشوق عظيم أثر في تأثيرا كبيرا، فسألت الصالحي عن حكاية هذا الرجل، فابتسم، وقال: ألم تسمع بقول الشاعر:

أمر على الديار ديار ليلى            أقبل ذا الجدار وذا الجدارا

وما حب الديار شغفن قلبي    ولكن حب من سكن الديارا

قلت: بلى.. وقد سمعت الآخر يقول:

أحب لحبها السودان حتى    أحب لحبها سود الكلاب

وسمعت غيرهما يقول:

فيا ساكني أكتاف دجلة كلكم   إلى القلب من أجل الحبيب حبيب

قال: فهذا خير معبر عن حال هذا الرجل.. فهو رجل متيم في حب حبيبه r، قد أفناه حبه عن كل شيء.. فهو لا يرى الدنيا إلا بمنظار حبيبه.

قلت: إني أرى السعادة تبدو في عينيه، وفي جميع ملامحه.

قال: وحق له أن يسعد.. فمن ظفر بحب كهذا الحب، فلن ينال إلا السعادة في الدنيا والآخرة.

قلت: إن من قومي من يسخر من هذا ومثله.. إنهم يعتبرونهم ـ بسلوكهم هذا ـ رجعيين.

ابتسم، وقال: ما من إنسان إلا ويحب في فترة من فترات حياته أن يكون رجعيا.

قلت: كيف ذلك؟

قال: أليس الشيخ يود أن يرجع إلى زمان شبابه؟

قلت: بلى..

قال: فزمان شباب هؤلاء هو زمن النبوة.. وهم يعتبرون ابتعادهم عنه هرما وشيخوخة تنفر نفوسهم منها.

سكت قليلا، ثم قال: هل يسخر قومك من الشباب الذي يقلد المغنين والممثلين واللاعبين؟

قلت: هل لا يفعلون ذلك.. بل إن أمثال أولئك يفعلون العجائب، ومع ذلك لا ينتقدونهم.

قال: فإن عدت إليهم، فأخبرهم بقوله r:( يُبْصِرُ أَحَدُكُمْ الْقَذَاةَ فِي عَيْنِ أَخِيهِ وَيَنْسَى الْجِذْعَ فِي عَيْنِهِ)[1114]

قلت: لديهم مثله عن المسيح.. ولكنهم لا يقرؤون، ولا يسمعون.

قال: من لم يتعلم القدرة على القراءة، فليتعلم القدرة على السكوت، فلا خير فيمن يتكلم فيما لا يعلم.

قلت: اسمح لي أن أسألك عن بعض الأمور.. ولست أدري هل يصح لي أن أسألها في هذا السوق أم لا.

قال: سل ما بدا لك.

قلت: لقد روى هذا التاجر في أحاديثه أن النبي r كان يلبس الثياب القصيرة.. وهي قد لا تتناسب مع بعض البيئات.. وسمعت أنه حذر من الثياب الطويلة، وهي ضرورية في بيئات أخرى.

ابتسم، وقال: وكيف ترى ثيابي؟

قلت: أراها طويلة.. فهل أنت مقصر في هذه السنة؟

قال: ليست السنة في طول الثياب ولا في قصرها.. السنة في التواضع والترفع على الخيلاء والزهو.. تلك هي السنة.. أما طول الثياب وقصرها، فلكل أحد ما اختار من الثياب، والنبي r أرفع من أن يصف للناس ما يلبسون.

قلت: ولكني أرى الأحاديث الصحيحة تصف ذلك، ففي الحديث الصحيح:( ما أسفل من الكعبين من الإزار ففي النار)[1115]، وفي حديث آخر:( إزرة المؤمن إلى عضلة ساقه ثم إلى نصف ساقه ثم إلى كعبيه وما تحت الكعبين من الإزار ففي النار)[1116]

قال: إن هذه الأحاديث تحمل على أحاديث أخرى تفسرها، وتبين معناها، ومن ذلك قوله r:( لا ينظر الله يوم القيامة إلى من جر ثوبه خيلاء)[1117]، فقد قيد r العقوبة المرتبطة بجر الثوب بارتباط ذلك بالخيلاء.. ومثله ما حدث به ابن عمر ـ رضي الله عنه ـ قال: سمعت رسول الله r بأذني هاتين يقول:( من جر إزاره لا يريد بذلك إلا المخيلة فإن الله لا ينظر إليه يوم القيامة)[1118]

وفي حديث آخر عن العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه قال: سألت أبا سعيد عن الإزار فقال: على الخبير بها سقطت، قال رسول الله r:( إزرة المؤمن إلى نصف الساق ولا حرج عليه فيما بينه وبين الكعبين، ما كان أسفل من ذلك فهو في النار، ومن جر إزاره بطرا لم ينظر الله إليه يوم القيامة )[1119]

وفي حديث آخر:( والإسبال في الإزار والقميص والعمامة من جر شيئا خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة)[1120]، وفي رواية:( إياك وإسبال الإزار فإنه من المخيلة ولا يحبها الله)

وفي حديث آخر:( يا معشر المسلمين اتقوا الله وصلوا أرحامكم فإنه ليس من ثواب أسرع من صلة الرحم، وإياكم والبغي فإنه ليس من عقوبة أسرع من عقوبة البغي، وإياكم وعقوق الوالدين فإن ريح الجنة يوجد من مسيرة ألف عام، والله لا يجدها عاق ولا قاطع رحم ولا شيخ زان ولا جار إزاره خيلاء، إنما الكبرياء لله رب العالمين } الحديث[1121].

فهذه الأحاديث كلها تدل على أن المقصود من النهي هو الخيلاء، وليس تطويل الثوب بحد ذاته.

قلت: ولكن لم تقيد تلك الأحاديث التي رويتها بالخيلاء؟

قال: القاعدة عند العلماء هي حمل المطلق على المقيد.. وهي قاعدة نستعملها في حياتنا، وسأضرب لك مثالا يقرب لك هذا.

أرأيت لو أن شخصا ذهب إلى طبيب، فنهاه عن طعام من الأطعمة بسبب عدم ملاءتمه لمرضه، أترى من الحكمة أن يذهب ذلك المريض إلى الناس، ويحذرهم من ذلك الطعام بحجة عدم مناسبته للصحة؟

قلت: يصح له أن يفعل ذلك مع من كان لهم نفس مرضه، أو إن كان ذلك المرض مستشريا منتشرا.

قال: فهذا ما فعله النبي r.. لقد كان تطويل الثياب خاصا بالمتكبرين المختالين.. فلذلك أرسل النبي r نهيه مطلقا تارة باعتباره الحالة العامة، وقيده تارة أخرى ليحمل المطلق على المقيد.

قلت: أكاد أفهم ما تقول، ولكن ما أدراني أن هذا هو القصد؟

قال: لقد وضح النبي r قصده هذا في تلك الأحاديث.. وأبلغها ما حدث به ابن عمر ـ رضي الله عنه ـ أن النبي r قال:( من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة)، فقال أبو بكر الصديق ـ رضي الله عنه ـ: يا رسول الله إن إزاري يسترخي إلا أن أتعاهده، فقال له رسول الله r:( إنك لست ممن يفعله خيلاء)[1122]

شد انتباهي في السوق رجلين كانت سيما ورثة النبوة تلوح عليهما.. وكانا يتحدثنان بهدوء وأدب، فاقربنا منهما، وهذا بعض ما سمعته من حوارهما:

قال الأول: لا حرج عليك في أن تختار أجمل حذاء.. فقد أمرنا الله تعالى بمراعاة الزينة في ثيابنا وفي كل شؤوننا، فقال:﴿ يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ) (لأعراف:31)، وقد ورد في الحديث عن ابن مسعود ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول اللّه r:( لا يدخل الجنّة من كان في قلبه مثقال ذرّة من كبر، فقال رجل: إنّ الرّجل يحبّ أن يكون ثوبه حسنا ونعله حسنة، قال: (إنّ اللّه جميل يحبّ الجمال، الكبر بطر الحقّ، وغمط النّاس)[1123]

قال الثاني: بورك فيك يا أخي.. ولكني أسأل: هل الزينة مرتبطة بذوق الشخص في نفسه، أم بذوق المجتمع؟

قال الأول: لم تسأل هذا السؤال؟

قال الثاني: إذا كانت الزينة مرتبطة بذوق الشخص في نفسه.. فإن ذوقي هو ما ورد في النصوص من ذوق رسول الله r.. لقد فنى ذوقي في ذوقه.. وأنا في هذا كما حدث معاوية بن صالح قال: كان أنس بن مالك ـ رضي الله عنه ـ يحب القرع، فقيل له: ما أشد حبك للقرع! فقال:( إن شدة حبي له لما رأيت من حب رسول الله r إياه)[1124]

قال الأول: الزينة مرتبطة بالأمرين.. فالذوق الفردي لا بد أن لا يخرق سنن المجتمع.. ولهذا حرم الشرع لباس الشهرة.. ففي الحديث عن ابن عمر ـ رضي الله عنه ـ أن النبي r قال:( من لبس ثوب شهرة ألبسه الله تعالى يوم القيامة ثوبا مثله ثم يلهب فيه النار)[1125]، وفي حديث آخر عن أبي هريرة وزيد بن ثابت ـ رضي الله عنهما ـ (أن النبي r نهى عن الشهرتين: دقة الثياب وغلظها، ولينها وخشونتها، وطولها وقصرها، ولكن سداد فيما بين ذلك واقتصاد)[1126]

قال الثاني: وهل ترى في مراعاة الذوق النبوي مخالفة للذوق الاجتماعي؟

قال الأول: في اللباس والتنعل هناك أشياء ترتبط بالذوق.. وهناك أشياء ترتبط بالمصلحة.. فلا يصح أن يكلف ساكن المناطق الباردة نفسه عنتا بلبس ما كان يلبسه r.. فالرسول r كان في منطقة حارة.. والملابس فيها عادة تكون خفيفة، ويقصد منها صد الشمس والحر، لا صد البرد.

قال الثاني: بورك فيك.. وقد هداني هذا إلى حيلة قد تجمع بين الأمرين جميعا.

قال الأول: ما هي؟

قال الثاني: أن أصمم من الملابس النبوية ما يصلح لجميع المجتمعات، وفي جميع المحال.

قال الأول: لك ذلك.. بشرط أن لا تفرضها على الناس باعتبارها سنة.. فالسنة النبوية هي ما ورد في النصوص التنصيص عليه.

قال الثاني: أعلم ذلك.. ولكني أرفع به الحرج عن بعض من يحب هذا النوع من اللباس حبا في المصطفى r.

قال الأول: ألا أدلك على ما هو أفضل من ذلك؟

قال الثاني: وما هو؟

قال الأول: أن تجعل من تلك الملابس الخفيفة التي كان يلبسها رسول الله r ملابس مرتبطة بمحال معينة كالبيت والمسجد.. أو في أوقات معينة، كالأعياد ونحوها، بحيث نجمع بين المصالح جميعا.

قال الثاني: نعم ما قلت.. وسأبدأ فورا بتنفيذه.

عمائمه:

سرنا إلى محل آخر كان مختصا ببيع العمائم[1127]، دخلنا إليه، فاستقبلنا بقوله: لدي هنا جميع أنواع العمائم التي لبسها رسول الله r.. ولدي بالدكان محل خاص يعلم كيفية استعمالها على الهيئة التي استعملها النبي r.

قال الصالحي: لن نشتري منك شيئا إلا بعد أن نتأكد من علمك بما ورد في كتب الحديث والفقه عن العمائم.

قال التاجر: سل ما بدا لك.. فلولا علمي بما ورد فيها، وفي فضلها ما جعلت محلي مختصا فيها..

قال الصالحي: أول سؤال هو: هل ارتدى رسول الله r العمائم؟

قال التاجر: لا يشك عاقل في ذلك.

قال الصالحي: فما دليلك؟

قال التاجر: النصوص الكثيرة الواردة في ذلك.. فكلها تصفه r بأه كان يرتدي عمامة.. ومن ذلك ما حدث به بعض أصحاب رسول الله r قال: ما خرج إلينا رسول الله r يوم جمعة إلا وهو معتم[1128]، وربما خرج في إزار ورداء، وإن لم تكن عمامته وصل الخرقة بعضها على بعض، واعتم بها[1129].

قال الصالحي: فما ألوان العمائم التي اعتم بها r؟

قال التاجر: لقد لبس r العمامة السوداء، والدسمة[1130] والحرقانية[1131] والصفراء.. وغير ذلك.

قال الصالحي: ومن أين لك هذا؟

قال التاجر: لقد وردت الأسانيد بهذا.

قال الصالحي: فحدثني بأحاديثها.

قال التاجر: لقد حدث ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ قال: رأيت رسول الله r معتما بعمامة سوداء، قد أرخى طرفها بين يديه[1132].

وعن جابر بن عبد الله ـ رضي الله عنه ـ أن النبي r دخل يوم فتح مكة وعليه عمامة سوداء[1133].

وعن أنس ـ رضي الله عنه ـ أنه رأى رسول الله r يعتم بعمامة سوداء[1134].

وعن عمرو بن حريث أن النبي r خطب الناس وعليه عمامة سوداء، قد أرخي طرفها بين متفيه[1135].

وعن ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ قال: خطب رسول الله r الناس وعليه عمامة دسمة[1136].

وعن جابر بن عبد الله ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله r دخل مكة وعليه عمامة سوداء[1137].

وعن عمر بن حريث ـ رضي الله عنه ـ قال: رأيت لرسول الله r عمامة حرقانية[1138].

وعن جابر ـ رضي الله عنه ـ قال: كان لرسول الله r عمامة سوداء يلبسها في العيدين، ويرخيها خلفه[1139].

وعن أنس ـ رضي الله عنه ـ قال: رأيت رسول الله r يتوضأ وعليه عمامة مطوية، فأدخل يده من تحت العمامة فمسح مقدم رأسه، ولم ينقض العمامة[1140].

وعن الحسن ـ رضي الله عنه ـ قال: كانت عمامة رسول الله r سوداء[1141].

وعن ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ قال: دخلت على رسول الله r وعليه عصابة دسماء[1142].

وعن الفضل بن عباس ـ رضي الله عنه ـ قال: دخلت على رسول الله r في مرضه الذي توفي فيه، وعلى رأسه عصابة صفراء فسلمت عليه، فقال:(يا فضل)، قلت: لبيك يا رسول الله، قال:(اشدد بهذه العصابة رأسي)، ففعلت، ثم قعد، فوضع كفه على منكبي، ثم قام، فدحل المسجد.. الحديث[1143].

وعن عبد الله بن جعفر ـ رضي الله عنه ـ قال: رأيت على رسول الله r ثوبين مصبوغين بزعفران: رداء وعمامة[1144].

وعن يحيى بن عبد الله بن مالك قال: كان رسول الله r يصبغ ثيابه كلها بالزعفران: قميصه ورداءه وعمامته[1145].

وعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: خرج علينا رسول الله r وعليه قميص أصفر، ورداء أصفر، وعمامة صفراء[1146].

وعن ابن عمر ـ رضي الله عنه ـ قال: كان رسول الله r يصبغ ثيابه بالصفرة[1147].

قال الصالحي: حسبك.. أخبرني عن سيرته r في العذبة[1148].

قال التاجر: لقد حدث ابن عمر ـ رضي الله عنه ـ قال: كان رسول الله r يسدل عمامته بين كتفيه[1149].

وعن عمرو بن حريث ـ رضي الله عنه ـ قال: كأني أنظر إلى رسول الله r على المنبر وعليه عمامة سوداء، قد أرخى طرفها بين كتفيه[1150].

وعن جابر ـ رضي الله عنه ـ قال: دخل رسول الله r يوم فتح مكة، وعليه عمامة سوداء قد أرخى طرف العذبة بين كتفيه[1151].

وعن عمرو بن أمية الضمري ـ رضي الله عنه ـ قال: كأني أنظر الساعة إلى رسول الله r على المنبر وعليه عمامته السوداء، قد أرخى طرفها بين كتفيه[1152].

وعن ثوبان ـ رضي الله عنه ـ قال: كان رسول الله r إذا اعتم أرخى عمامته بين يديه ومن خلفه[1153].

وعن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما أن النبي r كان إذا اعتم أرسل لها ذؤابة من خلفه[1154].

وعن ابن عمر ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله r: (عليكم بالعمائم فإنها سيماء الملائكة، وأرخوها خلف ظهوركم)[1155]

وعن أبي أمامة ـ رضي الله عنه ـ قال: كان رسول الله r لا يولي واليا حتى يعممه ويرخي لها من الجانب الأيمن نحو الأذن[1156].

قال الصالحي: فأخبرني عن المكان الذي ترسل منه العذبة.

قال التاجر: لقد وردت روايات مختلفة في ذلك.. وقد حصل الخلاف بين العلماء فيها بسبب ذلك.

فمنهم من ذهب إلى القول بإرسالها من بين يديه، ومن خلفه[1157] لما حدث به ثوبان ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله r كان إذا اعتم أرخى عمامته بين يديه ومن خلفه[1158].

وحدث الحسن بن صالح، قال: أخبرني من رأى عمامة علي بن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ  قد أرخاها من بين يديه ومن خلفه[1159].

وحدث ابن خيربوذ قال: حدثنا شيخ من أهل المدينة قال: سمعت عبد الرحمن بن عوف ـ رضي الله عنه ـ يقول: عممني رسول الله r فسدلها بين يدي، ومن خلفي[1160].

وورد من عدة طرق أن رسول الله r لما عمم عبد الرحمن بن عوف أرسل العذبة من خلفه.

وورد من طريق أبي أسد بن كريب عن أبيه قال: رأيت ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ يعتم فيرخي من عمامته شبرا بين كتفيه، ومن بين يديه[1161].

وعن محمد بن قيس قال: رأيت ابن عمر ـ رضي الله عنه ـ يعتم بعمامة قد أرسلها بين يديه ومن خلفه، فلا أدري أيهما أطول[1162].

ومنهم من ذهب إلى إرسالها من الجانب الأيمن.. لما حدث به أبو أمامة ـ رضي الله عنه ـ قال: كان رسول الله r لا يولي واليا حتى يعممه بعمامة، ويرخي لها عذبة من الجانب الأيمن نحو الأذن[1163].

ومنهم من ذهب إلى إرسالها من الجانب الأيسر.. لما حدث به عبد الله بن بسر ـ رضي الله عنه ـ قال: بعث رسول الله r عليا ـ رضي الله عنه ـ إلى خيبر فعممه بعمامة سوداء، ثم أرسلها من ورائه، أو قال:( على كتفه اليسرى)[1164]، لكن راويه تردد وما جزم بالثاني.

ومنهم من ذهب إلى إرسالها خلف ظهره بين كتفيه[1165].. واستدل لذلك بـ..

قاطعه الصالحي، وقال: فما الذي اخترته أنت؟

قال الرجل: أرى أن كل ما ذكر صحيح.. ولا حرج فيمن جمع بينها جميعا.. وقد يرتبط ذلك بالأحوال المختلفة.. وقد يرتبط بزينة كل شخص وجماله.

قال الصالحي: فما أشكال الاعتمام؟

قال التاجر: منها أن يلفّ الشّخص العمامة على رأسه ويسدلها على ظهره، وتسمّى بهذه الهيئة القعاطة[1166].. ومنها جعل طرف العمامة تحت الحنك، وهو التلحي.. ومنها أن تلفّ على الرّأس دون التّلحّي بها، وتسمّى الاعتجار.. ومنها أن يرخى طرفاها من ناحيتي الرّأس وتسمّى الزّوقلة.. ومنها أن تلاث على الرّأس، ولا تسدل على الظّهر ولا تردّ تحت الحنك وتسمّى القفداء.

قال الصالحي: فما الذي اخترته أنت؟

قال التاجر: ذلك مختلف باختلاف الأحوال كما ذكرت لك.. ولو أن أولاها عندي هو التلحي لما ورد فيه من أقوال الفقهاء والصالحين[1167].

‏قال الصالحي: في بعض البلاد نرى المشايخ يعممون تلاميذهم أو مريديهم.. فهل في ذلك ‏أثر عن رسول ‏الله r؟

‏قال التاجر: أجل.. وأكثر من يأتيني من هؤلاء أكثر الله منهم.. وهم على قدم رسول الله r في هذا، فقد روي عن عن علي ـ رضي الله عنه ـ قال:( عممني رسول الله r يوم غدير خم بعمامة سدلها خلفي[1168].

وعن ابن عمر ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله r أمر عبد الرحمن بن عوف أن يتجهز لسرية يبعثه عليها، فأصبح عبد الرحمن وقد اعتم بعمامة كراديس سوداء، فنقضها رسول الله r، وعممه وأرخى له أربع أصابع، أو قريبا من شبر، ثم قال:(هكذا فاعتم يا ابن عوف، فإنه أعرب وأحسن)[1169]

وعن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: عمم رسول الله r ابن عوف، وأرخى له أربع أصابع، قال:(إني لما صعدت إلى السماء رأيت أكثر الملائكة عليهم السلام معتمين)[1170]

قال الصالحي: فما تقول في التقنع[1171]؟

قال التاجر: لقد وردت الآثار بفعل رسول الله r له.. ومنها ما وري عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت:( بينا نحن جلوس في بيت أبي بكر في نحو الظهيرة، فقال قائل لأبي بكر: هذا رسول الله r مقبلا متقنعا[1172])[1173]

وعن ابن عمر ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله r لما مر بالحجر قال:( لا تسكنوا، ولا تدخلوا مساكن الذين ظلموا أنفسهم، إلا أن تكونوا باكين أن يصيبكم ما أصابهم)، ثم تقنع بردائه، وهو على الرحل[1174].

وعن سهل بن سعد ـ رضي الله عنه ـ قال: كان رسول الله r يكثر القناع[1175].

وعن أنس ـ رضي الله عنه ـ قال: كان رسول الله r يكثر التقنع[1176].

وعنه قال: كان رسول الله r يكثر تسريح لحيته ورأسه بالماء، ثم تقنع كأن ثوبه ثوب زيات[1177])[1178].

وعنه قال: كان رسول الله r يكثر التقنع، وهو من أخلاق الأنبياء، أو لبسة الأنبياء عليهم السلام، وقال: ألقى رسول الله r القناع عن رأسه، وأخرج وجهه، ثم قال:( هكذا الإيمان)، ثم قنع رأسه وغطى وجهه، وأخرج إحدى عينيه وقال:(هكذا النفاق)[1179]

وعنه قال:(كنت ألعب مع الصبيان إذ جاء رسول الله r، وقد قنع رأسه بثوب، فسلم علي، ثم دعاني فبعثني في حاجة، وقعد في نخل حائط).. الحديث[1180].

وعنه قال: كان رسول الله r يقنع رأسه حتى ينظر إلى حاشية ثوبه[1181].

وعن عبد الرحمن بن زيد بن جابر ـ رضي الله عنه ـ قال: قاتل رسول الله r يوم خيبر على بغلة شهباء، وعليه ممطر[1182] سيجان، وعليه عمامة، وعلى العمامة قلنسوة من الممطر السيجان[1183])[1184].

وعن أمامة بن زيد ـ رضي الله عنه ـ قال: قال لي رسول الله r: (أدخل علي أصحابي)، فدخلوا عليه، فكشف القناع، ثم قال:(لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد)[1185]

وعن عبد الله بن مسعود ـ رضي الله عنه ـ قال: كان رسول الله r إذا نزل عليه الوحي اشتد ذلك عليه، وعرفنا ذلك منه، فتنحي منتبذا خلفنا، وجعل يغطي رأسه بثوبه، فأتانا، فأخبرنا أنه قد أنزل عليه الوحي:﴿ إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً) (الفتح:1)[1186]

وعن ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ قال: خرج رسول الله r متقنعا بثوبه فقال: (يا أيها الناس، إن الناس يكثرون، وإن الأنصار يقلون، فمن ولي منكم أمرا ينفع فيه أحد، فليقبل من محسنهم، ويتجاوز عن مسيئهم)[1187]

وعن سعد ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله r لما نعيت إليه نفسه خرج متقنعا، حتى جلس على المنبر، فحمد الله تعالى، وأثنى عليه، ثم قال:(أيها الناس احفظوني في هذا الحي، من الأنصار فإنهم كرشي وعيبتي، أقبلوا من محسنهم، وتجاوزوا عن مسيئهم)[1188]

عن أنس ـ رضي الله عنه ـ عن ابن عمر ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله r قال:(الأردية ألبسة العرب، والالتفاع لبسة الإيمان)، وكان رسول الله r يتلفع[1189].

قال الصالحي: إن نفرا منا يضعون القلانس[1190] تحت العمائم.. فما تقول في ذلك؟

قال التاجر: نعم ما فعلوا.. فقد وردت الآثار بذلك.. ومنها ما روي عن ركانة ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله r: (إن الفرق بيننا وبين المشركين العمائم على القلانس)[1191]

وعن ابن عمر ـ رضي الله عنه ـ قال: كان رسول الله r يلبس قلنسوة بيضاء[1192].

وعن فرقد ـ رضي الله عنه ـ قال: أكلت مع رسول الله r، ورأيت عليه قلنسوة بيضاء[1193].

وعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: رأيت رسول الله r وعليه قلنسوة بيضاء شامية[1194].

وعن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: كان رسول الله r يلبس من القلانس في السفر ذوات الآذان، وفي الحضر المشمرة يعني الشامية[1195].

وعنها قالت: كان رسول الله r يلبس من القلانس من ذوات الآذان[1196].

وعنها قالت: كان لرسول الله r قلنسوة بيضاء يلبسها[1197].

وعن ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ قال: كان لرسول الله r ثلاث قلانس، قلنسوة بيضاء مصرية، وقلنسوة برد[1198] حبرة[1199]، وقلنسوة ذات آذان يلبسها في السفر، ربما وضعها بين يديه إذا صلى[1200].

وعن عبد الله بن بسر ـ رضي الله عنه ـ قال: رأيت رسول الله r وله قلنسوة مصرية، وقلنسوة لها آذان، وقلنسوة لاطئة[1201].

وعن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: كان لرسول الله r كمة بيضاء بطحاء[1202].

وعن ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ قال: كان لرسول الله r قلنسوة أسماط، يعني جلودا، وكان فيها ثقبة[1203].

وعن ابن عمر ـ رضي الله عنه ـ قال: كان رسول الله r يلبس كمة بيضاء[1204].

قال الصالحي: فما تقول في الاقتصار على القلانس دون العمائم؟

قال التاجر: لقد ذكر الغزالي في (الإحياء): أن رسول الله r كان يلبس القلانس تحت العمامة، وبغير عمامة، وربما نزع قلنسوة من رأسه، فيجعلها سترة بين يديه، ثم يصلي إليها.

وقال ابن القيم في (زاد المعاد): كان رسول الله r يلبس القلنسوة بغير عمامة، ويلبس العمامة بغير قلنسوة.

سكت الصالحي، ثم قال: أرى أنك أهل لبيع العمائم.. فبعها.. وبعني منها مجموعة، ولتكن بنفس الألوان التي لبسها المصطفى r.. فليس هناك ذوق أرفع من ذوقه.

أحذيته:

حملنا بضاعتنا، وسرنا إلى محل لبيع الأحذية.. وكان يعرض الكثير من أنواعها وألوانها وأشكالها ومقاييسها.

وجدنا صاحبه يحدث رجلا، ويقول: لقد حدث دحية ـ رضي الله عنه ـ قال: أهديت لرسول الله r جبة صوف وخفين، فلبسهما حتى تخرقا، ولم يسأل أذكيان هما أم لا[1205].

وعن بريدة بن الحصيب أن النجاشي أهدى لرسول الله r خفين أسودين ساذجين فلبسهما، ومسح عليهما[1206].

وعن أبي أمامة ـ رضي الله عنه ـ قال: دعا رسول الله r بخفين يلبسهما، فلبس إحداهما، ثم جاء غراب فاحتمل الأخرى فرمى بها، فخرجت منها حية، فقال رسول الله r:(من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يلبسن خفيه حتى ينفضهما)[1207]

وعن جرير ـ رضي الله عنه ـ أنه رأى رسول الله r توضأ ومسح على خفيه[1208].

ومن الأحاديث الواردة في النعال ما حدث به أنس ـ رضي الله عنه ـ قال: (كان لنعل رسول الله r قبالان[1209])[1210]

وعن القاسم قال: كان عبد الله يقوم إذا جلس رسول الله r ينزع نعليه من رجليه، ويدخلهما في ذراعيه، فإذا قام ألبسه إياهما، فيتمشى بالعصا أمامة، حتى يدخله الحجرة[1211].

وعن عمرو بن حريث ـ رضي الله عنه ـ قال: رأيت رسول الله r يصلي في نعلين مخصوفتين[1212].

وعن عيسى بن طهمان قال: أخرج إلينا أنس بن مالك ـ رضي الله عنه ـ نعلين جرداوين لهما قبالان، قال: هذه نعل رسول الله r [1213].

وعن عبد الله بن عمرو بن العاص ـ رضي الله عنه ـ قال: كان رسول الله r يصلي حافيا، ومنتعلا[1214].

وعن ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ قال: (كان لنعلي رسول الله r قبالان مثنى شراكهما[1215])[1216].

وعن مطرف بن الشخير قال: قال أعرابي لنا: رأيت نعلي نبيكم رسول الله r مخصوفة[1217].

وعن أنس بن مالك ـ رضي الله عنه ـ قال: احتذى رسول الله r المخصوف[1218].

وعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: لنعل رسول الله r قبالان، ولنعل أبي بكر قبالان، ولنعل عمر قبالان، وأول من عقد عقدة واحدة عثمان بن عفان[1219].

عون ضباعة بنت الزبير ـ رضي الله عنها ـ قالت: كان لرسول الله r نعل، لها خنصران[1220].

وعن ابن عمر ـ رضي الله عنه ـ قال: رأيت رسول الله r يلبس النعال السبتية[1221] التي ليس لها شعر، ويتوضأ فيها[1222].

وعن عبيد بن جريج أنه قال لعبد الله بن عمر ـ رضي الله عنه ـ: يا أبا عبد الرحمن، رأيتك تلبس النعال السبتية، قال: رأيت رسول الله r يلبس النعال السبتية التي ليس بها شعر، ويتوضأ فيها، وأنا أحب أن ألبسها[1223].

وعن أوس بن أوس الثقفي ـ رضي الله عنه ـ قال: قمت عند رسول الله r نصف شهر فرأيته يصلي، وعليه نعلان متقابلتان[1224].

وعن أبي أمامة ـ رضي الله عنه ـ قال:( حمل رسول الله r نعله بالسبابة من أصبعه اليسرى[1225].

وعن أنس بن مالك ـ رضي الله عنه ـ قال: كان نعل رسول الله r بزمامين، وأول من شسع عثمان[1226].

وعن زياد بن سعيد ـ رضي الله عنه ـ قال: كان النبي r يكره أن يطلع من نعله شئ عند قدومه[1227].

وعن ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ قال: كان رسول الله r إذا لبس نعليه بدأ باليمين، وإذا خلع خلع اليسرى[1228].

وعن النضر ـ رضي الله عنه ـ قال: انقطع شراك نعل رسول الله r فوصله بشئ جديد، فجعل ينظر إليه، فلما قضى صلاته قال لهم: (انزعوا هذا، واجعلوا الأول مكانه)، قيل: كيف يا رسول الله r؟ قال:(إني كنت أنظر إليه، وأنا أصلي)[1229]

وعن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: كان رسول الله r ينتعل قائما، وقاعدا[1230].

وعن علي ـ رضي الله عنه ـ قال: كان رسول الله r إذا انقطع شسع نعله مشى في نعل واحدة، والأخرى في يده، حتى يجد شسعا[1231].

قال الرجل: بورك فيك.. وأنا أحفظ ما قال فيها الحافظ العراقي، فقد أحسن وأجاد في جمع ما ورد فيها من الآثار النبوية:

ونعله الكريمة المصونة            طوبى لمن مس بها جبينه

لها قبالان بسير وهما               سبتيان سبقوا شعرهما

وطولها شبر وأصبعان          وعرضها مما يلي الكعبان

شبع أصابع وبطن القدم     خمس وفوق ذاست فاعلم

ورأسها محدد وعرض ما  بين القبالين أصبعان ضبطهما

وهذه مثال تلك النعل         وذرعها أكرم بها من نعل

خاتمه:

اشترى الصالحي بعض تلك النعال، ثم سرنا إلى محل لبيع الخواتم، وسمعنا صاحبه يقول لبعض الزبائن: كيف تطلب خاتما ذهبيا؟.. ألست في بلاد الإسلام؟.. إن أصغر صبي يمكنك أن يخبرك بأن الذهب حرام على الرجال.

قال الرجل: أنا لا أريد أن ألبسه مطلقا.. أريد لبسه ثلاثة أيام فقط.

ضحك الرجل، وقال: ولم ثلاثة أيام بالضبط؟

قال الرجل: لقد حدثني بعضهم عن ابن عمر ـ رضي الله عنه ـ قال: اتخذ رسول الله r خاتما من ذهب، فلبسه ثلاثة أيام، فكان يجعل فصه في باطن كفه إذا لبسه في يديه اليمنى، فصنع الناس خواتيم من ذهب، فجلس رسول الله r على المنبر فنزعه، وقال:(كنت ألبس هذا الخاتم، وأجعل فصه في باطن كفي، فرمى به، وقال:(والله لا ألبسه أبدا)، ونبذ رسول الله r الخاتم، فنبذ الناس خواتيمهم[1232].

وفي رواية أخرى عنه قال:  اتخذ رسول الله r خاتما من ذهب ثلاثة أيام، فلما رأى أصحابه فشت عليهم خواتيم الذهب رمى به، فلم يدر ما فعل، فاتخذ خاتما من فضة، وأمر أن ينقش فيه (محمد رسول الله)، فكان في يد النبي r حتى مات، وفي يد أبي بكر حتى مات، وفي يد عمر حتى مات، وفي يد عثمان سنتين من عمله، فلما كثرت عليه الكتب دفعه إلى رجل من الأنصار، فكان يختم به، فخرج الأنصاري إلى قليب لعثمان فسقط منه، فلم يوجد، فأمر بخاتم مثله، ونقش عليه (محمد رسول الله)[1233]

قال التاجر: أنا لم أسمع بهذين الحديثين.. فهلم نسأل من يعلمنا.

اقتربا مني ومن الصالحي، وأخبرانا بالذي أشكل عليهما، فابتسم الصالحي، وقال: لقد توجه رسول الله r في صلاته إلى بيت المقدس مدة، ثم توجه بعدها إلى الكعبة.

قال ذلك وسكت، ففرح الرجلان، وقالا: بورك فيك.. فقد نبهتنا إلى ما غفلنا عنه.

قلت للصالحي: ما الذي تقصد؟

قال: في السنة النبوية إذا اختلف أمران، ولم يمكن الجمع بينهما، فإن العبرة بآخر ما فعل رسول الله r.

قلت: فقد نهى عن الخواتم.. فكيف يبيعها هذا الرجل؟

قال: لقد نهى r عن الخواتم الذهبية ولم ينه عن غيرها.

اقترب التاجر مني، وقال: ولكن الفضة خصوصا تشرفت بتختم رسول الله r بها.. وسلاني عما شئتما، فإني بها خبير.

قال الصالحي: متى استعمل رسول الله r الخاتم؟

قال التاجر: لقد حدث أنس ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله r أراد أن يكتب إلى كسرى أو قيصر، فقيل له: إنهم لا يقبلون كتابا إلا مختوما، فاتخذ خاتما.. الحديث[1234].

وعنه أن رسول الله r أراد أن يكتب إلى الأعاجم فقيل له: إنهم لا يقبلون كتابا إلا بخاتم، فاتخذ رسول الله r خاتما من فضة نقشه: (محمد رسول الله)، كأني أنظر إلى بصيصه[1235].

قال الصالحي: في أي يد كان رسول الله r يتختم؟

قال التاجر: لقد ورد في ذلك أحاديث مختلفة:

فمنها ما ذكر اليمين[1236].. فعن علي ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله r كان يتختم في يمينه[1237].

وعن عبد الله بن جعفر ـ رضي الله عنه ـ قال: رأيت خاتم رسول الله r في يمينه[1238].

وعن أنس ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله r كان يتختم في يمينه[1239].

وعن جابر ـ رضي الله عنه ـ قال: كان رسول الله r يلبس خاتمه في كفه اليمنى[1240].

وعن عقيل بن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ أنه تختم في يمينه، وقال تختم رسول الله r في يمينه[1241].

وعن ابن عمر ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله r كان يتختم في يمينه[1242].

وعن أنس ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله r لبس خاتم فضة في يمينه[1243].

وعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: لم يزل رسول الله r يتختم في يمينه حتى قيض[1244].

ومنها ما ذكر اليسار.. فعن أنس ـ رضي الله عنه ـ قال: هكذا كان خاتم رسول الله r وأشار بيساره، ووضع إبهامه على ظهر خنصره[1245].

وعن ابن عمر ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله r كان يتختم في يساره[1246].

وعن ثابت أنهم سألوا أنس بن مالك ـ رضي الله عنه ـ عن خاتم رسول الله r قال:كأني أنظر إلى وبيص حلقة من فضة، في أصبعه اليسرى الخنصر، ورفع أنس يده اليسرى[1247].

وعن ابن عمر ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله r اتخذ خاتما من فضة فصه منه، وكان يلبسه في خنصره اليسرى، ويجعل فصه مما يلي كفه[1248].

ومنها ما ذكر أن رسول الله r استعمله في كلتا الجهتين، فعن ابن عمر ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله r كان يتختم في يمينه، ثم حوله في يساره[1249].

قال الصالحي: فما ترى أنت؟

قال التاجر: كل ذلك جائز.. فالرسول r لم يحدد جهة معينة.

قال الصالحي: ففي أي جهة كان رسول الله r يجعل فص خاتمه؟

قال التاجر: لقد حدث أنس ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله r لبس خاتم فضة في يمينه، فيه فص حبشي، كان يجعل فصه في بطن كفه[1250].

وعن ابن عمر ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله r اتخذ خاتما من فضة، فصه منه، وكان يلبسه في خنصره اليسرى، ويجعل فصه مما يلي كفه[1251].

وعنه قال: اتخذ رسول الله r خاتما من ذهب، ثم ألقاه فاتخذ خاتما من ورق، ونقش على فصه (محمد رسول الله) وقال:(لا ينقش أحد على نقش خاتمي هذا)، فكان إذا لبسه جعل فصه مما يلي بطن كفه، وقد ورد جعله مما يلي ظهر كفه[1252].

قال الصالحي: فما كان نقش خاتمه؟

قال التاجر: لقد حدث أنس ـ رضي الله عنه ـ أن أبا بكر لما استخلف بعثه، وكتب له هذا الكتاب، وختمه بخاتم النبي r، وكان نقش الخاتم ثلاثة أسطر: محمد سطر، ورسول سطر، والله سطر[1253].

وعن ابن سيرين قال: كان في خاتم رسول الله r (باسم الله محمد رسول الله)[1254]

قال الصالحي: فخواتمك التي تبيعك تنقش فيها هذا النقش إذن؟

قال التاجر: معاذ الله أن أفعل ذلك..

قال الصالحي: ولم؟

قال التاجر: لقد ورد نهيه r أن ينقش أحد خاتمه على نقش خاتمه.. فعن أنس ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله r اتخذ خاتما من فضة نقش فيه (محمد رسول الله) وقال:( إني اتخذت خاتما من ورق، فلا ينقش أحد نقشه)[1255]

وعنه قال: خرج رسول الله r وقد اتخذ حلقه من فضة فقال:(من أراد أن يصوغ عليه فليفعل، ولا تنقشوا على نقشه)[1256]

وعنه أن رسول الله r صنع خاتما فقال:(إنا قد اصطنعنا خاتما، ونقشنا نقشا، فلا ينقش أحد عليه)[1257]

ألوان:

اشترى الصالحي بعض الخواتم.. ثم سار بي إلى معمل صغير للنسيج، فقلت: ما هذا المحل؟

قال: في هذا المحل تنسج الثياب التي رأيناها، وهنا تصبغ.

قلت: كنت أحسبها مستوردة.

صاح رجل من المعمل قائلا: كيف تقول هذا!؟.. أترضى للثياب التي تشرفت برسول الله r أن تدنس بأيدي نجسة!؟.. إننا نتطهر طهورنا للصلاة ونحن ننسج هذه الثياب الشريفة.

رأينا عاملا يضع ثيابا في وعاء كبير يحتوي على صبغ أخضر، اقتربنا منه، فقال ـ من غير أن نسأله ـ: لقد كان رسول الله r يحب اللون الأخضر.

قال الصالحي: وكيف عرفت ذلك؟

قال الرجل: لقد حدث أنس ـ رضي الله عنه ـ قال: كان أحب الألوان إلى رسول الله r الخضرة[1258].

وعنه قال: كان رسول الله r يعجبه الخضرة[1259].

وعن أبي رمثة ـ رضي الله عنه ـ قال: رأيت رسول الله r وعليه ثوبان ـ وفي لفظ: بردان ـ أخضران[1260].

وعن أبي راشد ـ رضي الله عنه ـ قال: خرج علينا رسول الله r وعليه ثوبان أخضران[1261].

وعن يعلى بن أمية ـ رضي الله عنه ـ قال: رأيت رسول الله r يطوف بالبيت مضطبعا ببرد أخضر[1262].

وعن عروة أن رسول الله r كان له ثوب أخضر يلبسه للوفود[1263].

اقتربنا من رجل آخر كان يضع الثياب في وعاء كبير به صبغ أبيض، اقتربنا منه، فحدثنا بما ورد عن طارق بن عبد الله المحاربي ـ رضي الله عنه ـ قال: أقبلنا في ركب من الربذة حتى نزلنا قريبا من المدينة، ومعنا ظعينة لنا، فبينما نحن قعود إذ أتانا رسول الله r وعليه ثوبان أبيضان[1264].

عن أنس ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله r:(عليكم بالثياب البيض، فألبسوها أحياءكم، وكفنوا فيها موتاكم)[1265]

اقتربنا من رجل آخر كان يضع الثياب في وعاء كبير به صبغ أسود، اقتربنا منه، فحدثنا بما ورد عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: خرج رسول الله r ذات غداة، وعليه مرط من شعر أسود[1266].

وعن جمع من الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ أن رسول الله r دخل يوم الفتح مكة، وعليه عمامة سوداء[1267].

وعن عمرو بن حريث ـ رضي الله عنه ـ أن النبي r خطب الناس وعليه عمامة سوداء[1268].

وعن جابر قال: كان للنبي r عمامة سوداء يلبسها في العيدين، ويرخيها خلفه[1269].

وعن أنس ـ رضي الله عنه ـ أنه رأى رسول الله r يعتم بعمامة سوداء[1270].

وعن عبد الله بن زيد المازني ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله r استسقى وعليه خميصة سوداء، فأراد أن يأخذ بأسفلها فيجعله أعلاها فقبلها عليه، الأيمن على الأيسر، والأيسر على الأيمن[1271].

اقتربنا من رجل آخر كان يضع الثياب في وعاء كبير به صبغ أصفر، اقتربنا منه، فحدثنا بما ورد عن عبد الله بن جعفر ـ رضي الله عنه ـ قال: رأيت رسول الله r وعليه ثوبان مصبوغان بالزعفران، رداء وعمامته[1272].

وعن أم سلمة ـ رضي الله عنها ـ قالت: ربما صبغ لرسول الله r فميصه ورداءه وإزاره بزعفران أو ورس، ثم يخرج فيها[1273].

وعن يحيى بن عبد الله بن مالك الداري قال: كان رسول الله r يبعث بقميصه وعمامته إلى بعض أزواجه فيصبغ له بالزعفران، وكان يحب الزعفران[1274].

وعن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: كان رسول الله r يرسل بثيابه قميصه ورداءه وإزاره إلى بعض أهله، وأحبهم إليه الذي يصبغها بالزعفران[1275].

وعنها قالت: كانت لرسول الله r ملحفة مصبوغة بورس، فكان يلبسها في بيته، ويدور فيها على نسائه، ويصلي فيها[1276].

وعن قيلة بنت مخرمة ـ رضي الله عنها ـ قالت: قدمنا على رسول الله r، وهو قاعد القرفصاء، وعليه أسمال مليتين كانتا بزعفران، وقد نقصا[1277].

وعن أنس ـ رضي الله عنه ـ قال: كانت لرسول الله r ملحفة مصبوغة بالورس والزعفران، يدور بها على نسائه، فإن كانت ليلة هذه رشها بالماء، وإن كانت ليلة هذه رشها بالماء[1278].

وعن قيس بن سعد بن عبادة ـ رضي الله عنه ـ قال: أتانا رسول الله r فوضعنا له غسلا فاغتسل، ثم أتيناه بملحفة ورسية، فاستمل بها، فكأني أنظر إلى أثر الورس على عكنه[1279].

وعن بكر بن عبد الله المزني ـ رضي الله عنه ـ قال: كانت لرسول الله r ملحفة مورسة، فإذا دار على نسائه رشها بالماء[1280].

وعن إسماعيل بن أمية قال: رأيت ملحفة رسول الله r مصبوغة بورس[1281].

بينما نحن كذلك إذ دخل رجل وطلب أن يصبغ ثيابا كان يحملها باللون الأحمر، فأنكر عليه عامل من العمال، وقال: ألم تسمع ما ورد في الأحمر من النهي؟

قال: لا.. لم أسمع بذلك.

قال العامل: لقد حدث رافع بن خديج ـ رضي الله عنه ـ قال: إن رسول الله r رأى الحمرة قد ظهرت فكرهها[1282].

وعنه قال: خرجنا مع رسول الله r فرأى على رواحلنا وعلى إبلنا أكسية فيها خيوط عهن حمر، فقال:(إن هذه الحمرة قد علتكم)، فقمنا سراها لقول رسول الله r حتى نفرت إبلنا، فأخذنا الأكسية فنزعناها عنها[1283].

وعن عمران بن حصين ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله r:(إياكم والحمرة فإنها أحب الزينة إلى الشيطان)[1284]

وعن عبد الله بن سعيد بن أبي هند ـ رضي الله عنه ـ قال: كان رسول الله r يكره الحمرة، ويحب الخضرة[1285].

وعن الحسن قال: قال رسول الله r: (الحمرة من زينة الشيطان، والشيطان يحب الحمرة)[1286]

قال الرجل: ولكني ما أتيت هنا إلا بعد أن سمعت أن رسول الله r ارتدى حلة حمراء[1287]، ومعي في ذلك من النصوص ما حدث به جابر ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله r كان يلبس بردة الأحمر في العيدين والجمعة[1288].

وعن عامر بن عمرو قال: رأيت رسول الله r بمني يخطب على بغلة، وعليه برد أحمر وعلي أمامه يعبر عنه ما يقول[1289].

وعن بعض الصحابة ـ رضي الله عنه ـ أنه رأى رسول الله r في سوق ذي المجاز، وعليه أحمران[1290].

وعن أبي رمثة قال: حججت فقدمت المدينة، ولم أكن رأيت رسول الله r فخرج وعليه ثوبان بردان أحمران[1291].

وعن شيخ من كنانة ـ رضي الله عنه ـ قال: رأيت رسول الله r وعليه بردان أحمران[1292].

وعن عامر ـ رضي الله عنه ـ قال: رأيت رسول الله r يخطب على بغلة وعليه برد أحمر، وعلي أمامة يعبر عنه[1293].

وعن أبي جحيفة قال: أتيت النبي r، وهو في قبة له حمراء، وعليه حلة حمراء فكأني أنظر إلى بريق ساقيه[1294].

قال العامل: صدقت في هذا.. ولكن الحمرة المرادة في هذه النصوص ليست الحمرة المحضة التي لا يخالطها غيرها، وإنما الحلة الحمراء بردان يمانيان ‏منسوجان بخطوط حمر مع الأسود كسائر البرود اليمنية، وهي معروفة بهذا الاسم باعتبار ما فيها من الخطوط، ‏إلا فالأحمر البحت نهى عنه r أشد النهي.‏. وقد ذكرت لك ما ورد فيه من النهي.

 

***

مكثت في صحبة هذا الرجل الفاضل مدة من الزمن، وقد ظهر لي فيها من صلاحه وتقواه وطهارة قلبه ما لا يمكن للساني أن يعبر عنه..

في أول ليلة بت فيها عنده تكسرت تلك الأوهام الكثيرة التي نشرها ما رأيته منه في النهار..

ففي النهار تصورته رجل دنيا.. لا يعرف من نبيه إلا صورته وأكله ولباسه.. وكل ما ارتبط ببشريته.. لكني في الليل رأيته بصورة أخرى مختلفة تماما.. لقد رأيت بشريته مستغرقة في أنوار جميع الورثة الذين تشرفت برأيتهم.

في تلك الليلة.. تظاهرت بأني نائم لأرقب ماذا يفعل..

رأيته يرفع الغطاء عنه بهدوء، ثم يقوم، ويتوضأ، ويستقبل القبلة بصلاة خاشعة طويلة.. ثم يرفع يديه بعدها، ويستغرق في مناجاة طويلة..

ثم رأيته يفتح الخزانة، ويلبس ثيابا مهنة بسيطة، فتعجبت من ذلك كثيرا..

ثم رأيته يخرج.. تبعته ببصري لأرى ماذا يفعل في ذلك الليل المظلم.. فإذا به يحمل قفة، ثم يخرج بها.. ولا يعود إلا بعد فترة.. ثم يعود ليحمل قفة أخرى.. وهكذا إلى أن عددت سبع مرات، وهو يفعل كل ذلك من غير كلل ولا ملل..

في المرة الأخيرة، وبعد أن خرج تبعته لأرى ماذا يفعل، فإذا به يدق على بيت من البيوت الفقيرة، ثم يضع القفة بجانب الباب، وينصرف[1295].

وقد أثار كل ذلك عجبي.. لكن الأعجب من ذلك كله أنه بعد أن انتهى من ذلك مع اقتراب بزوغ الفجر، ارتمى في فراشه، ولم ينم إلا قليلا، ثم قام وهو فزع يقول:( هل أدركنا الفجر؟)

قلت: لم يؤذن المؤذن بعد.

قال: الحمد لله.. لقد خشيت أن تفوتنا صلاة الفجر في المسجد.. فقد وردت الأحاديث الكثيرة في فضل ذلك.

ثم قال يخاطبني: عساك نمت نوما هادئا.

قلت: الحمد لله.. لقد نمت نوما طيبا.

قال: وأنا مثلك.. نسأل الله أن يتم علينا نعمته، وأن يغفر لنا تقصيرنا في حق الليل، فقد قال تعالى:﴿ وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُوراً) (الفرقان:62)، نسأله ـ تعالى ـ أن يجعلنا من الذين قال فيهم:﴿ كَانُوا قَلِيلاً مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ) (الذريات:17)

لم أخبره بما رأيت منه خشية أن أحرجه بذلك.. فقد كان يحاول ستر أحواله وأعماله، ويحاول أن لا يظهر إلا بمظهر الإنسان البسيط المقصر.

في الوقت الذي قررت فيه أن أخرج من دمشق أخبرته بذلك، فقال: أرجو أن لا أكون قد قصرت في حقك.

قلت: لا.. فأنت ـ بحمد الله ـ أكرمتني غاية الكرم.

أخرج حلة كاملة من تلك الحلل التي اشتراها، وقال لي: هذه الثياب مفصلة على الثياب التي كان يلبسها رسول الله r.. وهي هدية مني لك.. ولكني لا آذن لك في لبسها إلا بعد أن تقتنع اقتناعا تاما بأن محمدا r هو الإنسان الكامل، وهو واسطة الهداية الأكبر بين الله وعباده، وأنه لا يمكن لأحد أن يدخل حضرة الله حتى يمر على حضرته.

قلنا للوارث: أين هي تلك الحلة؟

قال الوارث: هي هذه التي ترونني ألبسها.. إنها أعظم حلة لبستها في حياتي.

قلت: متى لبستها؟

قال: بعد أن اقتنعت اقتناعا تاما بأن محمدا هو رسول الله، وهو واسطة الهداية الأكبر بين الله وعباده، وأنه لن يدخل حضرة الله من لم يمر على حضرته.

قلت: متى كان ذلك؟

قال: سأحدثكم بحديث ذلك.

 

 



([1]) حاولنا أن نذكر في هذا الفصل الطويل ما يرتبط بسنن رسول الله r المرتبطة ببشريته، ولم نرتبه بالترتيب المعهود إلى مباحث ومطالب تحتها من باب التيسير والاختصار، ولذلك أدرجنا في كل مطلب كل ما يرتبط به من عناصر.

وننبه إلى أنا ذكرنا الروايات المختلفة في كل مسألة إما من باب التوثيق، أو من باب ذكر الخلاف بدليله إن كان هناك خلاف.

([2]) رواه الطبري والقضاعي في مسند الشهاب والطبراني في المعجم الأوسط، وقال الهيثمي في المجمع (10/268): إسناده حسن.

([3]) هذا اسم (السيرة الشامية) للصالحي، وهي من أهم مصادر السيرة النبوية الشريفة، وقد اعتمدنا في هذه السلسلة كثيرا على ما ورد فيها من روايات.. وهي مرجعنا في أكثر الأحيان في تخريج الأحاديث المرتبطة بالسيرة والشمائل.

([4]) رواه أحمد والترمذي.

([5])الهرولة: بين المشي والعدو.

([6]) رواه أبو بكر بن أبي شيبة.

([7]) رواه أبو داود.

([8]) رواه ابن سعد وأبو الحسن بن الضحاك.

([9]) رواه أحمد.

([10]) رواه ابن سعد.

([11])التقلع: الانحدار من الصبب، والتقلع من الأرض قريب بعضه من بعض، أراد أنه كان يستعمل التثبت ولا يبين منه في هذه الحالة استعجال، ومبادرة شديدة، وأراد به قوة المشي، وأنه كان يرفع رجليه من الأرض رفعا قويا، لا كمن يمشي اختيالا، ويقارب خطوه.

([12]) رواه ابن سعد.

([13])الصعد: المكان المرتفع.

([14]) رواه البخاري في الأدب وابن سعد.

([15])التكفؤ: تمايل الماشي إلى قدام كالغصن إذا ذهبت به الريح.

([16])الصبب: الموضع المنحدر من الأرض، وذلك دليل على سرعة مشيه، لأن المنحدر لا يكاد يثبت في مشيه.

([17]) رواه ابن سعد.

([18]) رواه ابن سعد.

([19]) رواه ابن سعد.

([20])الهون: المشي في لين ورفق، غير مختال، ولا معجب.

([21])الذريع: السريع أي أنه كان واسع الخطو، فيسرع مشيه، وربما يظن أن هذا غير الأول، ولا تضاد فيه، لأن معناه أي كأنه كان مع تثبته في المشي يتابع بين الخطوات، ويوسعها فيسبق غيره.

([22])يهوي: يسقط من موضع عال.

([23]) رواه البيهقي.

([24]) رواه ابن الضحاك في الشمائل.

([25]) رواه ابن سعد.

([26]) رواه أحمد والبيهقي.

([27]) رواه أبو داود.

([28]) رواه أحمد، ومسلم، وأبو داود.

([29]) رواه النسائي.

([30]) رواه ابن سعد.

([31]) رواه البخاري في الأدب، وابن سعد.

([32]) رواه ابن سعد.

([33]) رواه ابن سعد.

([34]) رواه أبو بكر بن أبي خيثمة.

([35]) رواه أبو الحسن بن الضحاك.

([36]) رواه ابن سعد.

([37]) رواه ابن سعد.

([38]) رواه ابن سعد.

([39]) رواه البزار برجال ثقات.

([40]) رواه مسلم.

([41]) رواه أحمد برجال ثقات.

([42]) رواه أحمد برجال ثقات.

([43]) رواه أحمد والبخاري.

([44]) رواه أحمد والطبراني برجال ثقات.

([45]) رواه الطبراني بسند جيد.

([46]) رواه الخرائطي في مكارم الأخلاق بسند ضعيف.

([47]) رواه ابن أبي حاتم بسند ضعيف عن أبي أمامة، ورواه الطبراني في الكبير.

([48])أشار بعض العلماء إلى ما في هذا الحديث من روعة البلاغة النبوية، فقال:( لما كان المقصود من سياق الحديث بيان ما أصابه النبي r من متاع الدنيا بأدبه، كما قال في الحديث الآخر: (ما أصابنا من دنياكم هذا إلا النساء)، ولما كان الذي حبب إليه من متاع الدنيا هو أفضلها وهو النساء بدليل قوله في الحديث الآخر: (الدنيا متاع وخير متاعها المرأة الصالحة) ناسب أن يضم إليه أفضل الأمور الدينية، وذلك الصلاة، فإنها أفضل العبادات بعد الإيمان، فكان الحديث على أسلوب البلاغة من جمعة بين أفضل أمور الدنيا، وأفضل أمور الدين، وفي ذلك ضم الشيء إلى نظيره، وعبر في أمر الدين بعبارة أبلغ مما عبر في أمر الدنيا، وحيث اقتصر في أمر الدنيا على مجرد التحبب، وقال في أمر الدين (جعلت قرة عيني في الصلاة)، فإن في قرة العين من التعظيم في المحبة ما لا يخفى) (انظر: سبل الهدى: 7/341)

([49]) رواه النسائي.

([50]) رواه ابن عدي.

([51]) رواه أبو نعيم.

([52]) رواه البزار.

([53]) رواه أبو الحسن بن الضحاك عن أبي أيوب الأنصاري، وروى أبو بكر بن أبي خيثمة عن مليح بن عبد الله الأنصاري عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله r:(خمس من سنن المرسلين الحياء والحلم والحجامة والتعطر والسواك)

([54]) رواه البخاري والنسائي.

([55]) رواه الطيالسي والبزار وأبو يعلى بسند حسن.

([56]) رواه مسلم والنسائي.

([57]) رواه النسائي، وابن سعد.

([58]) رواه البخاري والنسائي.

([59]) رواه الطيالسي والبزار وأبو يعلى بسند حسن.

([60]) رواه مسلم والنسائي.

([61]) رواه أبو الحسن بن الضحاك.

([62]) رواه الترمذي.

([63]) رواه الحارث مرسلا بسند حسن.

([64]) رواه ابن أبي شيبة وأبو داود والنسائي وبقي بن مخلد.

([65]) رواه الثلاثة وابن سعد والنسائي.

([66]) رواه ابن سعد.

([67]) رواه أبو القاسم البغوي.

([68]) رواه ابن عدي.

([69]) رواه أبو الحسن بن الضحاك.

([70]) الاستجمار: التبخر، وهو استعمال من المجمرة التي توضع فيها النار والبخور.

([71]) رواه مسلم والنسائي.

([72]) رواه البخاري ومسلم.

([73]) رواه مسلم وأبو داود.

([74]) رواه ابن عساكر.

([75]) رواه البيهقي.

([76]) رواه الحارث بن أبي أسامة.

([77])أي مقمرة مضيئة من أولها إلى آخرها.

([78]) رواه الترمذي والنسائي..

([79]) رواه أبو الحسن بن الضحاك..

([80]) رواه أحمد والترمذي وابن حبان وبقي بن مخلد.

([81]) رواه إبراهيم الحربى في غريبة وأبو الحسن بن الضحاك في الشمائل وابن عساكر.

([82]) رواه يعقوب بن سفيان.

([83]) رواه ابن الجوزي.

([84]) رواه الدارمي ويعقوب..

([85]) أفرد الحافظ أبو الخطاب ابن دحية كتابا سماه: (الآيات البينات فيما في أعضاء رسول الله r من المعجزات) وصف فيه منظره الشريف r.. وقد لخص هذا الكتاب الصالحي في موسوعته (سبل الهدى).. وسنلخص بدورنا مع بعض التصرف ما ذكره الصالحي.

([86]) الأزهر: الأبيض المستنير المشرق وهو أحسن الألوان أي ليس بالشديد البياض.

([87]) الأمهق: الشديد البياض الذي لا يخالطه شئ من الحمرة وليس بنير كلون الجص أو نحوه.

([88]) رواه البخاري ومسلم.

([89]) الإشراب: خلط لون بلون كأن أحد اللونين سقى الآخر لونه، يقال: بياض مشرب حمرة بالتخفيف، فإذا شدد كان للتكثير والمبالغة..

([90]) رواه أحمد والترمذي والبيهقي من طرق.

([91]) رواه ابن عساكر من طرق.

([92]) رواه الترمذي ورواه ابن عساكر من حديث أنس.

([93]) رواه البخاري ومسلم.

([94]) ظاهر الوضاءة: أي الحسن والجمال.

([95]) رواه البيهقي.

([96])أنور المتجرد: ما كشف عنه الثوب من البدن، يعني أنه r كان مشرق الجسد نير اللون فوضع الأنور موضع النير.

([97]) رواه الترمذي والبيهقي.

([98]) رواه ابن عساكر.

([99]) أما ما روي عن أنس ـ رضي الله عنه ـ قال: (كان رسول الله r أسمر اللون)( رواه أحمد ويعقوب بن سفيان والبزار وابن حبان والحاكم وصححه الحافظ، ورواه البيهقي من وجه آخر بلفظ: كان بياضه إلى سمرة وعند أحمد بسند حسن: أبيض إلى سمرة)،  فإن مجموع الروايات يدل على أن المراد بالسمرة: الحمرة التي تخالط البياض، وأن المراد بالبياض المثبت: ما تخالطه الحمرة، والمنفي ما لا تخالطه، وهو الذي تسميه العرب (أمهق).

وقد أجاب الحافظ العراقي إجابة سندية عن ذلك، فقال: في قوله: (أسمر اللون): هذه اللفظة تفرد بها حميد عن أنس، ورواها غيره عنه بلفظ (أزهر اللون) ثم نظرنا من روى صفة لونه r غير أنس، فكلهم وصفوه r بالبياض دون السمرة، وهم خمسة عشر صحابيا.

وقد سمى منهم: أبا بكر وعمر وعليا وأبا جحيفة وابن عمر وابن عباس وهند بن أبي هالة والحسن بن علي وأبا الطفيل ومخرش الكعبي وابن مسعود البراء بن عازب وسعد بن أبي وقاص وعائشة وأبا هريرة وذكر أحاديثم وأسانيدهم العشرة (انظر: سبل الهدى: 2/12)

([100]) رواه البخاري، ورواه أبو الحسن بن الضحاك عن جبير بن مطعم، ورواه أبو الحسن بن الضحاك وابن عساكر من طرق عن علي.

([101]) شثن الكفين والقدمين: غليظ الأصابع.

([102])الكراديس: رؤوس العظام واحدها كردوس قيل هو ملتقى كل عظمين كالركبتين والمرفقين والمنكبين، أراد أنه r ضخم الأعضاء.

([103]) رواه الطيالسي والترمذي وصححه والبيهقي.

([104]) الهامة: الرأس.

([105])لا شديد الجعودة ولا شديد السبوطة بل بينها.

([106]) العقيقة: بقافين على المشهور: شعر الرأس، سمي عقيقة تشبيها بشعر المولود قبل أن يحلق فإذا حلق ونبت ثانيا فقد زال عنه اسم العقيقة، وربما سمي الشعر عقيقة بعد الحلق على الاستعارة، والمراد إن انفرقت عقيقته من ذات نفسها وإلا تركها معقوصة.

وروي: عقيصته - بقاف وصاد مهملة - وهي اسم للشعر المعقوص، مشتق من العقص وهو اللي.

([107]) رواه الترمذي عن هند بن أبي هالة والبيهقي عن علي.

([108]) الجعودة في الشعر أن لا يتكسر ولا يسترسل.

([109]) القطط: الشديد الجعودة الشبيه بشعر السودان.

([110])السبط: المنبسط المسترسل الذي لا تكسير فيه، أي لم يكن شديد الجعودة ولا شديد السبوطة بل بينهما.

([111]) رواه البخاري ومسلم.

([112]) رواه البخاري ومسلم، وفي رواية: كان شعر رسول الله r إلى أنصاف أذنيه.

([113]) رواه ابن عساكر.

([114]) رواه ابن أبي خيثمة.

([115]) الصعلة: صغر الرأس.

([116]) رواه الحارث بن أبي أسامة.

([117]) رواه مسلم والبيهقي.

([118]) رواه البخاري ومسلم.

([119]) رواه أبو داود والترمذي.

([120]) الجمة - بضم الجيم وتشديد الميم -: هي مجتمع شعر الرأس وهي أكثر من الوفرة ما نزل عن ذلك إلى المنكبين.

([121])الوفرة: ما بلغ شحمة الأذن.

([122])الغدائر: الضفائر، وقد وصف ابن أبي خيثمة في تاريخه نواحي الجمال المرتبطة بهذا، فقال: إنما جعل شعر رسول الله r ورأسه غدائر أربعا ليخرج الأذن اليمنى من بين غديرتين يكتنفانها، ويخرج الأذن اليسرى من بين غديرتين يكتنفانها، ويخرج الأذنان بياضهما من بين تلك الغدائر كأنهما توقد الكواكب الدرية بين سواد شعره.

([123]) رواه الترمذي وأبو داود بسند جيد.

([124]) رواه الستة.

([125]) رواه ابن إسحاق وأبو داود، وابن ماجه ولفظه: (كنت أفرق خلف يافوخ رسول الله r ثم أسدل ناصيته)

([126]) حبك الرمال: جمع حبيكة وهي الطريق في الرمل، وقال الفراء: الحبك: تكسر كل شئ كالرمل إذا مرت به الريح الساكنة والماء الدائم إذا مرت به الريح والشعرة الجيدة تكسرها حبك.

([127]) رواه أبو نعيم.

([128]) رواه سعيد بن منصور.

([129]) رواه البخاري ومسلم.

([130]) الجبين: ما فوق الصدغ، والصدغ ما بين العين إلى الأذن، ولكل إنسان جبينان يكتنفان الجبهة.

([131]) الزجج: تقوس في الحاجب مع طول في طرفه وامتداد.. وقيل: الزجج دقة الحاجبين وسبوغهما إلى محاذاة آخر العين مع تقوس.

([132])سوابغ: جمع سابغ، وهو التام الطويل، أي أنها دقت في حال سبوغها، وقد وضع الحواجب موضع الحاجبين لأن التثنية جمع.

([133]) أضيف في الحديث عن الحواجب (من غير قرن) وهو مخالف لما ورد في سائر الأحاديث من صفة حواجبه r قال ابن قتيبة وابن عساكر: ولا أراه إلا كما وصف هند وصححه ابن الأثير والقطب.

وقد حاول الصالحي الجمع بين الروايات، فقال:( يمكن الجمع بأنه r كان أولا بغير قرن أو من جهة الرائي من قرب ومن بعد، وبأنه لم يكن بالأقرن حقيقة ولا بالأزج حقيقة بل كان بين الحاجبين فرجة يسيرة لا تتبين إلا لمن دقق النظر إليها، كما ذكر في صفة أنفه الشريف r فقال: يحسبه من لم يتأمله أشم ولم يكن أشم)

([134])يدره: أي يحركه ويظهره، كان r إذا غضب امتلأ ذلك العرق دما كما يمتلئ الضرع لبنا إذا درفيظهر ويرتفع.

([135]) رواه الترمذي.

([136])مفاض الجبين: أي واسع، يقال درع مفاضة أي واسعة.

([137]) رواه البيهقي وابن عساكر.

([138])الصلت: أي واسع، وقيل الصلت الأملس وقيل البارز.

([139]) رواه ابن عساكر.

([140])الدعج: شدة سواد العين في شدة بياضها.

([141]) رواه أحمد ومسلم.

([142])الأهدب: الطويل الأشفار.

([143]) الأشفار: جمع شفر وزن قفل وهو حرف الجفن الذي ينبت عليه الهدب.. قال ابن قتيبة: والعامة تجعل أشفار العين: الشعر وهو غلط، وإنما الأشفار حروف العين التي ينبت عليها الشعر.

([144]) رواه أحمد ومسلم.

([145]) مشرب العين بحمرة: هي عروق حمر رقاق.

([146]) رواه البيهقي وأبو الحسن بن الضحاك وابن عساكر من طرق.

([147]) رواه الترمذي.

([148]) رواه ابن عساكر.

([149]) وقد فسر الراوي (أشكل العين) بقوله: طويل شق العين، قال القاضي: إنه وهم منه باتفاق العلماء وغلط ظاهر، فقد اتفق العلماء وأصحاب الغريب أن الشهلة حمرة في سواد العين كالشكلة في البياض.

([150]) رواه مسلم وغيره، ورواه أبو داود بلفظ: أشهل العين.

([151]) رواه أحمد.

([152]) رواه أبو الحسن بن الضحاك.

([153]) رواه محمد بن يحيى الذهلي في الزهريات.

([154])العطف: هو أن يطول شعر الأجفان ثم ينعطف.

([155])رواه الحارث بن أبي أسامة..

([156]) رواه أبو الحسن بن الضحاك.

([157]) رواه ابن عدي والبيهقي وابن عساكر عن عائشة، والبيهقي وابن عساكر عن ابن عباس.

([158]) رواه البخاري ومسلم.

([159]) رواه عبد الرزاق في الجامع وأبو زرعة الرازي في دلائله.

([160]) رواه مسلم.

([161])حاول بعضهم تكلف سر ذلك، وهو من التكلف الممقوت، فزعم أن أنه r كان له بين كتفيه عينان كسم الخياط يبصر بهما لا تحجبهما الثياب.

وقال آخر: بل كانت صورهم تنطبع في حائط قبلته كما تنطبع في المرآة أمثلتهم فيها فيشاهد أفعالهم.

([162])الأطيط: صوت الأقتاب وأطيط الإبل أصواتها وحنينها، أي أن كثرة ما في السماء من الملائكة قد أثقلها حتى أطت.

([163]) رواه الترمذي وابن ماجة عن أبي ذر، وأبو نعيم عن حكيم بن حزام.

([164])حادت: مالت عند نفارها عن سنن طريقها.

([165]) رواه مسلم.

([166]) القنى: طوله ودقة أرنبته مع ارتفاع في وسطه.

([167])العرنين: الأنف.

([168]) رواه الترمذي عن هند بن أبي هالة وابن عساكر عن علي.

([169]) الشمم: ارتفاع قصبة الأنف واستواء أعلاها وإشراف الأرنبة قليلا، والمعنى أنه r لحسن قنى أنفه واعتدال ذلك يحسب قبل التأمل أنه أشم وليس كذلك.

([170]) رواه البيهقي.

([171])السهل الخدين: أي ليس في خديه نتوء وارتفاع، وقيل: أراد أن خديه r أسيلان قليلا اللحم رقيقا الجلد، كما في حديث أبي هريرة.

([172]) رواه الترمذي.

([173]) رواه محمد بن يحيى الذهلي في الزهريات وابن عساكر.

([174])رواه ابن عساكر، وأبو الحسن بن الضحاك.

([175]) الضليع: عظيم الفم وقيل واسعه، والعرب تمدح عظم الفم وتذم صغره، قال الإمام النووي: وهذا قول الأكثر وهو الأظهر.

وقيل: الضليع: المهزول الذابل، وهو في صفته r ذبول شفتيه ورقتهما وحسنهما.

([176])الشنب: البياض والبريق والتحديد في الأسنان، وقيل: هو بردها وعذوبتها.

([177])الفلج: تباعد ما بين الثنايا والرباعيات.

([178]) يفتر: أي يظهر أسنانه.

([179])حب الغمام: البرد، شبه به ثغره في بياضه وصفائه وبرده.

([180]) رواه الترمذي وأبو الشيخ.

([181]) رواه البخاري ومسلم.

([182]) رواه ابن عساكر.

([183]) رواه ابن سعد وأبو الشيخ.

([184])الثغر هنا: الثنايا.

([185]) رواه البيهقي.

([186]) رواه أبو زرعة الرازي في دلائله والدارمي والترمذي وأبو الحسن بن الضحاك وسنده جيد.

([187]) رواه البيهقي.

([188]) رواه ابن سعد وأبو الشيخ.

([189]) رواه أبو نعيم.

([190]) رواه أحمد وابن ماجة، ورواه أبو الحسن بن الضحاك بلفظ: أتي بدلو فتوضأ منه فتمضمض ومج مسكا أو أطيب من المسك وانتشر خارجا منه.

([191]) رواه محمد بن يحيى الذهلي في الزهريات، وأبو الحسن بن الضحاك وابن عساكر.

([192])الخلوف: تغير رائحة الفم.

([193]) رواه الطبراني.

([194])الذرابة: الفحش، والبذاء في المنطق: السفه والفحش.

([195]) رواه الطبراني.

([196]) رواه البخاري في التاريخ والطبراني وأبو الحسن بن الضحاك.

([197]) الكثه: أي فيها كثاثة واستدارة، وليست بطويلة.

([198]) رواه الترمذي عن هند، ورواه ابن عساكر عن عمر بن الخطاب.

([199]) رواه البيهقي وابن عساكر وابن الجوزي.

([200]) رواه أبو الحسن بن الضحاك.

([201]) رواه البيهقي وابن عساكر.

([202]) رواه ابن عساكر.

([203]) رواه ابن عساكر.

([204]) رواه ابن سعد بسند صحيح، ورواه أبو الحسن بن الضحاك بلفظ أربع عشرة بيضاء.

([205]) رواه البخاري ومسلم.

([206])العنفقة: ما بين الذقن والشفة السفلى، سواء كان عليه شعر أم لا، ويطلق على الشعر أيضا.

([207]) رواه ابن خيثمة.

([208]) رواه مسلم.

([209]) رواه ابن إسحاق وابن حبان البيهقي.

([210]) رواه مسلم.

([211]) رواه البخاري، ورواه الإسماعيلي بلفظ: (من تحت شفته السفلى مثل موضع إصبع العنفقة)، وفي لفظ له:( رأيت النبي r شابت عنفقته)

([212]) رواه البخاري، وفي رواية عند الإسماعيلي: إنما كانت شعرات بيضا.

([213])اختلف العلماء هل خضب النبي r أم لا على قولين:

القول الأول: أنه لم يخضب، وهو قول أكثر العلماء بناء على ما ذكرنا من نصوص.

القول الثاني: أنه صبغ في وقت، وتركه في معظم الأوقات، فأخبر كل بما رأى، وهو صادق، قال النووي:( وهذا التأويل كالمتعين، فحديث ابن عمر ـ رضي الله عنه ـ في الصحيحين لا يمكن تركه، ولا تأويل له قال الحافظ: والجمع بين حديث أبي رمثة وابن عمر، وحديث أنس أن يحمل حديث أنس على غلبة الشيب، حتى يحتاج إلى خضابه، ولم يتفق أنه رآه، وهو يخضب.

ويحمل حديث من أثبت الخضاب على أنه فعله، لإرادة الجواز، ولم يواضب عليه..

([214]) رواه ابن سعد وأبو نعيم.

([215]) رواه ابن الجوزي.

([216])الأسارير: جمع أسرار، وهي جمع السرر، وهي الخطوط التي تكون في الجبهة، وبرقانها يكون عند الفرج.

([217]) رواه البخاري ومسلم.

([218]) رواه ابن عساكر، ويروى عن ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ  تعالى عنهما.

([219]) رواه البخاري ومسلم.

([220]) رواه البخاري ومسلم والترمذي بصيغ مختلفة.

([221]) المطهم: وهو المنتفخ الوجه.

([222])المكلثم: وهي من الوجه القصير الحنك الداني الجبهة المستدير مع خفة اللحم.

([223]) رواه البيهقي وابن عساكر من طرق.

([224]) رواه مسلم والبيهقي.

([225])فخما: أي عظيما.

([226])مفخما: أي معظما في الصدور والعيون.

([227]) رواه الترمذي وغيره.

([228])المتبلج والأبلج: الحسن المشرق المضئ، ولم ترد به بلج الحواجب لأنها وصفتها بالقرن.

([229]) رواه الحارث بن أسامة وغيره.

([230]) رواه أبو نعيم.

([231]) رواه ابن الجوزي.

([232]) رواه البيهقي.

([233]) رواه البخاري ومسلم.

([234]) رواه الطبراني.

([235]) السطع: طول العنق..

([236]) رواه الحارث بن أبي أسامة.

([237])الدمية:  الصورة المصورة سميت بذلك، لأن الصانع يتفوق في صنعها وتحسينها، شبه عنقه r بالفضة في صفائها.

([238]) رواه الترمذي.

([239]) رواه ابن عساكر، وابن سعد وأبو نعيم والبيهقي.

([240]) المشاش: رؤوس العظام: كالمرفقين والكعبين والركبتين وقال الجوهري: رؤوس العظام اللينة التي يمكن مضغها.

([241])الكتد: مجتمع الكتفين.

([242]) رواه الترمذي.

([243])المنكب: مجتمع رأس العضد والكتف.. وبعد ما بين المنكبين يدل على سعة الصدر والظهر.

([244]) رواه أحمد والشيخان عن البراء بن عازب، وأحمد والبيهقي عن أبي هريرة، والترمذي عن هند.

([245]) رواه البزار والبيهقي وابن عساكر.

([246]) رواه أبو الحسن بن الضحاك.

([247]) رواه أحمد ويعقوب بن سفيان.

([248]) تحدثنا عن هذا الخاتم ودلالته على النبوة في رسالة (أنبياء يبشرون بمحمد) ورسالة (معجزات حسية)

([249])زر الحجلة: اختلف في ضبط زر وفي الحجلة ومعنييهما، فقيل في (زر): إنه بتقديم الزاي على الراء المشددة والحجلة بفتح الحاء المهملة والجيم وعلى هذا فقيل المراد بالزر الذي يعقد به النساء عرى حجولهن، كأزرار القميص، والحجلة بيت من ثياب كالقبة يجعل بابه من جنبه يجعل فيه الزر والعروة.

وقيل:المراد بالزر البيض، والحجلة الطائر المعروف، قال الترمذي: ويساعده في ذلك رواية كبيضة حمامة.

وقيل: المراد بالحجلة من حجل الفرس، نقله البخاري عن محمد بن عبيد الله بن محمد بن أبي زيد.

([250]) رواه البخاري ومسلم.

([251]) رواه مسلم والبيهقي.

([252]) رواه أبو الحسن بن الضحاك.

([253]) رواه أحمد.

([254]) رواه مسلم.

([255]) رواه أحمد وابن سعد والبيهقي.

([256]) رواه الترمذي.

([257]) رواه أحمد والبيهقي.

([258]) رواه أحمد والترمذي والحاكم وصححه وأبو يعلى والطبراني، ورواه أبو سعد النيسابوري بلفظ شعرات سود.

([259]) رواه الترمذي، وفي لفظ عند البخاري في التاريخ والبيهقي: لحمة ناتئة ولأحمد: لحم ناشز بين كتفيه.

([260])شبهه بعضهم بأنه كالبندقة، فعن ابن عمر ـ رضي الله عنه ـ قال:( كان خاتم النبوة على ظهر النبي r مثل البندقة من لحم مكتوب فيها: محمد رسول الله) رواه ابن حبان في صحيحه.

وقد علق على هذا الحافظ أبو الحسن الهيثمي في (مورد الظمآن إلى زوائد ابن حبان) بعد أن أورد الحديث: اختلط على بعض الرواة خاتم النبوة بالخاتم الذي كان يختم به الكتب، وذكر الحافظ ابن كثير نحو ما قال الهيثمي.

وقال الحافظ: ما قيل إن الخاتم كان كأثر المحجم أو كالشامة السوداء أو الخضراء مكتوب عليها: (لا إله إلا الله محمد رسول الله) أو (سر فإنك المنصور)، ونحو ذلك فلم يثبت من ذلك شئ ولا يغير بما وقع في صحيح ابن حبان فإنه غفل حيث ضحح ذلك.

وقال القطب في (المورد) والمحب ابن الشهاب بن الهائم في (الغرر): إنه حديث باطل.

ونقل أبو الخطاب بن دحية عن الحكيم الترمذي أنه قال: كان الخاتم الذي بين كتفي رسول الله r كأنه بيضة حمامة مكتوب في باطنها: الله وحده، وفي ظاهرها: توجه حيث شئت فإنك منصور، قال ابن دحية: وهذا غريب واستنكروه..

([261]) أي مستوى البطن والصدر، أي أن بطنه غير خارج فهو مساو لصدره، وصدره عريض فهو مساو لبطنه.

([262])مشيح: أي بادي الصدر غير قعس، ويروى: فسيح الصدر أي واسع الصدر.

([263]) رواه الترمذي.

([264])أنور: من النور تريد شدة بياضة وحسنه، والمتجرد: ما جرد عنه الثوب من بدنه وهو المجدد أيضا.

([265]) عاري الثديين: أي أن ثدييه وبطنه ليس عليهما شعر سوى المسربة كما سيأتي.

([266])الأشعر: الذي عليه الشعر من البدن.

([267]) رواه الترمذي.

([268]) رواه الترمذي وصححه.

([269]) رواه ابن سعد وابن عساكر.

([270])المسربة: الشعر المستدق ما بين اللبة إلى السرة.

([271])اللبة: المنحر، وهي التطامن الذي فوق الصدر وأسفل الحلق بين الترقوتين وفيها تنحر الإبل.

([272]) رواه ابن عساكر.

([273])الثجلة: عظم البطن، ويروى بالنون والحاء المهملة وهو النحول وهو الدقة وضعف التركيب.

([274])الصقلة: الدقة والنحول، وقيل: أرادت أنه r لم يكن منتفخ الخاصرة جدا ولا ناحلا جدا.

([275]) رواه الحارث بن أبي أسامة.

([276])مفاض البطن: أي واسعه، وقيل مستوى البطن مع الصدر.

([277]) رواه الترمذي والبيهقي.

([278]) رواه ابن عساكر.

([279]) رواه ابن عساكر.

([280])شثن الكفين: هو الذي في أنامله غلظ بلا قصر، ويحمد ذلك في الرجال لأنه أشد لقبضتهم ويذم في النساء.

([281])سائل الأطراف: من السيلان أي ممتدها، يعني أنها طوال ليست بمتعقدة ولا منقبضة، ورواه بعضهم بالنون بدل اللام فقال: سائن، قال ابن الأنباري: وهما بمعنى تبدل اللام من النون، أي طويل الأصابع.

([282])سبط: الممتد الذي ليس فيه تعقد ولا نتوء.

([283])القصب: جمع قصبة، وهي كل عظم أجوف فيه مخ وأما العريض فيسمى لوحا، يريد بهما ساعديه وساقيه، وفي لفظ: العصب.

([284]) رواه الترمذي.

([285]) رواه أبو يعلى وابن عساكر.

([286])العبل: الضخم من كل شئ يقال هو عبل الذراعين وفرس عبل الشوي ضخم القوائم.

([287]) رواه أبو الحسن بن الضحاك.

([288]) رواه البخاري.

([289])وصف أنس وغيره كف رسول الله r بالليونة، هو مخالف لوصف علي له بالشثن، وهو الغلظ مع الخشونة كما قال الأصمعي، وقد جمع بينهما بأن المراد باللين في الجد والغلظ في العظام، فيجتمع له نعومة البدن وقوته.

وقال ابن بطال: كانت كفه r ممتلئة لحما غير أنها مع ضخامتها كانت لينة كما في حديث المستورد.

وأما قول الأصمعي: الشثن غلظ الكف مع خشونة، فلم يوافق على تفسيره بالخشونة، والذي فسر به الخليل أولى.

وعلى تسليم ما فسر به الأصمعي يحتمل أن يكون وصف كف النبي r، فكان إذا عمل في الجهاد أو مهنة أهله صار كفه خشنا للعارض المذكور، وإذا ترك ذلك رجع إلى أصل جبلته من النعومة.

([290]) رواه البخاري ومسلم.

([291])الزندان: عظما الذراعين.

([292]) رواه الترمذي.

([293]) رواه ابن سعد وابن عساكر.

([294]) رواه الطبراني.

([295]) رواه الطبراني والبيهقي.

([296]) رواه البخاري ومسلم.

([297]) رواه مسلم.

([298]) رواه أبو الحسن بن الضحاك.

([299]) رواه أحمد.

([300]) رواه البخاري وغيره.

([301]) رواه ابن سعد.

([302]) رواه البزاز.

([303])الحموشة: الدقة.

([304]) رواه مسلم.

([305])منهوس: أي قليل لحم العقب.

([306]) رواه مسلم.

([307]) رواه ابن عساكر.

([308])الجمار: قلب النخل حين يقطع يكون رطبة بيضاء.

([309]) رواه يعقوب بن سفيان وإبراهيم الحربي.

([310]) رواه ابن أبي خيثمة.

([311]) رواه البخاري ومسلم.

([312])الوبيص: البريق واللمعان.

([313]) رواه البخاري.

([314]) خمصان: الإخمص من القدم الموضع الذي لا يلصق بالأرض منها عند الوطء والخمصان المبالغ فيه، أي ذلك الموضع من أسفل قدميه كان شديد التجافي عن الأرض جدا.

وسئل ابن الأعرابي عنه فقال: إذا كان خمص الإخمص بقدر لم يرتفع عن الأرض جدا ولم يستو أسفل القدم جدا، فهو أحسن الخمص بخلاف الأول.

([315]) مسيح القدمين: أي ملساوان لينتان ليس فيهما تكسر ولا شقاق فإذا أصابهما الماء نبا عنهما سريعا لملاستهما فينبو عنهما ولا يقف.

([316]) رواه الترمذي.

([317])اعتدال الخلق: يناسب الأعضاء والأطراف، أي لا تكون متباينة في الدقة والغلظ والصغر والكبر والطول والقصر.

([318])البادن: الضخم الكثير اللحم، ولما قال ذلك أردفه بقوله متماسك وهو الذي يمسك بعضه بعضا فليس هو بمسترخ ولا متهدل، كأن لحمه لاكتنازه واصطحابه يمسك بعضه بعضا لأن الغالب على السمن الاسترخاء.

([319])المربوع: الذي بين الطويل والقصير.

([320])المشذب: البائن طولا مع نقص في لحمه، أي ليس بنحيف طويل، لا بل طوله r وعرضه متناسبان على أتم صفة.

([321]) رواه الترمذي.

([322])البائن: الطويل في نحافة.

([323])القصير المردد: وهو الذي تردد من بعض خلقه على بعض فهو المجتمع الخلق الذي يضرب إلى القصر جدا.

([324])ربعة: أي مربوع الخلق لا طويل ولا قصير، والتأنيث باعتبار النفس، يقال رجل ربعة وامرأة ربعة وقد فسره في الحديث بقوله: ليس بالطويل البائن المفرط في الطول مع اضطراب القامة.

([325]) رواه ابن أبي خيثمة في تاريخه والبيهقي وابن عساكر.

([326]) رواه عبد الله بن أحمد في زوائد المسند والبيهقي.

([327])الممغط: المتناهي في الطول، وامتغط النهار امتد ومغطت الحبل إذا مددته وأصله منمغط والنون للمطاوعة فقلبت ميما وأدغمت في الميم ويقال بالعين المهملة بمعناه.

([328]) رواه ابن عساكر.

([329]) رواه البخاري ومسلم.

([330]) رواه الخمسة.

([331]) رواه محمد بن يحيى الذهلي في الزهريات وأبو الحسن بن الضحاك بسند حسن.

([332]) رواه ابن عساكر.

([333]) رواه أبو الحسن بن الضحاك وابن عساكر.

([334]) رواه البخاري ومسلم.

([335])الثلاثة: النبي r وأبو بكر وعامر بن فهيرة.

([336]) رواه البيهقي.

([337])مقصدا: أي ليس بطويل ولا قصير لا جسيم، كأن خلقه r يجئ به القصد من الأمور.

([338]) رواه مسلم.

([339]) رواه البخاري ومسلم.

([340]) رواه ابن سعد وابن عساكر.

([341]) رواه ابن عساكر.

([342]) رواه أبو بكر بن أبي خيثمة وأبو نعيم مختصرا.

([343]) رواه ابن عساكر وأبو نعيم.

([344]) رواه أبو الحسن بن الضحاك.

([345]) رواه أحمد والبخاري ومسلم والترمذي.

([346]) رواه أبو بكر بن أبي خيثمة.

([347]) رواه ابن عساكر.

([348]) رواه مسلم وغيره، وفي رواية قالت: هذا عرقك أدوف به طيبي.

([349]) رواه ابن سعد وأبو نعيم.

([350]) رواه أبو يعلى والبزار.

([351]) رواه الطبراني.

([352]) رواه البيهقي.

([353]) رواه مسلم.

([354]) رواه البزار.

([355]) رواه البخاري في تاريخه والدارمي.

([356]) رواه الطبراني وأبو يعلى وابن عدي.

([357]) رواه الطبراني عن أبي الدرداء.

([358])الثريد: أن يثرد الخبز بمرق اللحم، وقد لا يكون معه اللحم.

([359]) رواه أبو داود.

([360]) قيل: هو الدقيق وما لا يشرب.

([361]) رواه أحمد والحاكم والبيهقي.

([362]) رواه البخاري.

([363]) رواه ابن عدي، ورواه أبو القاسم البغوي عن ابن عباس.

([364]) رواه ابن عدي.

([365]) رواه أبو بكر الشافعي.

([366]) رواه أحمد وابن ماجه، ورواه ابن عساكر وابن النجار عنه قال:(كنت من أهل الصفة..)

([367]) رواه الحارث بن أبي أسامة.

([368]) رواه الحارث بن أبي أسامة.

([369]) رواه أحمد.

([370]) رواه البخاري وأبو بكر الشافعي وأبو سعيد بن الأعرابي.

([371]) رواه ابن ماجه.

([372])الخبيص الحوار: الدقيق الذي يحلى مرة بعد أخرى.

([373]) رواه الحارث بسند منقطع.

([374]) رواه الطبراني في الثلاثة ورجال الصغير والأوسط ثقات، وبقي بن مخلد والحاكم وصححه.

([375]) رواه أبو داود.

([376]) رواه أحمد وأبو نعيم بسند حسن.

([377]) رواه ابن السني وإبراهيم والحاكم وصححه.

([378]) القثاء: هو اسم جنس للخيار، وبعضهم يطلق القثاء على نوع يشبه الخيار، وهو مطابق لقول الفقهاء:( لو حلف لا يأكل الفاكهة حنث بالقثاء والخيار)، وهو يقتضي أن يكون نوعا غيره، فتفسير القثاء بالخيار تسامح.

([379])جرو القثاء: صغار القثاء.

([380]) رواه مالك.

([381]) رواه الترمذي في الشمائل والطبراني.

([382]) رواه بقي بن مخلد والترمذي.

([383]) رواه أحمد والبخاري ومسلم وأبو داود وابن ماجه.

([384]) رواه ابن عدي بسند ضعيف.

([385])الثفل: الثريد.

([386])المجاج: العسل، لأن النحل تمجه أي تلقيه وتقذفه، وقيل: لا يكون مجة حتى يتباعد به.

([387]) رواه الخطابي في غريبه.

([388]) رواه ابن عدي، ورواه أيضا عن أبي هريرة.

([389]) رواه البرقاني بسند واه.

([390]) الخربز: نوع من البطيخ الأصفر.

([391]) رواه أحمد وأبو داود والطيالسي، زاد الطيالسي: ويقول: هما الأطيبان.

([392])الطفيشل: نوع من الطعام كالهريسة.

([393]) رواه أبو الحسن البلاذري في تاريخه.

([394]) هو طعام يتخذ من الحبوب واللحم، وأطيبه ما يتخذ من الحنطة ولحم الديك، وقد روي فيها حديث موضوع، وهو ما رواه حذيفة مرفوعا: أن جبريل أطعمني الهريسة يشد بها ظهري لقيام الليل، رواه الطبراني من طريق محمد بن الحجاج اللخمي وهو الذي اختلقه، وحديث أبي هريرة رواه الدارقطني وقال:( حديث منكر باطل، وموسى بن إبراهيم ومن دونهم ضعفاء لا يحتج بهم.

([395]) رواه الحافظ البلاذري في تاريخه.

([396]) رواه أبو الحسن بن الضحاك.

([397]) رواه الحافظ البلاذري في تاريخه.

([398]) رواه الحافظ البلاذري في تاريخه.

([399]) الحيس: تمر وأقط معجون بسمن.

([400]) الوطيئة: التمر يستخرج نواه ويعجن باللبن، وقيل مثل الحيس: تمر وأقط معجون بسمن.

([401]) رواه الحميدي.

([402])القعب: القدح الضخم الجافي، أو إلى الصغر أو يروي واحدا.

([403]) رواه الحميدي.

([404]) رواه مسلم والترمذي والنسائي.

([405]) رواه أبو يعلى، والطبراني بإسناد جيد، والترمذي.

([406]) رواه ابن أبي شيبة، ومسلم.

([407]) رواه مسلم والترمذي.

([408]) رواه الترمذي وحسنه.

([409]) رواه أحمد بن منيع.

([410]) رواه أبو الشيخ.

([411])الفاغية: نور الحناء، وقيل نور الريحان، وقيل نور كل نبت من أنواع نبات الصحراء التي لا تزرع، وقيل فاغية كل نبت نوره.

([412]) رواه الطبراني برجال ثقات غير سعيد بن عتيبة القطان.

([413]) رواه ابن ماجه.

([414]) رواه مسلم.

([415])العناق: الأنثى من أولاد المعز ما لم يتم له سنة.

([416]) رواه الحاكم والبيهقي.

([417]) رواه أبو بكر بن أبي شيبة وأحمد والبزار، زاد أحمد والبزار (وتعاهد جيرانك)

([418]) رواه أحمد.

([419]) رواه الترمذي وابن ماجه.

([420]) رواه البخاري والترمذي في الشمائل - وصححه -، وابن ماجه.

([421])العراق: هو العظم إذا خلى عنه معظم اللحم.

([422]) رواه أحمد وأبو داود والترمذي في الشمائل.

([423]) رواه البزار برجال ثقات.

([424])الغٍِب: من الزيارة كل أسبوع، ومن الحمى ما تأخذ يوما بعد يوم، والغبة: بالضم البلغة من العيش، وهو المناسب هنا والأولى.

([425]) رواه الترمذي وحسنه.

([426]) رواه الحميدي والطبراني.

([427]) رواه مسلم.

([428]) رواه أبو نعيم.

([429]) رواه البخاري ومسلم والحميدي.

([430]) رواه أبو نعيم.

([431]) رواه أحمد والنسائي والبيهقي.

([432]) رواه أبو بكر أحمد بن مروان المالكي الدينوري في المجالسة، قال إبراهيم بن حبيب: سمعت أن الخيزران حدثت بهذا الحديث، فقسمت قسما من مالها على ولد سعد بن عبادة، وقالت: أكافئ ولد سعد عن فعله برسول الله r.

([433]) رواه ابن السني وأبو نعيم في الطب، والبيهقي عن مجاهد مرسلا، والطبراني.

([434])العراق: جمع عرق، وهو العظم إذا أخذ عنه معظم اللحم، وهو جمع نادر.

([435]) رواه النسائي.

([436]) رواه أبو يعلى والطبراني وأبو الشيخ.

([437]) رواه أحمد ومسلم واللفظ له.

([438]) رواه الدارقطني في (غرائب ملك) وابن عدي.

([439]) رواه ابن سعد.

([440]) رواه ابن سعد.

([441]) رواه ابن سعد.

([442]) رواه الطبراني وابن عدي.

([443]) رواه الطبراني.

([444]) رواه ابن السني.

([445]) رواه أبو الحسن بن الضحاك.

([446]) رواه مسدد برجال ثقات.

([447]) رواه مالك.

([448]) رواه ابن سعد.

([449]) رواه ابن سعد.

([450]) رواه الطبراني، ورجاله رجال الصحيح.

([451]) رواه قاسم بن اصبغ.

([452]) رواه الطبراني.

([453]) رواه البخاري ومسلم والنسائي.

([454]) رواه ابن سعد.

([455])الجشيشة: هي أن تطحن الحنطة طحنا جليلا، ثم تجعل في القدور، ويلقى عليها لحم أو تمر ويطبخ، وقد يقال لها: الدشيشة، وهكذا لا تزال تنطق عندنا بالجزائر.

([456]) رواه مسلم.

([457]) رواه أبو نعيم.

([458])الحريرة: شئ يصنع من اللبن.

([459])العصيدة: شئ يعمل من الدقيق معروف.

([460]) رواه الطبراني برجال ثقات.

([461]) رواه أحمد برجال الصحيح.

([462]) رواه مسدد وأبو داود وابن حبان في صحيحة والبيهقي.

([463]) رواه الطيالسي.

([464]) رواه أحمد ومحمد بن عمر الأسلمي والبيهقي.

([465]) رواه البخاري.

([466] ) هي حَسَاء يتخذ من اللبن والدقيق.

([467]) رواه البخاري والبرقاني.

([468]) رواه ابن عدي.

([469]) رواه الحميدي والبخاري والنسائي.

([470]) رواه أبو يعلى وأحمد.

([471]) رواه الطبراني.

([472]) رواه أبو نعيم في الطب.

([473]) رواه أبو نعيم في الطب.

([474])الأقط: هو شئ يتخذ من مخيض اللبن الغنمي، والمراد هنا بالثور القطعة منه.

([475]) رواه البخاري ومسلم والبرقاني وابن سعد.

([476])الثور من الأقط: كهيئة اللقمة.

([477]) رواه إبراهيم الحربي.

([478]) رواه ابن ماجه.

([479]) أو خرصا، ومعناهما واحد، وهو أن يأخذ العنقود ويضعه في فيه ويخرطه من حبه فيأكل الحب، ويخرج العرجون عاريا.

([480]) رواه الطبراني وابن عدي وأبو بكر الشافعي بسند واه جدا، وأبو الشيخ والبيهقي،  وقال: إسناده قوي.

([481]) رواه ابن السني وأبو نعيم كلاهما في الطب.

([482]) رواه ابن السني وأبو نعيم كلاهما في الطب.

([483]) رواه أحمد.

([484])طخاءة الصدر: ثقل وغشاء، وأصله الظلمة والغنم.

([485])تجم الفؤاد: صلاحه، ونشاطه: أي تريحه، وقيل تجمعه وتكمله.

([486]) رواه الطبراني برجال ثقات خلا على القرشي الراوي عن عمر بن دينار بنحو رجاله.

([487]) رواه الطبراني والحاكم والضياء في المختارة وصححاه.

([488]) رواه ابن السني وأبو نعيم كلاهما في الطب.

([489]) رواه ابن حبان.

([490]) رواه الخطيب.

([491])الكباث: النضيج من ثمر الأراك.

([492]) رواه أحمد والبخاري ومسلم والنسائي، زاد ابن حبان:( وإني كنت آكله، زمن كنت أرعى)، فقلت: أكنت ترعى الغنم؟ قال:( وهل من نبي إلا رعاها)

([493]) رواه الترمذي، وابن السني وأبو نعيم، وأبو سعيد بن الأعرابي والحاكم وصححه وابن عدي.

([494]) رواه ابن عساكر من طريق السبكي وسنده واه.

([495]) رواه البرقاني وأبو القاسم البغوي.

([496]) رواه البخاري وعبد الرحمن بن حميد، وأبو سعيد بن الأعرابي والبيهقي.

([497])قفار: أي غير مأدوم.

([498]) رواه أبو الحسن بن الضحاك.

([499]) رواه البزار من طريق حسان بن سياه وفيه عن أنس وابن لال في المكارم الأخلاق عن أنس وعائشة معا.

([500])قال البيهقي في الشعب: الحكمة في إلقائه r النوى بأصبعيه نهيه r أن يجعل الآكل النوى على الطبق، وعلله الحكيم الترمذي: بأنه قد يخالطه الريق ورطوبة الفم فإذا خالط ما في الطبق عافته الأنفس.

([501]) رواه أبو داود الطيالسي بسند صحيح، وأبو يعلى.

([502]) رواه أبو داود، ورواه الطبراني عن عبد اللة بن سلام، ورواه أيضا عن زيد بن ثابت وعن عائشة.

([503]) رواه ابن سعد.

([504]) رواه ابن سعد.

([505]) رواه ابن حبان.

([506]) رواه أبو داود وابن ماجه.

([507]) رواه أحمد وابن ماجه.

([508]) رواه أحمد.

([509]) رواه ابن سعد.

([510]) رواه أبو داود والترمذي وحسنه والنسائي.

([511]) رواه ابن ماجه.

([512]) رواه أبو داود الطيالسي وأحمد.

([513]) رواه أبو يعلى وأحمد والترمذي في الشمائل والنسائي في الكبرى والحاكم وابن سعد وسنده جيد بسند رجاله ثقات.

([514]) رواه البرقاني.

([515])الخربز: نوع من البطيخ الأصفر، وبهذا يتبين أن المراد بالبطيخ في هذا الحديث الأصفر، وتعقب بأن الأصفر فيه حرارة كما في الرطب، وأجيب بأن في الأصفر بالنسبة للرطب برودة، وإن كان لحلاوته طرف حرارة.

([516]) رواه النسائي وأحمد وابن السني.

([517]) رواه الطبراني وأبو الشيخ والحاكم والبيهقي وضعفه، ورواه ابن عدي من طريق يوسف بن عطية الصفار وهو متروك.

([518]) رواه ابن عدي.

([519]) رواه مسلم والبيهقي.

([520])الباكورة: المعجل الإدراك من كل شئ من الفاكهة.

([521]) رواه أبو سعيد بن الأعرابي واللفظ له والدارقطني.

([522]) رواه الطبراني في الكبير والصغير من طرق، رجال طريقين منها رجال الصحيح.

([523]) رواه البرقاني برجال ثقات.

([524]) رواه أبو الشيخ، كذا أورده ابن الجوزي، والظاهر أنه بالثاء وهو الثريد، ورواه الحاكم عن أنس بلفظ كان النبي r يعجبه الثفل، ثم قال: سمعت أبا محمد يقول: سمعت أبا بكر محمد بن إسحاق يقول: الثفل: هو الثريد.

([525]) رواه أحمد والبيهقي وأبو داود والنسائي والترمذي في الشمائل، زاد البيهقي أنه كان مشويا في قدر أي مطبوخا.

([526]) رواه البخاري في المفرد وأبو الحسن بن الضحاك.

([527]) رواه الدولابي.

([528])من الأقوال التي قيلت في الجمع بين ما وري من تتبع النبي r الدباء في القصعة من حواليها، وبين قوله r: (كل مم يليك؟) أن حديث الدباء كان الرجل الخياط أصلح ذلك الطعام خاصا بالنبي r، وما كان هذا سبيله فجائز أكله على طريق التتبع، وما لم يكن كذلك فالأكل مما يلي الآكل.

وقال أبو الحسن بن الضحاك: ويحتمل أن يقال في الجمع بينهما إن النهي عن ذلك إنما هو من طريق التقزز الذي يصيب من يأكل مع آخر في صحفة واحدة، والنبي r يتبرك بموضع يده حيث حل، وترجى بركتها، ويحرص على ملاقاتها للطعام حيث كان، ويتنافس في الأكل من الموضع الذي حلت فيه يده.

([529]) قال الحافظ أبو عمرو: من طريق الإيمان حب ما كان رسول الله r يحبه، واتباع ما كان يفعله، ألا ترى أن قول أنس فلم أزل أحب الدباء بعد ذلك اليوم.

([530]) رواه مالك وأحمد والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي وابن ماجه.

([531]) رواه الترمذي.

([532]) رواه أحمد وابن شيبة والنسائي وأبو بكر بن أبي خيثمة.

([533]) رواه أحمد وأبو بكر بن أبي خيثمة.

([534]) رواه أبو الحسن بن الضحاك، ورواه أبو بكر الشافعي من طريق آخر.

([535]) رواه ابن سعد.

([536]) رواه الديلمي.

([537]) رواه الديلمي.

([538]) رواه الترمذي.

([539]) رواه النسائي.

([540])الخبط: الورق المخبوط، وسمي الجيش به لأنه لما اشتد جوعهم كانوا يضربون الخبط بعصيهم، ويبلونه ويأكلونه.

([541]) رواه البخاري ومسلم وابن أبي عمر.

([542]) رواه الدارقطني.

([543]) رواه الخمسة وأبو نعيم في الطب وابن حبان.

([544]) رواه أبو نعيم.

([545]) رواه الطبراني.

([546]) رواه البخاري ومسلم.

([547]) رواه ابن عدي.

([548]) رواه أبو الحسن بن الضحاك.

([549]) رواه البخاري ومسلم.

([550]) رواه أبو داود والترمذي والبيهقي والمحاملي وابن عدي.

([551]) رواه الدارقطني في الأفراد، قال أبو الحسن ابن الضحاك: قد ذكر عن أنس أن الطير كان حبارى مفسرا ولم يرد هنا مفسرا.

([552]) رواه الستة، ولفظ البخاري - في الهبة – فأكلها، وفي لفظ: فأكلها، قيل له: أكله؟ قال:( (قبله)

([553]) رواه الدارقطني.

([554]) رواه أبو داود.

([555]) رواه ابن ماجه.

([556]) رواه الترمذي والحاكم، وصححه، وابن السني وأبو نعيم، وقد زعم ابن الجوزي أن حديث أكله r الحجل موضوع، ورد عليه الحافظ صلاح الدين العلاثي، وقال:( إن له طرقا كثيرة وغالبها واه، ومنها ما فيه ضعف قريب، وربما يقوي بعضها بعضا إلى أن تنتهي إلى درجة الحسن)، وقال:( والحكم على الحديث بالوضع بعيد جدا)، وبسط الحكم على ذلك.

([557])الأُروى: جمع أروية وهي الشاة الواحدة من شياه الجبل، وهي أنثى الوعول وهي تيوس الجبل.

([558]) رواه أبو اسحاق المذكي في أماليه انتفاء الدارقطني.

([559]) رواه البخاري.

([560])القديد: اللحم المملوح المجفف في الشمس فعيل بمعنى مفعول.

([561]) رواه البخاري.

([562]) رواه النسائي.

([563]) رواه ابن ماجه.

([564]) رواه أبو الشيخ.

([565]) رواه الأربعة.

([566]) رواه أحمد وابن ماجه والترمذي في الشمائل.

([567])الداجن: الشاة التي يعلفها الناس في منازلهم.

([568]) رواه أبو يعلى والنسائي في الكبرى.

([569]) رواه البخاري ومسلم والنسائي.

([570])الجنب: شق الأسنان.

([571]) رواه الترمذي وحسنه.

([572]) رواه أحمد وأبو داود وابن حبان، والحميدي والبزار، زاد فيه أبو داود: فقال قتيبة: وهي عين بينها وبين المدينة يومان، وزاد ابن حبان وأبو الشيخ: والسقيا من أطراف الحرة عند أرض بني فلان.

([573]) رواه أحمد.

([574]) رواه ابن سعد ومحمد بن عمر الأسلمي.

([575]) رواه ابن سعد.

([576]) رواه البخاري وأحمد وأبو داود والبرقاني.

([577]) رواه أبو الشيخ وأبو نعيم.

([578]) رواه مالك والبخاري.

([579])الكُثبة: كل قليل جمعته من طعام أو لبن أو غير ذلك.

([580]) رواه البخاري.

([581]) رواه البخاري.

([582]) رواه البخاري.

([583])الشجب: السقاء الذي قد أخلق وبلى وصار شنا.

([584]) رواه محمد بن عمر.

([585]) رواه أبو سعيد بن الأعرابي.

([586])التور: إناء من صفر أو حجارة كالإجانة.

([587]) رواه أبو القاسم البغوي.

([588])البرام: جمع برمة وهي في الأصل المتخذذ من الحجر المعروف من أرض الحجاز واليمن.

([589]) رواه الشافعي وأحمد ومسلم عن أبي الدرداء وابن ماجه، عن جابر.

([590]) رواه الطبراني برجال ثقات.

([591]) رواه أبو القاسم البغوي، زاد ابن أبي شيبة في المصنف قال أشعث: والتور من لحاء الشجر.

([592]) رواه الطبراني برجال ثقات غير مزاحم بن عبد العزيز الثقفي.

([593]) رواه البخاري.

([594]) رواه أحمد والأربعة.

([595]) رواه مسلم والنسائي.

([596]) رواه البخاري.

([597]) رواه الطبراني برجال ثقات غير شيخة العباس بن الفضل الأسنائي.

([598]) رواه الطبراني برجال ثقات.

([599]) رواه الطبراني.

([600]) رواه أبو داود.

([601]) رواه مسلم والبرقاني.

([602]) رواه البرقاني برجال ثقات غير نعيم بن مورع وثقه ابن حبان، وضعفه غيره.

([603]) رواه أحمد والترمذي والحاكم، زاد ابن السني وأبو نعيم في الطب: بالعسل وقال:( إنه يبرد فؤادي ويجلو بصري)

([604]) رواه محمد بن عمر وابن أبي شيبة.

([605]) رواه الترمذي وحسنه.

([606]) رواه الطبراني برجال ثقات وأبو الشيخ وأبو الحسن بن الضحاك.

([607]) رواه البخاري ومسلم.

([608]) رواه أبو يعلى برجال ثقات.

([609]) رواه الطبراني برجال ثقات عن عائشة والطبراني عن أبي هريرة وأحمد من طريق آخر عنه برجال ثقات عن سعد بن أبي وقاص، والبزار، وأبو يعلى برجال الصحيح عن أنس، والطبراني برجال الصحيح عن أبي سعيد الخدري، والبخاري عن علي، وأبو بكر الشافعي عن الحسن بن علي.

([610]) رواه البخاري وغيره.

([611]) رواه مسدد وأحمد وابن أبي شيبة والبزار برجال ثقات.

([612]) رواه أحمد والبزار وأبو يعلى بسند صحيح.

([613]) رواه البخاري وأبو الحسن بن الضحاك.

([614]) رواه البخاري ومسلم.

([615]) رواه الحميدي، ومحمد بن أبي عمر، وأحمد، وابن سعد، وابن ماجه.

([616]) رواه ابن أبي شيبة وأحمد والطبراني بسند جيد.

([617]) رواه الطبراني برجال الصحيح وأبو يعلى.

([618]) رواه الطبراني بسند جيد إلا أبا عبد الملك علي بن زيد الأزدي.

([619]) رواه ثابت بن قاسم.

([620]) رواه أحمد برجال الصحيح، وفيه راو لم يسم.

([621]) رواه أحمد وأبو يعلى برجال ثقات.

([622]) رواه أبو الشيخ وابن حبان.

([623]) رواه أبو يعلى.

([624]) رواه أبو داود وأبو بكر الشافعي.

([625])ذكر في معنى الاتكاء ثلاث معان يمكن اعتبارها جميعا:

المعنى الأول: التمكن للأكل، والتقعد للجلوس له كالتربع وشبهه من تمكن الجلسات التي يعتمد فيها الجالس على ما تحته، وهو قول القاضي عياض.

وعلل ذلك بأن الجالس على هذه الهيئة يستدعي الأكل ويستكثر منه، والنبي r إنما كان جلوسه للأكل جلوس المستوفز مقعيا.

المعنى الثاني: الميل على شق، واستدل لذلك بأن العامة لم تعرف المتكئ إلا من مال في قعوده معتمدا على أحد شقيه.

قال ابن الأثير:( من فسر الاتكاء بالميل على أحد الشقين تأوله على مذهب أهل الطب، قال ابن القيم: وهو يضر بالآكل، فإنه يمنع مجرى الطعام الطبيعي على هيئته، ويعوقه عن سرعة نفوذه إلى المعدة بضغط المعدة، فلا تستحكم فتحها للعذاء)

المعنى الثالث: الاستواء قاعدا على وطاء متمكنا، وعلل ذلك بأن الاعتماد على الشئ هو من جلوس الجبابرة المنافي للعبودية، ولهذا قال r: (آكل كما يأكل العبد) أي  أني إذا أكلت لم أقعد متكئا على الأوطئة والوسائد كفعل الجبابرة..

([626]) رواه البخاري وأحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه وابن سعد.

([627]) رواه النسائي.

([628])المراد الجلوس على وركيه غير متمكن.

([629]) رواه الترمذي.

([630]) رواه سعيد بن منصور مرسلا وابن سعد.

([631]) رواه أبو داود.

([632]) رواه أبو الحسن بن الضحاك.

([633]) رواه الحارث بن أبي أسامة.

([634]) رواه أبو نعيم.

([635])الذريع: السريع.

([636]) رواه مسلم، وفي رواية رأيت رسول الله r جالسا مقعيا يأكل تمرا.

([637]) رواه مسلم وأبو داود.

([638]) رواه الطبراني برجال الصحيح خلا ابن لهيعة وسنده حسن.

([639]) رواه الحارث بن أسامة.

([640]) رواه محمد بن يحيى بن أبي عمر.

([641]) رواه أحمد وأبو داود والترمذي.

([642]) رواه ابن عدي.

([643]) رواه الترمذي وابن ماجه وأبو بكر الشافعي.

([644]) فسر الوضوء هنا بغسل اليدين فقط، ويحتمل أن يراد به الوضوء التعبدي لربطه r ذلك بالبركة.

([645]) رواه ابن ماجه.

([646]) رواه ابن ماجه.

([647]) رواه أحمد.

([648]) رواه أبو الحسن بن الضحاك من طريق ميسرة.

([649]) رواه أحمد وابن ماجه.

([650]) رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه.

([651]) رواه أحمد ومسلم وأبو داود.

([652]) رواه أحمد برجال ثقات.

([653]) رواه أحمد ومسلم وأبو داود.

([654]) رواه مالك ومسلم واللفظ له.

([655]) رواه أحمد وابن ماجه واللفظ له.

([656]) رواه أحمد ومسدد.

([657]) رواه أحمد ومسلم.

([658]) رواه الطبراني برجال ثقات.

([659]) رواه البزار.

([660]) رواه الطبراني برجال ثقات ـ غير محمد بن كعب بن عجرة، والحسين بن إبراهيم العامري ـ وابن سعد وأبو بكر الشافعي.

([661]) رواه الطبراني بسند جيد.

([662]) رواه مسلم وابن أبي شيبة وابن سعد وأبو بكر الشافعي.

([663]) رواه عبد الرزاق.

([664]) رواه أحمد والبخاري ومسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجه.

([665]) رواه الطبراني برجال الصحيح غير المسيب بن واضح.

([666]) رواه أبو سعيد بن الأعرابي والحكيم الترمذي.

([667]) رواه أبو بكر الشافعي.

([668]) رواه مسلم والثلاثة والبرقاني في صحيحه.

([669]) رواه ابن عدي.

([670]) رواه الستة.

([671]) رواه الترمذي - واستغربه - وابن ماجه.

([672]) رواه الطبراني.

([673]) رواه البزار.

([674]) رواه أبو بكر الشافعي وابن عدي.

([675]) رواه الطبراني برجال ثقات.

([676]) رواه البخاري ومسلم وابن ماجه.

([677]) رواه أحمد وأبو داود والترمذي في الشمائل وابن ماجه والنسائي في عمل اليوم والليلة.

([678]) رواه أبو داود والنسائي.

([679]) رواه أحمد والبخاري ومسلم والأربعة.

([680]) رواه أحمد.

([681]) رواه البزار.

([682]) رواه الطبراني.

([683]) رواه ابن أبي شيبة والبزار.

([684]) رواه النسائي والحاكم وابن عدي.

([685]) رواه أبو داود.

([686]) رواه أحمد ومسلم وأبو داود والترمذي.

([687]) رواه الخمسة والبخاري ومسلم والحارث بن أبي أسامة.

([688])أي كان لا يصف الطعام بطيب أو فساد، إن كان فيه.

([689]) رواه الترمذي في الشمائل.

([690]) رواه ابن ماجه والحكيم الترمذي، وفي روية: (عن قوم فعادت إليهم)

([691]) رواه الطبراني عن أبي سكينة والبزار والطبراني عن عبد الله بن أم حرام.

([692]) رواه البزار بسند ضعيف والطبراني، قال إبراهيم بن عبد الله بن الجنيد أحد رواته: سمعت بعض أهل العلم يفسرها، قال:( هنا تصغير الأرغفة)، وقال في النهاية:( وحكي عن الأوزاعي أنه تصغير الأرغفة)

([693]) رواه ابن عدي بسند ضعيف.

([694]) رواه الطبراني وابن ماجه.

([695]) رواه الطبراني بسند فيه راو لم يسم وبقيته بسند حسن.

([696]) رواه أحمد والطبراني.

([697]) رواه الطبراني برجال الصحيح والبيهقي، وفي رواية فقربت له عصيدة في تور، فلما وضع يده فيها احترقت فقال:( (حس) ثم قال:( (إن ابن آدم إن أصابه حر قال حس، وإن أصابه برد قال:( حس).

([698]) رواه الطبراني.

([699]) رواه الطبراني في الأوسط عن أبي هريرة، والديلمي في مسند الفردوس عن ابن عمر والحاكم وصححه عن جابر، وعن أسماء، ومسدد عن أبي يحيى، وأبو نعيم في الحلية عن أنس.

([700]) رواه الطبراني.

([701]) رواه أحمد والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي وابن ماجه، وقد زيد فيه:( إلا أن يستأذن أصحابه، قال شعبة: الإذن من قول ابن عمر )

([702]) رواه ابن ماجه والبيهقي في الشعب.

([703]) رواه ابن ماجه والبيهقي في الشعب بسند ضعيف

([704]) رواه الترمذي وابن ماجه.

([705]) رواه الطبراني برجال ثقات غير محمد بن خالد الكوفي.

([706]) رواه الطبراني برجال ثقات غير محمد بن عبد الكبير بن شعيب.

([707]) رواه الطبراني برجال ثقات غير عزيز بن سفيان.

([708]) رواه أبو داود والترمذي في الشمائل.

([709]) وهذا لا يخالف ما ورد في الحديث عن الشريد بن سويد قال:( كان في وفد ثقيف رجل مجذوم فأرسل إليه رسول الله r: (إنا قد بايعناك)( رواه أحمد ومسلم والبيهقي).. فهذا مبني على التشريع ومراعاة الأسباب، وفي الطعام مبني على مراعاة التوحيد، والتوكل على الله.

([710]) رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه.

([711]) رواه البخاري في الأدب.

([712]) رواه ابن ماجه.

([713]) رواه البخاري في تاريخه وأبو الشيخ.

([714]) رواه الحارث بن أبي أسامة.

([715]) رواه البخاري.

([716]) رواه البزار بسند فيه عبد الله بن زيد وأبي عبيد البصري ومجاعة البصري بنحو رجالهم، وبقية رجاله ثقات.

([717]) رواه البزار بسند ضعيف.

([718]) الجفنة: كالقصعة، والجمع جفان بالكسر وجفنات بالتحريك.

([719]) رواه أبو الشيخ.

([720]) رواه أبو داود.

([721]) رواه النسائي.

([722]) رواه أحمد والبخاري ومسلم.

([723]) رواه أبو داود.

([724]) رواه أبو يعلى برجال ثقات.

([725]) رواه البخاري.

([726]) بالإضافة إلى ما سنذكره هنا روي في حديث ضعيف أنه شرب في قدح من نحاس، قعن أبي أمامة ـ رضي الله عنه ـ قال: كان لمعاذ بن جبل ـ رضي الله عنه ـ قدح من صفر نحاس، فيه يسقي النبي r إذا شرب وفيه يوضئه إذا توضأ (رواه الطبراني بسند ضعيف)

([727]) رواه البزار وابن ماجه.

([728]) رواه ابن مندة.

([729]) رواه البخاري.

([730]) رواه ابن الجوزي.

([731]) رواه الترمذي في الشمائل والبرقاني، وأبو الحسن بن الضحاك.

([732]) رواه أبو يعلى.

([733]) رواه النسائي.

([734]) رواه النسائي.

([735]) رواه أحمد برجال الصحيح خلا البراء بن زيد ولم يضعف، ورواه الترمذي، وقال: حسن صحيح، وابن ماجه.

([736]) رواه الترمذي وضعفه.

([737]) رواه ابن أبي شيبة.

([738])الاختناث: قال الخطابي: هو أن تنثني رؤوسها، وتعطف، ثم يشرب منها، وقال في النهاية اختنثته: إذا ثنيت فمه إلى خارج، وشربت منه، وقبعته: إذا ثنيته إلى داخل، وقال أبو الفرج الاختناث في الأسقية أن تنثني أفواهها، ثم تشرب منها وفي ذلك ثلاث آفات (أنه ينتنها.. أنه ربما كان فيها هامة أو شئ فيسبق إلى حلقة.. أنه ربما أسرع جريان الماء فيحصل منه الشرق)

وقد رد النهي عن اختناث الأسقية، ففي الحديث عن أبي سعيد الخدري ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله r، نهى عن اختناث الأسقية (رواه أحمد والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي وابن ماجه)

ورد النهي عن الشرب من فم السقاء، فعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال:( نهى رسول الله r أن يشرب من السقاء) (رواه الطبراني برجال ثقات)

قال الخطابي: إنما كرهه من أجل ما يخاف من أذى عساه يكون فيه لا يراه الشارب حتى يدخل في جوفه، فاستحب أن يشرب في إناء طاهر يبصره.

قال البيهقي: وأما ما روي في الرخصة في ذلك فأخبار النهي أصح إسنادا، وقد حمله بعض أهل العلم على ما لو كان السقاء معلقا فلا يدخله هوام الأرض.

([739]) رواه أحمد برجال ثقات.

([740]) رواه البزار برجال ثقات.

([741]) رواه محمد بن عمر.

([742]) رواه الطبراني بسند جيد.

([743]) رواه أحمد وأبو داود والبخاري في الأدب.

([744]) رواه أحمد وأبو داود.

([745])الجذابة: هو شحم النخل أحدها جذبة.

([746])ضعابيس: صغار القثاء واحدها ضعبوس.

([747]) رواه الترمذي - وحسنه - والنسائي.

([748]) رواه أحمد والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي وابن ماجه.

([749]) رواه البخاري ومسلم.

([750]) رواه البخاري في الأدب.

([751]) رواه البخاري في الأدب.

([752]) رواه البخاري في الأدب.

([753]) رواه ابن أبي شيبة وأحمد.

([754]) رواه البخاري ومسلم.

([755]) رواه أبو يعلى.

([756])مرحبا: لقيت سعة.

([757]) رواه البخاري في الأدب.

([758]) رواه البخاري في الأدب.

([759]) رواه البخاري ومسلم.

([760]) كما قال تعالى:﴿ وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لا تَعْلَمُونَ) (البقرة:30)

([761]) رواه البخاري ومسلم.

([762]) رواه البخاري ومسلم.

([763]) رواه مسلم.

([764]) رواه الترمذي، وقال: حديث حسن صحيح.

([765]) السقاط: هو الذي يبيع سقط المتاع وهو رديئه وحقيره (النهاية 2/379)

([766]) رواه مالك.

([767]) رواه أبو داود والترمذي، وقال: حديث حسن.

([768]) رواه البخاري ومسلم، وهكذا وقع في بعض روايات الصحيحين:(وبركاته)، وفي بعضها بحذفها، وزيادة الثقة مقبولة.

([769]) رواه البخاري والترمذي.

([770]) رواه البخاري.

([771]) رواه البخاري في الأدب.

([772])رواه أبو داود والترمذي، وقال: حديث حسن صحيح.

([773]) القصب: أي قصب اللؤلؤ.

([774])الصخب: الصياح والمنازعة برفع الصوت.

([775]) رواه مسلم.

([776]) رواه النسائي والحاكم.

([777]) رواه أبو داود بإسناد جيد، ورواه الترمذي بنحوه وقال: حديث حسن.

([778]) رواه الترمذي وقال: حديث حسن.

([779]) رواه البخاري ومسلم.

([780]) رواه الترمذي، وقال: حديث حسن، هذا محمول على أنه r جمع بين اللفظ والإشارة، ويؤيده أن في رواية أبي داود: (فسلم علينا)

([781]) تكركر: تطحن.

([782]) رواه البخاري.

([783]) رواه البخاري ومسلم.

([784]) رواه الترمذي، وقال: حديث حسن صحيح.

([785]) رواه البخاري ومسلم.

([786]) رواه أبو داود.

([787]) رواه أبو داود والترمذي، وقال: حديث حسن.

([788]) رواه أحمد.

([789]) رواه النسائي.

([790]) رواه أحمد.

([791]) رواه ابن ماجه.

([792]) رواه أحمد والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي.

([793]) رواه أحمد والبخاري ومسلم وابن ماجة.

([794]) رواه البخاري ومسلم.

([795])حاص: جال جولة عظيمة.

([796]) رواه البخاري في الأدب وأبو يعلى.

([797]) رواه البخاري في الأدب.

([798]) رواه أحمد.

([799]) رواه أحمد.

([800]) رواه أبو ليلى.

([801]) رواه مسلم.

([802]) رواه أبو داود.

([803]) رواه البخاري في الأدب.

([804]) رواه أبو داود.

([805]) رواه الطبراني برجال الصحيح.

([806]) رواه أحمد، وأبو داود.

([807]) رواه أحمد، والبخاري، وأبو داود.

([808]) رواه الطبراني.

([809]) رواه ابن ماجه.

([810]) رواه أبو يعلى.

([811]) رواه البخاري، وأبو داود، ورواه ابن ماجه، ولفظه (عادني رسول الله r ماشيا وأبو بكر، وأنا في بني سلمة)

([812]) رواه مالك.

([813]) رواه أحمد، والبخاري في الأدب، وأبو داود.

([814]) رواه أحمد.

([815]) رواه أحمد، والترمذي.

([816]) رواه البخاري في الأدب، وابن حبان وأبو يعلى، برجال الصحيح.

([817]) رواه أبو يعلى برجال ثقات.

([818]) رواه أحمد، وابن ماجه.

([819]) رواه البيهقي، وابن ماجه.

([820]) رواه ابن ماجه.

([821]) رواه إسحاق.

([822]) رواه الطبراني.

([823]) رواه البخاري ومسلم، ورواه أحمد برجال ثقات عن أنس ـ رضي الله عنه ـ بلفظ كفارة وطهور.

([824]) رواه مسدد.

([825]) رواه أبو يعلى.

([826]) رواه أبو يعلى، والبزار بسند صحيح.

([827]) رواه أحمد، والبخاري ومسلم، وأبو داود، والنسائي.

([828]) رواه أحمد، والبخاري ومسلم، وأبو داود، وابن ماجه.

([829]) رواه البخاري ومسلم، وأحمد، وأبو داود، والنسائي، والبيهقي.

([830]) رواه أحمد بن منيع بسند على شرط الصحيحين.

([831]) رواه أحمد بن منيع والبزار، وأبو يعلى.

([832]) رواه البخاري ومسلم، وأبو داود.

([833]) رواه البخاري.

([834]) رواه الطيالسي، وأحمد، وابن أبي شيبة، واللفظ للأول.

([835]) رواه البخاري ومسلم.

([836]) رواه ابن ماجه، وأبو يعلى الموصلي.

([837]) رواه ابن سعد، وابن أبي شيبة.

([838]) رواه أحمد، وأبو داود، والترمذي، وقال: حسن صحيح، وابن ماجه.

([839]) رواه مسدد برجال ثقات.

([840]) رواه الطيالسي، والجنيدي، وعبد، وابن حبان.

([841]) رواه الطبراني مرسلا برجال ثقات.

([842]) رواه أحمد، ومسلم والأربعة، عن أم سلمة والبزار والطبراني، عن أبي بكرة ومسدد عن أبي قلابة مرسلا برجال ثقات.

([843]) رواه أحمد، وأبو يعلى برجال ثقات.

([844]) رواه أحمد.

([845]) رواه البخاري ومسلم.

([846]) رواه أحمد، والبخاري ومسلم، والنسائي.

([847]) رواه النسائي.

([848]) رواه أحمد، ومسلم.

([849]) رواه النسائي.

([850]) رواه أبو نعيم.

([851])القرفصاء: هي جلسة المحتبي، ويدير ذراعيه ويديه على ساقيه، وجزم بذلك البخاري.

([852]) رواه البخاري في الأدب وأبو يعلى.

([853]) رواه أبو نعيم.

([854]) رواه البخاري في الأدب.

([855]) رواه ابن أبي شيبة.

([856])الاحتباء: هو أن يضم الإنسان رجليه إلى بطنه إذا جلس، ويجمعهما بثوب إلى ظهره، ويشده عليه، وقد يكون الاحتباء باليدين عوض الثوب.

([857]) رواه البخاري في الأدب.

([858]) رواه البخاري في الأدب والنسائي والبزار.

([859]) رواه أبو داود والترمذي.

([860]) رواه البخاري.

([861]) رواه الحسن بن سفيان.

([862]) رواه ابن عدي.

([863]) رواه أبو نعيم، وقال بعض رواته بثوبه.

([864]) رواه ابن سعد.

([865]) الوسادة: ما يوضع عليه الرأس وقد يتوكأ عليها، وهو المراد هنا، قال ابن القيم:( ربما اتكأ على الوسادة على يساره، وربما اتكأ على يمينه، وكان إذ احتاج في خروجه توكأ على أصحابه من ضعف.. وكان r يجلس على الأرض، وعلى الحصير وعلى البساط)

([866]) رواه الدارمي والترمذي وصححه وأبو عوانة وابن حبان وابن سعد وابن عدي.

([867]) رواه أبو الشيخ.

([868]) رواه أحمد.

([869])البردة: الشملة المخططة وقيل كساء أسود مربع فيه صفرة تلبسها الأعراب جمعها برد.

([870]) رواه ابن أبي شيبة.

([871]) رواه الترمذي وحسنه وابن السني والحاكم.

([872]) رواه ابن أبي شيبة وأبو داود، والنسائي والحاكم، وابن مردويه والطبراني برجال ثقات.

([873]) رواه محمد بن يحيى بن أبي عمر برجال ثقات وابن أبي الدنيا والنسائي، وزاد الأخير: أن يقولها حين يقوم من مجلسه إلا غفر له ما كان منه في المجلس.

([874]) انظر: زاد المعاد.

([875]) رواه ابن سعد عن قتادة وابن عساكر.

([876]) رواه ابن عساكر.

([877]) رواه أبو الحسن بن الضحاك.

([878]) رواه أبو نعيم والبيهقي.

([879]) رواه أبو نعيم والبيهقي.

([880]) رواه ابن سعد وأبو نعيم.

([881]) رواه ابن ماجه.

([882]) رواه البخاري ومسلم.

([883])صحل: شبه البحة وهي غلظ الصوت، وفي رواية: صهل بالهاء بدل الحاء وهو قريب منه لأن الصهل صوت الفرس، وهو يصهل بشدة وقوة.

([884]) رواه ابن عساكر وغيره.

([885])الترتيل: التأني.

([886])الترسيل: الهنة والرفق والتأني.

([887]) رواه أبو داود، وابن سعد.

([888])يسرد الحديث: يسوق سياقا جيدا.

([889])بكلام فصل: بين ظاهر محكم، لا يعاب قائله، وحقيقته الفاصل بين الحق والباطل، والخطأ والصواب.

([890]) رواه البخاري ومسلم.

([891]) رواه أبو داود.

([892])النزر: القليل.

([893]) رواه الخلعي.

([894]) رواه أحمد والبخاري.

([895]) رواه أبو سعد النيسابوري في شرف النبي r.

([896]) رواه أبو بكر الشافعي.

([897]) رواه أبو بكر بن أبي خيثمة.

([898]) رواه البخاري.

([899])السكت: السكون.

([900]) أراد هند بهذا أنه r كان رحب الشدقين، أما ما جاء عنه r في المتشدقين، فإنه أراد به الذين يتشدقون إذا تكلموا، فيميلون أشداقهم يمينا وشمالا، ويتنطعون في القول..

([901]) جوامع الكلم: القليلة الألفاظ، الكثيرة المعاني، جمع جامعة: وهي اللفظة الجامعة للمعاني، لا فضول فيه، والفضول من الكلام ما زاد على الحاجة وفضل، ولذلك عطف ولا تقصير.

([902]) رواه الترمذي وأبو الشيخ والبيهقي.

([903]) رواه الحارث بن أبي أسامة والبيهقي.

([904]) رواه أحمد وأبو بكر الشافعي، وفي لفظ (طويل الصمت)

([905])الهدبة:: خمل الثوب.

([906])عسيلته: قطعة من العسل، شبه لذة الجماع بذوق العسل، فاستعار لها ذوقا.

([907]) رواه مسلم وابن ماجه.

([908]) أي طعاما، قال النووي، والطبري، والطيبي، وأبو الحسن بن الضحاك: إن سورا لفظة فارسية، وقد تظاهرت أحاديث صحيحة بأن رسول الله r تكلم بألفاظ فارسية، وهو يدل على جوازه، قال الطبري: السور بغير همز الصنيع من الطعام الذي يدعي إليه، وقيل الطعام مطلقا، وهو بالفارسية، وقيل بالحبشية، وبالهمز بقية الشرب، والأول: هو المراد هنا، وخالف في ذلك الإسماعيلي، فقال: السور كلمة بالفارسية والعربية، فقيل له: أليس هو الفضلة؟ فإن لم يكن هناك شئ فضل ذلك منه، إنما هو بالفارسية من أتى دعوة.

وقد أشار البخاري إلى ضعف ما ورد من الأحاديث في كراهة الكلام بالفارسية كحديث:(كلام أهل النار بالفارسية)، وكحديث (من تكلم بالفارسية زادت، أو نقصت مروءته)، رواه الحاكم في مستدركه، وروى عنه أيضا عن عمر مرفوعا (من أحسن العربية فلا يتكلم بالفارسية) وسنده واه.

([909]) رواه البخاري وأبو الشيخ وابن حبان في (أخلاق النبوة)

([910])وفي لفظ: (سناه سناه)

([911]) رواه البخاري.

([912]) رواه البخاري.

([913])أشكنب معناه بالفارسية البطن، ودرد الوجع.

([914]) رواه أحمد وابن ماجه، وأبو الشيخ، بسند ضعيف، قال بن الجوزي: حديث أبي هريرة قد روي من طريق لا يعرف مدارها على ليث بن سليم، وكان قد اختلط في آخر عمره.

قال ابن الإصبهاني: ليس له، بل أبو هريرة لم يكن فارسيا، وإنما مجاهد فارسي، فعلى هذا يكون المتكلم بالفارسية أبو هريرة مع مجاهد.

([915]) رواه الترمذي في الشمائل وابن سعد، والبيهقي، وفي رواية: يضرب بإبهامه اليمنى باطن راحته اليسرى.

([916]) رواه البخاري ومسلم وابن المنذر وابن أبي حاتم.

([917]) رواه البخاري.

([918]) رواه البخاري، وفي لفظ: بين الماء والطين.

([919]) رواه البخاري، وفي لفظ: بين الماء والطين.

([920]) رواه البخاري.

([921]) رواه الطبراني برجال ثقات عن ابن مسعود، وأحمد برجال الصحيح، والبزار عن بريدة، وأحمد، والبزار، والطبراني برجال ثقات عن وهب السوائي والطبراني عن سهل ابن سعد، والطبراني عن أنس والطبراني بسند جيد عن أبي جبيرة الأنصاري.

([922]) رواه البخاري.

([923]) رواه البخاري ومسلم والبيهقي.

([924])الاحتباء: الجلوس قائم الركبتين جامعا يديه على ركبتيه، مشبكا بين أصابعهما، أو جامعا إحداهما بالأخرى، أو بسيف أو بثوب أو غير ذلك.

([925]) رواه البخاري والبيهقي.

([926])الحثالة: الردئ من كل شئ.

([927]) رواه أبو داود.

([928]) رواه الطبراني.

([929]) رواه الشافعي وأحمد وأبو داود والنسائي بسند صحيح على شرط مسلم.

([930]) رواه الترمذي.

([931]) رواه مسلم وأبو داود.

([932]) رواه ابن عساكر.

([933]) رواه الترمذي - وصححه - وابن سعد، وفي رواية ما كان ضحك رسول الله r إلا تبسما.

([934]) رواه الخرائطي، ورواه أبو الحسن بن الضحاك بلفظ - قالت: كان ألين الناس، وأكرم الناس، ضحاكا بساما.

([935]) رواه أحمد.

([936]) رواه ابن أبي شيبة وأبو نعيم.

([937]) مستجمعا: أي ما رأيته مستجمعا من جهة الضحك بحيث يضحك ضحكا تاما، مقبلا بكليته على الضحك.

([938]) رواه البخاري ومسلم.

([939]) رواه الترمذي والبيهقي.

([940]) رواه أبو نعيم وابن عساكر.

([941]) رواه الترمذي والبيهقي.

([942])قال أبو الحسن بن الضحاك رحمه الله تعالى: صحت الأخبار، وتظاهرت، بضحك رسول الله r بغير موطن، حتى تبدو نواجذه، وثبت عنه r أنه كان لا يضحك إلا تبسما، ويمكن الجمع بينهما بأن يقال: إن التبسم كان الأغلب عليه، فيمكن أن يكون الناقل عنه أنه كان لا يضحك إلا متبسما لم يشاهد من النبي r غير ما أخبر عنه، ويكون من روى أنه ضحك، حتى بدت نواجذه قد شاهد ذلك في وقت ما فنقل ما شاهد، فلا اختلاف بينهما، لاختلاف المواطن والأوقات ويمكن أن يكون في ابتداء أمره كان يضحك حتى تبدو نواجذه في الأوقات النادرة، وكان آخر أمره لا يضحك إلا متبسما، وقد وردت عنه r أحاديث تدل على ذلك، ويمكن أن يكون من روى عنه أنه كان لا يضحك إلا متبسما شاهد ضحكه، حتى بدت نواجذه نادرا، فأخبر عن الأكثر، وغلبته على القليل النادر.

([943]) اختلف أهل اللغة في النواجذ ما هي؟ فقال جماعة: إن النواجذ أقصى الأضراس من الفم، موضعا، ومنهم من قال: النواجذ: هي الأنياب، وقال آخرون: هي الضواحك.

قال في النهاية: النواجذ بكسر الجيم، وبالذال المعجمة، وهي من الأسنان الضواحك، وهي التي تبدو عند الضحك، والأكثر الأشهر أنها أقصى الأنسان، والمراد الأول لأنه ما كان يبلغ به الضحك حتى تبدو أضراسه، كيف وتقدم أن جل ضحكه التبسم؟ وإن أريد به الأواخر فالوجه فيه أن يراد به مبالغة مثله في ضحكه، من غير أن يراد ظهور نواجذه في الضحك، وهو أقيس القولين، لاشتهار النواجذ بأواخر الأسنان.

([944]) رواه أبو بكر بن أبي شيبة.

([945]) رواه ابن عساكر.

([946]) رواه ابن أبي الدنيا.

([947]) رواه قاسم بن ثابت في دلائله.

([948]) رواه ابن عساكر، ورواه ابن الجوزي وزاد: (مع صبي)

([949]) رواه ابن عساكر.

([950]) رواه أبو الشيخ.

([951]) رواه الطبراني في الكبير، قال الذهبي: إسناده قريب من الحسن، ورواه الخطيب عن أنس.

([952]) رواه المعافى بن زكريا وفيه انقطاع.

([953]) رواه أحمد والبخاري في الأدب، والترمذي، وصححه الذهبي.

([954]) رواه ابن ناصر الدين.

([955]) رواه الزبير بن بكار في كتاب الفاكه.

([956]) رواه الزبير بن بكار في كتاب الفاكه.

([957]) رواه ابن عساكر، وأبو يعلى، برجال الصحيح، غير محمد بن عمرو بن علقمة، قال الهيثمي: وحديثه حسن عن عائشة.

([958]) رواه أحمد.

([959]) رواه أبو الحسن بن الضحاك.

([960]) الرُمص: من الرمص، وهو البياض الذي تقطعه العين، ويجتمع في زوايا الأجفان، والرمص: الرطب منه، والغمص: اليابس.

([961]) رواه الترمذي، ورواه الطبراني في الأوسط عن عائشة.

([962]) رواه الزبير بن بكار في كتاب الفاكه.

([963]) رواه أبو سعيد بن الأعرابي، وأبو الحسن بن الضحاك.

([964]) الحزقة: المقارب الخطا، والقصير الذي تقرب خطاه.

([965]) عين بقة: إشارة إلى البقة التي تطير، ولا شئ أصغر من عينها، قال الحاكم في (علوم الحديث): وأخبرني بعض الأدباء أن النبي r أراد بالبقة فاطمة ـ رضي الله تعالى عنها ـ فقال للحسن: يا قرة عين بقة.

([966]) رواه الحاكم في علوم الحديث.

([967]) يدلع: يخرج.

([968]) يهش: يفرح، ويستبشر، ويرتاح، ويخف للشئ.

([969]) رواه ابن أبي شيبة، وأبو الشيخ.

([970]) رواه الطبراني.

([971]) قال أبو محمد: هذا من مزاح رسول الله r، وهي منقبة تفرد بها الحسن والحسين، وتضمن من الفقه اطلاق تشبيه الإنسان بالبهيمة إذا شاركها في بعض فعلها.

([972]) رواه أبو محمد الرامهرمزي.

([973]) رواه ابن عساكر.

([974]) رواه أحمد والبخاري في الأدب، ومسلم.

([975]) النغير: طائر يشبه العصفور أحمر المنقار، ويجمع على نغران.

([976]) رواه البخاري.

([977]) رواه أبو الحسن بن الضحاك.

([978]) رواه ابن إسحاق.

([979]) رواه البزار، وأبو الحسن بن الضحاك.

([980]) رواه أحمد والبخاري في الأدب، وأبو داود والترمذي وصححه.

([981]) رواه أبو داود والترمذي، وقال حسن غريب.

([982]) رواه البخاري، ورواه أبو نعيم، وأدخله في (باب مداعبته من أخطأ ليزول عن المخطئ بذلك الخجل)

([983]) كشحه: بفتح الكاف، وسكون الشين المعجمة، وفتح الحاء المهملة: وهو ما بين الخاصرة إلى الضلع الخلف.

([984]) رواه أبو داود بإسناد جيد.

([985]) رواه الطبراني وابن عساكر برجال ثقات.

([986]) رواه ابن أبي خيثمة.

([987]) رواه ابن الجوزي.

([988]) الزاملة: البعير الذين يحمل عليه الطعام والمتاع، وأكثر ما يستعمل في حمل البغل والحمار.

([989]) رواه ابن أبي شيبة، وأبو الشيخ.

([990]) رواه البخاري في الأدب وابن عساكر.

([991]) رواه أبو بكر الشافعي.

([992]) رواه البيهقي.

([993]) رواه البيهقي.

([994]) رواه الترمذي في الشمائل.

([995]) رواه قاسم بن ثابت.

([996]) رواه البخاري ومسلم.

([997]) رواه ابن حبان والحاكم، والذهبي، وأقره، ورواه الطبراني بسند صحيح بلفظ: (كأنما على رؤوسنا الطير، ما منا متكلم)، ورواه أحمد، وأبو داود، وابن ماجه بلفظ: (أتيت رسول الله r، وأصحابه حوله، وعليهم السكينة، كأنما على رؤوسهم الطير، فسلمت، ثم قعدت)، وذكر الحديث، ورواه الطيالسي بسند صحيح، وابن أبي شيبة، وأحمد بن منيع عن البراء بن عازب.

([998]) رواه ابن حبان، والحاكم، وصححه الذهبي، وأقره.

([999]) رواه الترمذي، والحاكم.

([1000]) رواه ابن عدي.

([1001]) رواه الحاكم، وصححه الذهبي، وأقره.

([1002]) رواه ابن سعد.

([1003]) رواه يعقوب بن سفيان.

([1004]) رواه الحاكم وصححه الذهبي.

([1005]) رواه ابن سعد، وابن جرير.

([1006]) رواه محمد بن أبي عمر، وأبو داود، والنسائي، والترمذي - وصححه - وابن حبان.

([1007]) رواه أبو داود، وابن ماجه بسند لا بأس به.

([1008]) رواه ابن سعد.

([1009]) رواه الترمذي.

([1010]) رواه أبو الشيخ.

([1011]) رواه أبو الشيخ.

([1012]) رواه أبو الشيخ.

([1013]) رواه أبو الشيخ.

([1014]) رواه البيهقي.

([1015]) رواه أبو الحسن بن الضحاك.

([1016]) رواه أبو بكر بن أبي شيبة.

([1017]) رواه الإسماعيلي.

([1018]) رواه الترمذي.

([1019]) رواه أبو الشيخ.

([1020]) رواه قاسم بن ثابت في غريبه.

([1021]) رواه محمد بن يحيى بن أبي عمر برجال ثقات وابن أبي الدنيا والنسائي، وزاد الأخير: أن يقولها حين يقوم من مجلسه إلا غفر له ما كان منه في المجلس.

([1022]) سنرى التفاصيل الكثيرة المرتبطة بالسلام الاجتماعي في الإسلام في رسالة (سلام للعالمين) من هذه السلسلة.

([1023]) أي أصابته شوكة أو بلية عظيمة كناية بالشوكة عنها.

([1024]) أي فلا أزيلت عنه.

([1025]) رواه البخاري وابن ماجة.

([1026]) هذا النص منقول بتصرف من (الإحياء:4/388)

([1027]) رواه ابن سعد، ومسدد، وأحمد بن منيع، وسعيد بن منصور، وأبو الشيخ، والبيهقي.

([1028]) رواه ابن الأعرابي.

([1029]) رواه عبد بن حميد وابن عساكر وأبو طاهر المخلص.

([1030]) رواه الطبراني.

([1031]) رواه أبو داود، وابن ماجه، وأبو القاسم البغوي في معجمه وابن حبان، ولفظ البغوي: لمحلول الإزار.

([1032]) رواه أبو يعلى، والبزار، وابن خريمة، والبيهقي، وابن حبان.

([1033]) رواه أبو نعيم، وأبو الحسن بن الضحاك.

([1034]) رواه أبو الشيخ.

([1035])الرصغ: لفة في الرسغ، وهو مفصل ما بين الكف والساعد.

([1036]) رواه أبو داود والترمذي وحسنه.

([1037]) رواه البزار برجال ثقات عن أنس، ورواه أبو سعيد بن الأعرابي عن ابن عباس، والنسائي عن أسماء، وابن الأعرابي عن يزيد العقيلي.

وقد ذكر بعض علماء الشمائل أن هذا الحديث (أي حديث الكم إلى الرسغ) مخصوص بالقميص الذي كان يلبسه في السفر، وكان يلبس في الحضر قميصا من قطن فوق الكعبين، وكماه مع الأصابع.

ولكن نص الحديث لا يساعد على هذا.

([1038])الكعب: هو العظم الخارج آخر الساق.

([1039]) رواه الحاكم وصححه، ولفظ أبي الشيخ يلبس قميصا فوق الكعبين، مستوى الكمين بأطراف الأصابع.

([1040]) رواه ابن ماجه، وابن سعد، وابن عساكر.

([1041]) رواه ابن عدي.

([1042]) رواه أبو الشيخ.

([1043]) رواه ابن سعد.

([1044]) رواه ابن ماجه.

([1045]) رواه أبو الشيخ.

([1046]) رواه أبو يعلى برجال ثقات.

([1047]) رواه مسلم والنسائي وابن سعد.

([1048]) رواه أبو الحسن بن الضحاك.

([1049]) رواه ابن أبي شيبة.

([1050]) رواه ابن أبي شيبة.

([1051]) رواه أبو القاسم البغوي، وابن عساكر، وأبو الحسن بن الضحاك.

([1052]) رواه أبو داود الطيالسي.

([1053]) رواه أبو الشيخ.

([1054]) رواه النسائي، وأبو سعيد بن الأعرابي.

([1055]) رواه ابن قانع.

([1056]) رواه الطبراني.

([1057]) رواه أحمد بسند جيد.

([1058]) الحلة: إزار ورداء برد أو غيره، ولا تكون حلة إلا من ثوبين، أو ثوب له بطانة.

([1059]) رواه أبو داود، ورواه بقي بن مخلد بلفظ: أحسن ما يكون من اليمنية.

([1060]) رواه الترمذي وحسنه.

([1061])الحبرة: ثوب أخضر، وقيل: هي برود يؤتى بها من اليمن مخططة.

([1062]) رواه البزار وأبو القاسم البغوي.

([1063]) رواه أبو داود.

([1064]) رواه البخاري ومسلم.

([1065]) رواه أبو الشيخ، ورواه ابن سعد عن علي بن زيد عن إسحاق بن عبد الله بن الحارث بن نوفل بلفظ: بسبع وعشرين أوقية، ورجاله ثقات إلا عليا وكذلك إسحاق، وعلي متكلم فيه، وروى ابن سعد بسند رجاله ثقات، وهو مرسل، عن ابن سيرين أن النبي r اشترى حلة، وإما قال:( ثوبا بتسع وعشرين ناقة)

([1066]) رواه البخاري ومسلم.

([1067]) رواه الزبير بن بكار.

([1068])ثوب يلبس فوق الثياب، أو القميص، ويتمنطق عليه.

([1069]) رواه مسلم.

([1070]) رواه النسائي.

([1071]) رواه البخاري.

([1072]) رواه ابن عدي.

([1073]) رواه ابن عدي.

([1074]) رواه ابن سعد.

([1075]) رواه ابن سعد بسند فيه مبهم.

([1076]) رواه البزار.

([1077]) رواه البخاري ومسلم وابن عساكر.

([1078]) رواه أبو بكر بن أبي خيثمة.

([1079]) رواه الحارث بن أبي أسامة.

([1080]) رواه الترمذي.

([1081]) رواه الحاكم.

([1082]) رواه ابن سعد.

([1083]) رواه البخاري ومسلم وابن ماجه.

([1084]) رواه ابن أبي شيبة، وأحمد برجال ثقات.

([1085]) رواه الحارث بن أبي أسامة.

([1086]) رواه ابن عدي.

([1087]) رواه أبو داود.

([1088]) رواه البخاري، وأبو داود، والنسائي، وأبو بكر الإسماعيلي.

([1089]) رواه ابن أبي شيبة والنسائي.

([1090]) رواه أبو داود وأبو الشيخ واللفظ له.

([1091]) رواه أبو الحسن بن الضحاك.

([1092])الشملة: كساء أصفر من القطيفة يتشح بها.

([1093]) رواه أبو داود.

([1094]) رواه أبو نعيم وابن عدي وابن الأعرابي من طريق الأحوص بن حكيم عن خالد بن معدان.

([1095]) رواه أبو داود.

([1096])الخميصة: ثوب بعلم من خز أو صوف.

([1097]) رواه مالك.

([1098]) رواه البخاري.

([1099]) رواه البخاري.

([1100]) رواه البخاري.

([1101])البز: الثياب، أو متاع البيت من الثياب ونحوها وبائعه البزار، وحرفته البزارة.

([1102])هجر: بلدة باليمن بينه وبين عفر يوم وليلة مذكر مصروف، وقد يؤنث ويمنع، والنسبة إليه هجري.

([1103]) رواه أحمد والأربعة وصححه، والترمذي وابن حبان.

([1104]) رواه النسائي والحاكم وأبو الحسن بن الضحاك.

([1105]) رواه أبو يعلى بسند ضعيف، وتابع ابن الجوزي، فأورده في الموضوعات، ونازعه في ذلك الشيخ، واقتصر الحافظ في الفتح، وغير واحد على تضعيفه.

([1106])النمرة: بردة من صوف يلبسها الأعراب.

([1107]) رواه الطبراني برجال الصحيح.

([1108]) رواه الطبراني برجال ثقات عن زمعة بن صالح، وأبو نعيم، وابن عساكر.

([1109]) رواه الطبراني برجال ثقات.

([1110]) رواه البزار.

([1111])الحسن المراد هنا هو ابن علي بن أبي طالب ـ رضي الله عنهما ـ يدل على ذلك قوله:( فقال له أبي)، خلافا لقول الهيثمي بأن الحسن لم يسمع من عمر.

([1112]) رواه أحمد برجال الصحيح.

([1113]) رواه مسلم وابن عساكر.

([1114]) رواه ابْنُ حِبَّانَ.

([1115]) رواه البخاري.

([1116]) رواه مسلم.

([1117]) رواه البخاري ومسلم.

([1118]) رواه مسلم.

([1119]) رواه مالك وأبو داود والنسائي وابن ماجه وابن حبان.

([1120]) رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه من رواية من وثقه الجمهور.

([1121]) رواه الطبراني في الأوسط.

([1122])رواه مالك والبخاري واللفظ له وهو أتم ومسلم والترمذي والنسائي.

([1123]) رواه مسلم.

([1124]) رواه الحارث بن أبي أسامة.

([1125]) رواه مسلم.

([1126]) رواه البيهقي.

([1127]) العمائم: جمع عمامة، وهي اللّباس الّذي يلاث - يلفّ - على الرّأس تكويراً، وتعمّم الرّجل: كوّر العمامة على رأسه.

([1128]) ذكر علماء الشمائل أن عمامة النبي r لم تكن بالكبيرة، التي تؤذي صاحبها، وتضعفه، وتجعله عرضة للآفات كما يشاهد من حال أصحابنا، ولا بالصغيرة التي تقصر عن وقاية الرأس من الحر والبرد، بل وسطا بين ذلك.

قال الحافظ في فتاويه: لا يحضرني في طول عمامة النبي r قدر محدود، وقد سئل عنه الحافظ عبد الغني فلم يذكر شيئا في فتاويه.

وقال الشيخ في ذلك لم يثبت في مقدار العمامة الشريفة حديث، ثم أورد الحديث السالف أول الباب، ثم قال:( وهذا يدل على أنها عدة أذرع، والظاهر أنها كانت نحو العشرة أو فوقها بيسير.

وقال السخاوي في فتاويه: رأيت من نسب لعائشة ـ رضي الله عنها ـ أن عمامة رسول الله r في السفر كانت بيضاء، وفي الحضر كانت سوداء، وكل منها سبعة أذرع، قال السخاوي: وهذا شئ ما علمناه.

([1129]) رواه ابن عساكر.

([1130])الدسَمة: أي سوداء.

([1131])الحرقانية:: سوداء، قال الزمخشري: هي التي على لون ما أحرقته النار كأنها منسوبة إلى الحرق.

([1132]) رواه الخطابي وابن عساكر.

([1133]) رواه الحارث بن أبي أسامة، وأبو القاسم البغوي، وابن عدي، زاد في رواية: بغير إحرام.

([1134]) رواه ابن عدي.

([1135]) رواه مسلم والأربعة والترمذي في الشمائل.

([1136]) رواه أحمد والترمذي.

([1137]) رواه أحمد والترمذي.

([1138]) رواه النسائي.

([1139]) رواه ابن عدي بسند ضعيف.

([1140]) رواه أبو داود.

([1141]) رواه ابن سعد.

([1142]) رواه البخاري.

([1143]) رواه البخاري.

([1144]) رواه الحاكم والطبراني.

([1145]) رواه ابن سعد مرسلا.

([1146]) رواه ابن عساكر.

([1147]) رواه البخاري.

([1148]) العذبة: طرف الشّيء كعذبة الصّوت واللّسان أي: طرفهما، والطّرف الأعلى للعمامة يسمّى عذبةً وإن كان مخالفاً للاصطلاح العرفيّ.

([1149]) رواه الترمذي وحسنه.

([1150]) رواه مسلم وأبو داود وابن حبان.

([1151]) رواه مسلم وأبو داود وابن ماجه والنسائي.

([1152]) رواه النسائي.

([1153]) رواه الطبراني.

([1154]) رواه أبو نعيم.

([1155]) رواه الطبراني.

([1156]) رواه الطبراني بسند ضعيف.

([1157]) ومن خلفه: يحتمل أن يكون بالنظر لطرفيها حيث يجعل أحدهما خلفه والآخر بين يديه ويحتمل أنه إرسال الطرف الواحد بين يديه، ثم رده من خلفه بحيث يكون الطرف الواحد بعضه بين يديه، وبعضه خلفه، كما يفعله كثيرون، ويحتمل أن يكون فعل كل واحد منهما في مرة.

([1158]) رواه الطبراني بسند ضعيف.

([1159]) رواه أبو موسى المدني بسند ضعيف.

([1160]) رواه أبو داود بسند ضعيف.

([1161]) رواه ابن سعد بسند ضعيف.

([1162]) رواه أبو موسى المدني.

([1163]) رواه الطبراني بسند ضعيف.

([1164]) رواه الطبراني بسند حسن، والضياء المقدسي في صحيحه.

([1165]) بين كتفيه: المراد به إرسالها من خلف لا من قدام.

([1166])الاقتعاط: أن يتعمم من غير تحنيك.

([1167]) نص الكثير من العلماء على اعتباره سنة لفعله r له، وفعل السلف الصالح.. قال الإمام مالك ـ رضي الله عنه ـ: أدركت في مسجد رسول الله r سبعين محنكا أحدهم لو ائتمن على بيت مال لكان به أمينا، وفي لفظ لو استسقى بهم القطر لسقوا، وسئل مالك ـ رضي الله عنه ـ عن المعتم، ولا يدخل تحت ذقنه من العمامة شيئا، فكره ذلك، ونظر مجاهد ـ رضي الله عنه ـ يوما إلى رجل معتم ولم يحتنك، فقال:( اقتعاط كاقتعاط الشيطان تلك عمة الشيطان، وعمائم قوم لوط)

وقال الحافظ عبد الحق الإشبيلي: وسنة العمامة بعد فعلها أن يرخي طرفها، ويتحنك به، فإن كان بغير طرف ولا تحنيك، فذلك يكره عند العلماء والأولى أن يدخلها تحت حنكه، فإنها تقي العنق الحر والبرد، وهو أثبت لها عند ركوب الخيل والإبل والكر والفر.

وقد أطنب ابن الحاج في المدخل في استحباب التحنك، ثم قال:( وإذا كانت العمامة من باب المباح فلا بد فيها من فعل سنن تتعلق بها، من تناولها باليمين، والتسمية، والذكر الوارد إن كانت مما يلبس جديدا، أو امتثال السنة في صفة التعميم، من فعل التحنيك، والعذبة، وتصغير العمامة يعني سبعة أذرع أو نحوها، يخرجون منها التحنيك، والعذبة، فإن زاد من العمامة قليلا لأجل حر أو برد، فيتسامح فيه)

([1168]) رواه أبو داود الطيالسي وابن أبي شيبة وابن منيع والبيهقي في الشعب.

([1169]) رواه أبو يعلى والبزار برجال ثقات، وابن أبي الدنيا والطبراني، والبيهقي في الزهد وحسن إسناده أبو الحسن الهيثمي.

([1170]) رواه الطبراني.

([1171]) يطلق القناع والمقنّع والمقنّعة على نوع من القماش يضعه الرجل والمرأة على الرّأس، ويطلق على الخمار الّذي تغطّي به المرأة وجهها، ووصف البعض الرّجل بالتّقنّع فقال: رجل مقنّع إذا كان عليه بيضة ومغفر..

([1172])التقنع تغطية الرأس وأكثر الوجه برداء أو غيره.

([1173]) رواه أبو داود.

([1174]) رواه البخاري والنسائي.

([1175]) رواه الترمذي في الشمائل، وابن سعد، والبيهقي.

([1176]) رواه ابن سعد والبيهقي، وفي لفظ القناع.

([1177])كأن ثوبه ثوب زيات: معناه أنه كان يدهن شعر رأسه، ويتقنع، وكأن الموضع الذي يصيب رأسه من ثوبه ثوب دهان.

([1178]) رواه أبو نعيم.

([1179]) رواه بقي بن مخلد.

([1180]) رواه أبو عوانة في صحيحه.

([1181]) رواه البلاذري.

([1182])الممطر: بميمين الأولى مكسورة، والثانية ساكنة: ثوب صوف يتوقى به المطر.

([1183])قال هشام بن عمار: الساج الطيلسان الأسود.

([1184]) رواه البلاذري.

([1185]) رواه أحمد والطبراني بسند حسن.

([1186]) رواه ابن أبي شيبة وأحمد والبخاري في تاريخه، وأبو داود والنسائي وابن جرير.

([1187]) رواه أحمد.

([1188]) رواه الطبراني.

([1189]) رواه الطبراني.

([1190])القلنسوة والقلنسية: إذا فتحت ضمت السين، وإذا ضمت كسرت، غشاء مبطن يستر به الرأس، والجمع قلانس وقلانيس وقلنس، وتصغيره قلينسة وقلينيسة وقليسية وقليسية، وقلنسة وقليسته فتقلنس وتقلسى: ألبسة إياها فلبس.

([1191]) رواه أبو داود والبزار بسند ضعيف.

([1192]) رواه أبو يعلى وأبو الشيخ.

([1193]) رواه أبو علي بن السكن في المعرفة.

([1194]) رواه أبو الشيخ.

([1195]) رواه أبو الشيخ.

([1196]) رواه ابن عساكر.

([1197]) رواه ابن عساكر.

([1198])برد: ثوب مخطط.

([1199])حبرة: عصب اليمن، وقال الداودي: الحبرة ثوب أخضر.

([1200]) رواه أبو الشيخ.

([1201]) رواه الأربعة وأبو الشيخ وابن حبان.

([1202]) رواه الدمياطي.

([1203]) رواه أبو الحسن البلاذري في تاريخه.

([1204]) رواه الطبراني وابن عساكر.

([1205]) رواه الطبراني من طريق يحيى بن الضريس عن عنبسة بن سيد عن الشعبي غير عنبسة ابن سعيد بنحو رجاله ويقية رجال ثقات.

([1206]) رواه ابن أبي شيبة، والحارث بن أبي أسامة، والدارقطني في الأفراد، وأحمد وأبو داود والترمذي وحسنه وابن سعد وأبو الشيخ.

([1207]) رواه الطبراني بسند جيد.

([1208]) رواه البخاري ومسلم.

([1209])القبال: بكسر القاف، هو السير الذي يعتقل فيه الشسع الذي يكون بين الأصابع الوسطى والتي تليها.

([1210]) رواه ابن عساكر وأبو الحسن بن الضحاك.

([1211]) رواه محمد بن يحيى بن أبي عمر.

([1212]) رواه النسائي، وأبو نعيم.

([1213]) رواه البخاري.

([1214]) رواه أبو سعيد بن الأعرابي.

([1215]) الشراك: هو أحد السيور التي تكون في النعل على ظهر القدم، والمراد أن لكل فردة قبالين.

([1216]) رواه الترمذي في الشمائل، وابن ماجه بسند قوي.

([1217]) رواه أحمد.

([1218]) رواه ابن ماجه.

([1219]) رواه الطبراني برجال ثقات، والبزار.

([1220]) رواه الطبراني.

([1221]) السبتية: جلود البقر المدبوغة بالقرظ، تتخذ منها النعال، سميت بذلك لأن شعرها قد سبت عنها أي حلق وأزيل، وقيل لأنها انسبتت بالدباغ أي لانت.

([1222]) رواه مالك والبخاري.

([1223]) رواه البخاري والنسائي ومالك.

([1224]) رواه ابن أبي خيثمة.

([1225]) رواه الطبراني.

([1226]) رواه ابن شاذان.

([1227]) رواه أحمد في الزهد وأبو القاسم بن عساكر.

([1228]) رواه أبو الشيخ.

([1229]) رواه ابن سعد.

([1230]) رواه ابن سعد.

([1231]) رواه الطبراني، وحسن الحافظ ابن الحسن بن الهيثمي إسناده.

([1232]) رواه ابن سعد والأئمة إلا الشافعي، والدارقطني، وابن عساكر، زاد النسائي: ولبسه ثلاثة أيام.

([1233]) رواه البزار وأبو مسلم الكجي والطبراني بلفظ جيد.

([1234]) رواه البخاري وغيره.

([1235]) رواه أبو مسلم الكجي.

([1236])ورد تختمه في يمينه من حديث ابن عمر عند البخاري، وأنس عند مسلم، وابن عباس وعبد الله بن جعفر عند الترمذي، وجابر عنده في الشمائل، وعلي عند أبي داود والنسائي، وعائشة عند البزار، وأبي أمامة عند الطبراني، وأبي هريرة عند الدارقطني في الغرائب، فهؤلاء تسعة من الصحابة.

([1237]) رواه أبو داود والنسائي، وفي رواية كأني أنظر إلى بياض خاتم النبي r في أصبعه اليسرى الخنصر.

([1238]) رواه أبو بكر بن أبي شيبة.

([1239]) رواه أبو سعيد بن الأعرابي.

([1240]) رواه الحارث بن أبي أسامة.

([1241]) رواه إسحاق.

([1242]) رواه الطبراني برجال الصحيح.

([1243]) رواه مسلم وأبو ذر الهروي.

([1244]) رواه الدارقطني في غرائبه.

([1245]) رواه عبد بن حميد بسند صحيح.

([1246]) رواه أبو داود.

([1247]) رواه النسائي وابن عدي.

([1248]) رواه ابن عدي.

([1249]) رواه ابن عدي، قال الحافظ: وردت رواية ضعيفة أنه كان تختم أولا في اليمين، ثم حوله إلى اليسار، رواه ابن عدي من حديث ابن عمر، واعتمد عليها البغوي في شرح السنة، فجمع بين الأحاديث المختلفة بأنه تختم أولا في يمينه، ثم تختم في شماله، وكان ذلك آخر الأمرين، وقال ابن أبي حاتم: رسالة أبي زرعة عن اختلاف الأحاديث في ذلك فقال:( لا يثبت هذا، ولكن يمينه أكثر)

وقال البيهقي في الأدب: يجمع بين الأحاديث بأن الذي لبسه في يمينه هو خاتم الذهب، كما صرح به في حديث ابن عمر، والذي لبسه في يساره هو خاتم الفضة، وجمع غيره: بأنه لبس الخاتم أولا في يمينه، ثم حوله إلى يساره، وفي المسألة عند الشافعية اختلاف، والأصح اليمين، قال الحافظ: ويظهر لي أن ذلك يختلف باختلاف الفعل، فإن كان اللبس للتزين فاليمين أفضل، وإن كان للختم فاليسار أولى، لأنه يكون كالمودع فيها، ويحصل تناوله باليمين وكذا وضعه فيها، ويترجح الختم في اليمين مطلقا لأن اليسار آلة الاستنجاء، فيصان الخاتم إذا كان في اليمين عن أن تصيبه النجاسة، ويترجح الختم باليسار بما أشرت إليه من التناول، ونقل النووي وغيره الأجماع على الجواز، ثم قال:( ولا كراهة عند الشافعية، وإنما الاختلاف في الأفضل)

([1250]) رواه مسلم وأبو بكر الإسماعيلي.

([1251]) رواه ابن أبي شيبة.

([1252]) رواه ابن أبي شيبة، قال العلماء: جعله r فص الخاتم في بطن كفه أصح وأكثر.

([1253]) رواه البخاري.

([1254]) رواه ابن سعد، قال الحافظ: ولم يتابع على هذه الزيادة.

([1255]) رواه البخاري.

([1256]) رواه النسائي.

([1257]) رواه ابن سعد.

([1258]) رواه البزار والطبراني برجال ثقات.

([1259]) رواه بقي بن مخلد.

([1260]) رواه الثلاثة.

([1261]) رواه النسائي.

([1262]) رواه أبو داود.

([1263]) رواه ابن سعد.

([1264]) رواه ابن أبي شيبة وأبو يعلى وابن حبان والحاكم بسند صحيح.

([1265]) رواه الطبراني، والبزار، برجال ثقات.

([1266]) رواه مسلم والترمذي.

([1267]) رواه أحمد وابن أبي شيبة ومسلم والأربعة عن جابر، وابن أبي شيبة عن ابن عمر وأبو بكر بن أبي حارث عن أنس.

([1268]) رواه مسلم وأبو داود والترمذي في الشمائل، والنسائي وابن ماجه.

([1269]) رواه ابن عدي.

([1270]) رواه ابن عدي.

([1271]) رواه أحمد وأبو داود والنسائي.

([1272]) رواه الطبراني وأبو يعلى.

([1273]) رواه محمد بن سعد والطبراني وابن حبان في الثقات.

([1274]) رواه ابن وهب في موطئه.

([1275]) رواه النسائي.

([1276]) رواه الطبراني بسند ضعيف.

([1277]) رواه الترمذي والنسائي.

([1278]) رواه الطبراني.

([1279]) رواه ابن سعد.

([1280]) رواه ابن سعد.

([1281]) رواه ابن سعد بسند ضعيف.

([1282]) رواه أحمد.

([1283]) رواه أبو داود.

([1284]) رواه الطبراني من طريقين في أحدهما يعقوب بن خالد بن نجيح البكري العبدي، وفي الآخر بكر بن محمد يرويان عن سعيد بن قتادة بنحو رجالهما.

([1285]) رواه أبو الحسن بن الضحاك.

([1286]) رواه أبو الحسن بن الضحاك.

([1287]) أنكر ابن القيم أن يكون رسول الله r قد لبس الأحمر المحض، فقال: غلط من ظن أن الحلة كانت حمراء بحتا لا يخالطها غيرها، وإنما الحلة الحمراء بردان يمانيان ‏منسوجان بخطوط حمر مع الأسود كسائر البرود اليمنية، وهي معروفة بهذا الاسم باعتبار ما فيها من الخطوط، ‏إلا فالأحمر البحت نهى عنه أشد النهي.‏.

([1288]) رواه مسدد والحاكم، والبيهقي، وابن سعد، وابن عساكر.

([1289]) رواه مسدد برجال ثقات.

([1290]) رواه مسدد وأحمد.

([1291]) رواه ابن أبي شيبة.

([1292]) رواه ابن سعد.

([1293]) رواه أبو داود.

([1294]) رواه أبو داود بسند صحيح.

([1295]) اقتبسنا هذا المعنى مما ورد في سيرة علي بن الحسين زين العابدين ـ رضي الله عنه وعن آبائه ـ فقد روي شيبة بن نعامة قال: كان علي بن الحسين يبخل فلما مات وجدوه يقوت مائة أهل بيت بالمدينة.. وعن محمد بن إسحاق قال: كان ناس من أهل المدينة يعيشون لا يدرون من أين كان معاشهم. فلما مات علي بن الحسين فقدوا ما كانوا يؤتون به بالليل.. وعن أبي حمزة الثمالي قال: كان علي بن الحسين يحمل جراب الخبز على ظهره بالليل فيتصدق به، ويقول: إن صدقة السر تطفئ غضب الرب عز وجل.. وعن عمرو بن ثابت قال: لما مات علي بن الحسين فغسلوه جعلوا ينظرون إلى آثار سود في ظهره، فقالوا: ما هذا? فقالوا: كان يحمل جرب الدقيق ليلا على ظهره يعطيه فقراء أهل المدينة.. وعن ابن عائشة قال: قال أني: سمعت أهل المدينة يقولون: ما فقدنا صدقة السر حتى مات علي بن الحسين.