الصفحة السابقة

العودة للصفحة الرئيسية

الصفحة التالية

المؤلف: نور الدين أبو لحية

العودة للكتاب: العلاج الشرعي للخلافات الزوجية

الناشر: دار الكتاب الحديث

الفهرس

ثالثا ـ العلاج التأديبي للخلافات الزوجية

تعريف التأديب :

طرق تأديب الزوجة :

1 ـ الوعظ

2 ـ الهجر في المضجع

الترجيح:

3 ـ الضرب غير المبرح

الضرر الناتج عن التأديب المعتاد 

ثالثا ـ العلاج التأديبي للخلافات الزوجية

تعريف التأديب :

لغة: تفعيل من الأَدَبُ، وهو الذي يَتَأَدَّبُ به الأَديبُ من الناس؛ وسُمِّيَ أَدباً لأَنه يَأْدِبُ الناسَ إِلـى الـمَـحامِد، ويَنْهاهم عن الـمقَابح. وأَصل الأَدْبِ الدُّعاءُ، ومنه قـيل للصَّنِـيع يُدْعَى إِلـيه الناسُ: مَدْعاةٌ ومَأْدُبَةٌ. ابن بُزْرج: لقد أَدُبْتُ أَدَباً حسناً، وأَنت أَدِيبٌ. وقال أَبو زيد:  أَدُبَ   الرَّجلُ يَأْدُبُ أَدَباً، فهو أَدِيبٌ، وأَرُبَ يَأْرُبُ أَرَابَةً وأَرَباً، فـي العَقْلِ، فهو أَرِيبٌ. غيره: الأَدَبُ: أَدَبُ النَّفْسِ والدَّرْسِ. والأَدَبُ: الظَّرْفُ وحُسْنُ التَّناوُلِ. وأَدُبَ، بالضم، فهو أَدِيبٌ، من قوم أُدَباءَ. وأَدَّبه فَتأدب: عَلَّـمه[1].

اصطلاحا: نريد بالتأديب هنا هو تلك الخطوات التي يمارسها الزوج تجاه زوجته في حال نشوزها[2].

طرق تأديب الزوجة :

اتفق الفقهاء على جواز تأديب الزوج زوجته فيما يتعلق بحقوقه الزوجية , واتفقوا على أنه غير واجب لقوله تعالى:﴿ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا﴾ (النساء:34) فقد نصت الآية على طرق التأديب الثلاثة التي سنفصل أحكامها في هذا المطلب، ونصت كذلك على أن هذه الطرق لا يتأنى بها إلى تفاقم الخلاف، بل تبدأ مع أول ظهور أماراته، فلذلك عبر بالخوف من النشوز.

يقول سيد قطب:(والمنهج الإسلامي لا ينتظر حتى يقع النشوز بالفعل، وتعلن راية العصيان ؛ وتسقط مهابة القوامة ؛ وتنقسم المؤسسة إلى معسكرين، فالعلاج حين ينتهي الأمر إلى هذا الوضع قلما يجدي. ولا بد من المبادرة في علاج مبادئ النشوز قبل استفحاله، لأن مآله إلى فساد في هذه المنظمة الخطيرة، لا يستقر معه سكن ولا طمأنينة، ولا تصلح معه تربية ولا إعداد للناشئين في المحضن الخطير. ومآله بعد ذلك إلى تصدع وانهيار ودمار للمؤسسة كلها ؛ وتشرد للناشئين فيها ؛ أو تربيتهم بين عوامل هدامة مفضية إلى الأمراض النفسية والعصبية والبدنية)

وننبه كذلك إلى أن هذه الطرق مبنية على ما سبق ذكره من وفاء الرجل بحقوق زوجته عليه، وما تتطلبه الحياة الزوجية من واجبات، وبذلك يمكن تصور الضرر الناتج له بعد إرهاقه بكل تلك التكاليف، فإذا تعالت عليه زوجته بعد ذلك لم يكن هناك من حرج عليه في تأديبها بما نص عليه الشرع من وسائل التأديب، خاصة إن كان ذلك منها تعاليا وكبرا، وطعنا في أخص حقوقه عليها، وهي مرتبة[3] كما يلي:

1 ـ الوعظ

وهو[4] الكلام اللين الطيب الذي يخاطب به الزوج عقل زوجته وقلبها، محاولا صدها عن التعالي الذي تتعامل به معه، ويختلف الوعظ بحسب نوع النشوز، وبحسب الموضوع الذي يريد أن يؤدبها فيه، ويختلف منهجه كذلك بحسب معرفته بطبيعتها، ولذلك يحتاج الزوج إلى تعلم كل ذلك لتطبيق هذا الأمر الإلهي، فهو من العلم المفروض على الأزواج، حتى لا يبادروا لطرق التأديب الأخرى قبل المرور بهذا الطريق.

يقول محمد حسين فضل الله :(هذا هو الأسلوب الأول الذي أراد الإسلام من خلاله للأزواج أن يعالجوا حالة التمرد الحاصلة من الزوج على الحقوق الزوجية، وهو أسلوب الوعظ، وذلك باتباع الأساليب الفكرية والروحية التي تحذرها من نتائج عملها على الصعيد الدنيوي والأخروي، فيخوفها من عقاب الله تعالى على معصيته فيما أوجبه عليها من حقوق الزوج، ومن أداء ذلك إلى تهديم الحياة) [5]

ثم ينص على وجوب الدراسة المتأنية لطريقة الوعظ وموضوعه وأسلوبه والذي يتفق مع حاجة المرأة، فقال :(وتختلف أساليب باختلاف ذهنية الزوجة من ناحية فكرية وروحية وعاطفية، فلا بد من دراسة ذلك كله مع ملاحظة نقاط الضعف والقوة في شخصيتها الذاتية والدينية، ثم مواجهة الموقف بما يتطلبه من حكمة ومرونة وتخطيط زمني للمراحل اللازمة للوصول إلى قناعتها والتزامها، لأن بعض الحالات قد تحتاج إلى وقت طويل، فلا يكتفي الإنسان بالكلمة العابرة المرتجلة كما يفعله بعض الناس الذين يعالجون مثل هذه الحالات بالكلمات التقليدية التي يطلقونها بطريقة جافة لا روح فيها ولا حياة)[6]

وقد ذكر الفقهاء اختصارا بعض ما ينبغي أن يقوله لها، وسنذكر ذلك هنا من باب التمثيل لا من باب لزوم التطبيق، فالأمر في ذلك موكول للزوج، وبحسب طبيعة الزوجة:

يقول القرطبي :(هو أن يذكر الرجل زوجته ما أوجب الله عليها من حسن الصحبة وجميل العشرة للزوج والاعتراف بالدرجة التي له عليها، فيقول لها مثلا :(إن النبي - صلى الله عليه وسلم -  قال لو أمرت أحدا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها، وقال: لا تمنعه نفسها وإن كانت على ظهر قتب، وقال: أيما امرأة باتت هاجرة فراش زوجها لعنتها الملائكة حتى تصبح في رواية حتى تراجع وتضع يدها في يده وما كان مثل هذا) [7]

ويقول ابن قدامة :(هو التذكير بالله في الترغيب لما عنده من ثواب , والتخويف لما لديه من عقاب , إلى ما يتبع ذلك مما يعرفها به من حسن الأدب في إجمال العشرة , والوفاء بذمام الصحبة , والقيام بحقوق الطاعة للزوج , والاعتراف بالدرجة التي له عليها) [8]

قال الكاساني :(ويقول لها: كوني من الصالحات القانتات الحافظات للغيب ولا تكوني من كذا وكذا) [9]

2 ـ الهجر في المضجع

اختلف الفقهاء والمفسرون في معنى الهجر في المضجع على أقوال كثيرة، منها[10]:

القول الأول: الهجر في المضاجع هو أن يضاجعها ويوليها ظهره ولا يجامعها، وهو قول ابن عباس وغيره.

القول الثاني: اجتناب المضجع، وهو قول مجاهد وإبراهيم النخعي والشعبي وقتادة والحسن البصري ورواه ابن وهب وابن القاسم عن مالك، واستدلوا على ذلك بما يلي:

أن الهجر من الهجران وهو البعد يقال هجره أي تباعد ونأى عنه ولا يمكن بعدها إلا بترك مضاجعتها.

أن الزوج بالإعراض عن فراشها يعرف سبب عدم طاعتها له، فإن كانت محبة له، فإن ذلك يشق عليها فترجع للصلاح، وإن كانت مبغضة يظهر النشوز، فيتبين أن النشوز من قبلها.

روى ابن وهب عن مالك أنه قال في تفسير الآية: بلغنا أن عمر بن عبد العزيز كان له نساء فكان يغاضب بعضهن , فإذا كانت ليلتها يفرش في حجرتها وتبيت هي في بيتها  فقلت لمالك: وذلك له واسع ؟ قال: نعم , وذلك في كتاب الله تعالى: ﴿ واهجروهن في المضاجع﴾

القول الثالث: غلظوا عليهن في القول وضاجعوهن للجماع، وهو قول ابن عباس وسفيان الثوري، على اعتبار اهجروهن من الهجر وهو القبيح من الكلام.

القول الرابع: روى الطبري في معنى الهجر قولا شاذا هو شدوهن وثاقا في بيوتهن، وقد اختار هذا القول مستدلا له بما يلي[11]:

من اللغة: أن معنى الهجر في كلام العرب محصور في ثلاثة أوجه، وقد ناقش هذه الأوجه جميعا، وببن انحصار المعنى فيما اختاره، ولا بأس لذكر مناقشته هنا لما لها من أهمية في مناقشة الأقوال الأخرى:

المعنى الأول: يقال هجر الرجل كلام الرجل وحديثه وهو رفضه وتركه يقال منه هجر فلان أهله يهجرها هجرا وهجرانا.

المعنى الثاني: الإكثار من الكلام بترديد كهيئة كلام الهازئ، يقال منه هجر فلان في كلامه يهجر هجرا إذا هذى ومدد الكلمة وما زالت تلك هجيراه وإهجيراه.

المعنى الثالث: يقال هجر البعير إذا ربطه صاحبه بالهجار وهو حبل يربط في حقويها ورسغها، ومنه قول امرىء القيس:

رأت هلكا بنجاف الغبيط         فكادت تجد لذاك الهجارا

وقد ناقش المعاني الثلاثة والقائلين بها، فقال :(فإذ كان لا وجه للهجر في الكلام إلا أحد المعاني الثلاثة، وكانت المرأة المخوف نشوزها إنما أمر زوجها بوعظها لتنيب إلى طاعته فيما يجب عليها له من موافاته عند دعائه إياها إلى فراشه فغير جائز أن تكون عظته لذلك ثم تصير المرأة إلى أمر الله وطاعة زوجها في ذلك، ثم يكون الزوج مأمورا بهجرها في الأمر الذي كانت عظته إياها عليه، وإذ كان ذلك كذلك بطل قول من قال معنى قوله واهجروهن في المضاجع واهجروا جماعهن) [12]

وناقش تفسير الهجر بالرفض، بأنه لا وجه له مفهوم لأن الله I  قد أخبر على لسان نبيه - صلى الله عليه وسلم - أنه لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث، ولو كان ذلك حلالا لم يكن لهجرها في الكلام معنى مفهوما، لأنها إذا كانت عنه منصرفة وعليه ناشزا فمن سرورها أن لا يكلمها ولا يراها ولا تراه، فكيف يؤمر الرجل في حال بغض امرأته إياه وانصرافها عنه بترك ما في تركه سرورها من ترك جماعها ومجاذبتها وتكليمها، وهو يؤمر بضربها لترتدع عما هي عليه من ترك طاعته إذا دعاها إلى فراشه وغير ذلك مما يلزمها طاعته.

وناقش تفسير الهجر بمعنى رددوا عليهن كلامكم إذا كلمتموهن بالتغليظ لهن، بأنه لو كان ذلك معناه فإنه لا وجه لإعمال الهجر في كناية أسماء النساء الناشزات، لأنه إذا أريد به ذلك المعنى كان الفعل غير واقع، لأنه إنما يقال هجر فلان في كلامه ولا يقال هجر فلان فلانا.

وبعد مناقشته للأقوال السابقة رجح ما اختاره وهو ما عبر عنه بقوله:(فإذا كان في كل هذه المعاني ما ذكرنا من الخلل اللاحق، فأولى الأقوال بالصواب في ذلك أن يكون قوله واهجروهن موجها معناه إلى معنى الربط بالهجار، وإذا كان ذلك معناه كان تأويل الكلام واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن في نشوزهن عليكم، فإن اتعظن فلا سبيل لكم عليهن، وإن أبين الأوبة من نشوزهن فاستوثقوا منهن رباطا في مضاجعهن يعني في منازلهن وبيوتهن التي يضطجعن فيها ويضاجعن فيها أزواجهن) [13]

من السنة :حديث غريب رواه ابن وهب عن مالك أن أسماء بنت أبي بكر الصديق امرأة الزبير بن العوام كانت تخرج، حتى عوتب في ذلك قال: وعتب عليها وعلى ضرتها، فعقد شعر واحدة بالأخرى، ثم ضربهما ضربا شديدا، وكانت الضرة أحسن اتقاء، وكانت أسماء لا تتقي فكان الضرب بها أكثر، فشكت إلى أبيها أبي بكر - رضي الله عنه -   فقال لها: أي بنية اصبري، فإن الزبير رجل صالح ،ولعله أن يكون زوجك في الجنة، ولقد بلغني أن الرجل إذا ابتكر بامرأة تزوجها في الجنة) [14] 

الترجيح:

نرى أن الأرجح في المسألة هو أن الأقوال الثلاثة الأولى غير متعارضة، ويمكن تطبيقها جميعا إما كمراتب مختلفة يبدأ بالأهون ليترقى منه إلى ما فوقه، أو كمعاملة تختلف باختلاف الزوجات، وبهذا يمكن ضم كل ما يمكن أن يكون هجرا غير ما ذكر من الأقوال.

وقد ذكر سيد العلة الجامعة لهذا النوع من التأديب والحكمة منه بقوله :(والمضجع موضع الإغراء والجاذبية، التي تبلغ فيها المرأة الناشز المتعالية قمة سلطانها. فإذا استطاع الرجل أن يقهر دوافعه تجاه هذا الإغراء، فقد أسقط من يد المرأة الناشز أمضى أسلحتها التي تعتز بها. وكانت - في الغالب - أميل إلى التراجع والملاينة، أمام هذا الصمود من رجلها، وأمام بروز خاصية قوة الإرادة والشخصية فيه، في أحرج مواضعها) [15]

ومع ذلك ينبغي أن يكون هذا النوع من الأدب مؤدبا بالآداب الشرعية، وإلا احتاج هو نفسه إلى تأديب، يقول سيد :(على أن هناك أدبًا معينًا في هذا الإجراء.. إجراء الهجر في المضاجع.. وهو ألا يكون هجرًا ظاهرًا في غير مكان خلوة الزوجين.. لا يكون هجرًا أمام الأطفال، يورث نفوسهم شرًا وفسادًا.. ولا هجرًا أمام الغرباء يذل الزوجة أو يستثير كرامتها، فتزداد نشوزًا، فالمقصود علاج النشوز لا إذلال الزوجة، ولا إفساد الأطفال، وكلا الهدفين يبدو أنه مقصود من هذا الإجراء) [16]

أما ما ذكره الطبري، فيحتاج إلى أدلة أكثر من الأدلة التي ذكرها، لأن اللغة حمالة وجوه، ولا يصح الاعتماد عليها وحدها في التفسير، وخاصة في أمر تتعلق به الأحكام الشرعية زيادة على المخالفة الواضحة للمقاصد الشرعية في هذا القول، فهو يزيد طينة الحلاف بلة.

ولهذا بالغ العلماء في الرد على ما اختاره الطبري، ومما قاله ابن العربي: (يا لها هفوة من عالم بالقرآن والسنة..وعجبا له مع تبحره في العلوم وفي لغة العرب كيف بعد عليه صواب القول , وحاد عن سداد النظر) [17]

ثم ناقش المسألة بنفس الأسلوب الذي ناقش به الطبري أقوال المخالفين له، قال :(نظرنا في موارد " هـ ج ر " في لسان العرب على هذا النظام فوجدناها سبعة: ضد الوصل. ما لا ينبغي من القول. مجانبة الشيء , ومنه الهجرة. هذيان المريض. انتصاف النهار. الشاب الحسن. الحبل الذي يشد في حقو البعير ثم يشد في أحد رسغيه) [18]

ثم بعد البحث عن وجوه الاشترك بين هذه المعاني قال :(ونظرنا في هذه الموارد فألفيناها تدور على حرف واحد وهو البعد عن الشيء، فالهجر قد بعد عن الوصل الذي ينبغي من الألفة وجميل الصحبة , وما لا ينبغي من القول قد بعد عن الصواب , ومجانبة الشيء بعد منه وأخذ في جانب آخر عنه , وهذيان المريض قد بعد عن نظام الكلام , وانتصاف النهار قد بعد عن طرفيه المحمودين في اعتدال الهواء وإمكان التصرف. والشاب الحسن قد بعد عن العاب , والحبل الذي يشد به البعير قد أبعده عن استرساله في تصرفه واسترسال ما ربط عن تقلقله وتحركه) [19]

وانطلاقا من هذا التحليل اللغوي لكلمة الهجر، قال:(إذا ثبت هذا , وكان مرجع الجميع إلى البعد فمعنى الآية: (أبعدوهن في المضاجع)

ثم ناقش الأقوال في المسألة انطلاقا من هذا المعنى، فقال :(فالذي قال: يوليها ظهره جعل المضجع ظرفا للهجر , وأخذ القول على أظهر الظاهر , وهو حبر الأمة , وهو حمل الأمر على الأقل , والذي قال يهجرها في الكلام حمل الأمر على الأكثر الموفي , فقال: لا يكلمها ولا يضاجعها , ويكون هذا القول كما يقول: اهجره في الله , وهذا هو أصل مالك، والذي قال: لا يكلمها، وإن وطئها فصرفه نظره إلى أن جعل الأقل في الكلام , وإذا وقع الجماع فترك الكلام سخافة) [20]

3 ـ الضرب غير المبرح

وهي[21]  الوسيلة الأخيرة من وسائل التأديب، ولا يلجأ إليها إلا في حال الضرورة، ومع من يصلح له ذلك من النساء، فالحكم الشرعي في تأديب الزوجة عند نشوزها هو أن يبدأ بالموعظة أولا ثم بالهجران، فإن لم ينجعا فقد أباح الشرع من باب الرخصة[22] اللجوء إلى هذه الوسيلة مع اعتبارها غير محبذة في الشرع وقاصرة على حال الضرورة ومقيدة بقيود كثيرة وفي ظروف معينة.

وقد نص على هذه الوسيلة في قوله تعالى :﴿ واضربوهن ﴾، والضرب في هذه الآية هو ضرب الأدب غير المبرح، وهو الذي لا يكسر عظما ولا يشين جارحة، لأن المقصود منه الصلاح لا غير، وقد عبر - صلى الله عليه وسلم - عن هذه الرخصة بقوله:(اتقوا الله في النساء فإنكم أخذتموهن بأمانة الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله ولكم عليهن ألا يوطئن فرشكم أحدا تكرهونه فإن فعلن فاضربوهن ضربا غير مبرح) [23]

وقد فصل هذا الحديث وفسر بقوله - صلى الله عليه وسلم - في خطبته بحجة الوداع :(ألا واستوصوا بالنساء خيرا فإنهن عوان عندكم ليس تملكون منهن شيئا غير ذلك إلا أن ياتين بفاحشة مبينة[24]، فإن فعلن فاهجروهن في المضاجع ،واضربوهن ضربا غير مبرح، فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا ألا إن لكم على نسائكم حقا ولنسائكم عليكم حقا فأما حقكم على نسائكم فلا يوطئن فرشكم من تكرهون، ولايأذن في بيوتكم من تكرهون، ألا وحقهن عليكم أن تحسنوا إليهن في كسوتهن وطعامهن) [25]

ونلاحظ أن كل النصوص التي رخصت في الضرب حثت على الإحسان للزوجة واحترامها واعتبار العلاقة بها علاقة في الله وبكلمة الله، ثم قصرت إباحة الضرب على المعصية وقيدت المعصية على الأمر الكبير الخطير الذي تأنف منه الطباع، وهو أن تدخل المرأة الأجانب لبيت زوجها من غير إذنه[26]، ثم قيدت الضرب بكونه غير مبرح ،وفسر بما لا يشين ولا يدمي، وفسرت وسيلته بالسواك ونحوه.

أما الآية الوحيدة التي وردت فيها هذه الرخصة، فقد جعلت الضرب هو الوسيلة النهائية لامرأة لم يجد معها القول الرقيق الواعظ، ولا السلوك الذي يمس صميم مشاعر المرأة، فلم يبق مع هذه المرأة التي لم يستجب عقلها ولا قلبها إلا اللجوء إلى هذه الوسيلة كحل ضروري مؤقت ومحدد، وقد ختمت الآية بنهي وفاصلة وكلاهما توجيه شديد للرجل بعدم الظلم والتعدي :

أما النهي فقوله تعالى:﴿ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا﴾(النساء:34)يقول القرطبي تفسيره:(أي لا تجنوا عليهن بقول أو فعل وهذا نهى عن ظلمهن بعد تقرير الفضل عليهن والتمكين من أدبهن، وقيل المعنى لا تكلفوهن الحب لكم فإنه ليس إليهن) [27]

ثم جاءت الفاصلة القرآنية بقوله تعالى :﴿ إن الله كان عليا كبيرا ﴾ إشارة إلى الأزواج بخفض الجناح ولين الجانب، أي (إن كنتم تقدرون عليهن فتذكروا قدرة الله فيده بالقدرة فوق كل يد فلا يستعل أحد على امرأته فالله بالمرصاد فلذلك حسن الإتصاف هنا بالعلو والكبر) [28]

ويجب أن يكون الضرب غير مبرح , وغير مدم , وأن يتوقى فيه الوجه والأماكن المخوفة , لأن المقصود منه التأديب لا الإتلاف، وقد اشترط الحنابلة ألا يجاوز به عشرة أسواط لقوله - صلى الله عليه وسلم -: (لا يجلد أحد فوق عشرة أسواط إلا في حد من حدود الله) [29]

زيادة على هذا، فقد ورد في النصوص ما ينفر عن الضرب، ويعتبره نقصا في الرجل، لأن عجزه في الوسيلتين الأوليتين دليل على هذا القصور، فعن عائشة، رضي الله عنها، قالت :(ما ضرب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -  شيئا قط بيده ولا امرأة ولا خادما إلا أن يجاهد في سبيل الله، وما نيل منه شيء قط فينتقم من صاحبه إلا أن ينتهك شيء من محارم الله فينتقم لله تعالى) [30]، فهذا بيان أن الضرب مخالف لسلوك القدوة، وهو ما يدعو أصحاب النفوس المترفعة الباحثة عن الكمال إلى اجتنابه.

وقد حذر - صلى الله عليه وسلم - من ذلك في حديث آخر موحيا أعظم الإيحاء بمبلغ كراهية استعمال هذه الوسيلة، فعنه - صلى الله عليه وسلم - أنه ذكر النساء فوعظ فيهن، ثم قال:(إلام يجلد أحدكم امرأته جلد الأمة ـ أو جلد العبد ـ ولعله يضاجعها من آخر يومه) [31]

وفي حديث آخر ذكر فيه - صلى الله عليه وسلم - حقوق الزوجة على زوجها اعتبر - صلى الله عليه وسلم - اجتناب ضربها من حقوقها عليه  فعن معاوية القشيري قال:  أتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -  ،فقلت: ما تقول في نسائنا؟ قال: أطعموهن مما تأكلون واكسوهن مما تكتسون ولا تضربوهن ولا تقبحوهن[32].

وفي حديث آخر تصريح بموضع الرخصة من استعمال هذه الوسيلة، وبيان لنقص من يستعملها، وهو إشارة إلى أن استعمالها قصور بشري لا وسيلة شرعية، فعن إياس بن عبد الله بن أبي ذباب قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لا تضربوا إماء الله، فجاء عمر إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال:ذئرن[33] النساء على أزواجهن، فرخص في ضربهن، فأطاف بآل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -  نساء كثير يشكون أزواجهن، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - :(لقد طاف بآل محمد نساء كثير يشكون أزواجهن ليس أولئك بخياركم) [34]

وفي حديث آخر يدعو - صلى الله عليه وسلم - على من يضرب زوجته مع أنه - صلى الله عليه وسلم - لا يدعو إلا على من بالغ في الظلم والعتو والتجبر، فعن علي - رضي الله عنه -   أن امرأة الوليد بن عقبة أتت النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقالت: يا رسول الله إن الوليد يضربها ،فقال: قولي له قد أجارني، قال علي - رضي الله عنه - : فلم تلبث إلا يسيرا حتى رجعت، فقالت:ما زادني إلا ضربا، فأخذ - صلى الله عليه وسلم - هدبة من ثوبه فدفعها إليها، وقال :قولي له إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -  قد أجارني، فلم تلبث إلا يسيرا حتى رجعت، فقالت: ما زادني إلا ضربا، فرفع - صلى الله عليه وسلم - يديه وقال: اللهم عليك الوليد أثم بي مرتين[35].

وللتحذير من استعمال هذه الوسيلة أجازت سنة النبي - صلى الله عليه وسلم - الفعلية التحذير من التزويج لمن لا يملك نفسه أمام عتوها، فيضرب زوجته، قالت فاطمة بنت قيس :قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -  إذا أحللت فآذنيني، فآذنته فخطبها معاوية بن أبي سفيان وأبو الجهم وأسامة بن زيد، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أما معاوية فرجل ترب لا مال له، وأما أبو الجهم فرجل ضراب للنساء) [36]

ولهذه النصوص وغيرها، فإن إطلاق القول بالإباحة خطأ عظيم، لأنه إما أن يكون تشجيعا للأزواج على استعمال هذه الوسيلة، ولو في غير محلها، أو إساءة لدين الله تعالى، دين الرحمة والسماحة، ليتخذ ذلك الجهلة ذريعة لغرس الشبهات.

ولهذا فإن القول باعتبار الأصل في الضرب التحريم هو الأولى، ليبقى للرخصة بعد ذلك محلها من قاعدة (الضرورات تبيح المحظورات)، وقد قال بنحو هذا عطاء، فقد قال :(لا يضربها وإن أمرها ونهاها فلم تطعه , ولكن يغضب عليها)، وقد علق على هذا ابن العربي بقوله :(هذا من فقه عطاء , فإنه من فهمه بالشريعة ووقوفه على مظان الاجتهاد علم أن الأمر بالضرب هاهنا أمر إباحة , ووقف على الكراهية من طريق أخرى في قول النبي - صلى الله عليه وسلم - في حديث عبد الله بن زمعة: (إني لأكره للرجل يضرب أمته عند غضبه , ولعله أن يضاجعها من يومه) وروى ابن نافع عن مالك عن يحيى بن سعيد أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - استؤذن في ضرب النساء , فقال: اضربوا , ولن يضرب خياركم، فأباح وندب إلى الترك، وإن في الهجر لغاية الأدب) [37]

ثم بين ما ذكرناه من محدودية هذه الرخصة، فقال :(والذي عندي أن الرجال والنساء لا يستوون في ذلك ; فإن العبد يقرع بالعصا والحر تكفيه الإشارة ; ومن النساء , بل من الرجال من لا يقيمه إلا الأدب , فإذا علم ذلك الرجل فله أن يؤدب , وإن ترك فهو أفضل) [38]

لكن بعد هذا ،ومع كل هذا قد نجد من يتخذ هذه الوسيلة سبيلا لرمي الإسلام بما امتلأ في قلبه من حقد، ويتصور ما يسمى بتسلط الرجل على المرأة، وسنقتبس إجابة أحد العلماء الأفاضل من علماء الإمامية هو ناصر مكارم الشيرازي، فقد أجاب عن هذا الاعتراض قائلا:(الجواب على هذا الاعتراض يبدو غير صعب بملاحظة معنى الآية والروايات الواردة لبيان مفادها وما جاء في توضيحها في الكتب الفقهية، وأيضا بملاحظة ما يعطيه علماء النفس اليوم من توضيحات علمية في هذا المجال) [39]

ومما ذكره من ردود على هذا الاعتراض:

·  أن الآية تسمح بممارسة التنبيه الجسدي في حق من لا يحترم وظائفه وواجباته، الذي لا تنفع معه أي وسيلة أخرى، وهذا الأسلوب ليس بأمر خاص بالإسلام جميع القوانين العالمية تتوسل بالأساليب العنيفة في حق من لا تنجح معه الوسائل والطرق السلمية.

·  أن التنبيه الجسدي المسموح به هنا يجب أن يكون خفيفا، وأن يكون ضربا غير مبرح أي لا يبلغ الكسر والجرح.

·  أن علماء التحليل النفسي اليوم يرون أن بعض النساء يعانين من حالة نفسية هي المازوشية التي تقتضي أن ترتاح المرأة لضربها، وأن هذه الحالة قد تشتد في المرأة إلى درجة تحس باللذة والسكون والرضا إذا ضربت ضربا طفيفا، وعلى هذا يمكن أن تكون هذه الوسيلة ناظرة إلى مثل هؤلاء الأفراد.

وقد يقال كذلك: فلماذا لا يعاقب الرجل في حال نشوزه أو تقصيره في حق زوجته مثلما تعاقب المرأة؟

والجواب على ذلك بأن الفقهاء قد نصوا في مواضع كثيرة على أن الرجل يؤدب ويعزر، بل ويسجن إذا طالبت المرأة بذلك في حال تقصيره في حقوقها أو إضراره بها، وقد سبق ذكر بعض ذلك في الفصول الماضية، وسيأتي بعضه في الأجزاء التالية من المجموعة الثالثة.

الضرر الناتج عن التأديب المعتاد

اتفق الفقهاء على حرمة التأديب العنيف، واختلفوا في تضمين الزوج والولي, إذا حصل التلف من تأديبهما من غير تجاوز للقدر المشروع على قولين:

القول الأول: لا ضمان على الزوج والولي من التلف الذي ينشأ من التأديب المعتاد،  وهو قول مالك وأحمد، ومن الأدلة على ذلك:

·  عن مالك أنه سمع ابن شهاب يقول: مضت السنة أن الرجل إذا أصاب امرأته بجرح أن عليه عقل ذلك الجرح , ولا يقاد منه، قال مالك:(وإنما ذلك في الخطإ أن يضرب الرجل امرأته فيصيبها من ضربه ما لم يتعمد فيضربها بسوط فيفقأ عينها , ونحو ذلك) [40]

·  أن الزوج له تأديب الزوجة لقول الله تعالى: ﴿ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا﴾(النساء:34) وهو مصدق في جنايته عليها , ومخالفتها له على المعروف فكان أدبه لها مباحا فما تولد منه فلا قصاص فيه, وإن عمد إلى الضرب المتلف للأعضاء فعليه القصاص لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -  :(كلها قصاص), وفي كتاب الله تعالى قوله تعالى:﴿ وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنفَ بِالْأَنفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ ﴾(المائدة:45)

القول الثاني: يضمن الزوج إذا أفضى تأديبه المعتاد إلى الموت، وهو قول الحنفية والشافعية[41]، واستدلوا على ذلك بما يلي:

·  أن تأديب الزوجة إذا تعين سبيلا لمنع نشوزها مشروط بأن يكون غير مبرح , فإذا ترتب عليه الموت تبين أنه قد جاوز الفعل المأذون فيه , فيجب عليه الضمان.

·      أنه غير واجب[42] , فشرط فيه سلامة العاقبة.

الترجيح:

نرى أن الأرجح في المسألة هو تقيد الضرب بما وصف في الآية من كونه غير مبرح، فإن تجاوز ذلك كان ظلما يستحق صاحبه العقوبة بقدر اعتدائه.

 



([1])   لسان العرب: 1/207.

([2])   قال الخطيب الشربيني: وتسمية ضرب الولي والزوج والمعلم تعزيرا هو أشهر الاصطلاحين , كما ذكره الرافعي. قال: ومنهم من يخص لفظ التعزير بالإمام أو نائبه, وضرب الباقي بتسميته تأديبا لا تعزيرا.  أما الحنفية: فقد جروا على أن التعزير يصدق على العقوبة الصادرة من الزوج أو الأب أو غيرهما - كما يصدق على فعل الإمام. قال ابن عابدين: التعزير يفعله الزوج والسيد , وكل من رأى أحدا يباشر المعصية، انظر: الموسوعة الفقهية:10/19.

([3])   اختلف الفقهاء في وجوب مراعاة الترتيب بين طرق التأديب على قولين:

القول الأول: أنها مرتبة وجوبا، وهو قول الجمهور، لقوله U : ) واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن ، وقد جاء في تفسير الآية: في الآية إضمار تقديره: واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن , فإن نشزن فاهجروهن في المضاجع , فإن أصررن فاضربوهن.

القول الثاني: أنه يجوز للزوج أن يؤدبها بالضرب بعد ظهور النشوز منها بقول أو فعل , ولا ترتيب على هذا القول بين الهجر والضرب بعد ظهور النشوز، وهو قول الشافعية - في الأظهر من قولين عندهم.

ونرى في هذا أن الترتيب هو الواجب لصراحة النص في الترتيب، لأن الأصل البدء بما بدأ الله به.

([4])   انظر التفاصيل الكثيرة المرتبطة بهذا الأسلوب وضوابطه الشرعية في « الأساليب الشرعية لتربية الأولاد » وهو الجزء الثاني من المجموعة الرابعة من هذه السلسلة.

([5])   من وحي القرآن: 7/157.

([6])   من وحي القرآن: 7/157.

([7])   تفسير القرطبي: 5/171.

([8])   أحكام القرآن لابن العربي: 1/532.

([9])   بدائع الصنائع: 2/334.

([10])   تفسير القرطبي: 5/171، تفسير الطبري: 5/63، الدر المنثور: 2/521، فتح القدير: 1/461، زاد المسير: 2/73، روح المعاني: 5/25.

([11])   انظر: تفسير الطبري: 5/66.

([12])   تفسير الطبري: 5/66.

([13])   تفسير الطبري: 5/66.

([14])   تذكره القرطبي: 5/172.

([15])   في ظلال القرآن: 1/654.

([16])   في ظلال القرآن: 1/654.

([17])   أحكام القرآن لابن العربي: 1/533.

([18])   أحكام القرآن لابن العربي: 1/533.

([19])   أحكام القرآن لابن العربي: 1/533.

([20])   أحكام القرآن لابن العربي: 1/533.

([21])   انظر التفاصيل الكثيرة المرتبطة بهذا الأسلوب وضوابطه الشرعية في « الأساليب الشرعية لتربية الأولاد » وهو الجزء الثاني من المجموعة الرابعة من هذه السلسلة.

([22])   مما يدل على أن الضرب رخصة شرعية وليست أصلا حديثين مرسلين رويا في سبب نزول الآية التي أباحت الضرب، وهما :

      الحديث الأول: قال الحسن البصري جاءت امرأة إلى النبي r تشكو أن زوجها لطمها فقال رسول الله r القصاص فأنزل الله Y  الرجال قوامون على النساء الآية فرجعت بغير قصاص.

      الحديث الثاني: أتى رسول الله r  رجل من الأنصار بامرأة له، فقالت: يا رسول الله إن زوجها فلان بن فلان الأنصاري، وإنه ضربها فأثر في وجهها، فقال رسول الله r :ليس له ذلك، فأنزل الله I :) الرجال قوامون على النساء أي في الأدب فقال رسول الله r  أردت أمرا وأراد الله غيره، انظر: تفسير ابن كثير:1/492.

([23])   سبق تخريجه.

([24])   قال القرطبي :« قوله بفاحشة مبينة يريد لايدخلن من يكرهه أزواجهن ولا يغضبنهم وليس المراد بذلك الزنى فإن ذلك محرم ويلزم عليه الحد».

([25])   سبق تخريجه.

([26])   ولأجل التستر على الأسرار الزوجية، جاء في الحديث أن عمر t  ضرب امرأته فعذل في ذلك فقال سمعت رسول الله r  يقول: لا يسأل الرجل فيم ضرب أهله»، انظر: البيهقي: 7/305، أبو داود: 2/246.

([27])   القرطبي: 5/173.

([28])   القرطبي: 5/173.

([29])   سبق تخريجه.

([30])   مسلم: 4/1814، النسائي: 5/370، أحمد: 6/130، مسند إسحق: 2/292.

([31])   مسلم: 4/2191، ابن ماجة: 1/63.

([32])   سبق تخريجه.

([33])   أي اجترأ النساء على أزواجهن.

([34])   ابن حبان: 9/499، الحاكم: 2/205، الدارمي: 2/198، البيهقي: 7/304، مسند الشافعي: 261، أبو داود: 2/245، النسائي: 5/371.

([35])   أحمد: 1/11، البيهقي: 4/115، مجمع الزوائد: 4/332.

([36])   مسلم: 2/1119، البيهقي: 7/136، ابن ماجة: 1/601، أحمد: 6/412.

([37])   أحكام القرآن لابن العربي: 1/536.

([38])   أحكام القرآن لابن العربي: 1/536.

([39])   الأمثل: 3/195.

([40])   المنتقى: 7/79.

([41])   ذهب الشافعية إلى وجوب الضمان في التأديب وإن لم يتجاوز القدر المعتاد في مثله , فإن كان مما يقتل غالبا ففيه القصاص على غير الأصل (الأب والجد) وإلا فدية شبه العمد على العاقلة , لأنه فعل مشروط بسلامة العاقبة , إذ المقصود التأديب لا الهلاك , فإذا حصل به هلاك تبين أنه جاوز القدر المشروع فيه , ولا فرق عندهم بين الإمام وغيره ممن أوتوا سلطة التأديب , كالزوج والولي.

([42])   يعتبر أبو حنيفة أن التأديب الواجب لا يتقيد بسلامة العاقبة , أما المباح فيتقيد بها , ومن المباح ضرب الأب أو الأم ولدهما تأديبا ومثلهما الوصي , فإذا أفضى إلى الموت وجب الضمان , وإن كان الضرب للتعليم فلا ضمان , لأنه واجب , والواجب لا يتقيد بسلامة العاقبة. وذهب الصاحبان إلى أنه لا ضمان عليهم  لأن التأديب منهم فعل مأذون فيه لإصلاح الصغير , كضرب المعلم , بل أولى منه , لأن المعلم يستمد ولاية التأديب من الولي , والموت نتج من فعل مأذون فيه , والمتولد من فعل مأذون لا يعد اعتداء فلا ضمان عليهم. ونقل عن بعض الحنفية أن الإمام رجع إلى قول الصاحبين.