الصفحة السابقة

العودة للصفحة الرئيسية

الصفحة التالية

المؤلف: نور الدين أبو لحية

العودة للكتاب: رحمة للعالمين

الناشر: دار الكتاب الحديث

الفهرس

ثانيا ـ الأطفال

1 ـ الوجود

2 ـ الحياة

3 ـ اللطف

4 ـ التربية

 

ثانيا ـ الأطفال

في اليوم الثاني، سرت إلى روضة للأطفال كان قد أسسها في تلك المدينة القاسية رجل من رجالنا .. كان لكثرة ترديده لاسم منظمة (اليونيسيف)[1]  يطلق عليه في تلك البلاد اسم (يونيسيف) .. وقد أعجبه الاسم ورضي به، فصار لا يعرف إلا به.

وكان – على حسب ما علمت – قد تفنن في تصميمها، فحولها إلى جنة غناء من جنان الدنيا، تفيض بكل أنواع الجمال.

وبعد أن انتهى من تصميمها وبنائها جمع لها من أبناء المدينة أكثرهم ذكاء، وأوفرهم فطنة، ليصيغهم على حسب تصوره إلى أنموذج تحتذي به المدينة جميعا، أو تنبهر به المدينة جميعا.

وقد نجح صاحبنا في كل ذلك .. وذلك ما دفعه إلى أن يركب من مطايا الغرور ما جعله يقيم حفلا كبيرا يدعو له الوجهاء والعلماء، بل والعامة من الناس، ليروا إنجازه العظيم .. فإذا ما انبهروا به، سهل عليه أن يمرر عليهم رسالته التي لم يأت هذه المدينة، ولم يتكبد ذلك الشقاء إلا من أجل تحقيقها.

بعد أن اجتمع العامة والوجهاء في قاعة الحفل .. وذلك بعد مرورهم على كل أجنحة الروضة، وامتلائهم إعجابا بها، وبالأنشطة التي يقوم بها الصبية فيها.. خرج صاحبنا الممتلئ غرورا لينعق أمام الصبية وآبائهم ومن زار الروضة ذلك اليوم بمحاضرة لم تكن تهدف في الحقيقة إلا إلى شيء واحد هو أن الإسلام ظلم الطفولة، وهضمها حقوقها، وأنه تعامل بقسوة بالغة مع براءة الطفولة..

وكان من ضمن ما قال: اسمعوا لأمر محمد بضرب الأطفال .. إنه يقول بكل قسوة :( اضربوهم إذا بلغوا عشرا)[2] .. بل يأمر قبل ذلك .. وفي اليوم السابع من ميلادهم بإجراء عملية يسمونها الختان لا هدف لها إلا إذيتهم من غير قيام أي داع لذلك .. هي عملية جبرية قسرية تنم عن قسوة الإسلام، وعدم احترامه لبراءة الطفولة.

بعد أن أملى على الحضور في لحظة نشوته تلك الرسالة .. أراد أن يبرهن عليها، فأحضر أشرطة تصور حال صبية الروضة قبل قدومهم إليها.. وكيف كانوا يعانون جميع أنواع المشاق .. وكيف كانوا يعاملون بكل أنواع القسوة.

ثم أردف ذلك بإخراج أولئك الصبية أنفسهم ليراهم الحضور، وكيف تغير حالهم ..

بل إنه إمعانا في بيان الدور العظيم الذي قام به .. طلب من الصبية أن يتحدثوا .. فتحدثوا شاكرين له، ولمجهوده الكبير الذي قدمه ..

وكان للحفل أن ينجح، ويؤدي دوره الذي أراده منه لو أنه اكتفى بذلك .. ولكنه في لحظة نشوته راح من غير شعور يخير الصبية بين تلك الحياة الجميلة التي يحيونها في روضته وبين الإسلام قائلا لهم، وبسمة الغرور تملأ فاه: ما رأيكم – الآن- أحبائي الصغار في هذه الحياة التي منت بها عليكم هذه الحضارة، وبين الحياة التي أراد محمد أن تعيشوها.

وهنا تغيرت وجوه الصبية تغيرا تاما .. بل إن أحدهم لم يطق الاكتفاء بتغير الوجه، فراح يقول لصاحب الروضة بكل قوة: أي محمد تقصد؟

قال الرجل: ليس هناك إلا محمد واحد .. ذلك البدوي القاسي الذي صاغ دينا بدويا، وطلب من البشر جميعا أن يتحولوا إلى بدو قساة..

قال الصبي: تقصد محمدا الذي أرسله الله رحمة للعالمين؟

قهقه الرجل بصوت عال، وقال: أجل ..

ثم التفت إلى الجموع، وراح يصيح: انظروا الغرور العظيم الذي كان عليه ذلك الرجل .. إنه لم يكتف بأن يزعم لنفسه الرحمة لقومه حتى راح يزعم أنه رحمة للعالمين ..

وكيف يكون رحيما ذلك الذي يدعو إلى ضرب الصبية .. وإعناتهم .. وملأ حياتهم بالتكاليف الشاقة!؟

قاطعه الصبي، وقال: لقد سمعنا موقفك – حضرة الأستاذ الفاضل- فهل تأذن لنا في الجواب؟

قال الرجل بكل غرور: أجل .. لقد خيرتكم بين هذه الحياة الكريمة التي وفرتها هذه الحضارة الرحيمة، وبين الحياة القاسية التي دعاكم محمد إلى تحملها.

قال الصبي: قبل أن أجيبك عن هذا السؤال، أخبرك - أولا- أن القسوة التي كنت أعيش فيها مع رفاقي جميعا لم تكن قسوة مرتبطة بتشريعات الإسلام، ولا بتعاليم محمد.. وإنما كانت قسوة ناشئة عن الحالة المادية التي اضطرتنا الحياة إليها اضطرارا.

ومع ذلك .. ومع تلك القسوة الظاهرية .. كنا ننعم برحمة باطنية كبيرة تملأ حياتنا بالجمال الذي لا يراه الناس.

نعم لم يكن للبيوت التي تكننا مثل هذا الجمال الذي تمتلئ به هذه الروضة .. ولم يكن فيها من المرافق ما فيها .. ولكنا مع ذلك كنا نشعر أن آباءنا لم يكونوا يقصدون شيئا من القسوة حولنا .. ولكن ذات يدهم جعلتهم لا ينيلوننا من الحياة إلا ما رأيتموه .. وليس لذلك كله صلة بالإسلام.

تغير وجه (يونيسيف) لإجابة هذا الصبي، وقال، وهو يحاول أن يستر موقفه: لا بأس .. دعنا من حياتكم .. وأخبرني عن التعاليم التي جاء بها محمد .. ألا ترى أن فيها وحدها ما يكفي للبرهنة على موقف الإسلام القاسي من الطفولة؟

ابتسم الصبي، وقال: إن أذنت لي، وأذن لي هذا الجمع المبارك، فسأحدثكم مع رفاقي الصبية عن التعاليم العظيمة التي جاء بها الإسلام حول الطفولة .. وسترون فيها البرهان الكافي على رحمة الإسلام بالطفولة .. وهي نفس رحمته التي شملت الحياة جميعا.

تغير وجه (يونيسيف) ، ولكنه ستر تغيره بابتسامة عريضة قال بعدها: لقد خططتم لهذا اليوم إذن؟

قال الصبي: لا .. لم نخطط .. ولكن الله أتاح لنا أن نقرأ تعاليم الإسلام من مصادرها الأصلية .. وقد أعطانا ذلك قناعة كبرى بما نقول.. فهل تراك تأذن لنا في الحديث؟

قال (يونيسيف): أجل .. أجل .. يسرني ذلك .. تحدثوا .. فما أجمل أن يسمع الكبار للصغار.

قال الصبي: لقد رأينا من خلال استقراء النصوص المقدسة أن الإسلام أعطى للأطفال أربعة حقوق كبرى تنتظم فيها جميع الحقوق.

أما أولها، فحقهم في الوجود .. وأما الثاني، فحقهم في الحياة .. وأما الثالث، فحقهم في المعاملة النفسية الرقيقة .. وأما الرابع، فحقهم في التربية الصحيحة الصالحة.

التفت إلى رفاقه[3] ، وقال: سيحدثكم صديقي أسامة عن الحق الأول.

وسيحدثكم صديقي عمير عن الحق الثاني.

وسيحدثكم صديقي أنس عن الحق الثالث.

وسيحدثكم صديقي عبد الله عن الحق الرابع.

ولكم أن تسألوهم وتسألوني عما تشاءون.

 

 

 

 

1 ـ الوجود

تقدم الصبي الأول، وهو أسامة، وقال - بشجاعة لا تقل عن شجاعة صديقه- : أنا أسامة .. وهو اسم لصاحب من أصحاب رسول الله r .. صحبه صبيا[4] .. وقد كان الناس يطلقون عليه (حب رسول الله r ) لما يرون من عناية رسول الله r به، واهتمامه الخاص به، خاصة بعد استشهاد أبيه.

لقد ذكر لكم صاحبنا أني سأحدثكم عن حق الوجود .. وهو أول حق من حقوق الطفل .. ولا يمكن أن تقوم سائر الحقوق إلا عليه.

ضحك (يونيسيف) بصوت عال، وقال: حق الوجود!؟ .. لم نسمع بهذا .. إن هذا أقرب إلى الهزل منه إلى الجد.. من ناقش في حق الوجود حتى يتحدث عنه؟ أوحتى يطالب أحد به؟

ابتسم أسامة، وقال: لقد ناقش هذا الحق اثنان .. أما أحدهما فحمل سلاح الدين ليحارب به هذا الحق .. وأما الثاني، فحمل سلاح الحضارة.

قال (يونيسيف): فمن حمل السلاح الأول؟

التفت الصبي إلي، وكأنه يقصدني، وقال: أما السلاح الأول، فحمله رجال من رجال الدين أرادوا أن يحاربوا فطرة الله في عباده، فاعتبروا الكمال في العزوبة، والانقطاع عن الناس، وحياة الرهبانية.

قال (يونيسيف): ومن حمل السلاح الثاني؟

قال أسامة: لقد حملته هذه الحضارة .. عندما نادى بعض قادتها بضرورة تحديد النسل .. لاشك أنك تعرفه .. إنه مالتوس[5].. لقد صاح بملء فيه يقول:( السكان يتزايدون بمعدلات حسابية ... إنه إذاً الاختلال، فالمجاعة ..)

قال (يونيسيف): ذاك رجل كلاسيكي ..  فدعنا منه.

قال أسامة: لم يكن مالتوس وحده هو الذي نادى بذلك .. لقد صاح بعده – وفي سنة 1968 - العالم البيولوجي ( بول أيرلخ) في كتابه الشهير ( القنبلة السكانية) يقول:( لقد انتهت معركة توفير الغذاء للجميع بالفشل التام، وسيعاني العالم في السبعينات من هذا القرن (العشرين) من المجاعات وموت ملايين من البشر جوعاً، وذلك على الرغم من أن أي برنامج قد نبدؤه اليوم لتفادي ذلك)

وقد استمر هذا العالم يطلق صيحاته التحذيرية هذه .. حتى أنه في عام 1970 ذكر أن هناك احتمال موت 65 مليون من البشر - أمريكيين بالتحديد - من الجوع، وأربعة بلايين من بقية سكان العالم، بين سنتي 1980/1989.

إلا أن شيئاً من ذلك لم يحدث .. ومع أن سكان العالم قد تضاعفوا منذ الحرب العالمية الثانية إلى اليوم، إلا إنتاج الغذاء قد تضاعف ثلاث مرات في الفترة نفسها.

إن صيحات التحذير لم تكف بعد .. ففي هذه الأيام ظهرت صيحات جديدة مدعومة بالإحصاءات والدراسات، فتقارير منظمة الفاو ( منظمة الأغذية والزراعية) تؤكد أن نحو 25 ألف مليون طن من التربة الخصبة تتعرض للزوال سنوياً، بفعل عوامل التعرية .. وأن تصيب الفرد من الأرض الصالحة للزراعة سينكمش بحلول عام 2010، من 0.85 إلى نحو 0.4 هكتار، ويقول ( كيث كولينز) – وهو كبير اقتصادي وزارة الزراعية الأمريكية –:  ( ينبغي معالجة الوضع عن كثب)، ويذكر تقرير المعهد الدولي لأبحاث السياسية الغذائية ( أنه ستصبح العلاقة بين إنتاج المواد الغذائية على مستوى العالم والأسعار علاقة مضطربة، الأمر الذي سيترجم على مخاطر أكبر بالنسبة للأمن الغذائي في دول العالم النامي) [6] ..

قال (يونيسيف): نعرف هذا .. ونحن نريد أن تحدثنا عن موقف الإسلام لا عن موقف قومنا .. فنحن أعرف به منكم.

قال أسامة: الإسلام ينطلق في هذه المعاني من قناعات إيمانية بأن الله الذي خلق هذا الكون جميعا، لن يعجزه أن يرزق الخلائق جميعا قلوا أو كثروا ..

لقد كان هذا هو الأسلوب الذي استعمله القرآن الكريم مع من كانوا يقتلون أولادهم مخافة على أنفسهم وعليهم من الفقر .. لقد قال الله تعالى ينهى عن ذلك :﴿ وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا (31)﴾ (الإسراء)، وقال :﴿ وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ .. (151)﴾ (الأنعام)

وفي الحديث عن ابن مسعود قال:  سألت رسول الله r أي الذنب أعظم عند الله؟ قال :( أن تجعل لله ندا وهو خلقك) قلت: إن ذلك لعظيم ، قلت: ثم أي ؟ قال : (أن تقتل ولدك مخافة أن يطعم معك) ، قلت: ثم أي ؟ قال : (أن تزاني حليلة جارك)[7] ، ثم تلا هذه الآية [8] :﴿ وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا (68) يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا (69) إِلَّا مَنْ تَابَ .. (70)﴾ (الفرقان)

ولهذا، فإن رسول الله r شجع على الأكثار من الأولاد، مع مراعاة تنشئتهم نشأة صالحة .. ففي الحديث قال رسول الله r :( تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم)[9]

ولهذا، فإن الإسلام حرم الإجهاض، وكل ما يؤدي إلى حرمان الأولاد من حق الوجود ..

بل إن الإسلام وضع العقوبات المشددة في هذا .. فقد اتفق الفقهاء على أنه إن حصلت الجناية على الأم بأن ضرب بطنها مثلا، فألقت جنينا حيا, ثم مات من الضربة , أن فيه دية كاملة إذا كان سقوطه لوقت يعيش لمثله , وذلك بأن يكون لستة أشهر فصاعدا .. وعللوا ذلك بأنه مات من جنايته بعد ولادته , في وقت يعيش لمثله, فأشبه قتله بعد وضعه[10] .

وقد نصوا – من باب التشدد – على أن الفعل المكون للجناية، لا يشترط فيه شكلا معينا، بل يصح أن يكون فعلاً مادياً أو معنوياً، بل يمكن أن يكون قولاً، بل ورد ما يدل على عدم اقتصار وجوب الدية على الفعل المباشر الذي هو الضرب، بل يكفي فيه مجرد التسبب، كالتخويف مثلا.

وقد روي في هذا عن الحسن قال: أرسل عمر إلى امرأة مغنية كان يدخل عليها , فأنكر ذلك, فقيل لها: أجيبي عمر؟ فقالت: يا ويلها مالها ولعمر؟ قال: فبينما هي في الطريق فزعت , فضمها الطلق , فدخلت دارا، فألقت ولدها، فصاح الصبي صيحتين فمات.. فاستشار عمر أصحاب النبي r فأشار عليه بعضهم: أن ليس عليك شيء , إنما أنت وال ,  ومؤدب , قال: وصمت علي، فأقبل عليه عمر فقال: ما تقول ؟ فقال: إن كانوا قالوا برأيهم فقد أخطأ رأيهم, وإن كانوا قالوا في هواك ؟ فلم ينصحوا لك , أرى أن ديته عليك لأنك أنت أفزعتها , وألقت ولدها في سبيلك .. فأمر عليا أن يقسم عقله على قريش، لأنه أخطأ[11].

قال يونسيف: ولكن ألا يمكن أن يكون ما ادعاه مالتوس ورفاقه صحيحا .. وأن الزمان الذي يحصل فيه ما ادعوه لم يحل فقط؟

قال: بالنسبة لنا – نحن المسلمين – فإن إيماننا بالله يحول بيننا وبين هذه الدعاوى .. نحن نؤمن بأن وعد الله لابد أن يتحقق لا محالة ..

لقد قال تعالى يعدد نعمه على عباده :﴿ قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ (9) وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ (10)﴾ (فصلت)، فأقوات العباد مقدرة، وهي مبثوثة في كل الأرض، وقد اختص الخالق عز وجل كل جزء منها بثروة تكفي ساكنيها وتسد احتياجاتهم.

قال يونسيف: ولكن .. ألا ترى أن هذا الوعد قد تخلف مرات كثيرة .. فكم ضربت المجاعات البشر .. وهي لا تزال تضربهم؟

قال أسامة: ذلك يعود للبشر .. لا لرب البشر .. فرب البشر أرحم بعباده من أن يقتلهم بالجوع، وهو يملك خزائن كل شيء.

قال يونسيف: فما تقول في المجاعات؟

قال أسامة: سل عنها الإنسان .. ذلك الذي راح بجشعه يرمي القمح في البحار في الوقت الذي يموت فيه إخوانه من البشر جوعا.. لعلك تعلم ذلك.

ولعلك تعلم ما يقوله الخبراء من أن تهديد العالم الثالث بنضوب الثروات أكذوبة كبرى، فالخطر الحقيقي كامن في سوء استخدام الثروات والكنوز التي تفيض بها الأراضي البكر.. وسوء التخطيط لتطوير إنتاجي أفضل.. وبينما تنقل هذه الخامات إلى بلاد الغرب وتنهب، ثم تعيد تصديرهما للأمم المترفة الاستعمارية لا يحصل أصحاب هذه الثروات إلا على الفتات.

ولعلك تعلم كذلك أن الأبحاث الحديثة تتحدث عن ظاهرة الانحسار السكاني في الغرب، وتصفها بأنها ظاهرة مخيفة وخطيرة تقلق الخبراء الاجتماعيين والسياسيين ورجال الأعمال، فأمريكا تتجه نحو حالة الصفر في النمو السكاني. فهي تقف الآن في النقطة التي يكون فيها عدد المواليد مساوياً لعدد الوفيات.. وتتحدث الأبحاث عن هذا الخطر الهائل الذي يتهدد الولايات المتحدة والدول الغربية على بعد بضعة أجيال، مما يؤدي إلى انخفاض القوة العاملة وما يؤدي إلى ركود الإنتاج، في حين أن الدول الفقيرة تنموا نمواً متزايداً.

وتقول الأبحاث أن عدد سكان أمريكا[12] (212 مليون نسمة) وأن النمو السكاني في أمريكا يصل إلى درجة الصفر عندما يبلغ السكان 260 مليون نسمة.. ويشارك الولايات المتحدة في هذه الظاهرة السويد وألمانيا الغربية، اليابان، هنغاريا، رومانيا.. وأن نسبة المواليد في هذه الدول في هبوط مستمر منذ الحرب العالمية الأخيرة، وأن الهبوط كان هائلاً في السنوات الأربع الماضية، في السويد وفنلندا والنمسا وبلجيكا وألمانيا.. أما هنغاريا وبريطانيا فقد بلغت درجة الصفر.. والقلق ناجم من أن القوة العاملة سوف تتضاءل في المستقبل بما يؤدي إلى ركود الإنتاج، ومن أجل ذلك شددت بعض دول أوروبا في قضايا الإجهاض وفرضت عقوبات على من يفعله، ومنع السوقيات تداول الحبوب المانعة للحمل، وأعطوا إجازات أطول للزوجة الحامل.

ويتوقع الخبراء أن تصل أكثر دول أوروبا إلى درجة الصفر في النمو السكاني في بداية القرن الواحد والعشرين، كما يرى بعض الخبراء أن الانحسار السكاني إلى درجة الصفر سيؤدي إلى ركود اقتصادي واجتماعي خطير.

قال يونسيف: أجل .. أعلم كل هذا .. ولكن .. كيف تقول هذا، ونحن نرى في المسلمين من يدعو إلى تحديد النسل؟

قال: أولئك هم أعداء المسلمين الذين عز عليهم أن يكثر الله سواد المسلمين، فراحوا بكل صنوف الوساوس يدعون إلى هذه الخدعة ليحموا بها أهواءهم.

2 ـ الحياة

بعد أن ذكر الصبي الأول ما يكفي من الأدلة على احترام الإسلام لحق الوجود، تقدم الصبي الثاني، وهو عمير، وقال - بشجاعة لا تقل عن شجاعة صديقيه- : أنا عمير .. وهو اسم يذكرني بصاحب من أصحاب رسول الله r.. صحبه صبيا .. كان اسمه أبا عمير، وقد حدث أنس عن موقف لرسول الله r يرتبط به، فقال: كان رسول الله r يدخل على أم سليم ولها ابن من أبي طلحة، يكني أبا عمير، وكان يمازحه، فدخل عليه فرآه حزينا فقال: (ما لي أرى أبا عمير حزينا؟) قالوا: يا رسول الله مات نغره الذي كان يلعب به فجعل يقول: (أبا عمير ما فعل النغير[13] ؟)[14]

لقد تحدث صاحبي أسامة عن حق الوجود .. وسأحدثكم أنا عن حق الحياة.

ابتسم يونسيف، وقال: ألا ترى أن الوجود والحياة شيء واحد؟

قال عمير: لا .. حق الوجود مرتبط بالحي قبل وجوده .. وأما حق الحياة، فمرتبط به بعد وجوده.

قال يونسيف: لا بأس .. فما شرع الإسلام في هذا؟

قال عمير: لقد شرع الإسلام في هذا كل ما يحفظ الحياة الكريمة للولد من أول أيام حياته إلى الوقت الذي يستطيع أن يقوم فيه بنفسه بعيدا عن حضانة والدية.

وأول ذلك أنه أوجب على الأم إرضاع ابنها رضاعة طبيعية .. قال تعالى :﴿ وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَهَا لا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ فَإِنْ أَرَادَا فِصَالاً عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَسْتَرْضِعُوا أَوْلادَكُمْ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِذَا سَلَّمْتُمْ مَا آتَيْتُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ﴾ (البقرة:233)،

إن هذه الآية الكريمة تبين حرص الشريعة على إرضاع الصبي مهما كان حال الأسرة التي ينتمي إليها ..

وهي تدل في نفس الوقت على أن الرضاع واجب لا يكفي فيه أي بديل إلا إذا حكم الطبيب المختص بعدم صلاحية لبن الأم للرضاعة أو عدم استعداد الرضيع لرضاعتها.

ابتسم يونسيف، وقال: لقد قالت شريعتكم بذلك قبل أن تنتج حضارتنا الراقية هذه الأنواع الكثيرة من الألبان التي تملأ حياة الرضع بالصحة والعافية .. وتغنيهم عن السموم التي تسقيهم بها أمهاتهم.

ابتسم عمير، وقال: إن قولك هذا – حضرة الأستاذ الفاضل – يستدعي مقارنة علمية مفصلة بين الرضاع الطبيعي والإرضاع الصناعي ..

وإن أذنت لي .. فسأذكر لك سبعة معان ترى من خلالها نصح الشريعة وغش هذه الحضارة التي لا تبتغي من وراء كثير مما تنتجه إلا الربح المادي[15] ..

قال يونسيف: لا بأس .. فما أولها؟

قال عمير: تناسب الحليب مع حاجة الرضيع.. فحليب الأم يتطور تركيبه من يوم لآخر بما يلائم حاجة الرضيع الغذائية، وتحمل جسمه، وبما يلائم غريزته وأجهزته التي تتطور يوماً بعد يوم..  وذلك عكس الحليب الصناعي الثابت التركيب: فمثلاً يفرز الثديان في الأيام الأولى اللبن Colostrm الذي يحوي أضعاف ما يحوي اللبن من البروتين والعناصر المعدنية، لكنه فقير بالدسم والسكر، كما يحوي أضدادا لرفع مناعة الوليد، وله فعل ملين، هو الغذاء المثالي للوليد.

كما يخف إدرار اللبن من ثدي الأم، أو يخف تركيزه بين فترة وأخرى بشكل غريزي وذلك لإزاحة الجهاز الهضمي عند الوليد، ثم يعود بعدها بما يلائم حاجة الطفل.

قال يونسيف: هذه الأولى .. فما الثانية؟

قال عمير: لبن الأم أسهل هضماً لاحتوائه على خمائر هاضمة تساعد خمائر المعدة عند الطفل على الهضم، وتستطيع المعدة إفراغ محتواها منه بعد ساعة ونصف، وتبقى حموضة المعدة طبيعية ومناسبة للقضاء على الجراثيم التي تصلها. بينما يتأخر هضم خثرات الجبن في حليب البقر،  لثلاثة أو أربع ساعات، كما تعدل الأملاح الكثيرة الموجودة في حليب البقر حموضة المعدة ،و تنقصها مما يسمح للجراثيم وخاصة الكولونية بالتكاثر مما يؤدي للإسهال والإقياء.

وبالإضافة إلى هذا يسبب لبن البقر مضاعفات عدم تحمل وتحسس، لا تشاهد في الإرضاع الطبيعي كالإسهال والنزف المعوي والتغوط الأسود ومظاهر التجسس الشائع، كما إن الإلعاب والمغص والإكزما البنيوية أقل تواجداً في الإرضاع الطبيعي.

قال يونسيف: هذه الثانية .. فما الثالثة؟

قال عمير: حليب الأم معقم، بينما يندر أن يخلو الحليب في الرضاع الصناعي من التلوث الجرثومي، وذلك يحدث إما عند عملية الحلب، أو باستخدام الآنية المختلفة أو بتلوث زجاجة الإرضاع.

قال يونسيف: هذه الثالثة .. فما الرابعة؟

قال عمير: درجة حرارة لبن الأم ثابتة وملائمة لحرارة الطفل، ولا يتوفر ذلك دائماً في الإرضاع الصناعي.

قال يونسيف: هذه الرابعة.. فما الخامسة؟

قال عمير: يحوي لبن الأم أجساما ضدية نوعية، تساعد الطفل على مقاومة الأمراض، وتتواجد بنسبة أقل بكثير في حليب البقر، كما أنها غير نوعية، ولهذا فمن الثابت أن الأطفال الذين يرضعون من أمهاتهم أقل عرضة للإنتان ممن يعتمدون على الإرضاع الصناعي.

والإرضاع الطبيعي يدعم الزمرة الجرثومية الطبيعية في الأمعاء ذات الدور الفعال في امتصاص الفيتامينات وغيرها من العناصر الغذائية، بينما يسبب الإرضاع الصناعي اضطراب هذه الزمرة.

قال يونسيف: هذه الخامسة.. فما السادسة؟

قال عمير: يهيء الإرضاع الطفل للإصابة أكثر، بأمراض مختلفة، كالتهابات الطرق التنفسية، وتحدد الرئة المزمن الذي يرتبط بترسب بروتين اللبن في بلاسما الطفل وحذف لبن البقر من غذاء الطفل يؤدي لتحسنه من المرض. وكذلك التهاب الأذن الوسطى، لأن الطفل في الإرضاع الصناعي يتناول وجبته وهو مضطجع على ظهره، فعند قيام الطفل بأول عملية بلع بعد الرضاعة ينفتح نفير أوستاش ويدخل الحليب واللعاب إلى الأذن الوسطى مؤدياً لالتهابها.

وتزيد حالات التهاب اللثة والأنسجة الداعمة للسن بنسبة ثلاثة أضعاف، عن الذين يرضعون من الثدي. أما تشنج الحنجرة، فلا يشاهد عند الأطفال الذين يعتمدون على رضاعة الثدي.

وهذه الفروق وغيرها، تفسر نسبة الوفيات عند الأطفال الذين يعتمدون الإرضاع الصناعي عن نسبة وفيات إخوانهم الذين من الثدي بمقدار أربعة أضعاف رغم كل التحسينات التي أدخلت على طريقة إعداد الحليب في الطرق الصناعية، وعلى طريقة إعطائه للرضيع..

قال يونسيف: هذه السادسة.. فما السابعة؟

قال عمير: لقد أكد علماء النفس[16] أن الرضاعة (ليست مجرد إشباع حاجة عضوية إنما هو موقف نفسي اجتماعي شامل، تشمل الرضيع والأم وهو أول فرصة للتفاعل الاجتماعي)

وفي الرضاعة يشعر الطفل بالحنان والحب والطمأنينة ويحدث اندماج في المشاعر بين الطفل وأمه وهذا يحدث من التصاقه بأمه أثناء الرضاعة وخصوصا الرضاعة لفترة طويلة وبذلك تقوي العلاقة بين الطفل والام من خلال الرضاعة الطبيعية عكس الطفل الذي يأخذ غذاءه عن طريق الرضاعة الصناعية فهو محروم من الحب والحنان والشعور بالأمن فهو دائما خائف وتكون العلاقة بينه وبين أمه مضطربة الى حد كبير مما يؤدي فيما بعد أو أثناء فترة الطفولة الى الاستعداد للإصابة بالأمراض النفسية المختلفة.

والرضاعة الطبيعية تعد مناعة الطبيعية ضد حدوث المرض النفسي والعقلي سواء في فترة الطفولة أو باقي مراحل الحياة وعلى اثر ما نشر من الأبحاث في تأثير الرضاعة الطبيعية والرضاعة الصناعية على الصحة النفسية والعقلية للطفل فقد وجد أن الأطفال الذين تم تغذيتهم عن طريق الرضاعة الطبيعية أكثر ذكاء ويمتازون بسلوكيات سوية مثل التعامل مع الآخرين والتفاعل الجيد والسليم مع المواقف والتفكير السليم والمشاعر الاجتماعية النبيلة ودرجة الانتباه الجيدة وقدراته على التقاط المعلومات الجيدة، أيضا كان لديهم بصيرة قوية عن أنفسهم عما يدور من حولهم أما من الأطفال الذين كانوا يتعاطون عن طريق الرضاعة الصناعية كانوا أقل ذكاء وأكثر توترا وأقل تعاونا مع الآخرين وكانوا يعانون من بعض الأمراض النفسية مثل الحركة الزائدة أو التخلف في بعض منهم والتردد والإصابة بالنزعات العصبية والأزمات وكذلك الأنانية والتمركز حول الذات والعنف والاندفاعية والبعض منهم كان مصابا بالأفعال القهرية وعدم الثبات في المشاعر والقلق المستمر والاكتئاب والمخاوف العديدة واضطراب التفكير واضطراب الكلام مثل التلعثم وغيرها وعدم التركيز وقلة الانتباه والبعد عن الواقع وقلة البصيرة وقلة الحصول على المعلومات العامة واصابة بعضهم بالاضطرابات العديدة في السلوك والتصرفات المضادة للمجتمع.

قال يونسيف: لا بأس .. سلمت لك بكل ما ذكرت .. ولكن ما تقول في الختان .. تلك العلمية الإجبارية التي فرضها الإسلام عقوبة على الأطفال من غير ذنب اقترفوه؟

قال عمير: قال: لم يفرض الإسلام الختان عقوبة – حضرة الأستاذ – وإنما فرضه رحمة .. وقد أثبتت الأيام أن التشريعات التي جاء بها الإسلام في هذا الباب كلها تشريعات رحمة ونصح ولطف من الله بعباده.

وإن أذنت لي، فسأذكر لك من أدلة ذلك ما تقر به عينك، وتعلم به الرحمة العظيمة التي يحملها هذا التكليف[17] .

ابتسم يونسيف، وقال: لا بأس .. تحدث كما يحلو لك .. فما أحلى أن يسمع الكبار للصغار.

قال عمير[18] : لقد ثبت في عديد من الدراسات الطبية أن التهابات الجهاز البولي في الذكور، صغاراً وكباراً، تزداد نسبتها زيادة ملحوظة في غير المختونين، وأن عدوى الأمراض المنقولة جنسياً كالزهري والسيلان وعلى الخصوص مرض الإيدز تكون في غير المختونين أكبر بكثير منها في المختونين.

وقد وجد جنز برغ أن 95 بالمائة من التهابات المجاري البولية عند الأطفال تحدث عند غير المختونين.. ويؤكد أن جعل الختان أمراً روتينياً يجري لكل مولود في الولايات المتحدة منع حدوث أكثر من 50 ألف حالة من التهاب الحويضة والكلية سنوياً.

ولهذا كتب البروفسور ويزويل في عام 1990 يقول :(لقد كنت من أشد أعداء الختان وشاركت في الجهود التي بذلت عام 1975 ضد إجرائه، إلا أنه في بداية الثمانينات أظهرت الدراسات الطبية زيادة في نسبة حوادث التهابات المجاري البولية عند الأطفال غير المختونين، وبعد تمحيص دقيق للأبحاث التي نشرت، فقد وصلت  إلى نتيجة مخالفة وأصبحت من أنصار جعل الختان أمراً روتينياً يجب ان يجري لكل مولود)[19]

وأكد البروفسور وليم بيكوز الذي عمل في البلاد العربية لأكثر من عشرين عاماً، وفحص أكثر من 30 ألف امرأة ندرة الأمراض الجنسية عندهم وخاصة العقبول التناسلي والسيلان والكلاميديا والتريكوموناز وسرطان عنق الرحم ويُرجع ذلك لسببين هامين ندرة الزنى وختان الرجال.

ويقول البرفسور كلو دري :(يمكن القول وبدون مبالغة بأن الختان الذي يجري للذكور في سن مبكرة يخفض كثيراً من نسبة حدوث سرطان القضيب عندهم)

وقد نشرت المجلة الطبية البريطانية BMG ـ وهي من أشهر المجلات الطبية ـ مقالاً عن سرطان القضيب ومسبباته عام 1987، جاء في هذا المقال: إن سرطان القضيب نادر جداً عند اليهود وفي البلدان الإسلامية، حيث يجري الختان أثناء فترة الطفولة، وأثبتت الإحصائيات الطبية أن سرطان القضيب عند اليهود لم يشاهد إلا في تسعة مرضى فقط في العالم كله.

ومن العوامل المهيئة لحدوث سرطان القضيب: التهاب الحشفة، ولما كان الختان يزيل هذه القلفة من أساسها فإن المختونين لا يحدث لديهم تضيُّق في القلفة، كما أنه يندر جداً أن يحدث التهاب الحشفة عندهم، ويبدو أن تضيُّق القلفة ينجم عن احتباس اللخن وهي مفرزات تتجمع بين حشفة القضيب والقلفة عند غير المختونين، وقد ثبت أن لهذه المواد فعلاً مسرطناً.

ونشرت مجلة المعهد الوطني للسرطان دراسة أكدت فيها أن سرطان القضيب ينتقل عبر الاتصال الجنسي، وأشارت إلى أن الاتصال الجنسي المتعدد بالبغايا يؤدي إلى حدوث هذا. كما ورد في تقرير نشرته الأكاديمية لأمراض الأطفال جاء فيه: إن الختان هو الوسيلة الفعالة للوقاية من سرطان القضيب. وأكدت المجلة الأمريكية لأمراض الأطفال أن العوامل الدينية عند المسلمين واليهود التي تقرر اتباع الختان: تلعب عاملاً أساسياً في حث هؤلاء على الأخذ بهذه الفطرة.

ابتسم يونسيف، وقال: لا بأس .. لقد سلمت لك بكل ما ذكرت .. فهل هذا كل ما جاء به الإسلام لحفظ صحة الصغار؟

قال عمير: لا .. معاذ الله .. فالإسلام الذي هو رحمة الله لعباده يستحيل أن يقتصر على الجزئيات والطقوس.

قال يونسيف: فما جاء به غير هذا؟

قال عمير: لقد جاء الإسلام بمنظومة صحية كاملة[20] لا يمكننا في هذا المجلس أن نذكرها .. ولكنا نعلم – على حسب ما ربانا آباؤنا – أن الإسلام أمر الوالدين وكل من يتولى شؤون الصغار أن يحرصوا على كل ما يحفظ للأبناء صحتهم .. فلا يمكن الإنسان أن يؤدي الأدوار العظيمة التي أمر بها الإسلام إلا بصحة وقوة وعافية.

 

3 ـ اللطف

بعد أن انتهى الصبي الثاني من حديثه، قام الصبي الثالث، وهو أنس، وقال - بشجاعة لا تقل عن شجاعة أصدقائه- : أنا أنس .. وهو اسم لصاحب من أصحاب رسول الله r .. صحبه صبيا .. وقد حكى أول صحبته له، فقال: قدم رسول الله r المدينة ، وأنا ابن ثمان سنين ، فأخذت أمي بيدي ، فانطلقت بي إلى رسول الله r، فقالت : يا رسول الله ، إنه لم يبق رجل ولا امرأة من الأنصار إلا قد أتحفك بتحفة ، وإني لا أقدر على ما أتحفك به ، إلا ابني هذا ، فخذه فليخدمك ما بدا لك، فخدمت رسول الله r عشر سنين ، فما ضربني ضربة ، ولا سبني سبة ، ولا انتهرني ، ولا عبس في وجهي ، وكان أول ما أوصاني به أن قال : يا بني ، اكتم سري تك مؤمنا .. فكانت أمي وأزواج النبي r يسألنني عن سر رسول الله r ، فلا أخبرهم به ، وما أنا بمخبر سر رسول الله r أحدا أبدا .

وقال : يا بني ، عليك بإسباغ الوضوء ، يحبك حافظاك ، ويزاد في عمرك .

ويا بني ، إن استطعت أن لا تزال أبدا على وضوء ، فإنه من يأته الموت ، وهو على وضوء ، يعط الشهادة .

ويا بني ، إن استطعت أن لا تزال تصلي ، فإن الملائكة تصلي عليك ما دمت تصلي .

ويا أنس ، إذا ركعت ، فأمكن كفيك من ركبتيك ، وفرج بين أصابعك ، وارفع مرفقيك عن جنبيك .

ويا بني ، إذا رفعت رأسك من الركوع ، فأمكن كل عضو منك موضعه ، فإن الله لا ينظر يوم القيامة إلى من لا يقيم صلبه بين ركوعه وسجوده .

ويا بني ، فإذا سجدت فأمكن جبهتك وكفيك من الأرض ، ولا تنقر نقر الديك ، ولا تقع إقعاء الكلب ، أو قال : الثعلب .

وإياك والالتفات في الصلاة ، فإن الالتفات في الصلاة هلكة.

ويا بني ، وإذا خرجت من بيتك ، فلا تقعن عينك على أحد من أهل القبلة ، إلا سلمت عليه ، فإنك ترجع مغفورا لك .

ويا بني ، وإذا دخلت منزلك ، فسلم على نفسك ، وعلى أهلك .

ويا بني ، إن استطعت أن تصبح وتمسي وليس في قلبك غش لأحد ، فإنه أهون عليك في الحساب .

ويا بني ، إن اتبعت وصيتي فلا يكن شيء أحب إليك من الموت)[21]

انظروا إلى الرحمة التي كان يعامل بها رسول الله r الصبية، وكيف كان يعلمهم.. وكيف كان لا يفرق في التوجيه والنصح بينهم وبين الكبار ..

إن هذا يقودنا إلى تلك المعاملة الرحيمة واللطف العظيم الذي جاء به الإسلام نحو الأطفال .. والذي مثله رسول الله r خير تمثيل ..

سأذكر لكم بعض الأمثلة على ذلك لتعرفوا من خلالها أن كل من يقسو على الأطفال، ويسيء إليهم خارج في سلوكه ذلك من زمرة المتظللين بأشعة شمسه r :

لقد روى المحدثون كيف كان r يعامل حفيديه الحسن والحسين .. ففي الحديث عن عبد الله بن شداد قال: خرج علينا رسول الله r في إحدى صلاتي العشاء، وهو حامل حسناً أو حسيناً، فتقدم رسول الله r، فوضعه، ثم كبَّر للصلاة فصلى، فسجد بين ظهراني صلاته سجدة أطالها، قال أبي: فرفعت رأسي، وإذا الصبي على ظهر الرسول r، وهو ساجد، فرجعت إلى سجودي؛ فلما قضى رسول الله r الصلاة، قال الناس: (يا رسول الله إنك سجدت بين ظهراني صلاتك سجدة أطلتها حتى ظننا أنه قد حدث أمر أو أنه يُوحى إليك)، فقال :(كل ذلك لم يكن، ولكن ابني ارتحلني، فكرهت أن أعجله حتى يقضي حاجته)[22]

وعن عبد الله بن بريدة، عن أبيه، قال: كان رسول الله r يخطبنا إذ جاء الحسن والحسين عليهما قميصان أحمران يمشيان ويعثران، فنزل رسول الله r من المنبر فحملهما، ووضعهما بين يديه، ثم قال: (صدق الله :﴿ إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ .. (15)﴾ (التغابن)، فنظرت إلى هذين الصبيين يمشيان ويعثران، فلم أصبر حتى قطعت حديثي ورفعتهما)[23]

وعن أبي هريرة قال: قبَّل رسول الله r الحسن بن علي وعنده الأقرع بن حابس التميمي جالس، فقال الأقرع: (إن لي عشرة من الولد، ماقبَّلت منهم أحداً)، فنظر رسول الله r إليه ثم قال: (مَن لا يَرحم لا يُرحم)[24]

وعن عائشة أن أعرابيا جاء إلى النبي r، وقال: أتقبِّلون صبيانكم؟! فما نقبِّلهم، فقال له النبي r :( أو أملِك أن نزع الله من قلبك الرحمة؟)[25]

وكان من رحمته r بالأطفال أنه كان يخفف الصلاة إن سمع بكاءهم .. حرصا عليهم .. ففي الحديث عن أنس قال: ما صليت وراء إمام قط أخف صلاة، ولا أتم من النبي r ، وإن كان ليسمع بكاء الصبي، فيخفف عنه مخافة أن تُفتن أمه)

وقال r يحدث عن نفسه :( إني لأدخل الصلاة وأنا أريد أن أطيلها، فأسمع بكاء الصبي فأتجاوز في صلاتي مما أعلم من شدة وجد أمه من بكاءه)[26]

وكان r يتعهد الأطفال بالهدايا .. ففي الحديث عن أبي هريرة قال: كان الناس إذا رأوا أول الثمر جاءوا به رسول الله r ، فإذا أخذه قال: (اللهم بارك لنا في ثمرنا، وبارك لنا في مدينتنا، وبارك لنا في صاعنا، وبارك لنا في مُدِّنا)، ثم يدعو أصغر وليد يراه فيعطيه ذلك الثمر[27].

وكان r يصطحب الصغار للصلاة ويمسح على خدودهم رحمة وتشجيعاً لهم .. فعن جابر قال: صليت مع رسول الله r صلاة الأولى- أي الظهر- ثم خرج إلى أهله، وخرجت معه، فاستقبله ولدان فجعل يمسح خدَّي أحدهم واحداً واحداً، قال: وأما أنا فمسح خدي، فوجدت ليده برداً أو ريحاً كأنما أخرجها r من جونة عطار [28] .

وكان r يحمل الصبيان، حتى وهو في الصلاة، ففي الحديث عن قتادة أن رسول الله r كان يصلي وهو حامل أُمامة بنت زينب بنت رسول الله، وهي لأبي العاص بن الربيع، فإذا قام حملها،وإذا سجد وضعها، فلما سلَّم حملها[29].

وكان r ينهى عن الكذب الأطفال، أو إخلافهم الوعد .. فعن عبد الله بن عامر قال: دعتني أمي ورسول الله r قاعد في بيتنا، فقالت: ها تعال أعطك، فقال لها r: (ما أردت أن تعطيه؟)، قالت: أعطيه تمرا، فقال لها :( أما أنك لو لم تعطِه شيئا كُتبت عليك كذبة)[30]

وكان r يعقد المسابقات بين الأطفال لينشِّط عقولهم، وينمِّي مواهبهم، ويرفع همَّتهم، ويعزِّز طاقاتهم المخبوءة، فقد تصارع سمرة، ورافع أمام رسول الله r عندما أرادا الاشتراك في جهاد الأعداء، فردهما رسول الله لصغر سنهما، فزكى الصحابة سمرة لأنه يحسن الرمي، فأجازه r ، فذكر رافع أنه يصارعه- أي أنه أقوى منه- رغم أنه لا يحسن الرمي، فطلب الرسول الكريم منه أن يصارعه، فدخلا معًا مباراة للمصارعة فصرعه رافع، فأجازهما رسول الله r.

ولم تقتصر رحمة النبي r على أطفال المسلمين فحسب، بل امتدت لتشمل جميع الأطفال حتى لو كانوا أبناء غير المسلمين.. فقد كان من وصاياه r في الحرب: (ولا تغدروا ولا تمثلوا ولا تقتلوا وليدًا)[31]

وعن الأسود بن سريع قال: أتيت النبي r وغزوت معه فأصبت ظفرًا، فقتل الناس يومئذ حتى قتلوا الولدان، فبلغ ذلك رسول الله r ، فقال: (ما بال أقوام جاوز بهم القتل اليوم حتى قتلوا الذرية؟)، فقال رجل: يا رسول الله إنما هم أبناء المشركين، فقال: (ألا إن خياركم أبناء المشركين)، ثم قال: (ألا لا تقتلوا ذرية.. كل مولود يولد على الفطرة، فما يزال عليها حتى يعرب عنها لسانه، فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه)[32]

 

 

 

 

 

4 ـ التربية

تقدم الصبي الرابع، وهو عبد الله، وقال - بشجاعة لا تقل عن شجاعة أصدقائه- : أنا عبد الله .. وهو اسم لجملة من أصحاب رسول الله r من الصغار .. وكان منهم واحد يلقب بترجمان القرآن، كان اسمه عبد الله بن عباس.. صحبه صبيا .. وقد حكى موقفا من مواقف تربية رسول الله r له، فقال: كنت خلف النبي r يوما فقَالَ:(يا غلام إني أعلمك كلمات: احفظ اللَّه يحفظك، احفظ اللَّه تجده تجاهك، إذا سألت فسأل اللَّه، وإذا استعنت فاستعَنْ باللَّه، واعلم أن الأمة لو اجتمعت عَلَى أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه اللَّه لك، وإن اجتمعوا عَلَى أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه اللَّه عليك، رفعت الأقلام وجفت الصحف)[33]، وفي رواية:( احفظ اللَّه تجده أمامك، تعرف إِلَى اللَّه في الرخاء يعرفك في الشدة، واعلم أن ما أخطأك لم يكن ليصيبك، وما أصابك لم يكن ليخطئك، واعلم أن النصر مع الصبر، وأن الفرج مع الكرب، وأن مع العسر يسرا)

انظروا – حضرات المستمعين – لهذه المعاني العظيمة التي يحملها الحديث ..

إن رسول الله r لا يخاطب فيه شيخا كبيرا .. ولا كهلا .. ولا شابا .. بل كان يخاطب بها طفلا صغيرا .. ليعمق فيه من معاني الإيمان ما يحمي به حياته جميعا .. فلا يمكن للحياة أن تستقيم من دون إيمان.

ضحك يونسيف بصوف عال، وقال: فكيف استقامت حياتنا من دون إيمان؟

قال عبد الله: إن أردت بالحياة أنكم تأكلون وتشربون وتنامون .. فيمكنك أن تقول ذلك .. ويمكنك أن تفخر به .. ولكنك في ذلك الحين تكون قد غفلت عن أهم معنى من معاني الحياة.

قال يونسيف: وما هو هذا المعنى؟

قال عبد الله: تكون غافلا عن ربك الذي خلقك .. وعن حقيقتك التي جعلها الله فيك .. وعن وظيفتك التي ندبت إليها في هذا الوجود.

قال يونسيف: أنا أصارحك .. أنا لا يهمني إلا أن يعيش أولادي الحياة المادية التي أراها .. أما ما عداها فلا يهمني منها شيء.. أنا إنسان لا تهمني إلا منفعة أولادي التي أراها بعيني، والتي أسست لأجلها هذه الروضة لتنعموا أنتم أيضا بها.

قال عبد الله: حتى لو كنت كما تقول، فإنك بالإيمان تستطيع أن تجعل من أولادك أفرادا صالحين .. فلا يمكن للحياة أن تستقيم من غير صلاح صاحبها .. ولا يمكن لشخص أن يصير صالحا من غير أن يكون له من زاد الإيمان ما يهيئه لذلك.

لست أنا فقط الذي أقول هذا الكلام .. ولا ديني فقط هو الذي يقوله .. بل إن من قومك من وصل إلى هذه القناعة[34] .

لقد قرأت للدكتور (هنري لنك) - وهو طبيب نفسي أمريكي - كلاما مهما يرد به على خصوم التربية الدينية.. ذكره في كتابه (العودة إلى الإيمان)، ومما قال فيه: (إن تربية الأطفال لمن أشق الواجبات وأخطرها وأدقها، ومشاكلها شديدة التعقيد والعسر، وهي بعد ذلك ذات أوجه متناقضة عند حلها يكون معها الآباء في مسيس الحاجة إلى أية معونة خارجية، مهما بلغت درجة تواضعها وبساطتها.

وقد كان طبيعياً: بعد أن استغنى الآباء المستنيرون عن المعتقدات الدينية، وضربوا بها عرض الحائط، أن يولوا وجوههم شطر مصدر جديد من مصادر المعونة. فلم يجدوا أمامهم سوى علم النفس الخاص بالأطفال، ولكن علم نفس الأطفال لم يكن بعد، على استعداد لتقديم المعونة لهم، لآن الثقة بهذا العلم لم تكن قد تعدت الثقة النظرية حتى ذلك الوقت. وكان البرهان العلمي حينذاك في مهده صغيراً برغم تعدد نظرياته.

ومن هنا بدأ الآباء يعتنقون هذه النظريات التي كان أبرزها أن العقوبة البدنية ضارة من الوجهة النفسية، وأنه من الأفضل إقناع الطفل بعمل شيء ما، لا إرغامه بالقوة والعنف عليه، وأنه لا يجوز كبت الطفل بل على العكس يجب منحه الفرصة كي يعبر عن ذاته .. وأنه يجب منح الأطفال علاوة منتظمة حتى يمكنهم إدراك قيمة المال، وأن بعض الأطفال يولدون بطبيعتهم عصبيين أو ذوى حساسية مرهفة، وعليه فلا يجوز إرغامهم على أن يفعلوا، ويعملوا ما يفعله ويعمله غيرهم.

وللأسف، لم يظهر أي برهان علمي أو نفسي يؤيد هذه النظريات، بل بالعكس ثبت أن كل هذه النظريات خاطئة)[35]

وهو إذ يهدم هذه الأفكار التي راجت باسم العلم يوماً ما، يرى ضرورة العودة إلى الدين، واتباع منهجه في تربية الأطفال وتهذيب سلوكهم، وتقويم أخلاقهم، فليس أصلح للطفل من أن تقول له: هذا حسن، لأن الله أمر به، وأنه يحبه ويرضاه ويثيب عليه بالجنة، وبأن هذا قبيح، لأن الله نهى عنه وأنه يبغضه ويسخطه، ويعاقب عليه بالنار.

ولهذا ينكر على الآباء الذين يتخلون عن هذه الطريقة المقنعة المقبولة إلى طرائق لم يثبت صحتها ولا نفعها فيقول:( فقد سمعنا الكثيرين من الآباء يرددون: انهم لا يبعثون بأولادهم إلى الدروس الدينية أو إلى محلات العبادة، حتى يصلوا إلى السن التي يدركون عندها ما يجري. غير أن ما يضايقهم، ويقض مضجعهم هو هذا السؤال:

ترى هل يكتسب هؤلاء الأولاد ذلك الشعور القوي الذي يمكنهم به أن يميزوا بين الخطأ والصواب؟ هل يؤمنون بتلك المثل الخلقية الواضحة التي آمنا بها منذ طفولتنا؟

لقد قلنا فيما مضى أن بعض الأعمال خطأ والبعض الآخر صواب، لأن الله سبحانه وتعالى قد بين ذلك، أو لأن كتابه قد أورد ذلك بمعنى آخر. وقد تكون هذه الطريقة فطرية بدائية، غير أنه مما لا شك فيه أن تأثيرها كان طيباً فقد عرفنا على الأقل الكثير عن طيب الأفعال وخبيثها. أما الآن فإننا لا نقول لأولادنا إلا أن هذا التصرف خطأ، وأن ذاك صواب، لأننا نرى ذلك، أو لأن المجتمع قد اتفق على ذلك. فهل لهذا الود من القوة والبيان ما لسابقه؟ وهل له مثل أثره وهل يكتسب أطفالنا القيم الخلقية الأساسية للحياة دون الحاجة إلى ضغط العقائد الدينية، تلك القيم التي نتقبلها ونسلم بها حتى بعد أن أصبحنا لا نسلم بمصدرها الإلهي؟)[36]

ويعود إلى ذلك حين يتحدث عن مقدار ما يسديه الدين من عون للآباء في تربية أبنائهم وتهذيبهم، وتكوين شخصياتهم الفاضلة فيقول :( وبديهي أن الأطفال يختلفون، سواء بطبيعتهم أم بحسب وراثتهم، ولكن مهما كانت هذه الطبيعة أو الوراثة طيبة جيدة، فإنه لا يمكن غرس العادات الأساسية بغير (النظام)، ولما كان استياء الطفل من النظام واتجاهه عكسياً، كلما حاولت إنماء العادات الطيبة فيه، أمراً لا مفر منه، كان من الواجب استخدام كل وسيلة ذات تأثير أو ذات صفة إرغامية، تساعد على الإسراع في اكتساب هذه العادات. والواقع أن معظم الآباء يكونون في أشد الحاجة إلى الاستعانة بنصائح غيرهم، في أثناء عملية غرس العادات المرغوبة في أطفالهم.

وإذا بحثنا من الناحيتين: العقلية والنفسية، وجدنا أن أعظم مصادر هذا العون هو الدين .. فالايمان بوجود الله ورسله وكتبه يهيئ للأبوين ملجأ أميناً موثوقاً به يلجئون إليه، ويضع بين أيديهم سلطة كبرى على أطفالهم كانوا يفتقرون إليها حتى لو لم يؤمنوا بها.

فإن هؤلاء الآباء الذين كانوا يتساءلون كيف ينمون عادات أولادهم الخلقية ويشكلونها، في حين تنقصهم هم أنفسهم تلك التأثيرات الدينية التي كانت قد شكلت أخلاقهم من قبل، كانوا في الحقيقة يجابهون مشكلة لا حل لها، فلم يوجد بعد ذلك البديل الكامل الذي يحل محل تلك القوة الهائلة التي يخلقها الإيمان بالخالق وبناموسه الخلقي الإلهي في قلوب الناس.

فتجد الآباء الذين تحرروا من الإيمان عن طريق ثقافتهم وأعمال فكرهم حيارى متسائلين على الدوام.

إذن كيف يتسنى لأولئك الحيارى أن يكونوا أنفسهم ملجأ لأولادهم؟

ففي حالة عدم وجود مثل هذا الملجأ الديني الموثوق به، لا يسع كل أب إلا أن يفكر ويمعن في التفكير: ويبحث ويطيل البحث قبل أن يبين لطفله مدى الخطأ والصواب، والخير والشر، في كل حالة من الحالات العديدة التي تصادفه يومياً، وفي كل عادة من العادات المختلفة مما يود غرسها في طفله.

وكلما كبر الطفل ونما، وكلما أصبح واقعاً تحت تأثير سلطات المجتمع المتضاربة المقاصد، المختلفة الميول والاتجاهات -كالمدرسة والجيران وزملائه وبلدته- زاد الأمر صعوبة، وأصبح أشد تعقداً، فالتربية واجب شاق. كما أن هذا الارتباك الكائن في عقول معظم الآباء هذه الأيام خير شاهد على صدق هذه الحقيقة.

فالدين هو القوة الوحيدة! التي يمكنها أن تعين الإنسان على حل تلك المشكلات الخلقية والعقلية التي لا مفر منها، والتي لا تفتأ تقض مضاجع الآباء والأبناء والمجتمع كله. ولن تجد في هذا العالم المضطرب، الذي لا تمضي فيه فترة حتى يثور الناس عنى السلطة القائمة محاولين تغييرها، غير الله وحده هو الحي الباقي الذي لا يتغير ولا يتبدل.

فذلك الطفل الذي اعتنق منذ طفولته المبكرة فكرة وجود الله بصفته المشرع الأعلى للخير والشر؛ يكون قد اكتسب الحافز الجوهري الذي سيدفعه حثيثاً نحو العادات الطيبة. فبدلاً من أن يقوم صرح أعماله على ما يحبه وما لا يحبه نراه يقوم على الصواب والخطأ. فهو قد يرى عدم إطاعة أمه يوماً ما، ولكنه يدرك جيداً أنه قد أخطأ، وهو قد لا يحب أن يعيد لأمه ما تبقى معه من نقود بعد أن اشترى لها مطالبها، ولكنه يعلم تماماً أن ذلك ليس بصواب، وهو قد لا يحب أيضاً أن يتنازل عن أنانيته مع زملائه في اللعب، لكنه يرغم نفسه على أن يفعل ذلك.

وطبيعي أن مثل هذه الطريقة ليست من السهولة أو البساطة بمكان، ولكنها سرعان ما تنمي فيهم عادة التمييز بين الدوافع الأنانية والشخصية، وبين العادات الطيبة، أو الاختصار بين اللذة وبين الشعور بالواجب.

فمما لا شك فيه أن تغلب المرء على كسله وبلادته، وقهره لدوافعه الطبيعية الكامنة فيه، هو الطريقة الصحيحة لاكتسابه العادات اللازمة للشخصية الناجحة فبقدر ما يفرضه الدين على الطفل من هذه الصفات الطيبة التي ينبغي له تعلمها يمضي الطفل حثيثاً إلى اكتساب صفات الشخصية الفاضلة) [37]

ويؤكد الدكتور (لنك) أن الدروس الدينية، والتردد على بيوت العبادة لها في نفس الصبي أعمق الأثر، وأطيب الثمرات، كما أثبتت ذلك التجارب والمقارنة بين الأطفال بعضهم وبعض.. وفي ذلك يقول :( ومهما بلغت المساوئ، التي نلمسها في أماكن العبادة، والاستماع إلى العظات الدينية، فإن هذه البيوت تساعدنا على غرس الأسس السليمة للخطأ والصواب، والأعمال الأنانية وغير الأنانية في نفوس الأطفال. كما أنها تساعد على غرس الإيمان بالله والاعتقاد في ناموسه الخلقي الإلهي كمصدر لتلك الأسس. ولذا فهي ذات فائدة عظمى للآباء والمجتمع، كي يبثوا الأسس الضرورية لتكوين الخلق القويم والشخصية الناجحة. وبناء على ذلك، ليس من المستغرب أن يدلنا الاختبار السابق الذكر على أن الطفل الذي يستمع إلى الدروس الدينية يتمتع بصفات شخصية أفضل ممن لا يحضرها، وأن الطفل الذي يذهب والداه إلى المعبد ذو شخصية أحسن من الطفل الذي لا يذهب والداه إليه.

وقد اتضح لي بعد دراسة كاملة لعشرة آلاف شخص، أن أولئك الذين يواظبون على الذهاب إلى دور العبادة، كانوا ذوى صفات شخصية أفضل ممن لا يذهبون) [38]

ولا يقتصر على ذلك، بل يلح على التبكير بإعطاء هذه الدروس للأطفال وأعوادهم غضة، ولو لم يفهموا كل ما يقال لهم، ويرى من الخطأ والخطر تأخير هذه الدروس الدينية إلى السن التي يفهمون فيها.

يقول: (إن الوقت الأمثل لتعليم الطفل كيف يخضع دوافعه لقيم عليا، هو السن التي يستطيع فيها أن يتقبل ما يقال له دون أن يفهمه.

فإذا استقر رأي الآباء على عدم إرسال أولادهم إلى الدروس الدينية، حتى يبلغوا السن التي يفهمون عندها ما يستمعون إليه، فهم في الحقيقة يتبعون مبدأ هاماً، لأن الوقت يكون قد فات لإصلاح ما فسد إذا بلغ الطفل السن التي يفهم بها كل ما حوله، فانه حينئذ يكون قد أضاع من عمره سنين ثمينة)[39]

ويختتم حديثه عن التربية والتعليم بقوله: (إن ميدان التعليم لفي مسيس الحاجة إلى جمع القيم والحقائق الأساسية التي تبحث في الطبيعة البشرية وتصنيفها، حتى يمكن المحافظة على تلك التقاليد النبيلة التي اكتسبها الجنس البشرى، ووضعها في المكان اللائق بها، وحتى يمكن إخضاع الغطرسة الفكرية لنظام الحياة غير الأنانية. ولن تجد ما يجمع بين تلك القيم الماضية القديمة والمثل الحاضرة الحديثة غير الدين) [40]

بعد أن ألقى علينا عبد الله هذه الكلمات توجه إلى يونسيف، وقال: هذه شهادة من بعض قومك على جدوى ما جاء به نبينا أوجهه إليك، وإلى من يفكر بالأسلوب الذي تفكر فيه.

أما نحن .. فقد حفظنا بفضل استظلالنا بأشعة شمسه r من الانحراف إلى أي قبلة غير القبلة التي وجهنا إليها ربنا، وأمرنا بالتوجه إليها .. وقام آباؤنا رغم فاقتهم وحاجتهم بها خير قيام.

لقد امتثلوا فينا أوامر الله التي يأمر فيها عباده بأن يحموا أنفسهم وأهليهم من أن تلتهمهم نيران الجاهليات، وبعدها نيران العذاب .. قال تعالى :﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ﴾ (التحريم:6)

وقد أخبر r عن مسؤولية الإنسان عن أهله وولده، قال r:( كلكم راع ومسئول عن رعيته, والرجل راع في أهله ومسئول عن رعيته)[41] 

وقد ترك r لآبائنا من الهدي ما جعلهم يمتلئون رحمة لنا في هذا الباب، كما امتلأوا رحمة في غيره[42].

ومن ذلك أمره r بتربية الأبناء على الصلاة .. وعلى الحرص عليها .. تطبيقا لقوله تعالى :﴿ وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى (132)﴾ (طه)

فقد قال رسول الله r يدعو الآباء للتشدد مع الأبناء في شأن الصلاة :( علموا الصبي الصلاة لسبع سنين واضربوه عليها ابن عشر سنين)[43]

 هنا قام يونسيف، وكأنه قد ظفر بضالته، وقال: ها .. ها .. ها هو يذكر دعوة محمد لضرب الصبيان.

ابتسم عبد الله، وقال: أرأيت – حضرة البروفيسور الكبير –  لو أن ولدك أصابه مرض استدعى أن يشرب دواء مرا .. أو يرتمي بين يدي جراح ليعمل سكينه في جسده الضعيف .. أترى ذلك قسوة؟

قال يونسيف: لا .. ولكن ما علاقة هذا بهذا؟

قال عبد الله: لقد أمر نبينا r الآباء أن يستعملوا كل الأساليب الهادئة المسالمة مع أبنائهم .. أمرهم بالحوار معهم لإقناعهم .. وأمرهم بموعظتهم .. وأمرهم بأن يكونوا قدوة صالحة لهم ..

فإذا استنفذ الآباء كل هذه الوسائل وغيرها أباح لهم استعمال الشدة المضبوطة بالضوابط الشرعية ..

انظر- حضرة البروفيسور – المسافة الزمنية بين الأمر بالصلاة، وبين الضرب على تركها ..

لقد أمر r الآباء أن يأمروهم لسبع .. ويدربوهم عليها من ذلك السن .. فإذا وصلوا إلى العشر، ولم يقتنعوا بالصلاة أو لم يحرصوا عليها أبيح لوالديهم حينذاك أن يستعملوا العنف المضبوط بالضوابط الشرعية.

قال يونسيف: وما علاقة هذا بالعملية الجراحية؟

قال عبد الله: أليس غرض العملية الجراحية أو الدواء المر هو استئصال مادة الشر من المريض؟

قال يونسيف: تستطيع أن تقول ذلك.

قال عبد الله: وهذا هو نفسه دور ذلك التنبيه الذي أباح الشرع للوالد أن يستعمله إذا ما اضطر إليه.

قال يونسيف: دعنا من هذا .. وأنا لا يهمني هذا كثيرا .. ولكن ألا ترى اقتصار الإسلام على الحث على الصلاة فقط قصورا تربويا.

قال عبد الله: لا .. الصلاة جزء من أجزاء الإسلام .. وركن من أركانها .. ولذلك فإن التربية التي جاء بها الإسلام وحث عليها الآباء وغيرهم أعظم من أن تنحصر في ذلك .. إنها تربية تشمل الحياة جميعا بجميع مناحيها.

قال يونسيف: فحدثنا عنها.

***

أخذ عبد الله يحدث يونسيف والحضور عن المعاني التربوية الكثيرة التي جاء بها الإسلام، والتي شملت مناحي الحياة المختلفة[44] إلى أن قال يونسيف من غير أن يشعر: إن ما تقوله عظيم .. لقد زرت كثيرا من البلاد، واطلعت على الكثير من الثقافات، واختطلت بكثير من الأديان .. لكني لم أر دينا ولا فكرا ولا ثقافة تحدثت عن هذا بهذا التفصيل الجميل.

ثم قام، وقال: اسمحوا لي – أيها الجمع – أن أقول لكم بكل صراحة: لقد جئت إلى هذه البلاد، وليس لي إلا همة واحدة هي اقتلاع الإسلام من قلوب هؤلاء الأبرياء .. ولذلك أسست هذه الدار، وملأتها بكل ما أطقته من المغريات.

لكني أرى أنه لا يقاوم هذ الدين شيء ..

وذلك لا يدل إلا على أنه دين الله ..

وأنا أشهدهم من هذا المحل استسلامي لهذا الإله العظيم الذي كنت أحاربه من حيث لا أشعر ..

وعلامة صدقي في إسلامي وتوبتي أن أجعل هذه الدار دارا للإسلام، ولتربية الأبناء على الإسلام .. عسى ذلك أن يقربني لربي، وأن يمسح تلك الذنوب التي رانت على قلبي منذ أخذت حربتي ورحت أحاربه.

قال ذلك بشوق عظيم .. وقد كبر الجمع بعدها صغارا وكبار .. وقد صحت معهم بالتكبير من حيث لا أشعر.. وقد تنزلت علي حينها أنوار جديدة اهتديت بها بعد ذلك إلى شمس محمد.

 

 

 

 

 

 



([1])  (اليونيسيف)  UNICEF هو الاسم الشائع لصندوق رعاية الطفولة التابع للأمم المتحدة. ويأتي الاسم من اختصار الاسم الأصلي لهذه الهيئة. وتساعد برامج اليونيسيف أطفال أكثر من مائة دولة بمعاونتها على حل مشاكل الصحة والجوع والتربية. وتوفر اليونيسيف المؤن لبرامج مكافحة الأمراض، ومراكز العناية اليومية، وللمراكز الصحية، ولخطط التغذية للمدارس ولمشروعات أخرى. كما توفر أيضًا المنح للمساعدة على تدريب الكادر اللازم للقيام بهذه الأعمال وللقيام بالتمريض والتدريس. وحصلت اليونيسيف على جائزة نوبل للسلام عام 1965م على أعمالها في مساعدة الطفولة.

وقد قامت اليونيسيف، عند إنشائها في عام 1946م، بتقديم الغذاء والملبس والغطاء والدواء للأطفال المحتاجين، بعد الحرب العالمية الثانية (1939-1945م). وبعد ذلك اعتمدت اليونيسيف كليًا على التبرعات الطوعية. ويأتي ثلاثة أرباع دخلها تقريبًا من الحكومات المختلفة. أما الباقي، فيأتي من المنظمات والأفراد من خلال بيع بطاقات المناسبات وغير ذلك من حملات تعزيز الاحتياطي المالي. (انظر: الموسوعة العربية العالمية)

([2])  طبعا الحديث لم يرد بهذه الصيغة، ولكن المستشرقين والمبشرين كما هو معلوم يحرفون الكلم عن مواضعه، فيقتصون من النصوص ما يتناسب مع أغراضهم.

([3])  نشير بالأسماء التي نذكرها هنا إلى بعض أسماء صحابة رسول الله r من صغار السن.

([4])  هو أسامة بن زيد بن حارثة أمه أم أيمن وكان أسود أفطس . أردفه رسول الله r خلفه يوم الفتح على راحلته القصواء واستعمله وهو ابن ثماني عشرة سنة .. روي له عن رسول الله 128 حديثا وروى عنه ابن عباس وجماعة من كبار التابعين وكانت وفاته بالمدينة وقيل بوادي القرى وحمل إلى المدينة سنة 54 هـ .

([5])  هو (توماس روبرت مالتوس) Malthus, Thomas Robert (1766 - 1834م). اقتصادي بريطاني، اشتهر بمقالته عن مبادئ علم السكان سنة 1798م.. وتقوم فكرته الأساسية في هذا الكتاب على أن أعداد السكان في العالم تميل إلى الزيادة، بينما كميات الطعام تقل.. كما كان يعتقد أن الحروب والأمراض ستفتك بالأعداد الزائدة من البشر، ما لم يتم تحديد النسل.

وُلدَ مالتوس في مدينة سري ببريطانيا، وكان يرغب في أن يكون رجل دين، إلا أنه بعد تخرجه في جامعة كمبردج عمل أستاذًا للتاريخ والاقتصاد السياسي في كلية شركة الهند الشرقية عام 1805م وبقي في هذه الوظيفة إلى أن توفي.

وأوحت مقالة مالتوس المذكورة إلى تشارلز داروين فكرة العلاقة بين التطوّر والبقاء للأصلح.. وقد فشلت تنبؤات مالتوس في التحقق خلال القرن التاسع عشر، حيث أمكن عن طريق وسائل الزراعة المتقدمة إنتاج الطعام الكافي لمعظم الناس، إلا أن الزيادة المطردة في أعداد السكان في العالم في القرن العشرين وخاصة في الدول النامية أدت إلى التنبيه إلى أفكار مالتوس من جديد، حيث حذر معظم المحافظين من أن إنتاج الطعام قد لا يواكب أعداد السكان. ونتيجة لذلك فقد حث أنصار المالتوسية المحدثة على تنظيم النسل حلاً لهذه المشكلة، على الرغم من أن مالتوس نفسه كان يرفض هذا الحل. (انظر: الموسوعة العربية العالمية)

([6])  انظر: أصول الأمن الغذائي في القرآن والسنة، للأستاذ : السيد علي أحمد الصوري، موقع الإعجاز العلمي في القرآن والسنة.

([7])  رواه البخاري ومسلم.

([8])  هذا في رواية النسائي والترمذي للحديث.

([9])  رواه أبو داود والنسائي.

([10])  وقد نقل الإجماع على ذلك، قال ابن المنذر: (أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم , على أن في الجنين , يسقط حيا من الضرب , دية كاملة , منهم ; زيد بن ثابت , وعروة , والزهري , والشعبي , وقتادة , وابن شبرمة , ومالك , والشافعي , وإسحاق, وأبو ثور , وأصحاب الرأي) (انظر كتابنا (حقوق الأولاد النفسية والصحية) من سلسلة (فقه الأسرة برؤية مقاصدية)

([11])   مصنف عبد الرزاق: 9/458، وانظر: نصب الراية: 4/398.

([12])  الإحصائيات كما ذكرنا مرات كثيرة تخضع للزمن الذي كتبت فيه .. ونحن لا تهمنا هنا الأعداد بقدر ما تهمنا الحقائق التي تتضمنها.

([13])  النغير: طائر يشبه العصفور أحمر المنقار، ويجمع على نغران.

([14])  رواه البخاري.

([15])   رجعنا للمعلومات العلمية في هذا المطلب إلى كتاب (مع الطب في القرآن الكريم) للدكتور عبد الحميد دياب، والدكتور أحمد قرقوز، مؤسسة علوم القرآن، دمشق.

([16])   أ. فاطمة موسى، أستاذ الطب النفسي، طب القصر العيني – جامعة القاهرة.

([17])  انظر التفاصيل الفقهية المرتبطة بهذا في كتابنا (حقوق الأولاد النفسية والصحية) من سلسلة (فقه الأسرة برؤية مقاصدية)

([18])  من المراجع التي رجعنا إليها في هذا: قبسات من الطب النبوي باختصار، الأربعون العلمية، عبد الحميد محمود طهماز.. د. محمد علي البار،  الختان، دار المنار .. د. حسان شمسي باشا: أسرار الختان تتجلى في الطب والشريعة  ابن النفيس  دمشق.

([19])   البروفسور ويزويل عن مجلة Amer.Famil J. Physician.

([20])  سنتحدث عن بعض التفاصيل المرتبطة بهذا في فصل (المتألمون) من هذه الرسالة.

([21])  رواه الترمذي، وقال: هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه.

([22])  رواه أحمد والنسائي والحاكم وغيرهم.

([23])  رواه أحمد وابن حبان والحاكم.

([24])  رواه البخاري.

([25])  رواه البخاري ومسلم.

([26])  رواه ابن ماجه.

([27])  رواه مسلم.

([28])  رواه مسلم.

([29])  رواه البخاري ومسلم.

([30])  رواه أبو داود وغيره.

([31])  رواه مسلم.

([32])  رواه أحمد.

([33])   الترمذي، وقال: حديث حسن صحيح.

([34])  رجعنا في هذه النقول التي نذكرها هنا والتعليقات عليها إلى كتاب (الإيمان والحياة) للدكتور يوسف القرضاوي.

([35])  العودة إلى الإيمان: 113.

([36])  العودة إلى الإيمان: 110.

([37])  العودة إلى الإيمان: 119.

([38])  العودة إلى الإيمان: 123.

([39])  العودة إلى الإيمان: 130.

([40])  العودة إلى الإيمان: 181.

([41])  رواه البخاري ومسلم.

([42])  ذكرنا التفاصيل الكثيرة المرتبطة بهذا في كتاب خاص من سلسلة (فقه الأسرة برؤية مقاصدية) بعنوان (الأبعاد الشرعية لتربية الأولاد)

([43])  رواه أبو داود والترمذي وغيرهما بأسانيد صحيحة. قال الترمذي: هو حديث حسن , ولفظ أبي داود: (مروا الصبي بالصلاة إذا بلغ سبع سنين , وإذا بلغ عشر سنين فاضربوه  عليها)

([44])  لم نشأ أن نتحدث عن ذلك هنا باعتبار أن لنا كتابا خاصا في هذا الموضوع، وهو (الأبعاد الشرعية لتربية الأولاد)، وهو من سلسلة (فقه الأسرة برؤية مقاصدية)